أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سربند حبيب - سيميائية الصورة اللا منطوقة في فيلم «الذبح الحلال»














المزيد.....


سيميائية الصورة اللا منطوقة في فيلم «الذبح الحلال»


سربند حبيب
قاص وباحث

(Serbend Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 8137 - 2024 / 10 / 21 - 09:33
المحور: الادب والفن
    


يأتي فيلم «الذبح الحلال»، الذي عُرض لأول مرة، في مهرجان كوباني السينمائي الدولي، بدورته الخامسة لعام 2024م، بألمانيا، للكاتب والمخرج الكردي جان بابير. الفيلم الذي تم تصويره في ألمانيا ومدينة هولير بإقليم كردستان. هو فيلم قصير، مدته ربع ساعة، حيث لعب بطولته الممثل السوري نوّار بلبل والممثلة الألمانية ديانا نيكلولاس، وبمشاركة الفنانة المسرحية راما سيفو.



يسلط الفيلم الضوء على ظاهرة زواج القاصرات، التي باتت من القضايا الجدلية الشائكة في عصرنا الحالي، بالرغم من تطور وتقدم المجتمعات، والقوانين التي تحدّ من انتشارها، إلا أن هذه الظاهرة بقيت منتشرة وبكثرة، في الكثير من دول العالم.

بلغة إيمائية صامتة، بعيدة عن السرد والحوار، يقدم لنا بابير، فيلمه القصير والجديد «الذبح الحلال»، إذ خرج عن المألوف في هذا العمل، مستخدماً نوعاً آخر من الأفلام؛ حيث اعتمد على الفكرة المجردة أكثر من مضمونه السردي، وجمع بين التجربة السردية والتحرير الإيقاعي والعمل المصور، مرتكزاً على رؤيته الذاتية الشخصية، معتمداً تقنيات بصرية تجريدية متنوعة، تغيب فيها لغة الحوار، مما أكسب الفيلم طابعاً سينمائياً فلسفياً، في طرح قضية هامة جداً، مازالت حاضرة وبكثرة في مجتمعاتنا، ألا وهي زواج القاصرات، فيه الكثير من الإيحاء والتشكيل والتعبير المجازي.

يندرج الفيلم في خانة السينما التجريبية، التي تعتبر أصل السينما وروحها، فعندما نعيد تاريخ السينما، نُلاحظ أنها قد بدأت بالرسم والصور المتحركة من خلال عرّابها الأول الإنجليزي ويليام فريز، الذي ابتكر السينما واهتدى إلى فكرة توثيق المشاهد الحياتية في شكل صورة متحركة، ثم ارتبطتِ السينما بالموسيقا، وتطورت مع مرور الوقت، حتى وصلت إلى الصورة التي نعرفها اليوم. يقترب هذا النوع إلى السينما التسجيلية؛ كونها من الجنس ذاته، متصل بتسجيل الواقع بصمته وتفاعله من غير الضرورة القصوى للأصوات المعبرة عن المحتوى، مضافاً إليها المؤثرات الضوئية وتجليات الصورة الفنية بالتفاصيل الذهنية والجمالية، وكذلك تشترك مع الأعمال الفانتازية، حيث التخلي عن فكرة الحوار السردي بالرمزية الموحية، بالمعنى ودلالات الصورة المعبرة والموسيقا والإضاءة وفن المونتاج.

إن لغة السرد الحقيقية في العمل، هي الصورة، التي تعبر عن الجانب الفني، وهو الهيكل الرئيسي للفيلم، وما تبقى من الأدوات تساعد في إيصال المعنى الحقيقي للمشاهد، فالصورة الحية هنا تتحدث عن مأساتها بأدوات بسيطة، يسلط العمل الضوء على قضية الزواج المبكر، وحالات الاستغلال الكثيرة، التي تتعرض لها الفتيات؛ كونها تعيش في مجتمعات لا تحترم حقوق الأنثى، متخلفة جاهلة تنعدم فيها المساواة، في إحدى المشاهد يشبه بابير حالة الفتاة وبينما هي تلعب وتلهو مع أقرانها ببراءة تجرّ من أطرافها كغنمة إلى مقصلة الموت، لتباع في سوق الحيوان وتُشترى من قبل ذكر أشبه بحيوان لا يحمل أية صفة إنسانية، فرمزية الصورة واضحة من خلال هذا الإسقاط، وحالة أخرى مشابهة عندما تُستغل فتاة من قبل رجل يهددها ويستفزها، من أجل الحصول على جسدها، مقابل وثائق تهم الفتاة، وهي حالات ذكورية مرضية، هذه المشاهد تكشف ماهية الزواج المبكر، وتعكس الصورة الحقيقة لقضية استغلال الأنثى ومدى ضعفها.

طرح بابير عملاً اجتماعياً واقعياً من منظوره الفني، ككاتب وكمخرج، مستلهماً الفكرة من البيئة المحلية، ومستكشفاً مساحات جديدة للإبداع السينمائي. الرموز الدينية كانت واضحة المعالم، من خلال تلك اللوحات المعلقة على الحائط (الله محمد)، وكذلك تجسيد دور الرقيب بمفهومه الإسلامي (فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، الذي يمثل الضمير المراقب، يرى كل شيء ولا يحرك ساكناً، وقد قام بأداء ذاك الدور الممثل المسرحي (شانومتو).

