أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ابوالقاسم قور - فى ثقافة حقوق الانسان















المزيد.....

فى ثقافة حقوق الانسان


ابوالقاسم قور

الحوار المتمدن-العدد: 8136 - 2024 / 10 / 20 - 16:15
المحور: حقوق الانسان
    


تُعتبر حقوق الانسان من أكثر المواضيع جدلاً ، وأكثرها غموضاً ، وأشدها اختلافاً بين الموضوعات والعلوم الانسانية والدراسات الاجتماعية على المستوى الاكاديميى والمستوى العام . على الرغم من الاهتمام الكبير الذى يشهده العالم اليوم بحقوق الانسان منذ مطلع القرن العشرين ، الا انها لا زالت من اكثر المفاهيم غموضاً و المثيرة للاختلاف ، والجدل بين العلماء والمفكرين والمتخصصين والفقهاء، ذلك لارتباطها بالاخلاق والاديان والعادات والجبلة البشرية ، اى بما يسمى فى الفلسفة بالقيم السامية transcendental values .
مما لا شك فيه ان هذا الحوار والنقاش بين العلماء والمفكرين والفقهاء والفلاسفة لم ينقطع وسوف لن ينقطع ذلك لتطور حقوق الانسان المرتبط بتطور الانسانية وحضارتها. لكن فى هذا البحث سيتم التركيز على بعض التساؤلات الفلسفية والفكرية والتاريخية فى الفلسفة الغربية وفى الدين الاسلامى ، كذلك البحث عن مفهوم حقوق الانسان وتعريفها.
من الواضح سبب الاختلاف والضبابية فى موضوع حقوق الانسان هو ارتباطها بالانسان نفسه وكرامته . كما هو معروف هناك اختلافات عديدة بين البشر ، على مستوى المجتمعات وعلى مستوى الافراد[1] . يرى الباحثون فى هذا المجال ويزعمون مبدئياً بان حقوق الانسان تتصف بالعالميةInternationality ، والأهمية Importance ،و القيمية Morality ، لكن السؤال هو من الذى يحدد تلك القيمية ؟ و العالمية؟ والاهمية ؟. هكذا تتسع الدوائر وعلامات الاستفهام عبر التاريخ وتطور الفكر البشرى.
فى مطلع القرن العشرين زعم الفيلسوف الفرنسى جان بول سارنر "حقوق الانسان هى مطارة للمعنى [2]Stalkers of meaning" ومن المعروف سلفاً صعوبة واستحالة تعريف المعانى Meanings. لعل ما صرح به سارتر هو خلاصة تساؤلات ذلك الارث الكبير لتراث الفلسفة الغربية ومطاردتها لمعنى حقوق الانسان والتى انتهت الى وجودية وعدمية تؤسس اليوم لازمة الانسان الغربى المعاصر، لكل ذلك ولحصر هذا الموضوع الشائك والمتشعب يمكن تتبع تكوره التاريخى الفلسفى منذ العصور الوسطى، وعصر التنوير الاوربى فى القرن الثامن عشر ، الى القرن العشرين حيث ظهور الاعلان العالمى لحقوق الانسان ، ثم فتح فضاء التساؤلات حول مصير حقوق الانسان فى مطلع هذا القرن الحادى والعشرين فى تيارات ما بعد الحداثة وما بعد فترة وباء الكورونا.
تعريف حقوق الانسان :
تٌعرف حقوق الانسان على انها " حقوق غير قابلة للتصرف وأساسية[3] ، وموروثة للفرد فقط لأنه انسان ". هذا التعريف يؤكد ارتباط حقوق الانسان بكرامة الانسان ، وهو ارتباط لا ينفك ابداً . فالانسان مكرم عن غيره من المخلوقات كما جاء فى قول المولى عز وجل(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) ، وتعتبر الكرامة والحرية نموذجاً للحقوق الموروثة ، والتى يولد بها الانسان فلا تمنحها له جهة ولا يمكن مصادرتها فهى موجودة فى خلقه وجبلته. لكن هذا المفهوم قد تطور عبر التاريخ البشرى ، و التطور المقصود هنا هو تطور القانون الدولى لحقوق الانسان ، أى سعى الانسان لوضع قوانين تنظم هذه الحقوق الموروثة ، مما وفر الى حيز الوجود اتفاقيات ومواثيق وبروتكولات دولية . فهناك فرق بين تعريف حقوق الانسان فى ذاتها ك"حقوق غير قابلة للتصرف وأساسية[4] ، وموروثة يولد بها الفرد فقط لأنه انسان " ، وتعريف القانون الدولى لحقوق الانسان بوصفه خلاصة سعى الانسان بغية تقنين هذه الحقوق ( ويعنى القانون الدولى لحقوق الانسان كافة الاتفاقيات والمواثيق والعهود المنشأة لحقوق الانسان) . فماهو التطور التاريخيى والفكرى لهذا للقانون الدولى لحقوق الانسان المنبثق من مفهوم حقوق الانسان فى ذاته؟ وهذا ما سنبحثه تحت عنوان فى ثقافة القانون الدولى لحقوق الانسان : النشأة والتطور.
فى ثقافة القانون الدولى لحقوق الانسان النشأة والتطور:
