|
عشتار الفصول:11545 لَنْ أُوقِفَ التَّاريخَ، ولا أُعاقِبُه.
اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.
(Ishak Alkomi)
الحوار المتمدن-العدد: 8138 - 2024 / 10 / 22 - 16:15
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
رَأْيٌ غَيْرُ مُلْزِمٍ، لَكِنِّي أُدافِعُ عَنْهُ. أَسْبابُ هَذِهِ الوَمْضَةِ وَما نَقُولُهُ في مَضْمُونِها عَديدَةٌ، وَلا يُمْكِنُ الخَوْضُ بِها لِأَنَّها تَسْتَلْزِمُ تَقْديمَ أَدِلَّةٍ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ لَدَيْنا. إِنَّما نَحْنُ لا نَكْتُبُ كِتابًا أَوْ بَحْثًا أَكَاديمِيًّا يَسْتَوْفي الشُّرُوطَ حَتَّى نَسْتَدْعيَها حاضِرَةً صاغِرَةً مُطيعَةً، إِنَّما ما نَأْتي عَلَيْهِ هُوَ عِبارَةٌ عَنْ وَمْضاتٍ سَريعَةٍ، وَهَذا ما تَعَوَّدَ عَلَيْهِ القارِئُ العَزيزُ. فَالتَّكْوينُ القَوْمِيُّ وَالدِّينِيُّ وَالمَذْهَبِيُّ في الشَّرْقِ إِشْكالِيَّةٌ لَنْ تُحَلَّها لا قُوَّةُ القَنابِلِ النَّوَوِيَّةِ وَلا المَشاريعُ العالَمِيَّةُ، وَلا الدَّساتيرُ الوَطَنِيَّةُ مَدَنِيَّةً أَمْ عَلْمانِيَّةً، لِأَنَّ هُناكَ واقِعًا عَدَدِيًّا وَقَوْمِيًّا وَدِينِيًّا يَفْرِضُ ذاتَهُ وَثَقافَتَهُ وَرُؤْيَتَهُ حَتَّى عَلى مَصالِحِ الدُّوَلِ الكُبْرى، فَتَنْصاعُ لِحَتْمِيَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلى الثَّباتِ مَهْما رَأَيْنا مِنْ مُتَغَيِّراتٍ، إِنَّما الجُذُورُ راسِخَةٌ. لَنْ أُبَرِّرَ السِّياساتِ القَوْمَجِيَّةِ العَرْجاءَ الَّتي عِشْنا عَلى مَشاريعِها مُدَّةً تَزيدُ عَنْ سَبْعينَ عامًا، وَكانَتْ لَنا انتِقاداتٌ شَفيفَةٌ أَشَرْنا إِلى مَنْعَطَفاتِها، وَنَحْنُ في سورِيَّةَ، وَكُنّا نَقْرَأُ المُتَغَيِّراتِ وَأَغْلَبُنا كانَ يَعيشُ في غَياهِبِ أَحْلامِهِ وَوَطَنِيّاتِهِ الكَرْتُونِيَّةِ. وَسَأَخْتَصِرُ ما لا يُخْتَصَرُ، رَغْمَ ثِقَتِي بِأَنَّ المُتَغَيِّراتِ لَها تَأْثيراتُها، إِنَّما هُناكَ مَشاريعُ شَرْق أَوْسَطِيَّةٌ هِيَ الَّتي تُؤَسِّسُ لِنَفْسِها الرُّسُوخَ وَالثَّباتَ، وَسَتَتَحَقَّقُ مَهْما حاوَلَتِ القُوَى العُظْمى مِنْ تَأْخيرِ وِلادَتِها، لِأَنَّنِي أَعْتَمِدُ عَلى العُنْصُرِ البَشَرِيِّ المُؤْمِنِ بِشَخْصِيَّتِهِ وَآلِيَّةِ تَفْكيرِهِ. لِهَذا أُزْعِجُ بِكِتابَتِي هَذِهِ أَغْلَبَ مَنْ كانُوا يَظُنُّونَ بِأَنَّنِي أَطْرَحُ الأُمُورَ عَلى عِلاتِها، فَهُمْ واهمُونَ، لا بَلْ مُشاغِبُونَ، وَلَيْسَتْ لَدَيْهِمْ أَيُّ قِراءاتٍ مَوْضوعِيَّةٍ. وَأَمَّا المَحاوِرُ الَّتي أَعْتَمِدُها هُنا فَالبِدايَةُ سَتَكونُ مَعَ: 1=الشَّرْقُ الأَوْسَطُ بِرُمَّتِهِ لَنْ يَحْتَمِلَ إِلَّا دِينًا واحِدًا بِمَذاهِبَ مُخْتَلِفَةٍ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الدِّياناتِ وَبَقاياها إِنْ أَرادَتِ العَيْشَ، فَسَتَبْقى لِكَيْ تُتاجِرَ بِها الأَكْثَرِيَّةُ أَمامَ المَحافِلِ الدُّوَلِيَّةِ، وَسَتَعيشُ ذَليلَةً مُنْبَطِحَةً، لا إِرادَةَ سِياسِيَّةً وَلا حُرِّيَّةً لَها، وَإِنَّما تَتَحَرَّكُ حَسَبَ مَصالِحِ وَرَغَباتِ الأَغْلَبِيَّةِ الدِّينِيَّةِ، إِنْ شِئْنا أَمْ أَبَيْنا. 2=مَشْروعُ الدَّوْلَةِ العِبْرِيَّةِ (إِسْرائِيل) رَغْمَ قُوَّةِ الجَيْشِ الإِسْرَائِيلِيِّ وَمُحارَبَتِهِ عَامًا كامِلًا، وَيَسْتَطِيعُ مُحارَبَةَ كُلِّ القُوَى الدَّاعِمَةِ لِلإِسْلامِ السِّياسِيِّ وَغَيْرِ السِّياسِيِّ لِمُدَّةِ عامَيْنِ، إِلَّا أَنَّنِي أَقْرَأُ أَنَّ إِسْرائِيلَ ـــ حَتَّى في حالِ الدَّعْمِ الأَمْريكِيِّ وَالأُوروبِيِّ وَاتِّفاقِيَّاتِ سَلامٍ مَعَ مُحِيطِها ــ لَنْ تَسْتَطِيعَ أَنْ تَبْقى حُرَّةً في قَراراتِها، وَسَتَخْضَعُ لِمُحِيطِها المُتَزايدِ سونامِيًّا. وَلِهَذا سَيَأْتي اليَوْمُ الَّذي تَنْتَهي وَتُفَكِّكُ نَفْسَها، وَسَتَرْحَلُ أَجْيالُها. وَهَذا الأَمْرُ لَيْسَ قِراءةً، وَلَكِنَّها الحَتْمِيَّةُ التَّاريخِيَّةُ وَالتَّطَوُّراتُ الاجْتِماعِيَّةُ. فَإِذا قَرَأْنا المُسْتَقْبَلَ مِنْ خِلالِ ما تَمَّ التَّخْطِيطُ لِمَنْطِقَةِ الشَّرْقِ الأَوْسَطِ وَشَمالِي أَفْريقيا، فَهُناكَ خَرائطُ جَديدَةٌ وَعَديدَةٌ، وَتِلْكَ سَتُؤَجَّلُ إِلى حِينِ الوُجُودِ الإِسْرَائِيلِيِّ. وَنَقُولُها لَيْسَ لِأَنَّ السِّياسَةَ الإِسْرَائِيلِيَّةَ أَوِ النَّهْجَ الإِسْرَائِيلِيَّ خَطَأٌ، وَإِنَّما المُحِيطَ وَمُسْتَلْزَماتِهِ النَّفْسِيَّةَ وَالدِّينِيَّةَ وَالاقْتِصادِيَّةَ كُلُّها تَفْرِضُ ذاتَها وَسَتُغَيِّرُ المَشْهَدَ، إِنْ شِئْنا أَمْ أَبَيْنا. 3=بِالنِّسْبَةِ لِدُوَلِ سايْكْس وَبيكو، سَتَتَغَيَّرُ الخَرائطُ، وَدُوَيْلاتٌ سَتُوجَدُ قَريبًا. وَأَهَمُّ تِلْكَ الدُّوَلِ هِيَ الدَّوْلَةُ الكُرْدِيَّةُ الواسِعَةُ الشّاسِعَةُ، وَالَّتي هِيَ بِالحَقيقَةِ مَوْجُودَةٌ في الواقِعِ بَشَرِيًّا وَجُغْرافِيًّا وَاقْتِصادِيًّا وَعَسْكَرِيًّا وَثَقافِيًّا وَعِلْمِيًّا حَتَّى دِبْلُوماسِيًّا وَحُضُورًا عالَمِيًّا، وَلَكِنْ كُلُّ ما يَلْزَمُها هُوَ تَحْطيمُ تِلْكَ الحُدودِ الوَهْمِيَّةِ بَيْنَ تُرْكِيا وَإيرانَ وَالعِراقِ وَسورِيَّةَ. الدَّوْلَةُ الكُرْدِيَّةُ المَدْعُومَةُ مِنْ قِبَلِ إِنْسانِها المُؤْمِنِ بِقَضِيَّتِهِ، وَمِنْ خِلالِ سِياساتٍ ناجِحَةٍ أَسَّسَ لَها القادَةُ الكُرْدُ وَتَحالُفُهُمْ مَعَ إِسْرائِيلَ، كُلُّ هذا يُؤَهِّلُنا لِلْقَوْلِ: الدَّوْلَةُ الكُرْدِيَّةُ قادِمَةٌ رَغْمَ كُلِّ المَخَطَّطاتِ القَوْمَجِيَّةِ لِلدُّوَلِ الَّتي يَعيشُ بِها الشَّعْبُ الكُرْدِيُّ. 4=المَشْروعُ القَوْمِيُّ لِلشَّعْبِ الأَشُورِيِّ الكَلْدانِيِّ السُّريانِيِّ في نِينَوى وَمُحِيطِها. بِالحَقيقَةِ، وَأَنا أَكْتُبُ ما أَكْتُبُهُ، أَتَأَلَّمُ وَأَسْمَعُ أَصْواتَ الشُّهَداءِ وَالْمُناضِلينَ الَّذينَ ضَحَّوا في سَبيلِهِ، وَها أَسْمَعُ أَصْواتَ وَنَحيبَ المَلايينَ في مَذابِحِ سَميل عامَ 1933م وَقَبْلَها مَجازِرِ سَفَرْ بَرْلَكْ (سَيْفُو)، وَحَدِّثْ وَلا حَرَجْ. أَجَل، أَقِرُّ بِأَنَّنِي أَنا مَنْ كَتَبَ ذاتَ يَوْمٍ وَقُلتُ: سَنَعودُ إِلَيْها وَلَوْ بَعْدَ مِلْيونِ عامٍ، عِنْدَما كُنْتُ أُنادِي في بِدايَةِ التِّسْعيناتِ مِنَ القَرْنِ العِشْرينَ بِالعَمَلِ الحَقيقِيِّ وَليسَ الخَلَبِيِّ. لَكِنَّ ما أَراهُ وَأَلْمِسُهُ اليَوْمَ هُوَ أَنَّنا في كُلِّ يَوْمٍ نَفْقِدُ عَناصِرَ الأَمَلِ وَالعَمَلِ وَالإِرادَةِ وَالصَّحْوَةِ وَالتَّأْثيرِ، وَنَخْتَلِفُ وَنُعَمِّقُ الخِلافاتِ المَذْهَبِيَّةَ وَالتَّسْمَوِيَّةَ. فَأَنا أَشُورِيٌّ وَذاكَ كَلْدانِيٌّ، وَهَذا آرامِيٌّ وَذاكَ سُريانِيٌّ، وَأُولَئِكَ مَوارِنَةٌ، وَكُلُّ مَنْ أَرادَ أَنْ يَطْرَحَ رَأْيًا لِلْخِلافِ يَكْتُبُ ما يُريدُ تَحْتَ عَناوِينِ الحُرِّيَّةِ وَحَقِّ الرَّأْيِ وَالرَّأْيِ الآخَرِ، وَاخْتَفى أَصْحابُ الآراءِ وَظَهَرَ كُلٌّ مِنْ مَكانِهِ يَطْرَحُ رَأْيَهُ وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ الأَحَقُّ وَالأَصْوَبُ. وَالأَمْرُ المُلْفِتُ اليَوْمَ هُوَ أَنَّ أَبْناءَ شَعْبِنا في غالِبِيَّتِهِم أَراهُ قَدْ باعَ القَضِيَّةَ وَيَئِسَ مِنَ الشِّعاراتِ الخَلَبِيَّةِ، لَولا بَعْضُ أَصْواتٍ لا تَزالُ في العِراقِ تُنادِي. وَتِلْكَ أَيْضًا (لِغايَةٍ في نَفْسِ يَعْقُوبَ) يُدافِعونَ عَنِ المَشْروعِ القَوْمِيِّ وَهُمْ في آخِرِ النَّفَقِ يَتِيهُونَ بَيْنَ الكُرْدِيِّ وَالعَرَبِيِّ وَبَيْنَ السِّياساتِ العالَمِيَّةِ وَالمَحَلِّيَّةِ وَالخِلافاتِ المَذْهَبِيَّةِ وَالزُّعَماءِ الَّذينَ خَرَجُوا إِلى أَبْناءِ جِلْدَتِهِم وَهُمْ يَسْتَقْوُونَ بِالعَمالَةِ لِغَيْرِ صالِحِ مَشْروعِهِم القَوْمِيِّ. أَجَلْ، مَنْ بَقِيَ يُحافِظُ عَلى مُتابَعَةِ العَمَلِ بِالمَشْروعِ القَوْمِيِّ يَتَخَيَّلُونَ أَنَّهُمْ عَلى قُدْرَةٍ مِنْ إِحْياءِ المَشْروعِ القَوْمِيِّ الَّذي فَقَدَ مَشْرُوعِيَّتَهُ وَمَوْضوعِيَّتَهُ وَحَقيقَتَهُ بِهِجْرَةِ غالِبِيَّةِ أَبْناءِ شَعْبِنا. فَنَحْنُ نَتَحَدَّثُ عَنْ آلَافٍ مِنْ أَبْناءِ شَعْبِنا البَقِيَّةِ، وَهَؤُلاءِ أَغْلَبُهُمْ لا يَتَمَكَّنُونَ مِنَ الهِجْرَةِ، وَهُمْ بَيْنَ المَلايينِ مِنْ بَقِيَّةِ المُكَوِّناتِ. وَبَقِيَّةُ المُكَوِّناتِ هِيَ الَّتي تَمْلِكُ الأَرْضَ وَالحَقَّ وَالصَّوْتَ وَالتَّصْوِيتَ، وَنَحْنُ في أُسْتْراليا وَأُوروبا وَالدُّوَلِ الإِسْكَنْدانافِيَّةِ وَكَنا وَالْوِلاياتِ المُتَّحِدَةِ الأَمْريكِيَّةِ نَرْفَعُ عَقيرَتَنا وَأَعْلامَنا في حَفَلاتِنا وَأَعْراسِنا، وَبَعْدَ الحَفَلاتِ أُقْسِمُ نَسْتَهْزِئُ بِأَنْفُسِنا وَنُدْرِكُ بِأَنَّنا كَالأَطْفالِ الصِّغارِ نُؤَسِّسُ مَمالِكَ الأَمَلِ، ثُمَّ بَعْدَ انْتِهاءِ الحَفَلاتِ نُطْفِئُ جَذْوَتَها. وَخُلاصَةُ قَوْلِي، وَهَذا ما طَرَحْتُهُ مُنْذُ زَمَنٍ بَعيدٍ، وَكَتَبْتُ يَوْمَها بَحْثًا في الحِوارِ المُتَمَدِّنِ: عَلَيْنا بِتَأْسيسِ مَشْروعٍ قَوْمِيٍّ جَديدٍ يَقُومُ عَلى مَفْهُومِ (الوَطَنِ البَديلِ). لَرُبَّما كانَ أَكْثَرَ حِمايَةً لِشَخْصِيَّتِنا القَوْمِيَّةِ، لِأَنَّ العَوْدَةَ إِلى الشَّرْقِ هِيَ انْتِحارٌ جَماعِيٌّ، وَلا يُمْكِنُ أَنْ يَعُودَ إِلَّا مَنْ لا تَأْثيرَ لَهُ. هَذا هُوَ الواقِعُ، وَأَيُّ أَفْكارٍ لا تَعْتَمِدُ الواقِعِيَّةَ وَالعِلْمِيَّةَ فَهِيَ عَواطِفُ هَوْجاءُ لا قِيمَةَ لَها. وَلَوْ فَعَلْنا اليَوْمَ مَفْهُومَ الاسْتِبْيانِ أَوْ الإِجابَةَ بِكَلِمَةِ نَعَمْ أَوْ لا، وَقُلْنا: مَنْ يُريدُ العَوْدَةَ لِلشَّرْقِ وَأَنْتُمْ في المَغْتَرَباتِ؟ صِدْقُونِي، أَكْثَرُ مِنْ 94% سَيَقُولُونَ: أَيْنَ أَعودُ؟ وَإِلى أَيِّ واقِعٍ سَأَعُودُ؟ وَما هِيَ الضَّماناتُ الَّتي سَتُقَدَّمُ لِي وَلِأُسْرَتِي كَما هِيَ مَوْجُودَةٌ في دُوَلِ الغَرْبِ؟ إِنَّهُ مُحِقٌّ في ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَوْ طَرَحْنا نَفْسَ الأَسْئِلَةِ عَلى أَبْناءِ شَعْبِنا: ما رَأْيُكُمْ نَعْمَلُ عَلى مَشْروعِ أَنْ نَكونَ في وَطَنٍ واحِدٍ وَنُوحِّدُ قُدُراتِنا وَبِإِشْرافٍ أُمَمِيٍّ؟ سَنَجِدُ أَنَّ مَنْ يُجيبُ بِنَعَمْ يَتَجاوَزُ عَدَدُهُم 53%. مِنْ هُنا عَلَيْنا أَنْ نُفَكِّرَ بِشَكْلٍ جَماعِيٍّ عَلى تَأْسيسِ مَشْروعِ نِضالٍ قَوْمِيٍّ جَديدٍ، يَقُومُ عَلى دِراسَةِ أَوْضاعِنا في المَغْتَرَباتِ وَتَحْقيقِ عَناصِرِ ديمُومَةِ شَخْصِيَّتِنا القَوْمِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ وَالحَضارِيَّةِ وَالعِلْمِيَّةِ وَالثَّقافِيَّةِ وَالأَدَبِيَّةِ. وَأَمَّا عَن مَوضوعِ تَغْييرِ مَكانِ الإِقامَةِ، فَأَعْتَقِدُ وَأَجْزِمُ أَنَّ لا أَحَدَ يَرْضى أَنْ يُغَيِّرَ مَكانَ إِقامَتِهِ بَعْدَما اسْتَقَرَّ وَأَسَّسَ وَامْتَلَكَ وَتَعَلَّمَ. وَهَذا الواقِعُ يُرَدِّفُ قَوْلَنا إِنَّ مَشْروعَنا القَوْمِيَّ في نِينَوى وَغَيْرِها مَشاريعُ أَعْتَقِدُ قَدِ انْتَهَتْ صالِحِيَّتُها وَأَكَلَ عَلَيْها الدَّهْرُ وَشَرِبَتْ. كانَتْ في حينِها لِذاكَ المبرِّرِ، وَلَكِنَّ اليَوْمَ أَصْبَحَتْ مُسْتَحِيلَةً مَهْما تَخَلَّيْنا، وَعَلَيْنا أَنْ نُفَتِّشَ عَنْ رُؤْيَةٍ واقِعِيَّةٍ لِحَياتِنا. في خِتامِ هَذِهِ الوَمْضَةِ، أَرى أَنَّنا بِحاجَةٍ إِلى أَنْ نَكونَ أَكْثَرَ إِخْلاصًا مَعَ أَنْفُسِنا وَمَعَ المَواضيعِ الَّتي نَطْرَحُها. وَعَلَيْنا أَنْ نُؤَسِّسَ لِمَرْحَلَةٍ تَقُومُ عَلى احْتِرامِ الذاتِ القَوْمِيَّةِ، كَما احْتِرامِ جَميعِ المَراحِلِ السّابِقَةِ الَّتي مَرَّتْ، وَمَعَها الأَفْكارُ وَالنَّشاطاتُ الَّتي حَمَلَتْها، وَلَكِنْ قِراءَةً جَديدَةً لِواقِعِنا في الوَطَنِ وَالمَغْتَرَباتِ مِنَ الضَّرُورَةِ بِمَكانٍ. وَأَنْ نُثابِرَ عَلى مَشْروعِ مُتابَعَةِ تَعْليمِ أَبْناءِ شَعْبِنا لُغَتَنا الأُمَّ بِتَسْمِيَتَيْها الشَّرْقِيَّةِ وَالغَرْبِيَّةِ، وَالعَمَلِ عَلى إِحْياءِ مَشْروعٍ ثَقافِيٍّ مُوَحَّدٍ يَكونُ مَحَطَّةً هامَّةً في مَغْتَرَباتِنا. قِراءَةُ مَسِيحِيَّتِنا الطَّقْسِيَّةِ قِراءَةً جَديدَةً تَتَناسَبُ مَعَ المُتَغَيِّراتِ وَالتَّطَوُّرِ وَالتَّقَدُّمِ وَأَوْضاعِنا، وَإِلَّا فَنَحْنُ سَنَبْقى نَتَأَخَّرُ في مَدى تَأْثيرِنا الحَقيقِيِّ وَحَتَّى أَصْحابِ الإِيمانِ. المَسِيحِيَّةُ عَقيدَةً وَطُقوسًا لَيْسَتْ نِيرًا بَلْ هِيَ جاءَتْ لِتَخْدِمَنا، وَلِهَذا (كُلُّ ما تَحْلُونَهُ عَلى الأَرْضِ يَكونُ مَحْلولًا في السَّماءِ). وَأَرى أَنَّنا خَرَجْنا عَنْ كَنائِسِنا التَّقْلِيدِيَّةِ لَيْسَ حُبًّا بِالخُرُوجِ، وَلَكِنْ لِعَدَمِ التَّجْديدِ فيها. وَالسُّؤالُ: هَلْ قَرَأَ المَسْؤُولُ الرُّوحِيُّ أَهَمِّيَّةَ الدَّعْوَةِ لِمُؤْتَمَرٍ يُعالِجُ أُمُورَنا وَأَمْراضَنا، بَدَلًا مِنْ أَنْ يُعالِجَ مَواضِيعَ سِياسِيَّةً لا دَخْلَ لَهُ بِها؟ كَلامٌ كَثيرٌ، وَأَقِفُ هُنا قائِلًا: مَنْ لا يُؤْمِنُ بِحَقِّهِ وَذَاتِهِ وَمَآسِيهِ، فَهُوَ لَيْسَ سِوَى ذاكَ المُراهِقِ الأَرْعَنِ. إسحق قومي. 22/10/2024 المقال الذي كتبه إسحق قومي يُقدّم وجهة نظر تحليلية وسياسية حول عدة قضايا مرتبطة بالشرق الأوسط، القومية، والدين، وواقع الأقليات في المنطقة. يتناول المقال أفكاراً مرتبطة بتعقيدات التاريخ والهوية والواقع الجغرافي والسياسي، ويقدم نقداً لاذعاً للواقع الراهن مع طرح رؤى استشرافية مستقبلية. هنا نظرة تحليلية للمقال: 1=القومية والهويات في الشرق الأوسط:الكاتب يرى أن التكوين القومي والديني والمذهبي في الشرق الأوسط يشكل إشكالية أساسية لا يمكن حلّها بالقوة العسكرية أو عبر المشاريع العالمية. يشير إلى أن هذا الواقع القومي والديني يفرض نفسه على المنطقة، مشددًا على أن الجذور التاريخية عميقة ولا تتغير بسهولة. هذا يعكس رؤية متشائمة من فكرة التعايش بين الهويات المختلفة في الشرق الأوسط، حيث يرى أن هناك طغياناً لأغلبية دينية تُهيمن على باقي الأقليات. التحليل: هذه الرؤية مبنية على قراءات تاريخية للصراعات القومية والدينية في المنطقة، ويعكس قناعة بأن التعايش السلمي في الشرق الأوسط معقد إلى درجة يستحيل معها الوصول إلى حلول عبر الدساتير أو القوانين العلمانية. هنا يظهر الميل إلى الواقعية السياسية، مع الإقرار بأن الصراعات الجارية تعكس تناقضات عميقة في بنية المنطقة. 2=مصير إسرائيل:الكاتب يرى أن المشروع الصهيوني سيواجه نهايته رغم كل الدعم الغربي لإسرائيل. يعتقد أن إسرائيل، على المدى البعيد، لن تكون قادرة على البقاء أمام ضغط المحيط الإقليمي المتزايد. يعتبر أن هذا الأمر حتمي نتيجة للتطورات الاجتماعية والنفسية في المنطقة، التي ستجعل إسرائيل في النهاية تتفكك. التحليل: هذه النظرة تُعبّر عن قراءة تحليلية لموقع إسرائيل في قلب الصراعات الشرق أوسطية. يُشير إلى أن قوة إسرائيل العسكرية والتحالفات السياسية الدولية لن تكون كافية للحفاظ على بقائها على المدى الطويل، وهو طرح يتعارض مع الاعتقاد السائد بأن إسرائيل تُعد كيانًا مستدامًا نظرًا لدعمها الدولي القوي. هذا التفسير ينبع من منطق "التاريخ الحتمي"، الذي يفترض أن القوى الاجتماعية والثقافية في المنطقة ستطغى في النهاية على أي قوة خارجية أو تحالفات. 