تهور السياسيين غالباً ما يكون نتيجة لانعدام الوعي السياسي في المجتمع

ديار الهرمزي

الحوار المتمدن-العدد: 8140 - 2024 / 10 / 24 - 06:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

عندما يغيب الوعي السياسي بين أفراد الشعب يصبح من السهل على السياسيين اتخاذ قرارات غير محسوبة أو غير مدروسة وذلك لعدم وجود رقابة مجتمعية قوية أو ضغوط شعبية تمنعهم من التصرف بشكل متهور.

أسباب انعدام الوعي السياسي في المجتمع وتأثيره:

كثير من المجتمعات تفتقر إلى التعليم السياسي السليم الذي يرفع مستوى الوعي بأهمية المشاركة في الحياة السياسية وفهم الحقوق والواجبات.

عندما لا يُدرك المواطنون حقوقهم أو كيف تعمل المؤسسات الحكومية يصبح من السهل تضليلهم والتلاعب بهم.

يؤدي هذا النقص إلى ضعف القدرة على مساءلة السياسيين مما يشجعهم على التصرف بحرية أكبر دون خوف من العواقب.

في كثير من الأحيان تلعب وسائل الإعلام دورًا في نشر معلومات مشوهة أو منحازة تخدم مصالح بعض السياسيين أو النخب.

عندما يتم توجيه الإعلام لتضليل الناس أو تشتيت انتباههم عن القضايا الحقيقية يصبح من الصعب على المواطنين تكوين رأي مستقل مستنير.

هذا الانحراف الإعلامي يخلق بيئة تتيح للسياسيين التهور في اتخاذ القرارات لأن الجمهور يكون إما مضللاً أو غير مدرك لما يجري فعلاً.

الانقسامات الطائفية أو العرقية أو السياسية تضعف الوعي الجماعي وتجعله مجزأً.

بدلاً من أن يعمل المجتمع ككتلة واحدة في مراقبة القادة السياسيين يتم استغلال هذه الانقسامات لصرف الأنظار عن القضايا الأساسية.

السياسيون المتهورون يستغلون هذه الانقسامات لتعزيز سلطتهم، ويستغلون الجهل وعدم الوعي لاستمرارهم في الحكم دون مساءلة.

من عوامل انعدام الوعي السياسي هو غياب أو ضعف المجتمع المدني الذي يلعب دوراً حيوياً في توعية الناس بحقوقهم وواجباتهم بالإضافة إلى دوره في الضغط على السياسيين لتبني سياسات عقلانية ومستفيدة.

غياب المجتمع المدني يجعل السياسيين أحرارًا في اتخاذ قرارات متهورة دون خوف من رد فعل قوي من المجتمع.

في بعض المجتمعات يميل الناس إلى وضع ثقة غير مشروطة في قياداتهم سواء كانوا زعماء سياسيين أو دينيين.

هذا النوع من الثقة يؤدي إلى تجاهل أي أخطاء أو تهور من السياسيين ويمنحهم الحرية في اتخاذ قرارات متهورة دون مواجهة اعتراضات.

القرارات المتهورة تضعف مؤسسات الدولة سواء كانت اقتصادية، سياسية أو اجتماعية.

تؤدي هذه القرارات إلى سياسات غير مدروسة قد تكون كارثية على المدى الطويل مثل الفساد وسوء إدارة الموارد.

مع استمرار السياسيين في اتخاذ قرارات متهورة دون حساب يفقد الشعب الثقة في حكومته مما يزيد من الفجوة بين الحاكم والمحكوم.

هذا الانفصال يضعف النظام الديمقراطي ويفتح الباب لاضطرابات سياسية واجتماعية.

القرارات المتهورة تؤدي في الغالب إلى تفاقم الأزمات سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية.

على سبيل المثال السياسات الاقتصادية غير المدروسة قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة والتضخم مما يؤثر بشكل مباشر على حياة الناس اليومية.

التهور السياسي يرتبط بشكل وثيق بانتشار الفساد حيث يتم اتخاذ قرارات غير شفافة تخدم المصالح الشخصية للسياسيين وأعوانهم.

في ظل غياب وعي شعبي قادر على مراقبة ومحاسبة يستمر الفساد في النمو دون رادع.

كيفية مواجهة تهور السياسيين:

يجب أن يتم تعليم الناس الأساسيات السياسية في المدارس والجامعات بالإضافة إلى تشجيع المناقشات العامة حول السياسة بشكل منتظم.

عندما يصبح المواطنون على دراية بكيفية عمل الحكومة ودورهم في هذا النظام يصبح من الصعب على السياسيين التلاعب بهم.

وسائل الإعلام المستقلة وغير المتحيزة ضرورية لرفع مستوى الوعي السياسي.

يجب أن تقوم بدورها في تقديم معلومات دقيقة وموثوقة تسهم في توجيه الرأي العام بشكل صحيح.

يتطلب الوعي السياسي مشاركة فعالة من المواطنين في الانتخابات والمظاهرات السلمية والمشاركة في الأنشطة السياسية والاجتماعية.

المجتمع الذي يشارك بفعالية في الحياة السياسية يُصعّب على السياسيين اتخاذ قرارات متهورة.

يجب على السياسيين أن يكونوا شفافين في قراراتهم وأن يسعوا لبناء علاقة ثقة مع الشعب من خلال الاستماع إلى مطالبهم والعمل على تلبية احتياجاتهم.

تهور السياسيين ليس فقط مسؤولية القادة بل هو انعكاس مباشر لمدى الوعي السياسي في المجتمع.

بناء مجتمع واعٍ يتطلب تضافر جهود التعليم والإعلام والمجتمع المدني لضمان وجود رقابة فعالة على السياسيين وحماية المصلحة العامة.

#ديار_الهرمزي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات