أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - المهدي بوتمزين - اَخر الكلمات














المزيد.....

اَخر الكلمات


المهدي بوتمزين
كاتب مغربي

(Elmahdi Boutoumzine)


الحوار المتمدن-العدد: 8129 - 2024 / 10 / 13 - 20:37
المحور: الادب والفن
    


إلى أغلى ما تملَّكه قلبي ، إليكِ يا حبيبتي و.خ

اعذريني فقد وعدتك ألا أعود وعدت ، ألا أرهف حسا لحبنا أو سمعا لملحمتنا وها أنا أفعل . تعجزني هيبة الذكريات عن ترك الجراح تندمل ، وتمنعني أن أنسى كل شيء كما يفعل الموت . فهل يموت قلبي من الحب أم من النسيان ؟ دعيني أهمس في اذنيك الرقيقتين بهذه الكلمات المبعثرة لأني حزين ومنكسر بين شواهد القبور في روضة العشاق . إنها جنَّة عشنا فيها معا ، فمن يصدق أن قلعة الشيخ حسن الصباح كانت حقيقة عندنا ؟

إني تركت الجنة لأعيش مع المعذبين والضالين والسكارى والحشاشين في الأرض ، خالطت الجميع ، ترددت على المساجد والحانات والأزقة والجبال والبحار والصحاري . عرفت الجميع ولم أعرفهم . إن الإنسان متاهة لا نهاية لها إلا بالموت ، فما إن تكشف جزء حتى تقع في اَخر ، إن الخير والشر والظلام والنور في قلب هذا الإنسان يتغير بين حركة يمينية وتراجعية كالمذنبات في الفضاء . إن الإنسان أعقد ما ما في الكون ، كيف نفهم روحه ، ضميره ، عقله ؟ من يعرف نيته ؟ من يتنبأ بحركته ؟ هل يبقى واحدا أم يصير متعددا ؟ إن العلم يتوقع حركة النيازك والمحيطات وسلوك أشرس الحيوانات ، لقد روض العلم كل شيء لكن عجز عن معرفة ما الإنسان ؟ وأنا عجزت أمام الحب .

أية طاقة يبعثها الغرام في قلوبنا حتى نتبازى ويصير عجزنا مجرد وهم ، و الأطلنطي نهرا صغيرا ، وأشهق الجبال هضبة ، والعالم بلدة ، والمعجزات ممكنة ؟. انت تعرفين ما صنعه الحب بنا معا ، تلاقت أرواحنا كقطعتين لتشع البلورة ونعيش معا في عالم اَخر ، إنه عالم الحقيقة لا الوهم ،عالم النقاء لا القذارة ، عالم الروح لا الجسد ، عالم الإيمان لا الشك . لن أتكلم الاَن عن حبنا ، دعي بحور الشعر تحمله ، وأوراق الكتب تخلده .

ملاكي الصغير ، الفتيات غيرك سراب خادع ، روح لا وفاء لها ، فكيف أحب جسدا عابرا ؟ إني لا أبحث عن ضوء الشموع في ليلة رومانسية ، ولكن أبحث عن نور ينبعث من الأرض إلى السماء يحملنا إلى جنتنا . كل شيء يزول ويبقى الجُنون في القلب لا العقل .

كم أتمنى أن نكون معا في هذه اللحظة ، أن أحضنك ، أقبلك ، أهمس لك ، أن نسافر أو نعيش سويا في بلد ساكن مثل المجر أو بلد اَخر من أوروبا الشرقية بعيدا عن ثرثرة وميوعة الوطن العربي . لقد صارت أوطاننا باهتة حد العمى ، تتعاقب فيها الأيام كالجلاد على السجين ، الفقير ينظر إلى عقارب الساعة تتثاقل كأنها عصي تجلده ، الثواني صارت كاختبار كتم النفس . حتى الحب في بلداننا الفقيرة ماديا وثقافيا لا معنى له إلا نزوة عابرة خلف شجرة أو جدار وسط ظلام دامس كأنه جريمة . لأن الأزمة في أوطاننا هي أزمة سكن وقبلها أزمة نفاق وكبت من أولائك الذين لم يستطيعوا أن يحصلوا على أنثى حتى تدخل روحهم في سلام داخلي يرفعهم إلى السماء ويتركوا كل شيء لا معنى أو لا مصلحة لهم به .

إن ما أهتم به في هذه الحياة هو شأننا الخاص معا فقط ، أمننا ، نمط عيشنا معا ، حبي لكِ ، وأن نعيش بسلام بعيدا عن الجميع . لهذا يجب أن نفهم هذا العالم المعقد ببشره ، طبيعته ، أديانه ، قوانيننه ... .

حبيبتي ، كوني قليلة الكلام مع الاَخرين ، لا تفشي أسرارا لأحد ، لا تثقي بأحد أبدا ، لا تكثري التذمر والشكوى فلكل إنسان جبل من الهموم ، ولا أحد يمكنه مساعدتك . إذا زرتِ صديقة فلا تمضي وقتا طويلا ، كوني مثل ملاك يحضر فيغيب ، أرجوك ، لا تعولي على أحد ، لا تسندي ظهرك للغير ، لا تأمني أحدا .

إن الإنسان ابن بيئته ، فلذلك يجب أن نفهم هذه البيئة جيدا ، حتى لا نتفاجأ بخيانة من أحدهما . لا تنسي أن روعة منظر الغروب في الصحراء قد يخفي وراءه كابوس السقوط في الرمال المتحركة أو لدغة من أفعى سامة أو عاصفة رملية قاتلة . وكذلك طبيعة أهل تلك الأرض ، في ظاهرهم بساطة ووضوح الاَفاق ، لكن الغدر يأتي في لحظة بطعنة خنجر في الظهر . هم مثل إبلهم لا يتركون الإنتقام أبدا ، ففراغ الصحراء هو فراغ القلب إلا من السم .

لقد كنت صيادا ماهرا ، طاردت الافاعي إلى جحورها ، تاَمرت على الأسود في أجماتها ، تعاركت مع الخنازير والدببة البرية . رأيت الدماء والأشلاء الممزقة ، الجثث المعفنة ، الأجساد معذبة . عرفت رجال الدين ، العاهرات ، المتحتالين ، الشواذ ، الخائنين ، الموالين ، الشبيحة ، المقامرين ، الصيادين... . لقد تركت كل شيء من أجل الخلود الفردي ، بعيدا عن العلل ومعلولاتها أو المعلولات وعللها .

هذه اَخر كلمات الحب المنثورة لكِ .

حبيبك م .ب



#المهدي_بوتمزين (هاشتاغ)       Elmahdi_Boutoumzine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إليكِ في رأس السنة
- -فيلسوفي ميكافيللي الصغير-
- خريف الأيام
- الرؤية الجديدة لإعادة هيكلة التنسيقية الوطنية للأساتذة المتع ...
- مجنون ميدان
- المغرب يقود حربا إعلامية بالوكالة ضد طهران
- أخنوش إرحل... أخنوش إبق !
- إيرانوفيليا : الجمهورية الإيرانية قطب تاريخي وحضاري متميز
- اليسار واليمين على دائرة مستديرة
- الإنسانية المطلقة ونسبية الدين والتاريخ والعِرق
- متلازمة الطفل ريان
- أنا والعفريت
- عبد الإله بنكيران رجل المطافئ في حكومة عود الثقاب
- ٍالميركاتو الإنتخابي في المغرب... من هو صديق المخزن الجديد ؟
- المقاربة الأمنية لإزدواجية الجنسية لدى كوادر الدولة
- حدود و امتدادات معركة حد السيف في ضوء المواقف الأممية
- المقاربة الأمنية ضد أساتذة أفواج الكرامة تنهي دعاية حقوق الإ ...
- من صنعَ و ماذا يصنعُ حزب العدالة و التنمية المغربي ؟
- الأستاذ عبد الكبير الصوصي العلوي .. و سؤال نزاهة و راهنيَّة ...
- مدخل إلى المنطلقات الإصلاحية الوطنية الكبرى


المزيد.....




- البحث عن الهوية في روايات القائمة القصيرة لجائزة الكتاب الأل ...
- -لا تلمسيني-.. تفاعل كبير مع فيديو نيكول كيدمان وهي تدفع سلم ...
- بالمجان.. موسكو تفتح متاحفها ومعارضها أمام الزائرين لمدة أسب ...
- إسرائيل تخالف الرواية الأممية بشأن اقتحام قاعدة لليونيفيل
- فنان مصري مشهور يستغيث بالأزهر
- -حكي القرايا- لرمضان الرواشدة.. تاريخ الأردنيين والروايات ال ...
- أفلام كرتون مميزة طول اليوم.. حدثها الآن تردد قناة ميكي الجد ...
- انطلاق فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان كتارا للرواية العربية ...
- الإعلان 2 دمااااار… مسلسل قيامة عثمان الحلقة 167 مترجمة بالل ...
- فنانة مصرية شهيرة تناشد الرئيس السيسي


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - المهدي بوتمزين - اَخر الكلمات