اغنية (شويخ من أرض مكناس) وحرية المرأة

حيدر ناشي آل دبس

الحوار المتمدن-العدد: 8136 - 2024 / 10 / 20 - 02:26
المحور: الادب والفن
    

كتب هذه القصيدة الشاعر الأندلسي أبو الحسن الششتري قبل ما يقرب خمسة قرون من الزمن، وفي بدايات ثمانينيات القرن الماضي لحنها وغناها الملحن البحريني خالد الشيخ، وقد أدى هذه الأغنية بعد ذلك العديد من الفنانين منهم أحمد الجميري، ورجاء محمد، وكاظم الساهر، وعبد المجيد عبد الله، ودنيا بطمة وغيرهم.
ارتبطت هذه القصيدة أو الأغنية بالوجدان العربي وبالأخص المرأة العربية التي عانت طوال تاريخها من التهميش والاقصاء في المجتمعات العربية التي ترسخت فيها القيم الذكورية، لذلك حدّت هذه القيم من حريتها سواءً في آرائها أو سلوكياتها الطبيعية، ودائماً ما كانت المرأة تبحث وتناضل من أجل وجودها الطبيعي من خلال العديد من المواقف والأحداث التي ساهمت وشاركت فيها، وأيضاً سعيها الحثيث خلال عمل الكثير منهن في ج من الثقافة البدائية التي تُلغي المرأة، وفي ذات الوقت مع الاحترام الذكوري لوجود الرجل في الحياة الأسرية، كونه يحمل القيمومة الاجتماعية التي جُبل عليها الأنسان العربي، فنحن أبناء هذا المجتمع ولا يمكن التنصل عنه، ولن نكون مستوردين لأفكارنا وطبائعنا من الغرب الاوربي، ومن يحاول أن يستحدث مبادئ جديدة ويضفيها على مجتمعنا فهو غريب على النضج والفهم الاجتماعي.
نعم مع حرية المرأة في قراراتها المصيرية، لكن ضد التهتك الذي تنتهجه بعضهن تحت مسمى حرية المرأة.
إذ يجب النظر إلى المرأة كونها كائن ابداعي على جميع المستويات، فمن خلال عملها وثقافتها والمواهب التي تمتلكها ومشاركتها في القرارات السياسية والاجتماعية، فضلاً عن البيت الذي يكمن فيه أهم جانب ابداعي تملكه المرأة وذلك من خلال التربية والمحافظة على الحياة الأسرية من الانهيار والتشظي.
أعود لفحوى فكرتي في هذا المقال وهي حول قصيدة وأغنية (شويخ من أهل مكناس) هذه الأغنية الجدلية التي تفاعلت معها المرأة في جميع تفاصيلها لكن في الشطر الرئيسي الذي يعنيها (اشعليّه من الناس، وش على الناس مني) أي بما معناه لي القرارات وحدي والاخرين لا يتدخلوا ولا يعنيهم التدخل.
هذا هو الموضوع الذي تفاعلت معه المرأة العربية، كونها مسلوبة الارادة في اتخاذ القرارات لذلك وجدت في هذا الشطر المهم تعبيراً عن معاناتها في جميع مفاصل حياتها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، قرارها في الزواج واختيار شريك حياتها، إذ ارتهنت أغلب النساء في هذا القرار المصيري الى ارادة اهلها وذويها فسُلبن الكثير منهنّ حتى في أختيار السن المناسب لزواجهنّ، وأمثلة أخرى كثيرة كحرمانها من الدراسة والعمل والمشاركة في الانشطة السياسية والاجتماعية.
وهنا لا أنقل واقعاً سوداوياً قاتماً وإنما هنالك الكثير من البلدان العربية تتعرض فيها المرأة الى أشد حالات الاذلال، في السودان مثلاً تُجلد المرأة إذا ظهرت خصلاتٍ من شعرها، أما موضوع ختان النساء في السودان وجنوب مصر فهذا الأمر أشد أنواع الامتهان وحشية، حتى في دول الخليج العربي الذي ظهرت هذه القصيدة كأغنية من بين ظهرانيهم ما زالت المرأة تعاني في أبسط متطلبات حياتها.
لذلك شعرت المرأة إن هذه الأغنية متنفساً ولو بالشيء البسيط عن توقها للحرية في خياراتها، ومن خلال متابعتنا لهذه الأغنية التي مرت على الكثير من المطربات والمطربين في الحفلات العامة، نجد تفاعلاً كبيراً من قبل الجمهور النسائي وبالأخص مع المقطع المشار إليه أعلاه، حتى وصل الأمر الى توقف المطرب عن الغناء ويلقي على النساء مسؤولية الأداء بدلاً عنه.
في طرحنا هذا شخصنا أهمية المفردة والقصيدة والاغنية في التفاعل والتأثير الاجتماعي، والتعبير عن ما يعتمل في فؤاد الانسان من تطلعات يسعى إليها فكانت هذه الأغنية (شويخ من أهل مكناس) مثالاً للتعبير عن تطلعات المرأة في حريتها.

#حيدر_ناشي_آل_دبس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات