أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الشيخة - في خيانة السادات















المزيد.....

في خيانة السادات


خليل الشيخة
كاتب وقاص

(Kalil Chikha)


الحوار المتمدن-العدد: 8127 - 2024 / 10 / 11 - 18:11
المحور: الادب والفن
    


السادات خائن
بينما تقتل إسرائيل وتشرد الشعب الفلسطيني في غزة، أتذكر عندما كنت في الثانوية. كان أستاذ الرياضيات يحل لنا مسألة عويصة ، وفجأة دخل علينا الموجه دون سابق إنذار ووشوش في أذن الأستاذ ثم غادر. ساعتها طلب منا الأستاذ النزول إلى الباحة والتجمع هناك. كان الطلبة بين نصف نائم والنصف الآخر مستغرب من ذلك الإجتماع . وقف المدير ذو الكرش الكبير وصاح بأنصاف النائمين وأنصاف المستغربين: أسمعوا أيها الطلبة نحن نشجب وندين الخائن السادات الذي أذل نفسه وأذل العرب وزار الكيان الصهيوني وداست قدمه النجسة أرض الكنيست النجسة. كان ذلك في تشرين ثاني من عام 1977. بعدها طلب منا أن نذهب كل إلى بيته للتعبير عن الغضب بضرب الكرة أو الجدران أو بقية أطفال الحي. يومها فرحنا بالإنصراف إلى البيت بعد درس الرياضيات الذي كنت أكره.
لم تتوقف المحادثات عند هذا الحد بل استمرت في مدينة الإسماعيلية ثم نضجت في آذار من عام 1979 باتفاقيات السلام واسترجاع السادات لسيناء. في تلك الأثناء، صورته الصحف الأجنبية على أنه الرئيس العربي الوحيد المعتدل وصورته أيضاً وهو فاقع من الضحك مع صديقه مناحيم بيغن. غضب الزعماء العرب من تلك الخيانة ونقلوا مقر الجامعة العربية من مصر، لأن مصر خرجت عن الإجماع العربي. لكن قبل ذلك أغتالت أيدي غاضبة وزير الثقافة المصري يوسف السباعي في قبرص تحدياً وانتقاماً منه ومن السادات عام 1978. يومها خسرت الساحة الثقافية قامة مبدعة، فيوسف السباعي أديب أثرى الرواية العربية بأعماله الكثيرة. كنت قد قرأت له أجمل رواياته (أرض النفاق) و(السقا مات). وهو في الأصل ضابط في الجيش المصري.
في 6 تشرين أول من عام 1981 قطع التلفزيون السوري بثه لأحد المسلسلات الكوميدية ونقل خبر إغتيال السادات وحادثة المنصة. إذ أنه صور أحد الجنود وهو ينزل من المركبة ويطلق النار على السادات. كان ذلك العسكري هو ضابط المدفعية خالد الإسلمبولي الذي سمت إيران أحد شوارعها بأسمه فيما بعد. فرح الكثير من العرب بموت السادات، فقالوا أنه خان أمته وأخذ جزاءه وهذا هو مصير الخونة. مضت سنوات فأتى خبر أغتيال إسحاق رابين عام 1995 بيد إسرائيلي متعصب لأنه كان أيضاً بالنسبة له خائن لوطنه وللشعب اليهودي ، بسبب أنه فرّط بالأرض وسالم عرفات الذين كانوا من قبل يعتبرونه ارهابي.
في العودة إلى حرب تشرين في سوريا أو اكتوبر عند المصريين، انتصرنا في المعركة لكننا خسرنا الحرب. ففي صباح 6 تشرين تحركت القوات المصرية واخترقت خط بارليف المكون من الرمال الذي هندسه ضابط اسرائيلي وسمي على اسمه فيما بعد. وزرع العدو الصهيوني حوله أسلاك وعبوات ناسفة من ألغام. لكن بفضل اجتهاد ضابط مصري لحل مشكلة الرمال المرتفعة، استوردت مصر مضخات مياه تعمل مثل المدافع كاسحة للرمال. وفتحوا عشرات الثغرات في الرمال المرتفعة والتي كان العدو قد انشأها بزاوية حادة بحيث لايمكن لأي مركبة أن تسير فوقها. ومن خلال هذه الثغرات دخلت مئات الدبابات تدك قوات الجيش الإسرائيلي. سبق ذلك الطيران يقصف القوات الإسرائيلية المتواجدة في سيناء. وصلت القوات المصرية إلى عمق لايقل عن عشرين كم داخل سيناء بينما دخل الجيش السوري من خلال الجولان وتعمق هناك حتى وصلت قواته إلى بحيرية طبرية. من خلال هذه المعارك التي فاجأت العدو وأتته على حين غرة، حققت القوات على الجانب الجنوبي والشمالي انتصارات لمدة عشرة أيام . في تلك الأثناء كانت المرأة الحديدية غولدا مائير رئيسة الوزراء التي احتارت في أمرها ماذا تفعل وربما بالت تحتها لشدة الخوف والفزع كما انتشر الخوف للمجتمع الاسرائيلي قاطبة. أنا لا أبالغ، فقد صنعت امريكا فيلما أسمه (غولدا) تخليداً لذكراها، لكن بواسطة المجرم ارئيل شارون تبدلت الحرب واصبحت لصالح اسرائيل. فقد فتح ثغرة تحت صوت المدافع والطيران المصرية تدعى الدفرسوار (كما أظن) وأخذ يحاصر القوات المصرية في سيناء. وحاصر الجيش الثالث وكاد هذا اللئيم أن يبده لولا مسارعة الإتحاد السوفيتي والولايات المتحدة لوقف إطلاق النار على الجبهتين. أما على الجانب السوري وبعد الإنتصارات وهزيمة الصهاينة، بدأ الفر بعد الكر والانسحاب بعد الهجوم وكانت الطريق مفتوحة إلى دمشق لولا كما قلنا الإتحاد السوفيتي ووقف إطلاق النار.
