|
مفهوم أدارة ألسياسة العامة في الدول المتعددة الاعراق
خولة جبار محمد الجنابي
الحوار المتمدن-العدد: 8139 - 2024 / 10 / 23 - 09:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حظى موضوع دراسة أدارة السياسة العامة أهتمام بالغ من علماء السياسة في السنوات الأخيرة، كما أن ألدراسات والمناهج التي كُرست لدراستها وتدريسها والبحث فيها شهدت تزايداً مستمراً لأنها أصبحت من المواضيع الادارية والسياسية المعاصرة التي تستوجب الدراسة والبحث والفهم، كما انها تعكس المفهوم الحقيقي للمشاركة في الحياة السياسية من خلال آليات صناعتها والأطراف التي تسهم بتلك الصناعة، إذ إنَّ عملية اتخاذ القرارات والسياسات العامة ينبغي ألا تنحصر بيد شخص واحد أو قلة نخبوية تمثل رأس السلطة، بل لابد أن تكون نتيجة ومحصلة لمجموعة من التفاعلات والمناقشات الناتجة عن مجموعة من الأفكار بين الجهات الرسمية، وغير الرسمية ، وخاصةً في الدول التي تشهد تنوع في الاعراق وهذا هو مقصد مقالتنا هنا . ألمحور الاول (ماهية أدارة السياسة العامة والمفاهيم المقاربة) . أولاً: ماهية أدارة السياسة العامة 1ـ مفهوم الادارة العامة قبل الدخول في تفاصيل السياسة العامة لابد من العروج على اهمية الادارة بأعتبارها ألمحورالمحرك لكل عمل يسعى الى تحقيق أهداف معينة سواء ألسياسة أم الاقتصادية ام الاجتماعية ام جميعها وغيرها من الاهداف العامة للدولة ، وتنعكس اهمية الادارة على المنظمة في كونها الوسيلة التي تستخدمها المنظمة في تحيق اهدافها والاستمرار في نجاحها وتطورها ، أذ ان كفاءة وفاعلية المنظمة تقاسان بمدى كفاءة الادارة فيها ، فالادارة الفعالة في المنظمة تساعد على الاستعداد لمواجهة الظروف المستقبلية ألمختلفة وكذلك على تنسيق جهود أفرادها وايجاد الاشخاص المناسبين وتوجيههم وهذا كله ينعكس على المنظمة ويؤدي الى نجاحها ، وبذلك يعد الجاز الاداري العصب الرئيس في الدولة الحديثة وهو المنفذ الاكثر فاعلية للاهداف التي تضعها السلطة السياسية وقد عرف الادارة العامة (ودرو ولسن ) بأنها "العمليات المتعلقة بتحقيق اهداف الحكومة بأكبر مقدار من الكفاية وبما يحقق الرضا لافراد الشعب " وهي عبارة عن تنفيذ القانون العام بصورة مفصلة ونظامية ، وعرفها (هارس ) بأنها " عمليات صنع القرار وتخطيط الاعمال التي يرام انجازها وصيانة المقاصد والاهداف للسلطة السياسية والمنظمات الشعبية لاجل الحصول على الدعم العام والموارد المالية لتحقيق المناهج الحكومية كما انها تنظم وتعيد تنظيم الدوائر العاملة وتوجه العاملين فيها وتشرف عليهم ، وتهيأ القيادات الادارية وتطورها وتتصل وتتسلم المعلومات وتقرر طرق العمل وتصميم الاجراءات ، وتقويم الانجاز وتمارس السيطرة وتقوم بأعمال أخرى من أعمال الحكومة ، فالادارة العامة هي الوجه المتحرك من السلط التنفيذية والوسيلة التي بواسطتها تصبح مقاصد الحكومة واغراضها حقيقية ملموسة " 2ـ مفهوم السياسة العامة(public policy) تتعدد ادبيات العلوم السياسية أزاء تعريف مفهوم السياسة العامة فنهالك من ذهب بالقول بأنها ((العلاقة بين الوحدة الحكومية وبيئتها)) وهذا التعريف وصف بالسعة والشمولية فجعل اغلب الدارسين غير متأكدين من حقيقة المعنى. فيما تشير الموسوعة الدولية للعلوم الاجتماعية بأن السياسات العامة هي (سياسات الحكومة )، اي تلازم السياسة العامة مع الحكومة في حين عرفتها موسوعة السياسات العامة بأنها (مجموعة الاهداف او البرامج الاساسية تصاحبها مجموعة من القرارات ، تحددكيف نصنع الاهداف او كيف يمكن تنفيذها ) وهنالك من قدم مفهوم للسياسة العامة ( هي برنامج عمل هادف يعقبه اداء فردي او جماعي في التصدي لمشكلة او مواجهة قضية او موضوع ) وهي ايضآ (مجموعة من قرارات يتخذها فاعلون معروفون بهدف تحقيق غرض عام ) ،وهناك تعريف آخريقول (هي ما تختار الحكومة أن تفعلهُ أو لا تفعلهُ فالحكومة تقوم بأشياء كثيرة منها ضبط عمليتي الصراع والتنافس داخل المجتمع. وتنظيم المجتمع بفرض ادارة الصراع والتعاون مع المجتمعات آلاخرى ، وتوزيع المكافآت الرمزية والخدمات المادية على اعضاء المجتمع ، معنى ذلك أن تكون هذه السياسات ضبطية أو تنظيمية او توفيرية او استخراجية او جميعها في آنٍ واحد ، وهذه السياسات العامة اشبه ما تكون بقدرات النظام السياسي). تعرف السياسة العامة من قبل (ديفيد استون ) بأنها" ألتقسيم السلطوي على المجتمع كله" ، وهذا التعريف يدخل كل تصرفات الحكومة في أطار السياسة العامة لانه ما من تصرف حكومي الا ويهدف الى منح او منع ، حيث يشمل كل القرارات والاوامر الصادرة عن الحكومة للتعبير عن توجهاتها ، ويعرفها كارل فردريك بأنها " برنامج عمل مقترح لشخص او لجماعة او لحكومة في نطاق بيئة محددة لتوضيح الفرص المستهدفة والمحددات المراد تجاوزها سعياً للوصول الى هدف معين وعرفها (توماس داي) بأنها ما تختاره الحكومة او ماتتركه او ترفضه من قول وفعل ، وعلية فأن السياسات العامة ( عبارة عن مجموعة من القرارات الاساسية والالتزامات والاعمال التي يقوم بها فاعل او مجموعة من الفاعلين الذين يمسكون او يؤثرون في مراكز السلطة للنظام السياسي لغرض معالجة حالة او مشكلة معينة ) وهناك من عرف السياسة العامة من منظور ممارسة السلطة / فقد عرفها هارويد لازويل بأنها ((من يحوزعلى ماذا ؟ ومتى ؟ وكيف من خلال نشاطات تتعلق بتوزيع الموارد والقيم والمزايا وتقاسم الوظائف والمكانة الاجتماعية بفعل ممارسة القوة والنفوذ والتأثير بين افراد المجتمع من قبل المستحوذين عليها). ثانياً: خصائص السياسة العامة : 1- تشمل السياسة العامة، الاعمال الموجهة نحو أهداف مقصودة ولا تشمل التصرفات العشوائية والعفوية التي تصدر عن بعض المسؤولين. 2- تشمل السياسة العامة، البرامج المنسقة التي تصدر عن القادة الحكوميين، وليست القرارات المنفصلة او المنقطعة. 3- تشمل السياسة العامة القرارات جميعها، الفعلية المنظمة والضابطة للتجارة أو لمعالجة التضخم أو لمعالجة مشكلة السكن أو الصحة أو السياسة التعليمية. 4- تكون السياسة العامة ايجابية أو سلبية تبعاً لصياغتها، فهي يمكن ان تأمر بالتصرف باتجاه معين، وقد تُنهي عن القيام بتصرفات غير مرغوبة أو قد يُعد سكوتها أو عدم التزامها بالتصرف ازاء ظواهر معينة بمثابة توجه، وهي في كل الاحوال تؤثر بمواقفها في السكان أو المعنيين بهذه الامور. ثالثاً:- الاسباب الموضوعية لنشأة السياسات العامة هنالك عدة اسباب لنشأه الساسات العامة منها نذكر منها 1- الظروف الاقتصادية:- بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واجهت الدولة مشكلات إعادة بناء الأقتصاد القومي، الأمر الذي تطلب تدخلاً حكومياً كأداة حركية للدولة كمنظم وموجه للنشاط الاقتصادي، أذ دفعت ظروف الأزمة الاقتصادية الرئيس الامريكي الاسبق "فرانكلين روزفلت"Franklin Delano Roosevelt (1882-1945) الى إحداث ثورته الادارية المعروفة في الولايات المتحدة الامريكية باسم (New Deal) والتي بمقتضاها تدخلت الدولة في كثير من الميادين التي لم يكن من تقاليدها اكنافها، ورغم المواجهة التي واجهتها هذه السياسة من جانب المجتمع الامريكي في بادئ الأمر، فقد أدت النتائج التي حققتها الى الاعتراف بأهمية دور الدولة، والى تغيير مفهوم سياسة الاقتصاد الحر التقليدية في الاذهان وأدى الى تطبيقات جديدة وناجحة في مجال تدخل الدولة، وتنظيم طرق هذا التدخل، كما ساهم استقرار هذه السياسة وانتشارها في بلاد العالم، وعلى هذا الأساس بدأت فلسفة النظام الاقتصادي الحر التي نجحت خلال القرن التاسع عشر نجاحاً كبيراً، بإفراز بعض السلبيات، كالاحتكار، وما يقود اليه من السيطرة على السوق، مما دفع بعض الحكومات الى التدخل في النشاطات الاقتصادية. 2- النمو المتزايد في الخدمات العامة: بدأ الاهتمام يتزايد في قطاعات التعليم والصحة والمواصلات ومشروعات المنافع العامة التي عادة لا يقبل عليها القطاع الخاص كمشروعات الطرق البرية وانشاء الجسور وإقامة الحدائق، وكلها اعمال تتم في اطار السياسة العامة التي تقوم بها الحكومة بالأدوار الرئيسة في تنفيذها، يضاف الى ذلك دور الدولة لتوفير فرص العمل للمواطنين، والتحكم بأسعار وتنظيم الاعمال المصرفية، والتجارة الخارجية وما يماثل هذه الادوار. 3- الاستقلال السياسي: بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية حصلت العديد من الدول على استقلالها السياسي من الحكم الأجنبي، وقد كان من الطبيعي ان تشرع هذه الدول النامية المستقلة في إعداد وتنفيذ سياسات عامة وهادفة لتجاوز الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية، ولتحقيق بناء دولة متقدمة وتعظيم الاستفادة من كل المواد المتاحة لإرساء البنى الاساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية، ان نهوض الدول النامية المستقلة حديثاً بكل هذه الادوار تطلب بالضرورة تدخلها المباشر في مختلف شؤون المجتمع واشرافها على وضع وتنفيذ العديد من السياسات العامة في مختلف أوجه الحياة 4- السياسات التنموية والسياسات الطموحة: ان تبني بعض الدول لسياسات تنموية طموحة قد استوجب استثمارات كبيرة، علماً ان عجز القطاع الخاص في هذه الدول عن الوفاء بمتطلبات هذه الاستثمارات لم يكن له حل غير تصدي الحكومة للقيام بهذا الدور بحكم قدراتها على توفير الموارد اللازمة لتلك الاستثمارات الكبيرة من الامكانات المحلية، والعون الخارجي، وقدرتها في التخطيط والتنظيم والسيطرة على العقبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المعوقة لعمليات التنمية والتحديث. 