أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - من دفتر اليوميات/ محمود شقير12















المزيد.....

من دفتر اليوميات/ محمود شقير12


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 8134 - 2024 / 10 / 18 - 14:28
المحور: الادب والفن
    


الأربعاء 1 / 1 / 1997
عام جديد يبدأ. بعد سبعة أيام يكون قد مضى عامان على عملي مديراً عاماً في وزارة الثقافة. وبعد شهرين أدخل عامي السادس والخمسين. في مثل هذا اليوم من العام 1990 كنت أعيش في براغ للعام الثالث على التوالي. كانت ثورة المخمل قد نجحت في تشيكوسلوفاكيا، وأصبح فاتسلاف هافيل رئيساً للبلاد، بعد اندحار الحزب الشيوعي هناك.
كانت أحوالنا نحن العاملين في مجلة قضايا السلم والاشتراكية ليست على ما يرام بعد هذه التطورات. كنا ننتظر بقلق ما سوف تأتي به الأيام. كنت أقضي عدة ساعات كل يوم وأنا جالس في مكتبي في مقر المجلة، أو في المطعم الخاص بالمجلة أو في المقهى المجاور لمبنى المجلة ومعي عدد من الزملاء. كنا نتأمل هذه الأوضاع الجديدة التي داهمتنا، وكنا نناقش أوضاع الاتحاد السوفياتي في ظل البيروسترويكا وما جرى في بلدان أوروبا الشرقية من انقلابات.
هذا الصباح، ذهبت إلى زيتوننا في "السوط". أمضيت النهار في تقليمه. عدت إلى البيت. اغتسلت، ورحت أقرأ في مذكرات محمود القاضي، وفيما أنا أتابع وصفه لفترة إقامته في ألمانيا، تذكرت الرحلات التي قمت بها إلى تلك البلاد الجميلة. كانت أياماً لا تنسى.

الأربعاء 15 / 1 / 1997
ذهبت إلى العمل بعد انقطاع دام أربعة أيام. كنت في إجازة من أجل كتابة نص عن القدس، سوف ينشر في العدد الثاني من مجلة الكرمل. أبدى زكريا محمد رغبته في التخلي عن رئاسة تحرير مجلة "دفاتر ثقافية" للمرة الثالثة. كنت رفضت طلبه في المرتين السابقتين، غير أنني وافقت هذه المرة لأنه سيكون سكرتير تحرير الكرمل.
قبل يومين، ذهبت إلى رام الله في المساء، لحضور حفل الاستقبال الذي أقامه محمود درويش في مركز خليل السكاكيني، بمناسبة صدور العدد الأول من الكرمل (الأول في الوطن). وجدت هناك عدداً غير قليل من المثقفين والسياسيين. كان محمود متألقاً كعادته، وبدا أنه مسرور لإعادة إصدار الكرمل هنا، وكنا نشاركه السرور نفسه لما في ذلك من دلالات ثقافية ومعنوية.
مساء أمس ذهبت أنا وأم خالد وأمينة وخالد وعصام وراوية وهيفاء إلى بيت أمين لتناول طعام العشاء. أمضينا هناك ساعتين أو أكثر. تحدثنا في شؤون عائلية وفي شؤون أخرى عامة.
هذه الليلة، واصلت الكتابة عن القدس. ثم أعدت قراءة الرسالة التي أرسلها لي شفيع ومحمد من سجن شطة الإسرائيلي، وفيها تعبير عن أجمل المشاعر تجاهي بمناسبة العام الجديد. كنت قبل أكثر من عامين قد ذهبت لزيارتهم (كانوا يومها ثلاثة، وهم مسجونون بحكم جائر من سلطات الاحتلال، ثم أفرج عن رمزي بعد ذلك)، لكن إدارة السجن لم تسمح لي بالزيارة لأنني كنت معتقلاً سابقاً! وهذا ممنوع في قوانينهم!
يهطل المطر في الخارج بعد انقطاع، وأنا مرتاح لهطول المطر.

