أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصطفى حجي - هل للكون غاية؟














المزيد.....

هل للكون غاية؟


مصطفى حجي
كاتب وناقِد

(Mustafa Hajee)


الحوار المتمدن-العدد: 8136 - 2024 / 10 / 20 - 23:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


منذ الأزل، راود الإنسان تساؤل عميق: هل لهذا الكون الواسع غاية؟ هل نحن جزءٌ من مُخطَّط أعظم، أم أن وجودنا غير ذي أهمّيّة بالنسبة للكون؟ طرح هذا السؤال ليس مجرد فضول، بل هو بحث عن معنى وجودنا في هذا الكون الشاسع.

والحقُّ أنني لستُ على يقين...

إنّ من يدعي امتلاك الإجابة الحاسمة على هذا السؤال لا يعدو كونه خائضًا في افتراضاتٍ غير مدعومةٍ بالعقل أو البرهان. سواء في الأديان أو في بعض التوجّهات الفلسفية، لطالما حاول الإنسان فهم هذا الكون، ولكنه تعثر مرارًا وتكرارًا في محاولاته، وفشل في إيجاد مكان واضح لنا وسط هذا الفضاء اللامتناهي.

حين نقول إن للكون غاية، فنحن نفترض ضمنيًّا وجود مَنْ وضع هذه الغاية. وهنا يتسلل السؤال: من هذا الذي صنع الهدف؟ وما الغاية التي يسعى إليها؟ وإذا كان هدف الكون مرتبطًا بالبشر، فإن الزمن وحده يخبرنا بعكس ذلك، فقد مضى 99.9999% من عمر الكون دون أنْ يُوجَد أحد ليَسأَل هذا السؤال.

عمر الكون الهائل، مقارنةً بفترة وجودنا القصيرة جدًا، يثير المزيد من التساؤلات حول ما إذا كان هذا الكون قد صُمِّم لغاية مرتبطة بنا، فلو كانت غاية الكون هي خلق البشر، فإن الكون بالتأكيد أَظهَر بُطئًا وعَدَم كفاءةٍ مُحرِجة في تحقيق ذلك.

● نظرة زمنية لعمر الكون مقارنة بالبشر

لتوضيح مدى قِصَر فترة وجودنا مقارنة بعمر الكون، يمكننا تشبيه عمر الكون بسنة كاملة. هذا التشبيه يُبرِز مدى تأخر ظهور البشر على هذا المسرح الكوني.

لو افترضنا أن عمر الكون منذ لحظة الانفجار العظيم حتى اليوم هو سنة واحدة (365 يومًا)، فإن لحظة "البيغ بانغ" التي حدثت قبل 13.8 مليار سنة ستكون في الثانية الأولى من اليوم الأول (تمامًا في الساعة 00:00:01 بتاريخ 01/01).
ظهور مجرة درب التبانة حدث في اليوم 16 من الشهر الثاني. تكوّنت الشمس في اليوم 7 من الشهر التاسع، وكوكب الأرض في اليوم 9 من الشهر التاسع.

الحياة ظهرت على الأرض لأول مرة في اليوم 18 من الشهر التاسع (على شكل كائنات أحادية الخلية). أما الكائنات متعددة الخلايا فلم تظهر إلا في اليوم 17 من الشهر الحادي عشر.

أمّا الإنسان العاقِل (Homo sapiens) حسب نظريّة التطوّر فظهر قبل 200,000 سنة، ما يوافق في تقويمنا الساعة 11:52:23 من اليوم الأخير، أي قبل نهاية السنة بسبع دقائق و37 ثانية فقط.

ومن منظور بعض الأديان، كان خلق آدم قبل 6000 سنة، وهو ما يقابل في تقويمنا الثواني السبع الأخيرة من السنة، تحديدًا في الساعة (23:59:53)
ظهور إبراهيم كان بعد آدم بثانية واحدة (23:59:54)
ثم ظهر موسى بعد إبراهيم بثانية أخرى (23:59:55)
وعيسى بعد موسى بثانية (23:59:56)
وأخيرًا محمد ظهر بعد عيسى بنصف ثانية، تحديدًا في (23:59:56.5).

إذا كانت غاية الإله تكمن في تلك الثواني السبع الأخيرة من تقويمنا الزمني هذا، فماذا عن باقي الثواني الـ 31,535,993 (عدد الثواني المُتبقية من السنة) التي سبقت تلك الثواني السبع؟

إننا أمام تساؤل محيّر: كيف يمكن لعظمة الكون واتساعه، بكل ما يحويه من مجراتٍ لا تعد ولا تحصى وأزمنةٍ تسبق وجود البشر بمليارات السنين، أن تُختَصر في لحظة قصيرة من تاريخنا؟ هل يُعقل أن كل هذا الوجود الهائل كان مجرد مقدِّمة مُخصصة لظهورنا نحن البشر؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما الغاية من هذا الانتظار الطويل؟ هل يمكن أن يكون لتلك الفترة الشاسعة التي سبقتنا معنًى أعمق، أو أنها ببساطة كانت عديمة الغاية؟


● الحياة في الكون: قسوة الطبيعة

ثم... إذا كانت غاية الكون هي تهيئة بيئة ملائمة للحياة، فإن ما نشهده من قسوة الطبيعة يجعل هذا الافتراض موضِع شك. الحياة على الأرض منذ أنْ بدأَتْ قبل 3.5 مليار سنة وإلى الآن لم تكن أبدًا في مأمن، زلازل، براكين، أعاصير، عصور جليديّة، بل وحتّى كويكبات قد تصدم الأرض وتمسح الحياة من عليها في أيّ لحظة.
الطبيعة التي نراها أقرب إلى فوضى عارمة تلتهم الحياة بلا رحمة. حتى أن 99.9% من جميع الأنواع الحيّة التي ظهرتْ وعاشت على هذا الكوكب قد انقرضت. يبدو أن الأرض كانت وما زالت مسرحًا للدمار أكثر منها موطِنًا للحياة.

وحتى إذا نظرنا إلى الحياة البشريّة نفسها فسنجد أنّ المفاهيم تتباين. فالمؤمن قد يرى أن غاية الحياة هي عبادة الله... لكن ماذا لو سألنا واحدة مِنَ المِئة مليار بكتيريا التي تعيش في سنتيمتر واحد من أمعائك الغليظة عن غاية حياتها؟ ربما تكون الغاية بالنسبة لها هي توفير بيئة مُظلِمة خالية من الأوكسيجين ومليئة بالمادّة البُرازِيّة، فهذه هي البيئة المثالية لها.

● الحقيقة المجردة

وهكذا، إذا تَجرَّدنا مِنْ أنانيّتنا وغطرستنا وغُرورِنا البشري، فإننا حتمًا سنجد أنَّ الكون يبدو أكثر فوضويّة وعشوائيّة. إذْ إنّ الأحداث التي يُقال أنّها تَصبّ في مصلحتنا تتساوى مع تلك التي قد تقضي علينا في أيِّ لحظة. عند هذا المستوى من العشوائيّة، يصبح من الصعب إثبات وجود غاية مقصودة.

لذلك، وبعد كلّ شيء، رغم أنّي لا أستطيع أنْ أَجزِم بما إذا كان للكون غاية أم لا، فإنَّ الأدلّة التي تنفي وجود غاية تبدو قويّة، وتَظهَر بوضوح لِكلّ منْ يَرى الكون على حقيقتِه، لا كما يَتمنى لَه أنْ يكون.

تحيّاتي.



#مصطفى_حجي (هاشتاغ)       Mustafa_Hajee#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المُعضِلة بين الاحترام والإساءة
- ماذا بعد الموت؟
- بين فيروز ونزار «ليست لنزار»
- نزار قبّاني ... والمرأة
- {البيضة} ... قصة قصيرة ل -آندي وير-
- عدمِيَّة ... (وقليل مِنَ التفاؤل)
- الملحد العربي ... الاتِّهام والحقيقة
- حياة عدميّة ... بإله أو بغير إله
- إبليس يَشكُو مأساتَه ويُدافِع عن نَفسِه
- توضيح لمقولة آينشتاين -إنَّ الله لا يلعب بالنرد- وما شابهها
- حول - رِهان باسكال -
- الدنيا دار اختبار، لكَ فيها حرِّيّة الاختيار
- الإلحاد: مُسَوِّغ نبذ الله .. الجزء الثّاني
- الإلحاد: مُسَوِّغ نبذ الله .. الجزء الأوَّل
- عندما قرَّر الله أن يخلق الكون
- كنصيحة منّي أنا الإنسانُ الفقير إلى العلم
- مِنْ أجلِ أنْ تَرى الواقع
- ردًّا على السؤال المتكرِّر : -لماذا أنتقد الإسلام دون بقيَّة ...
- مسيلمة رحمن اليمامة، وما أدراك ما الرحمن... الجزء الرابع وال ...
- مسيلمة رحمن اليمامة... وما أدراك ما الرحمن !. الجزء الثالث


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصطفى حجي - هل للكون غاية؟