أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد سالم - الثائر اللاتيني غيفارا يغني للنيل














المزيد.....

الثائر اللاتيني غيفارا يغني للنيل


خالد سالم
أستاذ جامعي

(Khaled Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 8126 - 2024 / 10 / 10 - 16:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"لكنها تدور يا ملوك الطوائف..."
د. خالد سالم
بينما يلف الوطن العربي ضباب خانق جراء العدوان الصهيوني على أكثر من بلد عربي، لا يجد الإنسان سوى الولوج فيما قد يخفف حدة الألم، عالم الكتب، عالم الأدب، لعلنا نجد فيها غيابًا ولو مؤقت عن كأبة المشهد. وهنا تبرز قد تنير الطريق مقالة أو عمل أدبي أو قصيدة تلقي ببصيص أمل عند إعادة قراءتها. إنها قصيدة للثائر الأميركي اللاتيني تشي غيفارا عن نهر النيل، شريان الحياة في مصر، الثائر الذي يعرفه الناس بدوره السياسي، ولا يعرفه كثيرون بأنه كان أديبًا.
تطغى على الشخصية العامة دوره على الساحة أكثر من إبداعه، إذا كان قد خاض بعض أجناسه، وهو ما حدث للثائر الكوبي الأرجنتني غيفارا، إذ طغى دوره السياسي في الثورة الكوبية على كونه شاعرًا وقاصًا، نظم قصائد متعددة بدءًا من حبه لزوجته إلى قصائده الثورية والاجتماعية، ومن بينها قصيدة عنونها "أغنية إلى النيل".
وقد عثرت على هذه القصيدة بالمصادفةً، لكنها لم تترجم إلى العربية، لهذا آثرت محاولة نقلها إلى لغة الضاد. وهي قصيدة مكثفة، تصور تلك الفترة التي كانت تعيشها مصر من تأميم قناة السويس بقرار من صديقه جمال عبد الناصر، واصفًا النيل في صور بلاغية صافية. وفيها ربط بين النيل وإفريقيا وما كانت تموج به من حراك ثوري، وأثر هذا النهر منذ فجر التاريخ والدروس المستفادة منه.
ربما لم يغمط حق كاتب مثلما حدث في حالة غيفارا، إذ تحول إلى أسطورة سياسية، إلى نصب تذكاري وشخصية خارقة للطبيعة، المحارب البارز، ما طمس غيفارا الحقيقي، غيفارا الإنسان، الكاتب ذي الفكر الثوري، وصاحب الأفكار السياسية والاجتماعية والاقتصادية. كل هذا من خلال صورته المطروقة التي لم تفسح المجال أمام كونه أحد الشعراء المهمين، أحد أبرز دارسي ومنظري الفكر الاشتراكي. وقد صدر مؤخرًا كتاب يضم اشعاره وقصصه في بوليفيا.
تمر اليوم ذكر استشهاد هذا الثائر الماركسي المولود في الأرجنتين الذي آثر الخط الثوري في أميركا اللاتينية على ممارسة الطب الذي درسه. شارك في حركات ثورية في القارة ووصل إلى أن أصبح شخصية رئيسة في الثورة الكوبية إلى أن تمكنت منه أذرع وكالة المخابرات المركزية الأميركية وقتلته في العاشر من سبتمبر عام 1967، ليصبح أيقونة ورمزًا في كل مكان وأصبحت صورته شارة عالمية ضمن الثقافة الشعبية.
كانت تجمعه بعبد الناصر علاقة طيبة، ما جعله يزور مصر مرتين. كانت الأولى في نهاية الخمسينات، بعد نجاح الثورة الكوبية، لدراسة تجربة الإصلاح الزراعي بغية نقلها إلى كوبا، وخلالها التقى بعبد الناصر، وأقام له حفل عشاء فى قصر القبة. إلا أن الزائر لم يكن جيفارا يحب قيود البروتوكول، وحاول عدة مرات تضليل مرافقيه ليذهب إلى المناطق الشعبية ويلتقي بالبسطاء.
جاءت الزيارة الثانية في فبراير 1965 ونظم عبد الناصر حفلًا أهدى فيه غيفارا وسام الجمهورية العربية المتحدة من الدرجة الأولى، وألقى بعدها على المصريين خطابًا عن الثورة الكوبية، وعن المساواة الاجتماعية والثورة الصناعية، ورافق غيفارا في زيارته بعض قادة الثورة الكوبية، وقد أخبر غيفارا عبد الناصر أنه يريد أن يتوجه إلى أفريقيا للقيام بنوع من النشاطات الثورية هناك. وأخبره بأنه سيتجه إلى الكونغو لأنها أكثر بقاع الأرض توترًا، لأن جيفارا كان يريد عولمة ثورة أمريكا الجنوبية في جميع بقاع الأرض، فالتحرر والموت من أجل ذلك تلك هي العقيدة التي عاشقها غيفارا ومات من أجلها. بيد أن عبد الناصر نصحه بالتريث حتى لا يكون طرزان أبيض في غابات إفريقيا.
أترك بين يدي القارئ ترجمتي لهذه القصيدة للثائر الأميركي اللاتيني إرنستو تشي غيفارا:

