مساعدو الإخراج في المسرح: أدوار محورية في الظل

حسام موسي
كاتب وباحث وناقد ومؤلف مسرحي مصري

الحوار المتمدن-العدد: 8139 - 2024 / 10 / 23 - 19:58
المحور: الادب والفن
    

يلعب مساعدو الإخراج في المسرح دورًا حيويًا ومحوريًا في نجاح أي عرض مسرحي، فهم العمود الفقري الذي يدعم المخرج ويضمن سير العمل بسلاسة خلف الكواليس وأثناء البروفات. كثيرًا ما يغيب عن الأضواء هؤلاء الأفراد الذين يسهمون بشكل كبير في تنظيم وتنسيق العمل المسرحي، ما يجعلهم شريكًا فعّالًا للمخرج، وليس مجرد منفذين لتعليماته.

مساعد الإخراج يتحمل مسؤوليات متعددة تتراوح بين التحضير الأولي للبروفات، ترتيب المواعيد، التنسيق بين الفرق المختلفة، وصولًا إلى الإشراف على تفاصيل العرض اليومي. هذا الدور يشمل كل جوانب العمل المسرحي من التنظيم إلى التنفيذ، ويعتمد نجاح العرض بشكل كبير على قدرتهم على دمج كافة العناصر الفنية بسلاسة.

دور مساعدي الإخراج في المسرح

من أبرز مهام مساعد الإخراج تنظيم الجدول الزمني للبروفات وضمان أن جميع عناصر العمل - من ممثلين وطاقم فني ومصممين - متواجدون في الوقت المناسب ويؤدون مهامهم بكفاءة. هذه المهمة تتطلب قدرًا عاليًا من التنظيم والقدرة على التوفيق بين الجداول الزمنية المختلفة لجميع العاملين في العرض. وكذلك أثناء العمل المسرحي، قد تظهر العديد من المشكلات غير المتوقعة. هنا يأتي دور مساعد الإخراج كحلقة وصل بين المخرج وباقي الفريق، حيث يتولى حل أي مشكلات طارئة قد تعترض سير العمل دون الحاجة إلى إزعاج المخرج بالتفاصيل الدقيقة. التفاصيل الفنية مثل الإضاءة، الديكور، والأزياء هي جوانب أساسية في أي عرض مسرحي. مساعدو الإخراج يتولون مسؤولية مراقبة تلك التفاصيل بدقة لضمان توافقها مع رؤية المخرج وتوجيهاته، وهو ما يتطلب وعيًا فنيًا وفهمًا عميقًا للعناصر البصرية والصوتية. مساعدو الإخراج أيضا يقومون بالتنسيق مع الممثلين للتأكد من استعدادهم للبروفات والعروض. هم المسؤولون عن متابعة حضور الممثلين، حل المشكلات المتعلقة بتفاعلهم مع بعضهم البعض أو فهمهم لأدوارهم، وضمان التزامهم بخطوطهم وحركاتهم.

علاقة المخرج بمساعدي الإخراج

تختلف علاقة المخرج بمساعدي الإخراج بناءً على شخصية المخرج وأسلوب عمله. بعض المخرجين يعاملون مساعديهم كجزء أساسي من العملية الإبداعية، بينما يفضل آخرون التركيز على الهرمية والتعليمات الصارمة.

1. العلاقة التعاونية

بعض المخرجين يرون في مساعدي الإخراج عقولًا إضافية تدعم العمل الفني، ويعتمدون على آرائهم واقتراحاتهم لتحسين جوانب العرض. هؤلاء المخرجون يعتبرون مساعديهم شركاء في تحقيق الرؤية الفنية، مما يجعل العلاقة بينهما علاقة تكاملية تعزز من الإبداع الجماعي.

2. العلاقة الهرمية

على الجانب الآخر، يفضل بعض المخرجين العلاقة الهرمية، حيث يتلقى مساعد الإخراج التعليمات بشكل مباشر من المخرج دون تدخل كبير في عملية التفكير الإبداعي. في هذه الحالة، يلتزم المساعد بتنفيذ توجيهات المخرج بحذافيرها دون تقديم اقتراحات أو مداخلات إبداعية.