كل من يقول أن حرب تشرين كانت حرب تحريكية وليست حرب تحريرية هوعلى خطأ، وهو منغمس بنظرية المؤامرة التي هي لدينا أساس وأولية لتفسير أي ظاهرة كونية أو سياسية أو عسكرية. وهم في هذا المجال يتنكرون لبطولة الإنسان العربي وشجاعته في الحروب. لكن الشجاعة والجرأة لوحدها لاتصنع انتصارا ولا تحرر أرضاً. ولولا بعض الدول الأوروبية وأسلحتهم مااستطعنا خوض تلك الحرب اليتيمة التي حققنا فيها انتصاراً في البداية. فإذا كانت بواريدنا ورصاصنا تستورد من الخارج، فكيف سنربح الحرب ونحرر الأرض.
أدرك السادات هذه المشكلة وعرف أن سيناء لن ترجع بالمعارك، ولهذا ذهب ورضي على نفسه المذلة وخطب في الكنيست الاسرائيلي ماداً يده للسلام مقابل الأرض. وعرفت اسرائيل أن خروج مصر من المعادلة سيوقف مايسمى بالحرب مع الدول العربية. ودفع السادات ثمن السلام حياته، ولولا هذه الجرأة وهذه الخطوة التي اعتبرناها خيانة لبقيت سيناء محتلة حتى يومنا هذا. ومصر الآن تنعم مع إسرائيل بمعاهدة سلام منذ أن وضع السادات بصمته على معاهدة كامب ديفيد، ليس من أجل السلام فقط، بل من أجل إسترجاع سيناء التي خسرها حبيب الملايين عبد الناصر في عام 1967 وكان السادات جزءاً من نظامه ورفيق للضباط الأحرار الذين حكموا مصر وربما لايزالون لكن بوجوه مختلفة.
إذا، نحن العرب ربحنا المعارك الأولى في حرب تشرين لكن كما قلت خسرنا الحرب، وهذا ذكرني بقصة الأديب المصري صبري موسى (ذهاب وإياب) عندما أخذ شدوان أباه إلى المدينة ليطببه، لكن الطبيب الطمّاع المستغل قال له أن المريض يحتاج لعملية، فباع شدوان الفقير حماره الغالي على قلبه وهو مابقي له من الدنيا، وأجرى الدكتور الطماع العملية ومات الأب. ومازالت عبارة الطبيب تقرع دماغي (نجحت العملية لكن مات المريض ). وهذا وصف جيد لحرب تشرين التحريرية إذ أننا لم نحرر الجولان ولم نحررفلسطين. لكن السادات الخائن حرر سينا ودفع حياته ثمناً لذلك. نحن بشكل عام، مازلنا لانعرف بواطن ضعفنا ولا ندرك قوة الآخر، سواءً كان هذا الآخر إسرائيل أو غيرها. فقد دخل صدام حرباً عبثية مع إيران وكاد الرجل أن يصل طهران في الأيام الأولى، لكن في النهاية لم يحقق حلمه في استرداد شط العرب, وكذلك هتلر وصل إلى موسكو في الحرب العالمية الثانية وقهر الجيش السوفيتي وهزمه، لكن توقف هناك وخسر الحرب وانتحر ومات دون أن يحقق النصر لألمانيا المهزومة.
وفي زمن ما، عرف ياسر عرفات وأدرك أن الأرض لن تعود بالحرب والسلاح، بعد أن تشتت منظمة التحرير في الحرب الأهلية اللبنانية، فتبع الرجل خطوات السادات ماداً يده للسلام مع إسرائيل وبدأ مع البادئين في محاذثات أوسلوا. يومها وقف فاروق الشرع يزايد على عرفات ويحمل صوراً يبرزها للصحافة، ( هذه مجازر إسرائيل وهذه جرائم إسرائيل) فقالوا له هل أتيت وعذبت نفسك كي ترينا الصور أم أتيت كي تسترجع أرضك المحتلة. عندما بصم ياسر عرفات على معاهدة السلام كما فعل قبله السادات، غضب مصطفى طلاس كثيراُ، فخطب في الجمع الجالس في القاعة ثم شبه فيه عرفات براقصة الستربتيز في البيت الأبيض. لكن تأخذ الأشياء بالنتائج وليس بالخطابات، فقد حصل السادات على سيناء وحصل عرفات على إعتراف دولي بحق الفلسطينين في إقامة دولتهم وفشلت سوريا باسترجاع الجولان.
نرجع الآن إلى تصريحات خالد مشعل الأخيرة الذي قال عن حرب حماس هي حرب تكتيكية، ورد عليه الهبّاش في السلطة الفلسطينية ورد عليه أسامة العلي وهو قيادي في حركة فتح يشجبه على هذه التصريحات، فقد افترض أن دمار ثلثي غزة وقتل لايقل عن 40 الف فلسطيني وتهجير مليون ونصف فلسطيني من بيوتهم، وهم ينامون في العراء، هو مجرد تكتيك سياسي وعسكري. أنا أفهم أن التكتيك العسكري أو السياسي يظل يحسب حساب الأرض والبشر. نحن نتذكر من التاريخ معارك نابليون وهتلر ضد روسيا أو الاتحاد السوفيتي. فقد كان الروس يحرقون محاصيلهم ويدمرون قراهم ثم يجلوون سكان القرى معهم كي لايقتلهم الأعداء ولاينتفعون من محاصيل القرى. هم أحرقوا المحاصيل عبارة عن تكتيك كي لايستفيد العدو منها لكنهم كانوا يأخذون معهم السكان كي لايبيدهم العدو ولا يتركون الناس في العراء لمصيرهم. هذا إذا عرفنا أن حرب نابليون وهتلر فرضت على الروس ولم يكونوا البادئيين.
فتفكروا يا أولي الألباب علّ أحداث التاريخ تفيدنا يوماً ما.



#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجزرة في مدينة غرينسبورو
- ضجة حياة ماعز
- غوركي ورواية اعتراف
- نظرياتنا ونظرياتهم
- أهزوجة وشتيمة وطوشة
- مكسيم غوركي: سيرة ذاتية كاملة
- جامعات غوركي
- الإستعمار سبب تخلفنا
- غوركي: بين الناس
- من غشنا ليس منا
- غوركي وطفولة النكد
- رمزية بلد العميان
- جرة الماء والسقا مات
- ذكريات المعرجلانة
- زيارة إلى مصر
- الجبنة المدوّدة ومحاكم التفتيش
- الشيوعية إلحاد وزندقة
- المعذبون في الأرض
- فنون التسوّل
- صندوق العجائب


المزيد.....




- -المخبأ 42-.. متحف ستالين حيث يمكنك تجربة الهجوم النووي على ...
- البعض رأى فيه رسالة مبطنة.. نجم إماراتي يثير جدلا بفيديو من ...
- البحث عن الهوية في روايات القائمة القصيرة لجائزة الكتاب الأل ...
- -لا تلمسيني-.. تفاعل كبير مع فيديو نيكول كيدمان وهي تدفع سلم ...
- بالمجان.. موسكو تفتح متاحفها ومعارضها أمام الزائرين لمدة أسب ...
- إسرائيل تخالف الرواية الأممية بشأن اقتحام قاعدة لليونيفيل
- فنان مصري مشهور يستغيث بالأزهر
- -حكي القرايا- لرمضان الرواشدة.. تاريخ الأردنيين والروايات ال ...
- أفلام كرتون مميزة طول اليوم.. حدثها الآن تردد قناة ميكي الجد ...
- انطلاق فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان كتارا للرواية العربية ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الشيخة - في خيانة السادات