5- اعادة هيكلة دور الدولة: إذ حصلت تبدلات في دور الدولة أبان مرحلة التسعينيات وما بعدها، وانتقالاً الى متطلبات القرن الواحد والعشرين وارتفاع مستويات التفاعل بين القطاعين العام والخاص، مما زاد من دور الدولة في رسم السياسات العامة. 6- تزايد دور المنظمات غير الحكومية: تزايد دور المنظمات غير الحكومية، سيما الدولية منها والشركات المتعددة الجنسيات، ادى الى تزايد دورها في صياغة اولويات السياسات العامة وتحديد مساراتها، اسهم ذلك في بلورة الاتجاهات الحديثة التي ترى ان السياسات العامة هي محصلة مجتمعية للتفاعلات الرسمية وغير الرسمية بين عدد من المؤثرين والفاعلين على المستوين المحلي والمركزي، وترى ان جملة الاسباب الموضوعية اعلاه هي ادوات وقنوات تساعد على تنشيط دور السياسات العامة. رابعاً : المفاهيم المقاربة لادارة السياسة العامة 1ـ ادارة الصراع الصراع (Conflict): هو التصادم والتعارض بين طرفين أو أكثر بينهما اختلافات قيمية ومصلحية وينخرطان في مجموعة من الأفعال وردود الأفعال الأرغامية التي ينتج عنها الأذى والضرر بالطرف أو الأطراف الأخرى مع سعي كل طرف إلى تعظيم مكاسبه على حساب الآخرين وتأمين مصادر قوته. ويوصف بأنه ( عملية الكفاح من أجل القيم ومطالبات بالمركز النادر والقوة والموارد التي تكون فيها الخصوم مستعدين لإيذاء خصومهم أو القضاء عليهم) ويعرف أيضاً ( صداماً عنيفاً أو غير عنيف بين مجموعتين ) فالصراع بشكل عام: هو ظاهرة اجتماعية تعكس حالة عدم الارتياح أو الضغط النفسي الناتج عن عدم التوافق بين رغبتين أو أكثر، أما ظاهرة الصراع على المستوى الدولي فتعكس حالة من تعارض المصالح أو اختلاف القيم بين مجموعة بشرية وأخرى، ويعبر الصراع عن الأحوال التي بمقتضاها توجد جماعة بشرية ما تتسم بتمايز عرقي أو ثقافي أو ديني أو حتى تمايز اقتصادي أو سياسي، تتعارض مصالحها أو قيمها مع جماعة أخرى أو أكثر بسبب أتباعها ما لا يتلاءم مع سلوكها وأهدافها. وفي هذا الإطار نجد أن الصراع يحدث إذا تعارضت أهداف الفاعلين السياسيين بصورة مباشرة، وحينما يعني نجاح أحد طرفي العلاقة الصراعية خسارة مباشرة للطرف الثاني، ويغلب أن العمليات الصراعية مدمرة أذا انطوت على إنكار أو تجاهل أهداف أحد الطرفين المتصارعين ونظراً لارتفاع تكلفة استمرار الصراع يسعى أطرافه إلى تسويته اما ادارة الصراع فهو بأنه " يهدف الى الحد والتجنب مستقبلاً من الصراعات العنيفة من خلال تشجيع تغييرات سلوكية أيجابية بين الاطراف المتصارعة " 2ـ ادارة الازمة قبل البدء بتعريف ادارة الأزمات علينا معرفة مفهوم الأزمة حتى نتمكن من التعمق في معرفة مفهوم ادارة الأزمات . فالأزمة تعرف على أنّها أيّ تهديد قد يُلحق الأذى بالأشخاص أو الممتلكات، أو يؤدّي إلى تعطيل سير العمل، حيث إنّ كُل مؤسّسة أو شركة هي عُرضة للأزمات التي قد تؤدّي إلى الإضرار باسمها وسُمعتها، وظهر مُصطلح إدارة الأزمات الذي يهتم بدراسة الأخطار المُحتمل حدوثها في المُستقبل وتؤثر على العمل، ووضع خُطّة لمُعالجتها بشكل إيجابي. اما عن كيفية إدارة الأزمات فتحتاج إلى خطة، حيث تُعتبر خطة إدارة الأزمات (Crisis Management Plan) أداةً مرجعيّةً، وليست برنامج عمل مُفصّل، وهي لا تحتوي على خطوات مُعيّنة ومُحدّدة لكيفيّة حلّ الأزمة، وإنّما تتضمّن قوائم بمعلومات جهات الاتصال الرئيسيّة، ونقاط تذكيريّة لما يجب عمله عند مُواجهتها، ونماذج لتوثيق كيفيّة الاستجابة لكل أزمة. إدارة الأزمات (بالإنجليزية: Crisis Management) الاستعداد لما قد يحدث والتعامل مع ما حدث.لا يخفى على المتابع لسير الأحداث خاصة السياسية منها وما للأزمات بكل أنواعها من دور في تاريخ الشعوب والمجتمعات سواء على صعيد الهدم أو البناء، وقراءة متأنية لدور الأزمة بشكل عام يفضي بنا إلى تلمس خيط يقودنا إلى حقيقة مفادها أن المجتمعات التي اعتمد الهرم القيادي فيها على فرق خاصة وكفوءة في التعامل مع الأزمات كانت أصلب عودًا وأكثر على المطاوعة والاستمرار من قريناتها التي انتهجت أسلوبًا مغايرًا تمثل بالتصدي المرتجل والتعامل بطرق غير مدروسة سلفًا مع بؤر الصراع والتوتر ما أدى بالتالي إلى ضعفها وتفككها، فالأزمات الظاهرة ترافق سائر الأمم والشعوب في جميع مراحل النشوء والارتقاء والانحدار. في الأحداث التاريخية الكبرى نجد أنه بين كل مرحلة ومرحلة جديدة ثمة أزمة تحرك الأذهان وتشعل الصراع وتحفز الإبداع وتطرق فضاءات بكر تمهد السبيل إلى مرحلة جديدة، غالبا ما تستبطن بوادر أزمة أخرى وتغييرًا مقبلا آخر، وكان لنمو واتساع المجتمعات ونضوب الموارد المتنوعة وشدة المنافسة السياسية والاقتصادية الكلمة الفصل في طول حياة الأزمات إلى حد أصبح تاريخ القرن السابق على سبيل المثال يشكل سلسلة من أزمات تتخللها مراحل قصيرة من الحلول المؤقتة، ومن هنا فقد نشأت أفكار جديدة من أجل دراسة وتحليل الأزمة ومحاولة الخروج منها بأقل الخسائر وتأخير الأزمة اللاحقة إن تعذر تعطيلها. المحور الثاني ( الدول المتعددة الاعراق ) أولاً: مفهوم التعددية وانواعها 1ـ معنى التعددية يشكل التنوع في المجتمعات المتعددة الثقافات مسألة سياسية ومجتمعية للسلطة الحاكمة وخارجها ، فهو مصدر للدراسات والابحاث الاكاديمية تلك التي تندرج في دراسات علوم الفلسفة والسياسة والقانون والاجتماع والنفس والادارة والاقتصاد وغيرها ، كما يشغل حيزاً غير قليل من الجدال والسجال والاختلاف والصراع ، على مستوى الاثنيات واللغات والاديان والطوائف ، وقد أرتفعت وتيرة هذا الجدل والسجال في ثمانينات القرن الماضي سواء على المستوى الداخلي ام على المستوى الدولي وخصواٍ في المجتمعات المتعددة الثقافات ، وكان لانهيار جار برلين في عام 1989 وتهاوي الانظمة الشمولية في اوربا الشرقية أثره الكبير في اندلاع الصراع بين هويات "كبرى وصغرى" و "تابعة ومتبوعة " و " وعليا وادنى " و قوية وضعيفة " و "واغلبية واقلية " 2ـ انواع التعددية ويمكن تقسيم التعدديـة الى اقسام عدة منها 1. التعددية الدينية وتختص بالتعدد في الدين والعقيدة والشرائع والمناهج المتصلة به وتعني الاعتراف بوجود تنوع في الانتماء الديني في مجتمع واحد او دولة تضم العديد من المذاهب الدينية ، وعلى هذا الاساس تسعى الى احترام هذا التنوع وقبول مايترتب عليه من اختلاف وايجاد صيغ ملائمة للتعبير عن ذلك باطار مناسب بشكل يحول دون نشوب صراع ديني يهدد المجتمع من خلال الاعتماد على حرية التفكير والتنظيم واعتماد الحوار ومبدأ المساواة امام سيادة القانون . 2. التعددية المذهبية : وتعني الاعتراف بوجود تنوع في الانتماء المذهبي في اطار الدين الواحد ، فتعدد الفرق والمذاهب داخل الدين الاسلامي سمة اساسية فلا يمكن الغاء تلك المذاهب التي تمثل اراء وافكار وتصورات مختلفة مما يؤدي الى التعصب وتفتيت المجتمع وخلق الفتن والصراعات الطائفية . 3. التعددية الاجتماعية : وهي ظاهرة ملازمة للمجتمع البشري منذ ان عرف هذا المجتمع التبادل والتفاعل الانساني، وتشكل في مجموعات متباينة، اذ ان التمايزات الاجتماعية والثقافية من حيث العرق والجنس والقومية والدين وما ينتج عنه من رؤى مختلفة سياسياً واجتماعياً هي من الجوانب الملازمة للوجود البشري . 4. التعددية السياسية و الحزبية :- ويعني مشروعية تعدد القوى والاراء السياسية وحقها في التعايش وفي التعبير عن نفسها والتأثير على القرار السياسي في مجتمعها وهذا الاعتراف بوجود تنوع في مجتمع ما بفعل وجود عدة دوائر انتماء فيه ضمن الاطار الواحد، واحترام هذا التنوع ومثول ما يترتب عليه من اختلاف في العقائد والمصالح والاولويات وايجاد صيغ ملائمة للتعبير عن ذلك بحرية بشكل يحول دون نشوب صراعات داخل المجتمع، فاشتراك جميع فئات المجتمع في هذا الاطار بارائهم يعبر عنه بالمشاركة السياسية ثانياً/ مفهوم العرق ان مصطلح العرق مشتق من أصل اغريقي وتعني اناس أو قوم أي الانتماء لجماعة عرقية معينة بشكل يجعل ذلك الانتماء هو الذي يميز شخص عن آخر، وإن صفة عِرق، يستخدمها علماء السلالات البشرية، في تصنيف الجماعات البشرية على أساس المميزات الخلقية (الفيزيائية والفيزيولوجية)، أي الطبيعية والوظيفية، مثل لون الجلد والبشرة، والشعر، درجة الذكاء، ..الخ. ويفسر معجم الوسيط المعنى، إذ يقول أن "العِرق" هو أصل كل شيء، ويذهب معجم المصطلحات السياسية الى تعريف العِرق بأنه: "الصفات الجسمانية أو الفيزيائية التي يشترك بها عدداً من البشر، على افتراض إنهم يملكون موروثات جينية واحدة" ويمكن تحديد مجموعة من الخصائص التي تتميز بها الجماعات العرقية. 1. تتحدد الجماعات العرقية بانها ذات وضع سلالي خاص يميزها عن غيرها من الجماعات. 2. يتميز أفراد تلك الجماعة بشخصيات ذاتية مستقلة من خلال هويتهم وانتماءهم لها. 3. عضوية الجماعة العرقية هي عضوية اجبارية، بمعنى ان أفراد هذه الجماعة يولدون فيها، ويورثون خواصها العرقية (كالهنود الحمر في الولايات المتحدة الأمريكية).