تبحث ثقافة حقوق الإنسان فى الاسس الكامنة latentلمفهوم حقوق الإنسان، والنظر بشكل حاسم إلى مضمونها ومبرراتها وطبيعتها الفكرية والثقافية. ثم تقديم واستعراض للعديد من الأساليب والنظريات لشرح كيف ولماذا تطور مفهوم حقوق الإنسان ، وهذا ما نطلق عليه البعد الايستمولوجى (المعرفى) لحقوق الانسان ، فهو جانب هام من جوانب العلم بحقوق الانسان على الرغم من اهماله فى الاكاديميا عامة وفى العالم العربى على وجه الحصوص.من المتعارف عليه فلسفياً توجد نظريتان لحقوق الانسان ، سيطرتا على طبيعة الجدل والنقاش حول فلسفة حقوق الانسان وثقافتها
الأولى نظرية الفائدة: تفترض نظرية الفائدة ان الوظيفة الرئيسية لحقوق الإنسان هي حماية وتعزيز بعض المصالح الإنسانية والثانية هى نظرية الإرادة : تفترض نظرية الارادة إثبات صحة حقوق الإنسان على أساس القدرة البشرية الفريدة لتحقيق الحرية .اما من الناحية التاريخية والفلسفية فقد اجمع الباحثون على انه توجد اصول حقوق الإنسان في الفلسفة الإغريقية و كافة الاديان ، لكن فى فترة عصر التنوير في القرن الثامن عشر الميلادى برز مفهوم حقوق الإنسان كمفهوم محدد ، حيث إكتسب كل من الرجل و المرأة أحقيتهما كأفراد لديهما ذاتية و كينونة منفردة ، وهبهما الخالق بحقوق بعينها و يعملون علي المطالبة بها و تعمل الدول علي حمايتها.وتعتبر وثيقة الماقينا جارتر الانجليزية Magana Charta Liberatiatum والتى يمكن ترجمتها الى (العهد الكبير ) فى عام 1215م أول وثيقة عملت على تكييف Codifying لحقوق بعينها يمكن إكتسابها في ظروف محددة، مثل مهددات الحرية الدينية علي سبيل المثال ، بيد إنها لم تحتوي مفهوماً شاملاً للحرية الفردية ، إذ كان ينظر الي الحريات انها حقوق تمنح الي أفراد و جماعات بسبب مكانتهم و تراتيبهم الإجتماعية بواسطة الملك.ثم جاءت بعدها الوثيقة الذهبية الهنقاريه The Golden Bull of Hungary فى عام 1222م ، ثم الوثيقة الدنماركية Danish Erik Klippings Handfadstning فى عام 1282م. فقد بدأ خلال نهايات العصور الوسطى سيادة مفهوم الحرية آخذاً حيزاً اجتماعياً كبيراً ، ولم يعد النظر له كنوع من الأمتياز لبعض الفئات او الطبقات بل حق أصيل لكافة البشر.وتشير المراجع والدراسات فى فترات لاحقة للعصور الوسطى الى الدور الذى لعبه رجال الدين و القضاة الأسبان في مجال نشر ثقافة حقوق الانسان حيث ظهرت أعمال فرانسيسكو دي فيتوريا (1486- 1546) و بارتلومي دي لاس كأساس (1474 - 1566) اللذين كرسا جهودهما لوصف الاساس العقدي والدينى للإعتراف بحرية و كرامة الانسان فى العالم.لقد لعب فلاسفة عهد التنوير فى القرن الثامن عشر دوراً حاسماً في تطوير مفاهيم حقوق الإنسان في أوربا ، حيث برزت وظهرت الى حيز الوجود أفكار و اطروحات كثيرة مثل افكار كل من هوجو غروتيس – HUGO GROTUS- (1583- 1645) ، وهو أحد الآباء المؤسسين للقانون الدولي المعاصر و قاض هولندى. من الذين وضعوا اسس القانون الدولى اعتمادًا على الحق الطبيعى وهو فيلسوف وعالم لاهوت وكاتب مسرحى ومؤرخ وشاعر. كان لغروتيس أثر كبير فى القانون القانون الدولى و الدفاع عن قوة السلطات المدنية بشكل مستقل عن رغبات السلطات الدينية.والفيلسوف جون لوك وهو فيلسوف تجريبى ،حسى ، وعقلى ومن أشهر أعمال لوك مقال له عن الفهم الإنساني شرح فيه نظريته حول الوظائف التي يؤديها العقل (الذهن) عند التعرف على العالم ، كما يعتبر جون لوك من اشهر فلاسفة العقد الاجتماعى فى أوربا من أمثال : توماس هوبز،و جان جاك روسو ، ومونتسكيو ، وفولتير، ويٌعد من ابرز منظرى ثورة عام 1688في انجلترا الذي تبنت فكرة مناهضة الحكم المطلق ، ودعى الى توسيع سلطات البرلمان,اما مصطلح حقوق الإنسان كما هو معروف اليوم فقد ظهر لأول مرة في إلإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان و المواطنة عام 1789 م ، ولقد جاء متأثّراً بفكر التنوير ونظريات العقد الاجتماعى والحقوق الطبيعية التي نادى بها مفكرون وقلاسفة غربيون من أمثال جان جاك روسو، وجون لوك، و فولتير.جدير بالقول يشكل الاعلان الفرنسى نقطة فارقة فى تطور صياغة الدساتير لدى العديد من الدول. وعلى الرغم من تحديد الإعلان لحقوق بعض البشر دون استثناء (وليس حقوق المواطنين الفرنسيين فقط) إلا أنّه لم يحدد مكانة النساء أو العبودية بشكل واضح.

عقب ذلك إعلان الإستقلال الأمريكي في 14 يوليو 1776 تأسيساً علي معتقد المساواة بين كافة البشر. الذى أشار الي جانب من الحقوق الثابتة فى منظومة حقوق الانسان Inalienable مثل الحق في الحياة والحرية والكرامة والبحث عن السعادة. انعكست هذه الأفكار بدورها علي وثيقة الحقوق التي اجازتها ولاية فيرجينا في ذات السنة، وسرعان ما انتقلت أحكام اعلان الإستقلال الي الولايات الامريكية الأخري وضُمنت في نهاية المطاف في وثيقة الحقوق فى الدستور الامريكى و العديد من الدساتير التي تبنتها أوربا فى مطلع القرن التاسع عشر، و لم تكتف بتضمين الحقوق الكلاسيكية ، بل ذهبت الى أضافة مواد تلزم الحكومة القيام بمسؤلياتها وواجبها في مجالات التوظيف و العمل و الرفاهية و الصحة العامة و التعليم.

إتسم القرن التاسع عشر بالنزاعات بين الدول نتيجة لحماية حقوق الأقليات في أوربا، مما افضي الي العديد من التدخلات الإنسانية و المناداة بإتخاذ تدابير الحماية الدولية – تمثلت إحدي هذه التدابير في إتفاقية برلين (1878).في هذا السياق ، تضمن الدستور المكسيكي (1917) و دستور الإتحاد السوفيتي (1918) و الدستور الألماني (1919) حقوقاً إجتماعية مماثلة.

وضعت الحرب العالمية الثانية نهاية للرؤية التقليدية والتى تدعى للدول كامل الحرية في تقدير معاملة مواطنيها،فعندما وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها تم وضع ميثاق الامم المتحدة United Nations –في( 26 يونيو 1945 ) ، ومن ثم تم وضع تصور لحقوق الإنسان ضمن إطار القانون الدولي ، لاسيما و إن كافة أعضاء الامم المتحدة قد وافقو علي إتخاذ إجراءات لحماية حقوق الإنسان ، و إحتوي الميثاق علي جملة من المواد تشير تحديداً الي حقوق الإنسان.

بعد أقل من سنتين ، اٌنشات مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ، وبعدها اجازت الجمعية العامة للامم المتحدة الإعلان العالمى لحقوق الانسان في باريس في 10 ديسيمبر 1948 و الذي تم التوافق عليه ليصبح يوما عالمياً لحقوق الإنسان.

[1] Gour .Abuelgasim , Philosophical foundation of human dignity , African dignity Forum ADF ,2016

[2] - Huuman Rights Peace, and Justice , UPEACE , Africa reader 2005

[3] - Human Rights , Concept and Definition , UPEACE, 2009

[4] - Human Rights , Concept and Definition , UPEACE, 2009



#ابوالقاسم_قور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فى ثقافة حقوق الانسان


المزيد.....




- شاهد.. مسيّرة إسرائيلية تلقي قنابل على خيام النازحين بجباليا ...
- محام مقدسي يروي للجزيرة نت ما شاهده على أجساد الأسرى
- خطط ترامب لترحيل اللاجئين جماعيا.. تكلفة باهظة وصعوبات في ال ...
- الأمم المتحدة تطالب بتسهيل دخول المساعدات لغزة
- لجنة برلمانية تناقش «حق الحصول على المعلومة» مع ممثلي المجتم ...
- السعودية.. وزارة الداخلية تعلن إعدام شخص تعزيرا وتكشف عن جري ...
- إيطاليا ومحاولات إقناع أوروبا بالتطبيع مع الأسد.. كيف تنعكس ...
- الأمم المتحدة: المشاهد شمال غزة -مروعة-
- بشار الأسد: تأمين متطلبات العودة الآمنة للاجئين السوريين أول ...
- فتح تحقيق في تعذيب جهاديين فرنسيين في العراق


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ابوالقاسم قور - فى ثقافة حقوق الانسان