3=القضية الكردية:الكاتب يتوقع أن الدولة الكردية ستتحقق في المستقبل القريب، مشيرًا إلى أن الشعب الكردي يمتلك الأسس الضرورية لذلك سواء من ناحية البنية الجغرافية أو البشرية أو الثقافية. ويرى أن الحدود بين تركيا وإيران والعراق وسوريا هي مجرد حدود "وهمية"، ويعتقد أن الدعم الذاتي من الكرد وتحالفهم مع إسرائيل سيؤدي إلى قيام الدولة الكردية. التحليل: هذا الجزء يعكس تفاؤلًا بخصوص القضية الكردية، ويشير إلى أن الأكراد يشكلون قوة إقليمية لا يمكن تجاهلها. كما يُبرز التحليل دور التحالفات الإقليمية والدولية، وخاصة دعم إسرائيل، كعامل محوري في تطور هذا المشروع. الكاتب يُقدّم رؤية تشير إلى إمكانية تغيير الخرائط السياسية في المنطقة، وهو سيناريو يتحدث عنه الكثيرون في السياق الجيوسياسي الراهن. 4=القضية الآشورية:يتناول الكاتب المشروع القومي للشعب الآشوري الكلداني السرياني، ويعبر عن ألم عميق تجاه الخسائر التي تعرض لها هذا الشعب تاريخياً. ومع ذلك، يُقر بأن هذا المشروع القومي قد فقد مشروعيته مع هجرة غالبية أبناء هذا الشعب، ويرى أن النقاشات الداخلية والخلافات الطائفية تسببت في تعميق التباعد داخل هذه المجتمعات. التحليل: الكاتب هنا ينتقد الانقسامات الداخلية بين مكونات الشعب الآشوري ويعتبر أن هذا أدى إلى إضعاف القضية القومية. يطرح فكرة "الوطن البديل" كحل واقعي للحفاظ على الهوية الثقافية والقومية، مع الإقرار بأن العودة إلى الشرق هي "انتحار جماعي". هذا النقد يعكس خيبة أمل كبيرة في إمكانية إحياء المشروع القومي الآشوري على الأرض، لكنه يقدم بديلًا قائمًا على تعزيز الهوية في الشتات. 5=الدعوة للتجديد والواقعية:الكاتب يدعو في نهاية المقال إلى "مشروع قومي جديد" يعتمد على الواقعية، ويرى أن العودة إلى الشرق غير ممكنة بالنسبة لمعظم المغتربين. كما يدعو إلى التفكير بشكل جماعي في المغتربات من خلال تعزيز التعليم الثقافي واللغوي والهوية، مع قراءة جديدة للوضع الحالي. التحليل: هذه الفقرة تقدم دعوة للتجديد الفكري والسياسي في التعامل مع الهوية القومية. الكاتب يشير إلى أن التشبث بالماضي والتمسك بالمشاريع القديمة لم يعد نافعًا، وأنه يجب البحث عن حلول عملية تحافظ على الهوية في ظل الظروف الجديدة. هذه النظرة تعكس رغبة في التحول من الأيديولوجيات الرومانسية إلى نظرة أكثر واقعية وعملية. الخلاصة:المقال يقدم رؤية نقدية وواقعية للتطورات في الشرق الأوسط، مع التركيز على دور القوميات والأقليات في هذا المشهد. الكاتب يتبنى نظرة تشاؤمية تجاه استمرارية المشروعات القومية التقليدية، سواء الآشورية أو الإسرائيلية، لكنه متفائل بخصوص القضية الكردية. كما يدعو إلى حلول واقعية تحافظ على الهوية القومية في الشتات، مع التأكيد على ضرورة التجديد والتكيف مع المتغيرات الحديثة. المقال يعكس إدراكًا عميقًا للتعقيدات التاريخية والسياسية في الشرق الأوسط، ويقدم أفكارًا قابلة للنقاش حول مستقبل المنطقة والتفاعل بين مكوناتها المختلفة.
