أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - الفلسفة: العلم الشامل لفهم الواقع وقوانين الكون














المزيد.....


الفلسفة: العلم الشامل لفهم الواقع وقوانين الكون


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8139 - 2024 / 10 / 23 - 14:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بقلم : د . ادم عربي
الفَلسَفَةُ ليستْ مجرَّدَ تخصُّصٍ أكاديميٍّ أو تَرَفٍ ذِهنيٍّ، بل هي أسلوبٌ لفهمِ العالَمِ، وتَصَوُّرِهِ، والتفاعُلِ معه. إنَّها جوهرُ الحاجةِ البشريَّةِ الدائمةِ للتَّأمُّلِ والبحثِ عن القوانينِ الكونيَّةِ، التي تظلُّ تضيقُ بها المعارفُ الأُخرى. الفَلسَفَةُ تدرسُ الواقعَ بشكلٍ شامِلٍ، فتسعى إلى اكتشافِ وصياغةِ القوانينِ الموضوعيَّةِ التي تحكمُ الكونَ بكُلِّيَّتِهِ، وليسَ مجردَ دراسةِ الجوانبِ الجزئيَّةِ كما تفعلُ العُلومُ الأُخرى.

التَّخَلِّي عن الفَلسَفَةِ العِلمِيَّةِ هو قرارٌ بتجاهُلِ الواقعِ في شموليَّتِهِ أو مُحاوَلَةٌ لفهمِ العالَمِ كمجموعةٍ من الأجزاءِ المُنفَصِلةِ، حيثُ لكلِّ جزءٍ قوانينُهُ الخاصَّةُ، دونَ الاعترافِ بوجودِ قوانينَ موضوعيَّةٍ عامَّةٍ تشملُ الكونَ بأسره. لكنْ بمجردِ الإقرارِ بأنَّ العالَمَ مُوَحَّدٌ ومُتَرَابطٌ، رغمَ تَنَوُّعِهِ وكثرةِ أجزائه، يُصبحُ من الضَّروريِّ البحثُ عن عِلْمٍ يكشِفُ القوانينَ العامَّةَ التي تتجاوزُ عُلومَ الفيزياءِ والكيمياءِ، وهذا العِلمُ هو الفَلسَفَةُ، بشرطِ أنْ تكونَ عِلمِيَّةً وموضوعيَّةً، تسعى لفهمِ الحقيقةِ.

بينما يتخصَّصُ كلُّ عِلمٍ في دراسةِ جُزءٍ مُعيَّنٍ من الواقعِ، فإنَّ الفَلسَفَةَ تتجاوزُ ذلكَ لِتتناوَلَ الواقعَ في كُلِّيَّتِهِ. وللتَّوضيحِ، يُمكِنُنا أخذُ مثالِ "الصَّاعِقَة": إذا اعتبرناها ظاهرةً ماديَّةً، فسنسعى للتغلُّبِ عليها بوسائلَ ماديَّةٍ مثلَ مانِعاتِ الصَّواعِق. أمَّا إذا فُسِّرَتْ تفسيرًا دينيًّا بأنَّها غضبٌ إلهيٌّ، فإنَّ الوسيلةَ ستكونُ الصَّلاةَ. لكنَّ الواقعَ يُظهِرُ أنَّنا نستطيعُ حمايةَ أنفسِنا من خطرِ الصَّواعِقِ دونَ الحاجةِ للصَّلاةِ، بينما الصَّلاةُ وحدها لن توفِّرَ لنا الحمايةَ.

وقد عبَّرَ أحدُ الشُّعراءِ عن هذا التَّنَوُّعِ في الفهمِ بقوله: "لكلِّ امرِئٍ في ما يُحاوِلُ مَذهَبٌ". وفيما يتعلَّقُ بمفهومِ "الحقيقة"، يجبُ التأكيدُ على أهمِّيَّةِ التَّجرِبَةِ العَمَلِيَّةِ، فهي التي علَّمَتِ الإنسانَ أنَّ مجرَّدَ الرَّغبةِ في القيامِ بشيءٍ لا تكفي لتحقيقِهِ، إذْ أنَّ هناكَ قوانينَ موضوعيَّةً ينبغي احترامُها لضمانِ النَّجاحِ.

في مسعاهُ للوصولِ إلى الحقيقةِ، يُطَوِّرُ الإنسانُ مَنهَجًا يتأكَّدُ من فاعليَّتِهِ عبرَ التَّجرِبَةِ العَمَلِيَّةِ. هذا المَنهَجُ، الذي يُطلِقُ عليه الفلاسِفَةُ "المنطق"، يتطلَّبُ قواعدَ صارِمَةً يجبُ على التَّفكيرِ أنْ يتقيَّدَ بها للوصولِ إلى نتائجَ صحيحةٍ. ومِنْ أينَ جاءَ هذا المنطقُ؟ إنَّه ثمرةُ التَّجارِبِ العَمَلِيَّةِ التي مرَّ بها الإنسانُ في مواجهةِ الطَّبيعةِ، حيثُ أجبرَهُ النَّجاحُ والفَشَلُ في هذه التَّجارِبِ على التَّفكيرِ المنطقيِّ باعتبارهِ شرطًا أساسيًّا للبقاءِ.

كما أنَّ القِوَى الاجتماعيَّةَ، التي تستفيدُ من الأوضاعِ الرَّاهِنَةِ وتُدافِعُ عنها، تجِدُ نفسَها في تناقُضٍ دائمٍ، فهي تدعمُ الواقعَ الذي يُحَقِّقُ لها الامتيازاتِ، لكنَّها في الوقتِ نفسِهِ تُنكِرُ بعضَ جوانبِهِ التي قد تُهَدِّدُ مصالحَها، وتَخشَى من اعترافِها به لأنَّهُ قد يدفعُ المتضرِّرينَ للمطالَبَةِ بالتَّغييرِ.

السُّؤالُ عن الأسبابِ الحقيقيَّةِ للأحداثِ والظواهرِ هو سُؤالٌ أساسيٌّ لا يُمكِنُ لأيِّ إنسانٍ تجاهلُهُ، بغضِّ النَّظرِ عن دوافِعِهِ. السَّعيُ لإيجادِ إجابةٍ موضوعيَّةٍ هو الأساسُ لكلِّ عملٍ ناجحٍ، حتَّى لو قامَ به مَنْ يختلفونَ في المصالحِ. لكنْ بعدَ الحصولِ على الإجابةِ، قد تُنشَرُ أو تُخفَى وفقًا للمصلحةِ. فإذا كانتِ الإجابةُ تدعمُ محاربةَ الفقرِ مثلاً، فإنَّ نشرَها يُعَزِّزُ التَّغييرَ، أمَّا إذا تعارَضَتْ مع مصالحٍ مُعَيَّنَةٍ، فسيُسعَى إلى حجبِها وتضليلِ الفقراءِ عنها باستخدامِ الأفكارِ والمعتقداتِ المُنافِيَةِ للعِلمِ.

وعندما يُعجَّزُ الإنسانُ عن فهمِ الأسبابِ الحقيقيَّةِ للمصائِبِ التي تُصيبُهُ، يُصبِحُ من السهلِ توجيهُهُ نحوَ الاعتقادِ بأنَّها قَدَرٌ مَحتُومٌ لا مَفرَّ منهُ، ممَّا يُسَهِّلُ السَّيطَرَةَ عليهِ وإبعادَهُ عن التَّفكيرِ في الأسبابِ الفعليَّةِ لهذهِ الأزماتِ.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لصوص الزمن!
- أُحجية وحُجج القضاء والقَدر!
- بَوْحُ الزهرات!
- الفقر ووعي الفقر !
- صرخةُ الظلام!
- كيف سرق الدولار العالم؟!
- أصداء الغياب!
- نساء ٢
- المظهريَّة!
- تحليل ظاهرة القضاء والقدر!
- مَاذَا بَقِيَ؟!
- ما هي المادة؟!
- عاتبيني!
- النَّفي الجدلي: فهم التناقضات وتحليل التغيرات
- تأملات!
- الإرادة الحرة: بين القضاء والقدر وصراع الذات!
- كثيراً ما!
- العدم فكرة غبية!
- تجليات!
- المفاوضات حول إنهاء الحرب على غزة: إلى أين؟!


المزيد.....




- محادثات أولية للمرحلة الثانية من اتفاق غزة ومبعوث ترامب يتوج ...
- الاحتلال يصعد عدوانه على الضفة ويهجر آلاف العائلات بجنين وطو ...
- الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في الضفة الغربية و-يجبر- عائلا ...
- -ديب سيك- تطبيق صيني يغير معادلة الذكاء الاصطناعي العالمي.. ...
- الأزهر يعلن رفضه القاطع لمخططات تهجير الفلسطينيين
- إقالة 12 مدعيا شاركوا بمحاكمة ترامب
- أميركا تواصل ترحيل مهاجرين إلى غواتيمالا وتتجاوز الأزمة مع ك ...
- سوريا.. ضبط شحنة كبيرة من الحبوب المخدرة على معبر نصيب الحدو ...
- حرصا على كرامتهم.. كولومبيا تخصص طائرات لإعادة مواطنيها المر ...
- مجلس الشيوخ يصوت على تعيين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - الفلسفة: العلم الشامل لفهم الواقع وقوانين الكون