عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 8125 - 2024 / 10 / 9 - 16:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما تذهب إلى طبيب العيون، وتكتَشِف أنّ عيناكَ مُتضرِّرتانِ بشِدّة، فإنّكَ "نفسيّاً" قد تُنكِرُ ذلك، وستقولُ للطبيب أنّكَ كنتَ دوماً "زرقاءَ اليمامة"، وأنّ الله والعشيرةَ والحزبَ والعائلة، يشهدونَ على ذلك.
سيحتمِلُ الطبيبُ هراءكَ الشاسِعَ هذا، وسيقولُ لكَ أنّكَ ربّما كنتَ يوماً كذلك (مع ثقتي المُطلَقة بأنّ هؤلاء الذين ذكرتَهُم، كانوا، ولسببٍ ما، يضحكونَ عليك).. ولكن الآن، مع الأسف الشديد، فإنّ قدرتكَ على الإبصار قد تضرّرت بشدّة، وباتَ من المستحيل أن نُعيدَ العَينَ إلى ما كانت عليه قبل حلولِ الضرر.
ولأنّكَ لم تكتَشِف ذلكَ في الوقت المناسب، أو لأنّ هناكَ من كانت لهُ مصلحةٌ في منعِكَ من اكتشافِ ذلكَ في الوقتِ المناسب، فإنّ "استراتيجّيتنا" في العلاجِ الآن تتلخّصُ في عبارةٍ واحدةٍ يجبُ عليكَ ان تضَعَها كـ "تِرْجِيّةٍ" في أُذنيكَ إلى أن تموت، و هي: استراتيجيّةُ "الحِفاظُ على ما تبقّى" لكَ من قُدرةٍ على النفاذِ إلى الضوء في هذا العالم.
ويستطرِدُ الطبيبُ على مَضَضٍ بالقول: فإذا كنتَ تعتقِدُ أنّ لديكَ حلولاً بديلة، وبأنّني طبيبٌ سيّءٌ، ومتشائِمٌ، و انهزاميٌّ، و "مُنبَطِحٌ" أمامَ الأعداء، و "خائنٌ" لقضيّتكَ المصيرية.. فأذهب إلى طبيبٍ آخرَ يُرضي غروركَ، ويُعزِّزُ إنكاركَ لما أنتَ فيه، وسيكونُ العَمى هو كلُّ ما ستحصلُ عليه في نهايةِ المطاف، وفي وقتٍ قصيرٍ جدّاً.
لذا..
حافِظ يا عزيزي على ما تبقّى لكَ من الضوءِ والأمل، إذا كان ذلكَ مُمكِناً الآن.. لأنّ الاستراتيجيّةَ البديلةَ القائمة على "التفريطِ بما تَبَقّى"، والتي قد ينصَحَكَ بها أطبّاءُ غيري، ربّما تؤدّي إلى إصابتكَ بالعَمى الدائم، مع كُلِّ ما يمكن أن يترتّبَ على هذا العمى من عواقب وخيمة، عليكَ، وعلى أهلكَ، ومُناصريكَ، ومُحبّيك.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