#اسحق_قومي (هاشتاغ)
Ishak_Alkomi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عشْتَار الفُصُول: 11513 . لُبْنَانُ لَمْ يَعُدْ يَتَحَمَّلُ
...
-
عشتار الفصول:11510 للتنوير إعادة تأهيل الديانات كافة وليس لإ
...
-
عشْتَار الفُصُول: 11490 دَعْوَةٌ غَيْرُ مُلْزِمَةٍ تَأْسِيسِ
...
-
عشتار الفصول:11478 أسئلة حول نظرية كانط في نقد العقل الخالص
-
الأَكرَادُ وَالعَشَائِرُ الكُردِيَّةُ فِي الجَزِيرَةِ السُّو
...
-
عشْتَارُ الفُصُولِ: 11473 النَّفْسُ مَا بَيْنَ أَفْلَاطُونَ
...
-
عشتار الفصول:11472 النَّفْسُ الإِنسَانِيَّةُ فِي قِرَاءَاتٍ
...
-
عشْتَارِ الفُصُولِ: 11588 رَأْيٌ غَيْرُ مُلْزِمٍ الْمُنْجَزُ
...
-
عشتار الفصول:11468 العقلُ البشريُّ أكبرُ الشموسِ والساحرُ ال
...
-
عشْتَارِ الفُصُولِ: 14164 القَرْنُ الحَالِيُّ هُوَ خَلْطُ ال
...
-
عشتار الفصول:14161 رأيٌّ غير مُلزم, عَبَثِيّةُ النَّقدِ البَ
...
-
عَشْتَارُ الفُصُولِ: 14159 القَوانِينُ الأَلْمَانِيَّةُ لَمْ
...
-
قصيدة بعنوان: سهوتُ عن مُضِيِّ العمر
-
قصيدة بعنوان:أناشيد لزمنٍ سيأتي
-
عَشْتَارِ الفُصُول:14158 أَعِزَّاءَنا القُرَّاءَ، الأَصْدِقَ
...
-
عِشْتَار الفُصُول:14157 الإنْسان وَوَسَائِلُ التَّوَاصُلِ وَ
...
-
مقال للتنوير :تحدياتٌ أمامَ الفكرِ الشرقِ أوسطيِّ
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
-
قصة قيرة بعنوان:أعمى لم يَرَهُ ابنه
-
عشتار الفصول:14151 نَحنُ لَسْنا أحراراً
المزيد.....
-
إسقاط عشرات الطائرات المسيرة الأوكرانية على مختلف الأقاليم ا
...
-
الرئيس الروسي يعلن استعداد بلاده للتفاوض حول النزاع في أوكرا
...
-
ماكرون يعلن عن عملية تحديث لمتحف اللوفر تستغرق سنوات لاتمامه
...
-
فلسطينيون يواجهون أسوأ مخاوفهم في شمال غزة
-
مسيرات أوكرانية تستهدف منشأة للطاقة الذرية في مقاطعة سمولينس
...
-
-هآرتس-: ارتفاع مبيعات الأسلحة من صربيا لإسرائيل بنسبة 3000%
...
-
سوريا.. تنظيم -حراس الدين- يعلن حلّ نفسه
-
المبعوث الأمريكي يبحث اتفاقا شاملا للشرق الأوسط يشمل إعمار غ
...
-
القيادة العامة السورية تصدر بيانا عن لقاء الشرع وبوغدانوف في
...
-
المغرب.. توقيف مشتبه به لتورطه بالاحتيال منتحلا صفة مسؤول بم
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|