أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - من سياسة الخطوة فخطوة إلى حرب الخطوة فخطوة















المزيد.....

من سياسة الخطوة فخطوة إلى حرب الخطوة فخطوة


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 8130 - 2024 / 10 / 14 - 16:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اتسمت الدبلوماسية الأمريكية بقيادة هنري كيسنجر (1923 – 2023) في سبعينات القرن العشرين بالواقعية وسياسة الخطوة فخطوة لتحقيق الأهداف الأمريكية وكذلك الإسرائيلية، فقد تحققت عبرها لإسرائيل مكاسب كبيرة في المجالات العسكرية والاستيطان والعلمية والاقتصادية. برز نهج كيسنجر وتبلور في سياق مفاوضات إنهاء الحرب في فيتنام وانسحاب القوات الأمريكية منها، ومهدت لتوفق الغرب على المعسكر الاشتراكي في الثمانينات من القرن العشرين. ثم أنجزت الدبلوماسية الأمريكية بقيادة كيسنجر نقلة نوعية في مفاوضات وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط بين مصر وسوريا من جهة وإسرائيل من جهة أخرى بعد حرب أكتوبر 1973. وعلى الرغم من زياراته المكوكية وثقافته الاستشراقية المتعلقة بتاريخ المنطقة وطبيعة مجتمعاتها، الا أنه لم يوفق في تحقيق السلام الدائم بين إسرائيل وجيرانها، وإن مهد وأسس لمرتكزاتها. حتى أبرمت على شكل صلح ثنائي مصري – إسرائيلي. وعلى الرغم من توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل لاحقاً، إلا ان السلام في الشرق الأوسط ظل مستعصياً، كاستمرارية لتطور الصراع وحلقاتها منذ الحرب العالمية الأولى. اذ لم تتوقف الحروب منذ التوقيع على معاهدة السلام في الضاحية الباريسية سيفر سنة 1920، التي أنهت عملياً الحرب العالمية الأولى، وأقرت بمنح شعوب المنطقة حقوقها في تقرير المصير السياسي. ومع كل ذلك بات السلام صعب التحقيق على حد تعبير دافيد فرونكومين في كتابه (سلام ما بعده سلام).
في السنوات الأخيرة إثر تولى أنتوني بلينكن حقيبة وزارة الخارجية في الإدارة الأمريكية الجديدة سنة 2021، فكر بعض الدراسين في اجراء دراسة مقارنة بينه وبين كيسنجر لاستشراف السياسة الأمريكية الجديدة، فكل منهما من أصل يهودي، وكانت عائلتهما من ضحايا النازية، ولم يخفيا يوماً تعاطفهم مع إسرائيل. وثمة من راهن على بلينكن ليرتقي إلى درجة فعالية كيسنجر، مع أنه لا يمتلك الخلفية الاستشراقية والثقافة الموسوعية التي كانت ذخيرة معرفية لكسينجر، وربما لا يمتلك بلكين حتى فلسفة سياسية وفكراً خاصاً به، لدرجة أن يفكر ويعمل خارج نسق مفكري وساسة الحزب الديمقراطي الحاكم في أمريكا. مهما يكن فقد انخرط بلينكن بقوة في المفاوضات الجارية بعد 7 أكتوبر 2023 بين حماس وإسرائيل، ونشطها دون أن يخفي وقوفه مع إسرائيل، فمنذ اليوم الأول بعد الهجوم (الحماسي) على غلاف غزة، صرح أنه جاء الى إسرائيل ليتعاطف ويقف معها كيهودي أولاً، وكوزير لخارجية أمريكا ثانياً. إلا أنه لم يوفق في جهوده الدبلوماسية والسياسية في حل سلمي للصراع بين حماس ومحور الممانعة الإيراني من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى. ولم يتمكن من الافراج عن الرهائن الإسرائيليين لدى حماس. كما استمر منذ 8 أكتوبر سنة 2023 الرد الإسرائيلي العنيف على غزوة حماس التي أنتجت بعد حوالي سنة من تنفيذها كارثة على مجتمعات غزة. فبحسب وزارة الصحة الفلسطينية: "نزح أكثر من 95% من سكان قطاع غزة، كما بلغ عدد الضحايا 41.788 قتيلا و96.794 مصابا منذ بداية الحرب".