التحديات التي يواجهها مساعدو الإخراج

1. التوتر الناتج عن ضغوط العمل

إدارة العمل المسرحي تتطلب قدرًا كبيرًا من تنظيم الوقت والموارد، مما يؤدي إلى ضغوط كبيرة على مساعدي الإخراج. فهم مطالبون بضمان أن كل شيء يسير بسلاسة خلف الكواليس، من تنظيم البروفات إلى التعامل مع المشكلات الطارئة.

2. التوازن بين الرؤية الشخصية وتوجيهات المخرج

على الرغم من أن لديهم أفكارًا واقتراحات لتحسين العمل، إلا أن مساعدي الإخراج غالبًا ما يجدون أنفسهم مجبرين على اتباع تعليمات المخرج بدقة. هذا الأمر قد يضعهم في حالة من التوتر بين رغبتهم في الإسهام الإبداعي وضرورة الالتزام بالتوجيهات الصارمة.

مساعدو الإخراج أثناء البروفات والعروض

أثناء البروفات، يتولى مساعدو الإخراج مهمة تسجيل وتوثيق الحركة المسرحية التي يبدعها المخرج، ثم يقومون بتوجيه الممثلين وتحفيظهم تلك الحركات لضمان توافق الأداء مع رؤية المخرج. كما يقومون بتفريغ النص المسرحي من حيث الإكسسوارات والملابس المطلوبة، وتحديد أماكن الموسيقى والمشاهد، مما يسمح لهم بتنظيم هذه العناصر بشكل متكامل. ولا يقتصر دورهم على التحضير للبروفات فحسب، بل يمتد إلى تهيئة الظروف المثالية للممثلين كي يبدعوا. فهم يوفرون الأدوات والبيئة الملائمة للممثلين ليتسنى لهم تقديم أفضل ما لديهم.

أما أثناء العرض المسرحي، فيتم تقسيم مساعدي الإخراج إلى فرق. بعضهم يبقى على خشبة المسرح، يراقبون حركة الممثلين ويضمنون أن كل شيء يسير حسب المخطط، في حين يتواجد آخرون في غرفة التحكم (الكنترول) لإدارة الإضاءة والموسيقى، مما يضمن أن جميع العناصر الفنية تعمل بتناغم كامل لتحقيق أفضل تجربة مسرحية.

التقدير المهضوم لحقوق مساعدي الإخراج

ورغم الدور المحوري الذي يلعبه مساعدو الإخراج في نجاح العروض المسرحية، فإن حقوقهم غالبًا ما تكون مهضومة. سواء كان ذلك في التقدير اللفظي أو المادي، فإنهم نادرًا ما يتلقون التحية التي يستحقونها على جهودهم الكبيرة. وفي الوقت الذي يتم فيه تسليط الأضواء على المخرج والممثلين، يبقى مساعدو الإخراج في الظل، يعملون بلا كلل لتحقيق الرؤية الفنية.

المقابل المالي الذي يحصل عليه مساعدو الإخراج لا يعكس حجم مسؤولياتهم ولا الجهد الذي يبذلونه لضمان تنفيذ العرض بنجاح. هذا النقص في التقدير يضع تحديات إضافية أمام هؤلاء الأفراد الذين يعملون بجد دون الاعتراف الكافي بدورهم الأساسي.

خاتمة

إن مساعدي الإخراج في المسرح هم جنود مجهولون، يعملون في الكواليس لضمان أن يخرج العرض إلى النور في أفضل صورة ممكنة. فهم حلقة الوصل التي تربط بين رؤية المخرج وأداء الممثلين، وبين النص المسرحي وتنفيذه على الخشبة. على الرغم من الجهود الجبارة التي يبذلونها في جميع مراحل الإنتاج، نادرًا ما يحظون بالتقدير المناسب.

لذا، يجب إعادة النظر في تقدير حقوق مساعدي الإخراج بشكل أكبر، سواء من الناحية المادية أو من حيث الاعتراف بمساهماتهم في النجاح الفني. فبدونهم، قد تواجه العروض المسرحية العديد من التحديات في التنفيذ، مما يجعل من الضروري الاعتراف بهم كجزء أساسي من العملية الإبداعية المسرحية.

#حسام_موسي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات