7% بالمائة من شعب غزة وقع بين شهيد وجريح!! .. فما هي ((الإبادة الجمة)) إذاً؟؟

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

الحوار المتمدن-العدد: 8136 - 2024 / 10 / 20 - 14:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بعد أن تخلت الأنظمة العربية عن سيادتها ودورها وضميرها ـ الإنساني على الأقل ـ كان من الطبيعي جداً، أن تتخلى عن جميع القضايا العربية وعن فلسطين وعن غـــــــــــزة في الواقع العملي وفي جميع المحافل الدولية......الخ، لكن الله هيأ دولة جنوب افريقيا(رض) محل جميع الأنظمة العربية، لتأخذ على عاتقها إيصال قضية فلسطين و "الإبادة الجماعية" الجارية في غـــــــزة إلى جميع المحافل الدولية ومنها "المحكمة الجنائية الدولية" وذلك بتاريخ 29/12/ 2023 وانظمت إليها فيما بعد بعض دول العالم، ومنها دولة أو دولتان عربيتان!!
ومنذ ذلك التاريخ ولحد الآن عقدت المحكمة الجنائية الدولية عدة جلسات واستمعت إلى وجهات النظر للخصوم ولعدد كبير من الدول المختلفة. ومع هذا لم تحسم قضية "الإبادة الجماعية" ولم تتوصل المحكمة بعد إلى "حكم نهائي" في مسألة ما يجري في غزة من قتل ودمار وتشريد، ولم تحدد بعد هل أن ما تقوم به "إسرائيل" في غزة، هو "إبادة جماعية" أم أن له توصيف آخر!

وهذا التأخير في اصدار حكم نهائي في هذا الموضوع الواضح جداً راجع ـ على ما أعتقد ـ لسببين :
 الأول: هيمنة الدول الغربية والولايات المتحدة منها بالخصوص، على جميع المنظمات المسمات بــ "الدولية" وعلى رأسها الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية بالذات ـ رغم أن أميركا ليست عضواً فيها ـ وجعلها جميعها ظلاً لسياساتها الامبريالية، ومنها حماية حلفائها وتوابعها ـ كـ "إسرائيل" مثلاً ـ من أحكام المحكمة الجنائية الدولية وقرارات مجلس الأمن وغيرها من المنظمات الدولية!
 والثاني: عدم وجود أسس ومعاير محددة أو (سقوف عليا) لعدد الضحايا أو مستوى التدمير، تحدد بها ماهية "الإبادة الجماعية"" وما هو تعريفها والمعيار الذي حدد به طبيعتها ومعناها وشروطها الواجب توفرها، في أية قضية جنائية من هذا النوع تعرض على المحكمة!.

ولهذين السببين الواضحين بقيت هذه القضية ـ قضية الإبادة الجماعية في غزة ـ معلقة في الهواء، لمدة عام كامل تقريباً، بينما غزة تذبح من الوريد إلى الوريد كل يوم وتتعرض للدمار الشامل في كل لحظة، ويباد فيها الانسان والشجر والحجر وكل ما يديم حياة البشر، ويساعد على بقائه واستمراره في الحياة كمخلوق آدمي!
****
ومعروف أو كما يفترض، أن الإبادة الجماعية يمكن أن ترتكب من قبل دولة ضد دولة أخرى في حالات الحروب مثلاً، أو أنها ترتكب من قبل دولة غازية ضد شعب أعزل أرضه محتلة ـ كما هو حاصل في غزة وعموم فلسطين ـ أو أن الإبادة ترتكب من قبل دولة ضد فئة من مواطنيها، أو من قبل فئات اجتماعية ضد أقليات عرقية أو دينية أو مذهبية أو طائفية وحتى سياسية في بعض الأحيان، ترتكب من قبل انظمة سياسية أو جماعات سياسية، ذات نزعات أو إيديولوجيا فاشية إلغائية لبعض الأقليات من مواطنيها!

أعتقد أن هناك حلول كثيرة لهذه الاشكالية القانونية أو المعضلة الدولية، ومن تلك الحلول حل بسيط جداً وغير معقد ـ على ما اظن ـ يمكنه أن يحدد لنا مفهوم "الإبادة الجماعية" بكل بساطة ويحل لنا هذه الاشكالية القانونية والاجرائية .. ويتمثل هذا الحل البسيط ب:
باعتماد معيار (النسبة المئوية) في تحديد مفهوم "الإبادة الجماعية"، ويتمثل بعدد الذين يبادون أو يقتلون من الفئة المستهدفة من أية جهة كانت، وما هي النسبة المئوية لعدد الضحايا من مجموع عدد الفئة التي تتعرض للإبادة، واتخاذ تلك النسبة ـ مع شروط مساعدة ـ (كسقف أعلى) يعتمد كأساس لتحديد طبيعة الفعل الجرمي، بأنه "إبادة جماعية" أم له توصيف آخر.. مثلاً:
اعتماد نسبة الـــ%1 بالمائة من مجموع عدد الفئة المستهدفة، الذين تتم إبادتهم واعتبارها (كسقف أعلى) للــ "إبادة جماعية"، أي عندما يتجاوز عدد الضحايا من الفئة المستهدفة نسبة الــ1% بالمائة من مجموع عدد اعضائها، تعتبر تلك الافعال في هذه الحالة "إبادة جماعية"، تعتمد عند اصدار المحكمة الجنائية الدولية احكامها النهائية في قضايا الإبادة الجماعية!
****
ولو قمنا بتطبيق هذا المعيار النسبي المئوي لعدد سكان شعب غــــــــزة، وما جرى ويجري فيها يومياً من قتل جماعي ودمار شامل وتخريب متعمد .. نجد أن:
أن مساحة غزة لا تزيد على 365 كم يحشر فيها 2,200,000 مليونان ومائتا ألف انسان، وقد وصل عدد الضحايا الذين استشهدوا فيها بنيران الجيش "الإسرائيلي" ـ لحد كتابة هذه السطور ـ إلى 42500 ألف ضحية وأكثر من عشرة آلاف أو 21000 مفقود حسب مصادر أخرى، أما عدد المصابين والجرحى فقد وصل إلى أكثر من 99546 .. وهذا يعني:
أن عدد شهداء غزة قد وصل إلى ما يقارب 3% بالمائة من مجموع عدد سكان غزة البالغ2,200,000 مليون نسمة، على اعتبار أن الــ1% من مجموع عدد سكان غزة يساوي 22000 ألف انسان، والــ2% تساوي 44000ألف انسان، والــ3% يساوي 66000ألف انسان غزاوي . وما دام عدد شهداء غزة بنيران الجيش "الإسرائيلي" قد وصل إلى 42500 شهيد + 21000ألف مفقود، فمجموعهم = 63175 إنسان قضوا على أيدي "الإسرائيليين". وحتى إذا اعتبرنا عدد المفقودين 10,000 آلاف انسان غزاوي فقط، فمجموعهم يساوي 2,50% بالمائة من مجموع شعب أو عدد سكان غزة بمجملهم، ومعروف بأن أعداد الضحايا بازدياد دائم وبشكل يومي مستمر، ولا يعرف كم سيكون عددهم النهائي عند ايقاف اطلاق النار في غزة بشكل كامل!!.. فإذا كان كل هذا العدد المهول من الضحايا لا يساوي إبادة جماعية؟؟
فكيف يمكن أن تكون "الابادة الجماعية" إذاً؟؟

أما أعداد الجرحى والمصابين في غزة ـ لحد كتابة هذه السطور ـ فقد وصل إلى (99546) ألف انسان غزاوي، وبطريقة حساب شهداء غزة نفسها، فإن عددهم قد تجاوز الــ4% بالمائة من مجموع شعب أو سكان غزة بأجمعهم!!
وإذا ما جمعنا مجموع عدد شهداء غزة مع عدد مصابيها وجرحاها، فإن نسبة مجموع عددهم سيصل إلى ما يقارب 7%بالمائة من عدد شعب غزة بأجمعه. وطبعاً هذه النسبة غير ثابتة إنما هي في تصاعد مستمر، على "الجيش الإسرائيلي".. وهذا العدد المهول في نسبة الضحايا لعدد السكان الكلي، لم يحصل في أية حرب مشابهة أخرى، اللهم إلا في الحربين العالميتين الأولى والثانية!!
أما نسبة الــ93%بالمائة من سكان غـــــزة المتبقين، فهم في حالة نزوح يومي مستمر، من مكان إلى مكان آخر على مساحة غزة الصغيرة ـ 365ألف كم فقط ـ ولا يوجد غزاوي لم ينزح مرة أو مرتين أو عدة مرات في تلك البقعة الضيقة، التي يحشرون فيها حشراً . فالجيش "الإسرائيلي" يعلن عن "منطقة آمنة" في غزة ينزح إليها الغزاويون لكنه يضربها في اليوم التالي، مما يضطرهم إلى النزوح إلى منطقة آمنة اخرى يعلنها جيش الاحتلال وهكذا دواليك، وكأنه يريد أن يجمع أكبر عدد من الغزاويين يحددها هو كأهداف له مسبقاً، ثم يضربها بقسوة متناهية ليوقع فيهم أكبر عدد من الضحايا!!
****
إن تلك البقعة الصغيرة المسماة غــــــــــــزة، فقد دمرت تماماً وسويت نسبة 99% -بالمائة منها بالأرض، وقطع عنها الماء والكهرباء وكل اشكال الخدمات ومصادر الحياة والبنية التحتية برمتها، من مستشفيات إلى مدارس وجامعات واسواق وطرق وأراض زراعية....الخ ولم يتبقى منها إلا ركام هائل ترقد تحته جثامين الشهداء ويفترش اطلاله الأحياء!
وآخر ما تفتقت عنه عقلية الصهاينة الاجرامية بشأن غــــــــزة هو ما عرف بــ "خطة الجنرالات".. وتعني:
اخلاء شمالي غزة من سكانها بالكامل، وتحويله إلى "منطقة عسكرية عازلة" عن فلسطين المحتلة. وقد تم انذار السكان بإخلائه .. وإلا:
اعتبر كل من يبقى فيها "عضواً في حماس" وهدفاً عسكرياً تطلق عليه النار فوراً، سواء كان شيخاً أو طفلاً أو امرأة أو عاجزاً....الخ ويعامل بنفس الطريقة التي يعامل بها أعضاء حماس، من قتل واعتقال وتعذيب ووووو!!
ولو أن غزة قد ضربت بــ ( عدة قنابل نووية) لما وصل عدد ضحاياها ودمارها إلى هذا الحد الشنيع!!

#خلف_الناصر (هاشتاغ)       Khalaf_Anasser#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات