أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - أصْلُ الحِكَايَةِ














المزيد.....


أصْلُ الحِكَايَةِ


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 8124 - 2024 / 10 / 8 - 16:31
المحور: الادب والفن
    


دَعَّنيَ المَلَكُ الى بَابِ جَهنَّمَ دَعَّاً، فأستَغثتُ مِنهُ مُتَأوِّهَاً؛ "وَيْلَاهُ". وإذ كانَ مَلَكٌ غَليظَ القَلبِ شَديدَ البَطشِ ذا وَجهٍ قَبيحٍ، وبالشَّرَرِ كانَت تَنفُثُ مُقلتاهُ. فقُلتُ للغَليظِ عندَ عَتَبَةِ بابِها مُتَأفِّفَاً بالوَاهِ والأوَّاهُ؛ "هَلّا سَمَحتَ ليَ أن أسألَ رَبَّكَ سُؤالاً لا ثانيَ لهُ في صَداهُ". وقُبَيلَ أن يَركلَنيَ الملَكُ نَادَانيَ اللهُ؛
"سَلْ يا عَبدي ولَا تَخَفْ فإِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ كلَّ دَبيبٍ في مَمشَاهُ وفي مَسراهُ".
فَصَرَختُ مِن فَوري مُتَرشِّحَ الجِبَاه مُتَكَلِّحَ الشِّفَاه؛

- لمَ خَلَقتَ الشَّرَ يا اللهُ؟
- كي أمُنَّ عَليكَ بالخَيرِ وأنِّيَ أنا العليمُ الحكيمُ اللهُ. أفلم ترَ الى أسى الدَّاءِ وأذاهُ، وكيفَ يَردفُهُ هناءُ الشِّفاءِ وبَهاهُ. وأنّى لكَ أن تشعرَ ببَهجةِ الخيرِ مالم ترَ حَذوَكَ وَهجةً من الشَّرِ في فَناه.
- وهل لمِثلِكَ يا رَبَّاه، حَاجةً في أن يَلتَفَّ لِيَمْنُنَ على مَخلوقٍ مثليَ واهٍ لَاهٍ في جَفاهُ، وإنَّكَ لأنتَ الرَّبُّ العَليُّ، والمَلِيكُ الغَنيُّ، وأنتََ الإلهُ اللهُ.
- أجل، إنِّيَ أنا اللهُ الغَنِيٌّ عَنِ كلِّ مَوُجُودِ حين نَهارِهِ في مَسعَاه، وحينَ هُجوعِهِ في ليلاه. أمَ حَسِبتَ أنَّ نَقرَاتِ الدِّيكِ التي كنتَ تَسجُدُها لي كانَت تَعَبُّداً و"صَلَاة". أوَلم تَعلمْ أنَّكَ كنتَ مِن قبلُ في جَنَّةٍ لا تَجُوعَ فيها وَلَا تَعْرَىٰ، ولَا تَظْمَأُ وَلَا تَضْحَىٰ من فَلاة. ورُغمَ أنَّكَ كنتَ فيها كائِناً مُخيَّراً غَيرَ مُسَيَّرِ الفِكرِ في خُطَاه. ورَغمَ أنَّكَ فيها كُنتَ بائِناً غيرَ مُكَلَّفٍ بحجٍّ ولا زكاة، ولا صِيامٍ ولا نَقراتِ دَجَاجَةٍ تَحسَبُها صَلاة. ورَغمَ أنَّ الخيرَ كلَّهُ كانَ قد أحاطَ بكَ هنالكَ في فَضاهُ، وما كانَ من شَرٍّ هناكَ قطُّ ولا تَأفُّفَ من نَاه، ولا تأوُّهَ من شاهٍ بآوَّاه. وبالرغمِ من كلِّ أولئكَ فإنِّي ما سَألتُكَ عِبَادةً فيها وإنّيَ الغَنيُّ عن نَقَراتِ دِيَكَةِ يَحسبُونَها صَلاة، وإنَّما نَهيتُكَ عن ثَمَرِ شَجَرةٍ واحدةٍ وتَرَكتُ لكَ ما سواهُ، فارتَكبتَ وما انتَهيتَ وكنتَ فيها غَيرَ مُتناهٍ، فزالَ عَنكَ الرَّخاءُ والاعتِبارُ والجَاهُ.
- إي واللهِ ربَّاهُ، حقَّاً إنَّ الشَّرَ ما كانَ مَخلُوقاً في أوَّلِ جَولَةٍ من جَولتينِ قد خَلَت من حَياة، وأنا ما رأيتُ شرَّاً في أولاهما قطُّ وما لمحتُ خيطاً من أسَاه، ولومَا مَعصِيَتي لمَا هَبَطتُ في إختِبارٍ عَسيرٍ على كثبانِ الشَّرِ ورُباه. وحُقَّ عَليَّ اليومَ أن أنطَّ طَواعِيةً من فوقِ عَتَبَةِ بابِ الجَحيمِ ذا لأكتَويَ بِلظاهُ.
- بلِ استَدِرْ يا عَبدي بِرَحمَتي، وعُدْ الى دَارِ السَّلامِ وسَناهُ، وحَيثُ الجَولَةُ الآخرةُ التي لا جُوعَ فيها وَلَا عَرْيَّ، ولَا ظَمَأَ فيها وَلَا ضَحْواً في فَلاهُ. ارجعْ فادخُلْ دَارَ السَّلام وحيثُ الخيرُ كلُّهُ بكَ سيُحيطُ في رَفاه. وحيثُ لا شَرَّ أبَداً هَهُنا في ثراهُ ولا في فَضاهُ. وحيثُ التَّسبيحُ بحَمدِيَ يكون إلهَاماً ههُنا في هُداه، تَتَوَهَّجُ بهِ الجِباهُ وتَتَلَهَّجُ بهِ الشِّفاهُ. وما مِن هالِكٍ سوفَ يَأكلُ من شَجرةٍ ويَتَخاتَلُ في هَواه، فلا اختِبارَ بعدَ اليومِ من نَقرَاتِ دِيَكةٍ حَسِبتُموها عليَّ صَلاة.
- ما أرحَمكَ رَبَّاهُ! ما أرحَمكَ يا رَبَّاه! ما أرحَمكَ رَبَّاهُ!

ثمَّ التَفتُّ الى الغَليظِ الشَّديدِ فرأيتُهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً من خشيةِ الله، ومُنذهِلاً من رَحمةِ رَبِّيَ الكريمِ سُبحَانهُ وجَلَّ في عُلاهُ. ثُمَّ انقَلبَ وجهُهُ القَبيح الى وجهِ فَجرٍ رَبيعيٍّ في نداهُ، ثُمَّ تَلا الغَليظُ بعدَما عادَ لهُ رباطَ جَأشهِ واستَعادَ قواه، تَلا آيةً كأنّي ما سَمِعتُ بها من قبلُ، فتَلوتُ بَعدَهُ ما تَلاهُ؛
"قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا". آية 77 - سُورَةُ الفُرقَانِ.



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تَأمُّلٌ مُسْتَقصٍ في مُشكِلٍ مُسْتَعص
- بينَ تِلالِ الأدرياتِيك
- (الأكشِنُ) المُذهِلُ المَاهِرُ
- لَعَلّي صائِرٌ إلى بَصَائر برَجاء
- تَأمُّلاتٌ خَارِجُ أَسوَارِ البَصَر
- مئةُ عامٍ منَ الدُّخانِ
- هَكَذا كَانَ أبي يَتَكَلَّمُ
- عَنِ د. مُصطَفَى مَحمُود
- طَيْشُ الكَلَامِ
- أَيْنَ اخْتَفَتِ الكَلبَةُ الهَارِبَة؟!
- تَحريفُ الحَياةِ بِتَخريف
- إي وَرَبِّي؛ مَكةُ لَيسَ كَمثلِها دَار
- بَغْلُ الدِّيرَة
- شُعاعٌ حَذوَ مِحرَابِ الإيمان
- لا تَثريبَ على حَيوانِ -الكَسول-
- مِن حِوَاري مع صَديقتيَ النَّملةِ
- قَرفَصَةُ الهِّرَّةِ الحَامِل
- عِلمُ مِيكانيكا المِسْبَحَة
- وإنَّما زينَةُ الحَواجبِ العَوَجُ
- بَقيةٌ مِن سِيجار


المزيد.....




- تركي آل الشيخ يشوق متابعيه بالمزيد من كواليس فيلم -Seven Dog ...
- وفاة فنانة سورية شابة بعد تعرضها لأزمة صحية (صورة)
- وفاة فنانة سورية.. أدركت موتها قبل أيام بمنشور على فيسبوك
- هآرتس: مدينة -تل أبيب- التوراتية لم توجد قط
- تمتلك أسرار ثروة ضخمة.. الممثلة السعودية ريم الحبيب بمسلسل - ...
- طهران.. مهرجان فجر السينمائي منصة فنية مهمة في المنطقة
- سقوط -شمس الأغنية- على المسرح وحملها علم الثورة السوري يثير ...
- أزياء وفنون شعبية وثقافة في درب الساعي
- رحيل أسامة منزلجي.. رحلة حياة في ترجمة الأدب العالمي
- مصر.. مفاجأة في قضية طلاق الفنان الراحل محمود عبد العزيز وبو ...


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - أصْلُ الحِكَايَةِ