قبل انتهاء سنة الحرب الأولى مع حماس فجرت إسرائيل عدة مفاجآت عسكرية على الجبهة اللبنانية، بدءاً باغتيالات أبرز قادة حزب الله وصولاً إلى اغتيال حسن نصر الله يوم 27 أيلول 2024، مروراً بتفجير أجهزة الاتصال (بيجر) الخاصة بالحزب، فتشتت قوته وتخربت منظومات الاتصال عنده، وبالتالي كسرت إسرائيل بشكل سريع العمود الفقري لقوة وتماسك حزب الله. بحيث دمرت جزء مهم من قوته النارية وجعلت الحزب في متاهة بدون قيادة، وتم ترويع سكان جنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية، حتى قارب عدد المهجرين نصف مليون، وبلغ عدد الضحايا من الطرف اللبناني حوالي 2000 ألفي شخص حتى مطلع شهر أكتوبر الجاري.
في الوقت الذي سلط الاعلام والمحللين الضوء على مفهوم (الحرب الشاملة) في الشرق الأوسط وتم التخويف من قيامها، جرت عملياً حرب منظمة وموجهة تتسع بشكل منهجي، وتتضح ملامحها الاستراتيجية وخطواتها المتسلسلة شهراً بعد آخر. ففي البدء انصبت الجهود على معاقبة حماس، ومن ثم السعي لتدمير قوتها، فنسف البنية التحتية والعمرانية لمدن وبلدات غزة، وصولاً إلى تفكيك وتحطيم مجتمعات غزة جملة وتفصيلاً. ترافقت بجهود دبلوماسية أمريكية وتعاون دول الاعتدال العربي لتطويق الحرب وحصرها بين جدران غزة. اذ سافر لهذه الغاية الوزير بلينكن الى المنطقة خلال أقل من سنة ما يقارب عشرين زيارة، إضافة الى مئات الاتصالات الهاتفية مع نظرائه في المنطقة والعالم. وهذا ما لم يحصل قط في تاريخ الدبلوماسية الأمريكية.
ان تسلسل هذه الأحداث وتطور الحرب المتصاعد بقرار حصري من إسرائيل وحلفائها تفصح عن خطة لمعارك طويلة الأمد ستكون في سنتها الثانية منصبة على تطويق حزب الله، في جنوب لبنان والبقاع وربما تصفية قوته العسكرية. لقد شكل اغتيال زعامات حزب الله ودفعتها الجديدة يوم 4 أكتوبر الجاري مفاجأة عسكرية وسياسية، ومعطى جديد على مسار خطة الحرب، قد تخلف فراغاً ميدانياً كبيراً، مما يزيد احتمال انخراط إيران في الحرب، وبالتالي تعديل الخطط المرسومة.
لا يمكن فهم الحرب الدامية طوال الأشهر الماضية، مع ما نتج عنها من خسائر مالية وبشرية سوى أنها ترجمة لمخطط عسكري وسياسي وفكري، ينفذ بمنهجية وبخطوات علمية وتكنولوجية مدروسة لتحقيق أهداف كبرى. يبدو أن الخطة لا تتعلق تماماً بنتنياهو ولا وزير حربه، لا بالسنوار ولا بحزب الله، ولا حتى بالإدارة الأمريكية، وانما بما هو آت كثمرة لتفاقم أزمة العصر المركبة التي تفجرت في بؤرتين، واحدة في شرق أوربا، والأخرى في شرق البحر المتوسط. كما يمكن قراءة حرب اسرائيل من منظار تبدل الدبلوماسية الأمريكية التي انتقلت منذ نصف قرن من سياسة الخطوة فخطوة في ضبط واستثمار الحرب الباردة، الى حرب الخطوة فخطوة الاستنزافية الطويلة الأمد في مواجهة خصومها الجدد، بحيث يمكن تدوير أحداث هذه الحرب المنضبطة ومستجداتها لتكون هي نفسها الحرب العالمية الثالثة بصيغتها المقننة، التي تتصف بأنها ستجري على عدة مراحل وعلى مسارات متوازية، وليس على دفعة واحدة. خاصة إذا أكدت الأحداث أن إسرائيل قد اتخذت قراراً بتدمير أعدائها، ما يتطلب وقتاً طويلاً وجهوداً استثنائية. سيتم الاعتماد فيها على سوبر التكنولوجيا العسكرية، وعلى أحدث أنواع الأسلحة. لتعيد لإسرائيل اعتبارها، حيث ظهرت مباشرة بعد غزوة حماس في 7 أكتوبر 2023 وكأنها الدولة اليتيمة التي فقدت هيمنتها وتفوقها العسكري في المنطقة، لتعود عبر منهجية هذه الحرب لتؤكد على أنها مازالت القوة العسكرية والاستخباراتية والتكنولوجية التي لا نظير لها في المنطقة.



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستقبل فكرة نوئيل - كرزون لإعلان دولة كوردستان الحاجزة بين ا ...
- ترابط الاشتراكية والديمقراطية العضوي فوز اليسار الأوربي مؤشر ...
- مستقبل المدن العالية: دهوك نموذجاً
- الفارق الجوهري بين السياسية والانتقام حرب حماس وإسرائيل نموذ ...
- جانب من تطور الحكومات والإمارات الكوردية المستقلة* (2/2)
- تطور الحكومات والإمارات الكوردية المستقلة* (1/2)
- كارثة السلطوية الجديدة
- الجوهر الكولونيالي لمعاهدة لوزان
- بطولات سياسية متخيلة بين موجات الأثير
- ثقافة الاستبداد ذات الخلفية المغولية والعنصرية المنسوبة للعر ...
- درس من كارثة الزلزال
- ضرورة الخروج من الاطار الوظيفي للحركة الكوردية
- الانتقال الحاد من عمارة الممالك الآرامية الى الإمبراطورية ال ...
- فوبيا الموت خارج الكرسي: مهاتير محمد نموذجاً
- جوانب من المشترك العمراني والمعماري للممالك المحلية المتعاقب ...
- إيران: الحوار الداخلي أولاً
- ثمانية مليارات من البشر: المشكلة مازالت في الجشع وسوء التوزي ...
- ملعب بوتين الضيق وطموحاته الواسعة
- عمارة وعمران المملكة الحورية - الميتانية
- الحرب الأوكرانية بديلاً عن جبهة عالمية لمكافحة الفساد


المزيد.....




- شاهد عيان: نيران الغارة الإسرائيلية على غزة -التهمت الناس قب ...
- قاآني ومن قبله.. سر الاختراقات الاستخباراتية -المزمنة- في إي ...
- عقوبات أوروبية على إيران على خلفية تزويد روسيا بصواريخ بالست ...
- برلين تطالب إسرائيل بتوضيح ملابسات قصف قوات يونيفيل بلبنان
- غارة إسرائيلية جديدة تدمر منزلاً في شمال لبنان
- الإعلام العبري يسلط الضوء على القوات الجوية المصرية
- الأولى منذ 23 عاما.. الرئيس الجزائري يستقبل رئيسة الهند في ز ...
- إسرائيل تعلن موعد نشر منظومة -ثاد- الأمريكية
- وزير الدفاع الروسي: التعاون العسكري بين روسيا والصين عامل ها ...
- بكين لن تتسامح أبدا مع محاولات تايوان عزل المضيق


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - من سياسة الخطوة فخطوة إلى حرب الخطوة فخطوة