شارك كل من نيجار حسين (ممو سيدا) جانيار بوزان وعازف الأورغ معميلو في الموسيقا التصويرية المرافقة للفيلم، والتي كانت مناسبة للأحداث، وقد كان تمثيل الأدوار مقنعاً، بالرغم من أن معظم الممثلين كانوا من الهواة، لكنهم أتقنوا لعب أدوارهم.


المخرج جان مع الممثلين

«الذبح الحلال»، فيلم صامت جميل، لكنه يفتقر إلى معالجة القضية من وجهة نظره ككاتب، ويعود ذلك بحسب قول المخرج (انعدام الإمكانيات المادية وعدم وجود شركات إنتاج تدعم هذا النوع من الأعمال الفنية الهادفة)، وقد كان تمويل الفيلم بشكل كامل ذاتياً، فمثل هذه القضايا تحتاج إلى وقت طويل للطرح الفني والمعالجة الدرامية.

زواج القاصرات هي حالة اجتماعية سَمجة، نتاج خبيث للفقر والجهل وعدم المساواة المتأصلة بين الجنسين، يجب محاربتها، فاستقرار المجتمع يأتي من استقرار خليتها الأساسية (الأسرة)، لذلك يجب الاعتناء بها وتوفير الظروف الملائمة للزواج السليم من النضج البدني والعقلي، والقدرة على تحمل المسؤوليات والأعباء المترتبة عليها.

في الفيلم رسالة واضحة للقضاء على هذه الظاهرة التي تُعتبر حالة عنف ممارسة بحق الطفلات المتزوجات وحرمانهن من أبسط حقوقهن، من الطفولة والتعليم والصحة، وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة، فإن عدد الفتيات اللواتي يتزوجن وهنّ دون الثامنة عشر بلغ نحو 14 مليون فتاة.

يختتم الفيلم بمشهد مليء بالتحدي، حيث تهرب الفتاة من البيت، حاملة في يدها الصغيرة منديل الشرف، تحفر قبراً بحجم راحتيها، وتدفن فيها الرجولة ومعها جميع العادات والتقاليد والأعراف، التي تسلب طفولتها وتقتل أحلامها البريئة.



#سربند_حبيب (هاشتاغ)       Serbend_Habib#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «لأنك استثناء»: تجلّيات الذات في مواجهة طغيان الواقع
- جحيم حيّ: تأبين الوجع في يقين وطن يحتضر!
- لعبة الحبار (Squid Game): سيكولوجية البقاء بمصيدة الفقر في أ ...
- أرواح تحت الصفر: جرح متأنّق بلوعة الفراق ولذّة اللقاء
- القراءة بين مطرقة سوشيال ميديا وسندان العولمة
- الحب كرنفال إلهي: لغة الحب والعشق في زمن الحرب
- أرض محرمة -No Man’s Land-: سوريا جرح مفتوح في خاصرة العالم
- موج شاحب: مناجاة الأمل في حضرة الكلمة العبثية
- أكتب؛ لأنني موجود
- ضحكة مسروقة... وبقايا أمل
- الفينومينولوجيا
- الملحمة الغنائية الغربية ( كارمينا بورانا )
- فيلم المنصة: أزمة البقاء من منظور طبقي
- فيلم (Henarê Bextwere) -الرمان المحظوظ - للمخرج الكردي : جان ...
- التشويق والاختزال للوجع السوري في رواية «رصاصة أخيرة»
- قراءة في كتاب السلوك والأخلاق للمفكر الأستاذ حميد بركي من إع ...
- قراءة في كتاب السلوك والأخلاق للمفكر الأستاذ حميد حسين من إع ...
- سينما بنكهة المسرح
- لعنة وباء الجلد
- - قلم حمرة - أزمة المكان في طغيان النص على الصورة


المزيد.....




- بين الترقب والاعتراض.. مسلسل -معاوية- التاريخي يثير الجدل قب ...
- وفاة المخرج المصري الكبير نبيل خضر
- صحافيون إماراتيون يتدربون على أساليب الظهور الإعلامي مع RT A ...
- -قيصر- السوري يعلق على تصوير مسلسل باسمه وتوقيفه
- فنانة سورية شهيرة تخرج عن صمتها وتكشف حقيقة الأنباء عن علاقت ...
- سينماتيك.. مجلة في خدمة السينما بالجزائر
- العثور على مخرج تونسي شهير بعد اختفائه فجر اليوم الخميس
- العثور على الممثل الأميركي جين هاكمان وزوجته متوفيين داخل من ...
- عثر على جثتيهما الى جانب كلبهما.. غموض يلف وفاة الممثل جين ه ...
- العثور على الممثل الأمريكي جين هاكمان وزوجته ميتين في منزلهم ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سربند حبيب - سيميائية الصورة اللا منطوقة في فيلم «الذبح الحلال»