|
وجهة نظر قانونية حول حكم محكمة العدل الاوربية الصادر في 04 / 10 / 2024 ..
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 8122 - 2024 / 10 / 6 - 12:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل البدء في التحليل ، ونحن سنحلل كموضوعيين ، لا انتمائيين ، حتى لا يتهمنا غيرنا بالوطنية الشوفينية ، اود طرح سؤال في غاية البساطة : هل لجبهة البوليساريو أساتذة قانونيين ، على الاقل اكفاء ، حتى نتفادى طرح السؤال . اليس في الجبهة أساتذة قانونيين كبار كما هو مشهود في الدول الاوربية ، خاصة الدول الانگلوساكسوفونية ؟ . ان ما حيرني ، هو موجهة البهجة والفرح والسرور ، الذي بدا على كل وجوه البوليساريو ، قواعد وقواعد متوسطة وقيادات كبار ، بل واعتبار اطر كبيرة كالسفير الصحراوي لذا الاتحاد الأوربي ، ابي بشرية ، ان الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الاوربية كان بمثابة الانتصار العظيم والتاريخي ووو . كما سقط في نفس الخطأ مهتمون جزائريون من مختلف المجالات الإعلامية وأساتذة الجامعة ، عندما اجمعوا على النصر الكبير للجبهة بهذا الحكم التاريخي العظيم .. بل هناك من اعتبر المغرب ملزم بالتقيد بما جاء به نص القرار حكم المحكمة ، وانه منذ الآن يخضع للرقابة الصحراوية التي اعترف بها حكم المحكمة ، الذي ظل بعيدا عن ان ينسب ملكية الصحراء الى جهة معينة ، وترك ذلك ، أي الانتساب ، الى جواب الصحراويين الذي سيحدد لوحده نتيجة الاستفتاء وتقرير المصير .. أي تحديد جنسية الصحراء ، واعتراف العالم بنتائج الاستفتاء ، هذا اذا ما تم تنظيمه طبقا للمسطرة المعتمدة ، وبإشراف مجلس الامن . فاذا كانت اطر الجبهة الكبيرة ، قد اعتبرت صدور هذا الحكم ، وفي هذا الوقت بالذات . اذن هنا نسائلهم . لقد سبق لنفس المحكمة ، ان أصدرت حكما في الموضوع ، اكثر من مرة ، وهو حكم مر بدرجتي التقاضي المعروفة التي هي المرحلة الابتدائية ، ومرحلة الاستئناف التي ايدت الحكم الابتدائي ، وبعد ان حاز الحكم الصادر على الحصانة ، أي حاز على قوة الشيء المقضي به .. ومع ذلك ظل الحكم مجرد حبرا على ورق .. فلا المغرب اهتم به ، ولا الاوربيين احترموه واخذوا به . اذن بماذا يختلف حكم الامس ، وبعد ان حاز على قوة الشيء المقضي به ، وبين حكم الجمعة 04 / 10 / 2024 .. الذي لا يختلف في شيء عما سبقه من احكام ظلت معطلة ، ولم تعرف صوبها الصحيح .. وللإشارة عرف النزاع أربعة دعاوى سابقة ( ابتدائي واستئنافي ) ، وها هو يوم الجمعية تصدر محكمة العدل الاوربية نفس الحكم ، وطبعا لا ولن يختلف عن سابقيه ، أي سيبقى مثلهم في أرشيف .. اذن . هل يستحق حكم البارحة كل هذا التهليل والطرب ، واعتباره فصلا بين زمنيين متباعدين في نضالية الشعب الصحراوي .. والسؤال . ما الفائدة والغاية من صدور احكام ، او صدور قرارات ، اذا لم تعرف طريقها الى التنفيذ أي التنزيل .. وعندما بقي الحكمين الاولين مجرد حبرا على ورق ، ماذا تغير في الساحة ، والاوروبيين نفسهم اهملوا تلك الاحكام التي حازت على قوة الشيء المقضي به ، أي أصبحت متحصنة من النقد .. فالأوربيين الذين يعرفون جيدا قضاءهم ، ويعرفون القرارات الإلزامية والضبطية والجبرية ، والقرارات والاحكام التي لا تتعدى الصفة الاستشارية ، فرغم صدور تلك الاحكام من قبل محكمة العدل الاوربية ، فالأوربيون جددوا الاتفاقيات المبرمة بينهم وبين النظام المخزني المزاجي التائه ، وجددها معهم المغرب ، ولا اعتراض حصل ، ولا احتجاجات قُدمت ، وكأن لا شيء حصل . بل المسؤولية في الاوربيين الذين تصرفوا ضد قرارات قضاء بلادهم .. بل حتى الاتحاد الأوربي المعني باحترام القرارات القضائية لم يتحرك .. وعندما تعتبر اطر عليا في جبهة البوليساريو ، وأساتذة واطر جزائرية ، بان المغرب ملزم بالتقيد بنص الحكم ، وانه يعنيه أولا وأخيرا ، ومن ثم اضحى مقيد التصرف في تصريف منتجات الأراضي المتنازع عليها .. فكيف يُعتبر ان قرار المحكمة يلزم المغرب وحده دون غيره ؟ وهنا ما هي المعايير المعتمدة لجعل الحكم الصادر عن محكمة القضاء اوربي ، يلزم المغرب باحترامه والاخذ به مستقبلا على غرار الحالات السابقة ؟ أولا . ان المحكمة التي تم رفع الدعوى امامها هي محكمة اوربية ، وليست محكمة دولية . فهي محكمة انشأها الاوربيون للنظر في النزاعات فقط بين الاوربيين .. لذلك تسمى بمحكمة العدل الاوربية . لكن السؤال بالنسبة لآلئك الذين اعتبروا ( أساتذة ) جزائريون ، و ( معارضين ) مغاربة بالخارج ، واطر الجبهة العليا ، الذين يصرون على الالتزام المغربي بنص الحكم ، كيف يطبلون لتنفيذ حكم على طرف اخر ليس بأوربي ؟ وقبل مباشرة البحث في نص الدعوى ، كان على المحكمة ، ان تستشير النظام المغربي الغير اوربي ، في قبوله او عدم قبوله للدعوى التي يفكر في رفعها ضده . وكما هو واضح النظام المغربي ليس اوربيا ، ومن ثم يكون بث المحكمة في الدعوى المرفوعة اليها ، خارج المعتاد الذي هو الجنسية الاوربية .. فكيف للمغرب الغير أوربي ، ولا يعترف بشيء يسمى ب " محكمة العدل الاربية " ، ان يقبل ويوافق على التقاضي امام محكمة لا يعترف بها ، ولا وقع على قوانينها ، وتسمى بالمحكمة الاوربية التي تختص فقط في النظر في النزاعات الاوربية المحضة ، حيث ان الاحكام هنا تصدر بطابع الالزام ، عندما يحوز الحكم على قوة الشيء المقضي به ، ويصبح متحصنا من أي طعن اخر .. ان ما عرقل تنفيذ الحكمين اللذين اصدرتهما محكمة العدل الاوربية ، كون المغرب ليس طرف بالمحكمة ، وليس هو من رفع الدعوى ، وكان على المحكمة قبل ان تباشر النظر في الدعوى شكلا وموضوعا ، ان تستشير المغرب حول قبوله او عدم قبوله لدعوى ترفعها منظمة غير اوربية .. فالمغرب اذا عارض ورفض الدعوى ، بدعوى انه ليس اوربيا ، وبالنسبة للطرف رافع الدعوى غير اوربي كذلك ، باستثناء المحامي الأوروبي الإنجليزي .. فهنا يكون على المحكمة احترام خصوصية طرف في النزاع ، ومن هذه الخصوصية ، ان المغرب افريقي ، لتبث في الدعوى المحكمة الافريقية ضمن الاتحاد الافريقي ، ولا تبث في الدعوى محكمة العدل الاوربية التي تنظر فقط في النزاعات الاوربية .. فالقرار الذي خرجت به محكمة العدل الاوربية بالأمس ، اهمل الاختصاص واهمل الزمن ، كما اهمل البعد الاستراتيجي الذي تفرضه الصحراء على مستقبل النظام السياسي المغربي .. ومن ثم تكون المحكمة ان جاز القول ، بعديمة الاختصاص للنظر في دعوى رفعها طرف غير اوربي ، على طرف اخر غير اوربي كذلك .. فكون المحامي الإنجليزي الذي رفع الدعوى ، لا يشفع له التحرك بما يمس قيم او معتقدات سياسية لاحد اطراف الدعوى ، سيما وان الطرف المعني ، لم يتم اخباره قبل رفع الدعوى ، ولم يبدي موافقته على الدعوى ، قبولا او رفضا .. لكن مع التغييرات النفسية ، والزمنية ، أصبحت محكمة العدل الاوربية تقبل النظر في مثل هذه النوازل ، للاجتهاد القضائي والاجتهاد الثقافي كذلك ، فاصبح الالتزام او عدم الالتزام بأحكامها ، دليلا على الدولة المدنية والدولة الديمقراطية ، ومساهمة في التنشيط القضائي المحلي ( الأوربي ) ليصبح ثقافة قضائية وقانونية عالمية .. لهذا فالأحكام في هذا المجال ، تأخذ فقط الصبغة الاستشارية ، ولا تكون بالأحكام الملزمة والضبطية والجبرية ، بدعوى ان احد اطراف الدعوى ، او الطرفين معا ليسوا اوربيين ، ولو بالتجنيس .. من هنا يكون الحكمان الاولان لمحكمة العدل الاوربية ، في قضية استغلال الثروات المنحدرة من الأراضي المتنازع عليها ، احكام استشارية فقط ، وليست بالأحكام الجبرية التي تبيح استعمال السلطة للتنفيذ وللتنزيل .. ان عدم اعتراف المغرب النظام بهذه الاحكام ، وتنكرت لها دول اوربية حين جددت إعادة ابرام الاتفاقيات مع النظام الشمولي ، كان في محله ، ولم يكن رفضا لحكم المحكمة لأنه لا يناسبه . فلا سلطة فوق الأرض ، تجبر أي نظام على قبول احكام محكمة محلية لا ينتمي اليها الى محلها / ترابها وزمانها .. لان محكمة العدل الاوربية ، ومن اسمها وعنوانها هي اوربية تبث في النزاعات الاوربية ، ولا تبث في النزاعات التي يكون احد أطرافها او طرفيها ، اجنبيين غير اوربيين .. ومن هنا كانت تلك الاحكام ، كما الحال بالنسبة لحكم الجمعية 04 / 10 / 2024 ، مجرد احكام استشارية غير ملزمة .. وتشبه قرارات هذا المحكمة هنا ، قرارات مجلس الامن التي يتخذها دائما تحت الفصل السادس الاستشاري ، وليس الفصل السابع الالزامي كحالة العراق .. لقد أخطأت الجبهة ، الجهة القضائية المختصة في النظر في هذه القضايا ، وهي محكمة العدل الدولية ، وليس محكمة العدل الاوربية ، وكان لها من حيث الاختصاص كذلك ، طرق أبواب المحكمة الافريقية .. ومرة أخرى . ما الفائدة من صدور حكم لن يعرف طريقه ابدا الى التنفيذ ؟ ان حل المسألة المغربية ، الديمقراطية والنظام الديمقراطي ، وان حل المسألة الصحراوية ، يبقى وحده الشارع ، ومن دون النزول الى الشارع لا شيء سيتغير..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حلف عسكري جزائري إيراني روسي مع حزب الله اللبناني . وحلف عسك
...
-
محكمة العدل الاوربية تصدر حكما يرفض أطروحة مغربية الصحراء ..
...
-
يوم 4 أكتوبر الجاري ، سيكون موقفا اوربيا حاسما من نزاع الصحر
...
-
قتل حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني
-
الجزائر تفرض التأشيرة فقط على المغاربة
-
القضية الصحراوية والقضية المغربية
-
الرعايا التائهة
-
هل حصلت صدفة ، أم هو مكر التاريخ
-
المغرب الى اين ؟ هل نحن نعيش حالة استثناء ، وهل قدرنا نظام م
...
-
دور المثقف في الصراع الطبقي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
-
سلسلة دراسات ثقافية سياسية وتاريخية ( الفصل السابع )
-
تجليات الموقف الاسباني من نزاع الصحراء الغربية .
-
سلسلة دراسات ثقافية سياسية وتاريخية ( تابع )
-
سلسلة دراسات ثقافية سياسية وتاريخية ( 6)
-
سلسلة دراسات ثقافية سياسية وتاريخية ( 5 )
-
على هامش اللقاء بين الاتحاد الافريقي والصين
-
سلسلة دراسات ثقافية سياسية وتاريخية ( 4 )
-
سلسلة دراسات ثقافية سياسية وتاريخية ( 3 )
-
سلسلة دراسات ثقافية سياسية وتاريخية . المؤتمر الوطني الرابع
...
المزيد.....
-
نتنياهو يعاود الحديث عن حرب القيامة والجبهات السبع ويحدد شرو
...
-
وزير خارجية إسرائيل: الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطين -خطأ جسيم
...
-
معلقون يتفاعلون مع قرار حظر الإمارات التحدث باللهجة المحلية
...
-
بوتين يعلن عن هدنة في شرق أوكرانيا بمناسبة عيد الفصح وزيلينس
...
-
المحكمة العليا الأمريكية تقرر تعليق عمليات ترحيل مهاجرين فنز
...
-
وزارة الدفاع الروسية تعلن عن عودة 246 جنديا من الأسر في عملي
...
-
البحرية الجزائرية تجلي 3 بحارة بريطانيين من سفينتهم بعد تعرض
...
-
الأمن التونسي يعلن عن أكبر عملية ضبط لمواد مخدرة في تاريخ ال
...
-
-عملناها عالضيق وما عزمنا حدا-... سلاف فواخرجي ترد بعد تداول
...
-
بغداد ودمشق.. علاقات بين التعاون والتحفظ
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|