ثالثاً: المفاهيم المقاربة للعرق عِبر السياق المفاهيمي لمصطلح (العرق) تمت ملاحظة التداخل الكبير بين هذا المصطلح ومصطلحات أخرى (الاقلية، القومية)، فهل لكل مصطلح من هذه المصطلحات مدلولهُ الخاص والمختلف عن (االعرق)؟
1ـ الأقلية يختلف مفهوم الأقلية عن مفهوم العرق في كونها تخضع لمعيار قلة العدد، إلى جانب مميزاتها الاجتماعية والثقافية، فمحمد جابر الأنصاري يعرفها بأنها: عبارة عن مجموعة عرقية أو دينية قليلة العدد في مجتمع معين تبعاً لخصوصياتها الثقافية أما السيد اسبيرون ايديي "Asbjorn Eide" المقرر الخاص للجنة الفرعية للأمم المتحدة المكلفة بمكافحة التمييز وحماية الأقليات فقد عرفها بأنها: "مجموعة من الناس يعرفون بمحددات عرقية أو وطنية، أو ثقافية أو دينية" وقد يتبنى أفراد الأقلية مجموعة من الاتجاهات والسلوكيات تؤدي إلى إنعزالهم ذاتياً نتيجة لإقصائهم عن مصادر السلطة والقوة، وخضوعهم للتميز والتفرقة من جانب باقي جماعات المجتمع، وهذا ما يؤكد علیه تقرير اللجنة العالمية للثقافة والتنمية، إذ عرفت الأقلية "على أنها تلك الجماعات المهمشة أو الضعيفة التي تعيش في ظل أغلبية سكانية ذات أيديولوجيا ثقافية مختلفة، وقد تشترك هذه الجماعات في أنساق ومصادر تقدير الذات التي غالباً ما تستقي من مصادر مختلفة تماماً عن مصادر ثقافة الأغلبية. وقد ذهب جيل ديشان ""Juls Deschenes إلى تدعيم هذا التعريف بقوله: الأقلية مجموعة مواطني دولة، تمثل أقلية عددية وتوجد في وضعية غير مسيطرة داخل تلك الدولة، تتمتع بخصائص عرقية، دينية أو لغوية مختلفة عن الأغلبية من السكان يتضامنون مع بعضهم البعض، تدفعهم إرادة مشتركة للبقاء، ويسعون لتحقيق المساواة الفعلية والقانونية مع الأغلبية والذي نراه أن الأقلية ليست دائماً في وضع أدنى من الاغلبية، وإنما في بعض الحالات تكون الأقلية هي المُهيمنة على شؤون البلد سياسياً واقتصادياً. ومن خلال التعريفات أعلاه، يمكن وضع معياريين في تعريف الأقليات، وهما 1- المعيار العددي: يقوم هذا المعيار بالمقارنة بين نسبة عدد أبناء الاقلية مع نسبة أبناء الأغلبية، وتعد الأقلية وفق هذا المعيار مجموعة من السكان أقل عدداً من الأغلبية (أي أقل من نصف السكان)، على أن لا تكون في وضع مسيطر من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية. 2- المعيار الموضوعي: يُعرف هذا المعيار الأقلية عبر التمايز الذي يختلف به أبناء هذه الجماعة، في خصائصهم عن باقي السكان، وهذه الخصائص أما (اللغة أو الدين أو العرق ،..الخ)، وتم تعريف الأقلية وفق هذا المعيار على أنها مجموعة أفراد داخل الدولة تختلف عن الأغلبية، من حيث اللغة أو الدين أو الجنس اختلافاً تاماً. والأقليات تشترك في خمس صفات وهي 1. إنُها اجزاء تابعة داخل مجتمع ما أي مجتمع الدولة التي تنطوي تحت لوائها. 2. تتمتع بصفات عضوية وثقافية خاصة. 3. يتجه أفراد الأقليات طواعية أو كراهية أو بالظرورة الى التزاوج الداخلي فيما بينهم. 4. في حاله عدم وجود خصائص ثقافية أو بيولوجية خاصة واقعية فإنُ العضوية داخل الأقليات تنفصل بالوراثة عبر الاجيال. 5. تخلق السمات الخاصة المشتركة بين أفراد الأقليات نوعا من الشعور بالنقص والعجز ويؤدي الى وجود نوع من الشعور بالذات فيما بينهم
