|
المواجهة الايرانية مع اسرلئيل والولايات المتحدة بين خطابين
هاني الروسان
(Hani Alroussen)
الحوار المتمدن-العدد: 8134 - 2024 / 10 / 18 - 00:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع اقتراب لحظة الرد الاسرائيلي على هجمات ايران الاخيرة والتي ترجح كافة التسريبات والتحليلات السياسية على انه سيكون ردا نوعيا قد يدفع ايران الى رد اخر مما قد يفتح على اكثر من احتمال من بينها اندلاع حرب اقليمية شاملة قد تمتد على مديات زمنية غير محددة وتكون الولايات المتحدة احد اطرافها المباشرة - كما يخطط لذلك اليمين الاسرائيلي - فانه من المناسب ان نحاول استكشاف مآلات ذلك خاصة وان الكرملن اعلن انه يمتنع عن الكشف حول ما اذا تضمن اتفاق الشراكة الاستراتيجية مع طهران على ما يسمى بالدفاع المشترك الذي يعني امكانية لتدخل روسي بشكل من الاشكال في اوقات محددة من تطورات اية مجريات صراع تكون طهران جزء منه. وعلى هذا الصعيد لا بد من الاشارة الى ان مختصي العلاقات الدولية يعرفون بدقة ان قوة اي دولة لا تتوقف فقط على مواردها الطبيعية وخصائصها الجغرافية او ان هذه المؤشرات قد لا تلعب دورا حاسما في تحديد وزن قوتها، حيث يمكن لنوعية علاقاتها مع دول المحيطين الاقليمي والدولي وطبيعة تفاعلاتها واشكال تحالفاتها ان تكون اكثر اهمية وحسما على هذا المستوى، وهو الامر الذي يقف وراء اهتمام الدول بتنمية علاقاتها الدبلوماسية والتعويل عليها في التسويق لبعض موارد القوة لديها ومقايضتها بما لدى الاخرين من موارد قوة مقابلة والدخول معها في علاقات شركات متنوعة، هذا من جانب واهتمامها بالسيطرة على وسائل الاعلام وتحديد طبيعة خطابها الذي بدوره يلعب دورا مكملا ان على مستوى اعطاء زخم اضخم لتسويق تلك العناصر او اضفاء الشرعية الضرورية على مقايضتها بتلك العناصر التي تقابلها لدى الاخرين من الجانب الاخر. وهنا بالتحديد يلعب وعي وعقل الدولة دورا مصيريا في تحديد جغرافيتها السياسية التي تتجاوز احيانا حجمها وموقعها الجغرافي، واحيانا اخرى تصبح اقل وزنا واصغر حجما من حجمها المادي كما هو وضع عدد من الدول العربية الان التي تسببت خياراتها الجيوسياسية ليس فقط بافقادها لوزنها الحقيقي وقوتها الفعلية بل تحولت بسببها الى دول فاشلة او مهددة بذلك، كما يمكن ان تُدخل تلك الخيارات المرتبكة الدولة في حروب مجانية تجعل من الثانوي رئيسيا في نهجها وسياساتها والعكس كما حدث لايران على الاقل الى ما قبل السنوات الاخيرة حيث بدات تظهر فيما بعد بوادر تغير اكثر واقعبة واستجابة لاحتياجات الدولة في تطورها المستمر وتحديد العناصر والجهات الاكثر فاعلية في تهديد امنها القومي. وفي هذا السياق ليس مهما تحديد الجهة التي كانت سببا في تلك المواجهات اذ يحتم عقل الدولة عليها عدم الانجرار الى كل ما هو خارج حسابات تنمبة قوتها وتوسيع نفوذها، وحدوث عكس ذلك يحسب على قائمة الاخطاء التي يريدها اعداء الدولة لتوريطها وبعثرة قوتها والتوسع على حسابها حيث ان العلاقات الدولية في جوهرها علاقات قوة وسيطرة وتوسع باساليب وطرق متعددة، واستخدام القوة القاهرة فيها لا تتجاوز احدى تلك الاساليب والخيارات وربما اخرها، وفي كل الحالات فانها اي استخدام القوة يسبقها استطلاع بادوات القوة الناعمة وفي المقدمة منها تلك التي تخاطب الوجدان وتحرك مخزوناته التاريخية التي تراكمت وجرى تناقلها عبر الاجيال من خلال ما يُطلق عليه بالخطاب باشكاله المركبة التي تحدد طبيعة تفكير عقل الدولة ويكشف عن نواياها بالقدر الذي يكون به متاحا للاخر او غير دقيق وقابل للتأويل حيث يمكّن الاطراف الاخرى - من خلال ما به من عدم دقة ومبالغات عاطفية - من بناء استراتيجيات مواجهة تقوم على صناعة وتحويل اصحابه الى اعداء وهميين تحتاجهم تلك الاطرف لتحقيق اهداف بعيدة المدى. واستطرادا، قد لا نقع في فخ المبالغة ان قلنا ان الخطاب السياسي الايراني في غمرة الصراع مع الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل طيلة اكثر من ثلاثين سنة مضت، الذي استل دلالاته ورموزه من المذهبية الدينية صنع له بقصد او بغير قصد قائمة جديدة من الاعداء كان للبعدين الجغرافي والتاريخي القومي اثرهما العنيف في بعث مكوناته في ذاكرة شعوب الاقليم ووفرت لاؤلئك الاعداء الذريعة والغطاء لاعادة النظر في ترتيب مصادر تهديدات امن دولهم الوطني والقومي الى درجة ان اصبحت ايران هي المصدر الاول والرئيسي من بين تلك المصادر او على اقل تقدير سوقت سياسيا واعلاميا على انها كذلك، مما ترك اثرا سلبيا خطيرا على عقائد وقيم النظام العربي، تحولت معها اسرائيل من عدو يهدد امن الاقليم الى دولة صديقة وحليفة في مواجهة الخطر الايراني. وان كان المجال لا يتسع هنا لاستعراض الانعكاسات المادية لذلك الخطاب، واضطرار ايران في مواجهة موجة العداء الاقليمي الى محاولة الانتشار البؤري داخل المنطقة الذي يحقق هدفي دلالات ورمزيات الخطاب وفي الوقت نفسه يلبي احتياجات عقل الدولة في الاستحابة لضرورات تنامي قوتها وتكريس نفوذها، وخلق متاعب لاعدائها الجدد، غير انها ادركت وان بصورة متأخرة ان متطلبات المواجهة الفعالة مع اسرائيل والولايات المتحدة تتطلب تغيرا عميقا في خطابها ونهجها السياسي الاقليمي توج مؤخرا بالمصالحة التاريخية بواسطة صينية مع السعودية وتبريد خطوط التماس مع عدد اخر من دول الخليج وخفض وتيرة التصعيد المتبادل ولكن رغم بعض التغير في الخطاب الايراني ومحاولات الانفتاح اكثر على دول المحيط الاقليمي وبناء علاقات حسن جوار ولكن وبسبب ايضا من تسارع الاحداث وتغييب الرئيس ابراهيم رئيسي مهندس هذا التوجه، فانه ووفقا للاعلام الامريكي فان ايران نقلت لعدد من دول المحيط الاقليمي تهديدا صريحا باستهدافها في حال كانت شريكا في الهجوم الاسرائيلي عليها وان عددا من هذه الدول ابلغت الولايات المتحدة رغبتها او قرارها بعدم السماح باستخدام مجالاتها الحيوية في الهجوم على ايران. وتقول بعض المصادر الدبلوماسية ان لجوء ايران لتهدبد جوارها الاقليمي جاء على خلفية عدم ثقتها بتوجهات هذا الجوار ولعدم تماسك اتفاقاتها الجديدة معه، والاهم عدم الثقة المتبادلة بين مختلف الاطراف، حيث لم يسمح الوقت بعد لتعميق الحوار المشتىرك ووضع النقاط على الحروف هذا الى جانب الدورين الاسرائيلي والامريكي لتخريب اي جهد من شأنه جسر هوة الخلاف بينهما هذا الى جانب اسباب اخرى داخليه لدى الجانبين. يبقى ان نقول ان اي مواجهة مفتوحة بين ايران وكل من اسرائيل والولايات المتحدة ستدور في كنف خطاب سياسي واعلامي رسمي لن يكون لجانب ايران وخطاب شعبي وان كان جزء مهم منه سيكون الى جانبها فان جرء اخر غير قليل ما زال يخضع لابعاد دينية ومذهبية معادية، وهذا يرتب على ايران اعباء الاسراع بتجديد خطابها وتضمينه ما يجعله اكثر تطمينا لتجاوز نتائج معركة صفين وواقعة الجمل، خاصة وان المنطقة قد تكون ميدانا لمواجهة كونية بدأت تتداخل عناصر مكوناتها بصورة متسارعة لن تقف عند ادعاءات زيلينسكي بوجود قوات كورية شمالية في الحرب باوكرانيا، ولا عند مناورات صينية عبارة عن تمرين ميداني لحصار تايوان وربما غزوها لاحقا. هاني الروسان/ استاذ الاعلام في جامعة منوبة
#هاني_الروسان (هاشتاغ)
Hani_Alroussen#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اسرائيل في الاستراتيجية الامريكية: من قيادة تحالف امني اقليم
...
-
هل ما زالت امام ايران فرصة ؟؟؟
-
دول الاعتدال العربي ووهم الاهمية: التوقيع على فصل الجبهة الش
...
-
الصاروخ اليمني واعادة طرح الاسئلة
-
الرد الايراني بعد البيان الامريكي القطري المصري
-
الرد الايراني لن يكترث بمتلازمة الحرب الاقليمية
-
هل سيستغل نتنياهو صاروخ مجدل شمس ؟
-
هل سينهي تفعيل المجابهة في المتوسط الحرب على غزة؟
-
انهيار ثقافة التعالي الصهيوني وراء العنف الوحشي على غزة
-
هل يطيح اليمين الاسرائيلي بالدولة؟؟
-
بعد موافقة حماس هل سترغم واشنطن اسرائيل على وقف الحرب؟؟
-
اصرار واشنطن على وقف اطلاق النار وحدود المغايرة في الاستراتي
...
-
الرد الايراني ولو بالذهاب الى حافة الهاوية
-
وقف اطلاق النار وترتيب المنهزمين
-
ما لا يمكن لواشنطن استدراكه بعد قرار وقف إطلاق النار
-
هل توقف واشنطن الحرب قسرا؟؟
-
لتجاوز الحرد السياسي إلى المراجعة العميقة
-
كامالا هاريس تخاطب نتنياهو كما لو كان جونغ اون!!!
-
تساوي الفرص
-
جراحات امريكية تجميلية لترحيل الازمة
المزيد.....
-
-جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال
...
-
مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش
...
-
ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف
...
-
ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
-
حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر
...
-
البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
-
-أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك
...
-
ملكة و-زير رجال-!
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|