أغنية إلى النيل

هائل هو ماضيك
بحر متمرد من المد والجزر.
سيمفونية التماسيح التي لا تهدأ
أعطى إطارًا للمهندس المتجانس؛
صلوات الإنسان تنقذ مستقبله
من المفهوم الذي تعلمتَهُ عن الحياة
دمك اللزج
ملأ الأراضي بأغانٍ خضراء؛
آليتك للزخم الكوني
حملت إفريقيا عبر العصور
قبل أن تُبجلَ الثيران
لكن كم من الوقت نِمْتَ،
أربعون قرنًا حتى صرخة الشجاعة
هذا فقط قشعريرة عضلاتك الجريئة
إذا كنتُ أغني اليوم لأمس من حجر ميت
وأستحضر ذكريات طِيْبةَ،
الحاضرُ يظهرُ في ماضيك،
يعيش في سد أسوان
وفي السويس المُستردة
أغنية للصرخة الجديدة من حلقك الرنان،
لتكريم قعقعة خطى عظيمة
تنضم إلى مصيرها في غبار الصحراء،
أغني لليد القنوع بيقينها الحميم،
اليقين البسيط للبدوي الأخير.

في هذه الظروف الحالكة الظلام تحضرني صورة جمال عبد الناصر وأحدق الأفق الذي لا يبشر بالخير، فيخاطب خيالي المارواء الطبيعة، لأجد نفسي أتساءل: ألا من مُنقذ لهذه الأمة من الهلاك في غزة ولبنان؟! تحمل الريح صرختي وتعيدها في شكل صدى متحشرج من ألم اللحظة، من ضبابيتها، بينما تملأ الغربان أفق الحديقة التي أحدقها من نافذتي غارقًا بين أرفف مكتبتي باحثًا عن مخرج في كتب القدامى والمحدثين.
رغم هذا فإنني أرى بصيص أمل في شباب الأمة، فمن يقترب منهم رغم كأبة المشهد، يدرك أن هناك أملًا في خلاص الأمة، وهو ما لمسته في لقاء مع شباب مصر للحديث عن آفاق التعاون مع أميركا اللاتينية، من خلال مدرسة جنوب جنوب التي عقدة ندواتها مؤخرًا في عاصمة نور البشرية الحقيقية، القاهرة، التي ألقت بشعاعها لتنير الطريق للبشرية منذ آلاف السنين، بينما تتلمس طريقها نحو سلام دائم وعادل، فتخرج أشعتها عبر بؤريتها الجغرافية.
الشباب ينفثون في الأفق أملاً بينما تتعرض أرض الكنانة للتأمر، لقطع شريان حياتها القادم من الحبشة، وتطحن إسرائيل الأشقاء في الشمال وتدمر دولهم. رغم المشهد القاتم فإن الأمل يحدوني، أمل في مستقبل أفضل، مستقبل ينتصر فيه الحق ويحل السلام وتعود المياه إلى مجاريها والأراضي لأصحابها.



#خالد_سالم (هاشتاغ)       Khaled_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل من انقاذ لهذه الأمة التي تندفع نحو الهاوية
- غارثيا لوركا الشاعر الذي خُيل لهم أنهم قتلوه
- التجربة الإسبانية لدى الشاعر عبد الوهاب البياتي
- خصائص الشخصية العراقية والشخصية المصرية
- خمسون عامًا على ثورة القرنفل في البرتغال
- الشاعر أُكتابيو باث في ذكراه:على العالم العربي أن يبحث له عن ...
- قصيدة إسبانية في رثاء المفكر الفلسطيني وائل زعيتر
- العربية محفوظة لكونها لغة القرِآن؟!
- كارمن رويث برابو المستعربة العربية
- اليوم العالمي للغة العربية والعرب اللاتينيون المنسيون
- الروائي لويس ماتيو ديث يفوز بجائزة ثربانتس نوبل آداب الإسبان ...
- حقوق الملكية الفكرية وتأثيرها على التنمية المستدامة: إسبانيً ...
- الأوهام الدينية بين هيكل سليمان وقصر الحمراء
- المقاومة بين نومانثيا الإسبانية وغزة الفلسطينية
- اليهود بين المتحف العراقي وطوفان الأقصى
- زُرت بلاد الرافدين
- ذكريات عن علاقة الروائي جمال الغيطاني بإسبانيا
- إسهامات العربية في الشبكة المعلوماتية بين -الرُّبع- العربية ...
- في وداع أنطونيو غالا آخر مبدعي إسبانيا العظام
- أدب الحدود بين القصة الموريسكية والمسرح الإسباني المعاصر


المزيد.....




- وثقها بكاميرا طائرة -درون-.. مشاهد درامية تُظهر اقتلاع إعصار ...
- انفوغرافيك.. كيف حول القصف الإسرائيلي قطاع غزة إلى أنقاض؟
- بعد رسالتها لطهران.. مناشدة خليجية لواشنطن بشأن الضربة الإسر ...
- ما الذي تسبب فيه إعصار ميلتون حتى الآن؟
- كيف يتعامل الصحفيون مع الأزمات النفسية خلال الحروب؟
- تدريبات نووية لحلف الناتو يوم الاثنين المقبل: استعدادات في ظ ...
- حرب غزة: أرقام قياسية للدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل منذ أك ...
- لبنان.. إصابة جنديين من يونيفيل بنيران دبابة إسرائيلية
- كتاب -الحرب-.. بن سلمان -طفل مدلل-، نتنياهو -كاذب- وبوتين -ش ...
- رئيس الوزراء العراقي يستقبل السفير الروسي لدى العراق


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد سالم - الثائر اللاتيني غيفارا يغني للنيل