الأحد 19 / 1 / 1997
عقدنا اجتماعاً في مكتب الوزير للجنة التحضيرية للمؤتمر الثقافي الدولي، واتفقنا على بعض الإجراءات والأفكار. ثم عقدنا اجتماعاً آخر في مكتب الوزير لهيئة تحرير "دفاتر ثقافية"، حيث قبل الوزير استقالة زكريا محمد من رئاسة التحرير، وأسندها إلي بحيث أصبح مشرفاً عاماً ورئيس تحرير المجلة، وهذا سيضع على عاتقي أعباء جديدة.
بقيت في مكتبي بعد الدوام.كتبت ردوداً على الرسائل التي وصلتني بمناسبة العام الجديد (تأخرت جداً في إرسال الردود، وهذا أمر مؤسف). حاولت ترتيب الأوراق المكدسة في جوارير المكتب، فلم أفلح كثيراً، وهذا أمر مزعج.
دعيت لتناول طعام الفطور بمناسبة شهر رمضان، مع موظفي الوزارة في مطعم الأصيل، فاعتذرت عن عدم تلبية الدعوة. واعتذرت عن عدم حضور حفل استقبال في بيت مليكة بيراك في القدس. واعتذرت عن عدم حضور الأمسية الرمضانية في المسرح الوطني بالقدس. (كم أكره المناسبات الاجتماعية!)
في مثل هذا المساء من العام الماضي، قضيت آخر ليلة من الحملة الانتخابية للمجلس التشريعي في قرية السواحرة الشرقية. عقد اجتماع انتخابي في النادي حضرته أنا وعدد من المرشحين، وكان هناك جمهور غير قليل من أهل القرية. ألقينا مداخلات سياسية ثم تفرقنا.
كنت أشعر براحة داخلية لأن الوقت قد حان للخلاص من هذا العبء الذي حملني إياه الحزب وبعض الأصدقاء حينما ضغطوا علي للترشح للمجلس التشريعي.
سأقرأ الآن في كتاب "سيرة مدينة" لعبد الرحمن منيف.

الثلاثاء 21 / 1 / 1997
كنت اليوم في إجازة. عدت إلى قراءة النص الذي كتبت فيه مائتي صفحة بخط يدي حتى الآن، وقد حذفت منه أشياء وأضفت أشياء أخرى. النص عن القدس وعن علاقتي بها.
في مثل هذا اليوم من العام الماضي، كانت نتائج انتخابات المجلس التشريعي قد بدأت في الظهور، ولم أكن من الفائزين. بقيت في البيت طوال اليوم، وكنت عدت من مقر الطليعة في ساعات الفجر الأولى. نمت عدة ساعات، ثم استيقظت متنغصاً من هذه التجربة التي دُفعت إليها دفعاً، ولن أعود إلى تكرارها.
الساعة الآن تتجاوز الثانية عشرة والنصف ليلاً. الطقس بارد والهدوء مخيم في الخارج. بعد قليل سأقرأ بعض التقارير عن الانتهاكات الإسرائيلية في القدس. مزاجي ليس جيداً، لكنني سأواصل القراءة حتى الثانية بعد منتصف الليل.

الخميس 27 / 2 / 1997
أنا الآن في تونس. وصلتها يوم أمس الأول (الثلاثاء) ضمن وفد برئاسة الوزير ياسر عبد ربه. ركبنا طائرة أليتاليا من مطار اللد. وصلنا إلى مطار روما بعد ثلاث ساعات. نمت طوال الوقت في الطائرة، لأنني لم أنم لحظة واحدة في الليلة السابقة.
كنت بحاجة إلى هذه الرحلة لكي أرتاح من ضغط العمل طوال الأشهر الثلاثة الماضية. أنجزت كتابة النص النثري عن القدس تحت عنوان "ظل آخر للمدينة". أنجزت كذلك كتابة مسرحية للفتيات والفتيان، تحت عنوان "كله ع الريموت".
بقينا في مطار روما عدة ساعات في انتظار الطائرة التي ستقلنا إلى تونس، لحضور المؤتمر العاشر لوزراء الثقافة العرب. في الطائرة المغادرة إلى تونس، قرأت قليلاً في كتاب "إنشاد المنادى" لمارتن هيدجر. وقد أعجبتني طريقته في تحليل شعر هولدرلن وتراكيل.
أقمت في فندق قصر الشرق الواقع في شارع جان جوريس. في الغرفة لوحة لامرأة ذات جديلة، تفتح عينيها الواسعتين ببراءة واتزان. وثمة ستارة عريضة تغطي زجاج النافذة العريضة. الستارة ملونة بألوان بنية وصفراء وخضراء، وعليها رسوم أميل إلى التجريد، وتبدو قريبة الشبه من الأشكال الفرعونية.
أعضاء الوفد الفلسطيني هم: يحيى يخلف، واصف منصور، سميرة خوري، سمير هلال وأنا. كتبت بيان القدس الذي صدر عن المؤتمر، واستمعت هذا المساء إلى فقرات منه في محطة تلفاز دبي.
الهدوء مخيم في الخارج. شباك غرفتي ينفتح على الفناء الداخلي للفندق، لذلك لا أسمع أصوات السيارات. سأقرأ حتى الواحدة والنصف ثم أنام.

الجمعة 28 / 2 / 1997
هذا الصباح، ذهبنا، ياسر عبد ربه وسمير هلال وأنا، في رحلة إلى شمال تونس. مررنا بالقرب من آثار مدينة أوتوك، المدينة الكنعانة التي تآمرت مع الرومان على أختها مدينة قرطاج، فلما هزم الرومان هذه الأخيرة، ارتدوا على المدينة الخائنة واحتلوها. مررنا ببلدة غار الملح، وفيها قلعة تركية، وهي واقعة على سفح جبل من جهة، وعلى البحر المتوسط من جهة أخرى.
مررنا بقرية اسمها عوسجة، وهو اسم ظريف. ومررنا ببلدة الرفراف، وهي واقعة على البحر، وأمامها جزيرة صغيرة. كانت الأمواج عالية مزبدة. جلسنا في مقهى وشربنا الشاي. غادرنا الرفراف إلى بلدة راس الجبل، وهي واقعة على أرض منبسطة سهلية، ثم عدنا إلى مدينة تونس، فوصلناها في حوالي الساعة الثانية بعد الظهر. كانت الرحلة مريحة للأعصاب، وقد أعجبت بالطبيعة التونسية، حيث الأرض الخضراء المليئة بالأشجار والمزروعات.
جاء توفيق فياض، وسلمني نسخاً من كتبه. ثم ودعنا يحيى يخلف قبل مغادرته إلى القاهرة. وفي المساء ذهبنا إلى غاليري الغورجي للفن التشكيلي. شاهدنا لوحات فنية للغورجي نفسه (لوحات فيها فانتازيا، وهو متأثر بالسريالية إلى حد كبير) ولفنانين آخرين مثل علي البلاغي وآخرين.
ذهبنا إلى مطعم الفندق لتناول طعام العشاء. ثمة فرقة تونسية تغني في المطعم بعض الأغاني التونسية العذبة: (يا ويلها اللي جوزها مغيار)، ( يا الله يعيّش النسا). أكلت الجمبري مع قليل من الرز.
دعينا إلى حفلة غنائية في بيت قديم اشترته الحكومة التونسية من بارون انجليزي، غنت فيه المغنية التونسية سونيا مبارك عدة أغنيات من اللون التراثي، ورافقتها فرقة موسيقية تعزف ألحاناً تراثية.
هذه هي ليلتي الأخيرة في تونس. كنت هنا قبل خمس سنوات. غداً أعود إلى القدس.
يتبع...13



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير11
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير10
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير9
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير8
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير7
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير6
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير5
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير4
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير3
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير2
- من دفتر اليوميات/ محمود شقير1
- محمود شقير في ابنة خالتي كوندوليزا: تزامن ما لا يتزامن/ د. ا ...
- أدب الناشئة ودوره في تعزيز الرواية التاريخية والهوية الفلسطي ...
- توفيق زياد في ذكراه الثلاثين
- رشيد ونفيسة/ ست قصص قصيرة جدا
- تأملات على هامش الصراع
- الأدب بوصفه تعبيرًا عن الجرح
- باسم خندقجي أسير بثلاثة مؤبدات شاعر وروائي
- أنا ومدينتي الأولى: القدس4
- أنا ومدينتي الأولى القدس3


المزيد.....




- بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
- افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - من دفتر اليوميات/ محمود شقير12