2 ـ القومية لقد اختلفت الآراء حول تحديد مفهوم القومية، بسبب كثرة المتغيرات المرتبطة بالمفهوم، كاللغة والثقافة، والمكونات الحضارية. وكلمة قومية مشتقة في اللغة العربية من القوم، والقوم هم جماعة من الناس تجمعهم جامعة يقومون لها. وفي اللغة الانكليزية أصل كلمة قومية Nation)) يعود الى جذور لاتينية مأخوذة من الفعل Nasci))، والذي يعني أن يولد المرء، وبحلول القرن السابع عشر تم استخدام مصطلح Nation))، ليدل على القاطنين في دولة معينة. وجاء في قاموس اكسفورد في تعريف القومية على انها "جماعة كبيرة من الناس، لهم تأريخ وثقافة ولغة مشتركة، يعيشون في اقليم خاص، تحت سلطة الدولة".
اخيرا ... ومما ذكر في اعلاه .. يمكن القول ان لكل نظام سياسي هنالك نظام أدراي له خصائص ومزايا ضمن بيئة محددة يعمل من خلالها عند رسم وصنع السياسات العامة وينطبق هذا الحال على الدول التي تتميز بالتعددية سواء كانت العرقية او الاثنية وقدرة الدول ذات التعددية العرقية الى إستخدام آليات لإدارة التفاعل العرقي والاثني لذلك فأن الدول عادة ما تتبع توليفة مختلفة من الآليات يرافق ذلك في الغالب سياسات تنموية وعامة لغرض حسن إدارة التفاعل العرقي والإثني في مجتمعاتها وانعكاس ذلك على تحقيق اهداف السياسة العامة .
#خولة_جبار_محمد_الجنابي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أدارة التنوع .. الهند انموذجاً
-
السياسة التعليمية في العراق بعد عام 2003(السمات والخصائص)
-
قراءة في اهم الاستراتيجيات المتخذة في مجال التعليم و التعلم
...
-
سبل أنجاح العملية التربوية والتعليمية في العراق بعد عام 2003
-
الديمقراطية كمفهوم عن الحرية والعدل والمساواة في الحقوق والو
...
المزيد.....
-
رئيسة الاتحاد الأوروبي تحذر ترامب من فرض رسوم جمركية على أور
...
-
وسط توترات سياسية... الدانمارك تشتري مئات الصواريخ الفرنسية
...
-
لافروف: سلمنا واشنطن قائمة بخروق كييف
-
الجيش الإسرائيلي يواصل انتهاك اتفاق الهدنة مع لبنان
-
ترامب يبحث مع السيسي -الحلول الممكنة- في غزة ويشيد بـ-التقدم
...
-
بعد قرارها بحق لوبان... القاضية الفرنسية تحت حراسة مشددة إثر
...
-
زلزال ميانمار المدمر: تضاؤل الآمال في العثور على مزيد من الن
...
-
ماذا وراء التهدئة الدبلوماسية بين باريس والجزائر؟
-
-حماس- تدين مقتل أحد عناصر الشرطة في دير البلح وتشدد على أهم
...
-
زيلينسكي يؤكد استلام أوكرانيا 6 أنظمة دفاع جوي من ليتوانيا
المزيد.....
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
المزيد.....
|