أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عطوي الطوالبة - أرانب وأسدٌ ونمر/ قصة قصيرة














المزيد.....

أرانب وأسدٌ ونمر/ قصة قصيرة


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8123 - 2024 / 10 / 7 - 13:27
المحور: الادب والفن
    


سيطر الذهول على الأرنبة زوجة الأرنب، وهي تسمع زوجها يلقي خطبة عرمرمية غير مسبوقة في حشد من بني أرنب، بدأها بالقول: بعد اليوم لن نسمح للأسد أو ربيبه النمر بالقفز من فوقنا أو بالمرور في ربوعنا للإعتداء على أيٍّ كان. وأردف قائلًا بنبرة تحدٍّ: هذا هو موقفنا نحن بني أرنب منذ اليوم، لن نحيد عنه ولن نعدل به موقف آخر. قُوبل هذا المقطع من الخطبة بالتصفيق الحار والهتافات. قبضات ترتفع في الهواة مصحوبة بالوعد والوعيد، والحماس منقطع النظير. وفي المحيط تصدح الأصوات بأغانٍ حماسية تتصدرها "ويلك ياللي تعادينا يا ويلك ويل". أخذت الأسئلة تدور في رأسها: هل شرب حليب السباع؟! أم تراه عقد تحالفًا سريًّا دون علمها مع بعض الضواري والكواسر، جعله يتحدث بهذه النبرة؟!
اقتربت منه وعلى وجهها تتخايل ملامح الدهشة، وفي رأسها تتناسل أسئلة ليس بمستطاعها أن تضع لها حدًّا. أدرك ما يعتمل في داخلها، ولم يكن منه إلا أن حَدَجَها بنظرة لم تجد صعوبة في فك شيفرتها: دعي الأمور تجري في أعنتها، فلا شيء مما ترين خارج مسار
اللعبة!
صرفت نظرها إلى الحضور المنهمك بعضه بالتصفيق، وآخرون يتبادلون كلامًا خافتًا وسيماء التبجيل والإعجاب غير خافية على وجوههم. وهناك أصوات تصدح بالتأييد، والاستعداد لبذل الغالي والنفيس، من أجل تنفيذ التوجه الشجاع والقرار الجرئ. ولم يخلُ الحضور من ذوي البصلة المحروقة، ويسهل تمييزهم من تحفزهم لبث الخبر في الأرجاء مصحوبًا بمقالات التعظيم والتفخيم. لم تبدِ اهتمامًا يُذكر بالتحايا الموجهة إليها، ولم تُلفتها القُبلات التي تطبعها الشفاه على رؤوس الأصابع وبحركة سريعة منها تلقى في الهواء مصوبة تجاهها. كانت تتأمل الحضور، يشغلها سؤال الأسئلة كلها: كم من هؤلاء يعرف الحقيقة ؟!
كان أكثر ما يهمها في تلك اللحظات أن ينتهي زوجها من خطبته العرمرمية، وأن يفرنقع الحضور كُلٌّ إلى جحره.
لم يكن بوسع زوجها الأرنب أن يغادر المكان على جري العادة، وهو من هو في بني أرنب. فلا بد من مصافحة المقربين، وسماع ما اعتادته أذنيه من عبارات الإطراء والثناء والرفع إلى مستوى الأنبياء. ولا تمر مناسبة كهذه من دون مصافحة الطامحين إلى التقرب إليه، وإثبات الوجود والإخلاص. ولا بأس من التلويح للهتيفة لتطييب خواطرهم.
سارا بصمت صوب جحرهما المحفور بعناية، ليبدو كما لو أنه نفق رحب تحت الأرض يسرحان فيه ويمرحان. وما أن دخلا الجحر حتى انهالت عليه أسئلتها. جرى على لسانها كلام كثير، لم يعتد سماعه منها. فجأته بالقول إنها لمحت الأسد وربيبه النمر يسترقان السمعَ، فيما كان هو منهمكًا في خطبته، دون أن يلحظهما أحد. وكانت تنتابهما نوبات ضحك هستيرية، يكاد الواحد منهما ينقلب على ظهره من فرط شدتها. بدت له غريبة، كأنها لا تعرف أدق تفاصيل علاقته بالأسد وربيبه النمر. ولا تخفى عليها خافية من لقاءاته السرية المتكثرة معهما. أخذ النعاس يغالبه، بعد يوم حافل بالأنشطة والفعاليات. وبالكاد التقطت أذناه آخر ما ورد على لسانها، قبل أن يغط في نوم عميق...بنو أرنب تغيروا، ولم يعُد ممكنًا المضي في الضحك على الكل كُلَّ الوقت.



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل والنقل
- لا دليل على أن هارون ويوشع بن نون مدفونان في الأردن؟!
- الخوف المقدس أفعل وسائل ترويض الإنسان !
- ابن العلقمي كان حاضرًا !
- أدواء وأدوية
- تصرف غريب وسلوك مستهجن !
- تواطؤ وغدر ضد المقاومة !
- نُتفٌ من اللامعقول تحت المجهر !
- المشكلة ليست رُمانة سميرة توفيق !
- محددات السياسة الخارجية الأميركية تجاه القضايا العربية*
- لامعقول التوزير في الأردن وألغازه !
- اعلام الدولة واعلام الحكومات !
- مخاطر التطبيع في مجال الإعلام *
- الوهم التوراتي الأسطوري -أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل ...
- من تجليات التمحل الثقافي في واقعنا العربي !
- مجرم حرب يتحدث عن أيديولوجيا قاتلة تحيط بكيانه !
- نكشة مخ 23
- انتزاع الآيات القرآنية من سياقاتها !
- أوضاعنا أكثر من مقلقة !
- ردًّا على رأي مسموم !


المزيد.....




- المسرح الجزائري.. رحلة تاريخية تجمع الفن والهوية
- بفعاليات ثقافية متنوعة.. مهرجان -كتارا- للرواية العربية ينطل ...
- حديقة مستوحاة من لوحة -ليلة النجوم- لفان غوخ في البوسنة
- عودة الأفلام الرومانسية إلى السينما المصرية بـ6 أعمال دفعة و ...
- عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا ...
- كيف شق أمريكي طريقه لتعليم اللغة الإنجليزية لسكان جزيرة في إ ...
- الحلقة 2 الموسم 6.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 كترجمة على ...
- مهرجان نوفا للموسيقى: قصص لم تُروَ من قبل ناجين من هجوم حماس ...
- لأول مرة.. الكشف عن مخطوطات قديمة من مكتبة خان القرم
- روسيا.. تدريب روبوت على الرسم بأسلوب الفنان التشكيلي


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عطوي الطوالبة - أرانب وأسدٌ ونمر/ قصة قصيرة