أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - أحمد عمر كيالي - الوعي في المزاج الجنائزي العربي















المزيد.....

الوعي في المزاج الجنائزي العربي


أحمد عمر كيالي

الحوار المتمدن-العدد: 8122 - 2024 / 10 / 6 - 09:44
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


منذ هزيمة عام 1967 دخلت حركات التحرر الوطني والمقاومة في مرحلةِ جزرٍ، بعدَ المّدِ الجماهيري الذي تمتعت به خلال خمسينيات و ستينيات القرن العشرين في البلاد العربية، وهذا الإنحسار هو جزء لايتجزأ من مشكلات المجتمع العربي الثقافية والسياسية والإيديولوجية.
ومن هذا المنطلق هناك أشياءٌ أُخرى يمكن أن يتحدث عنها المرء، لابدَّ من النظرِ بوعي إليها، فهي عنوانٌ لمرحلةٍ تحدثَ عنها الأديبُ السوري: "سعدَ الله ونوس" حيثُ لابُدَّ للشبابِ العربي في هذا المزاجِ الجنائزي أن يُعنونوا أفكارهم بها.
يقولُ الكاتبُ السوري سعدُ الله ونوس: بعد هزيمة 1967، لم يكن أمامي إلا أن أَدفُنَ سعدُ الله ونوس القديم وأكفنه بيدي، وأن أعيش غداً ومستقبلاً مجهولاً لا أعرف ماذا يَحمِلُ لي، لأن دوافعي للحياةِ انطوت وآمالي أصبحت ماضي.
سعدُ الذي كان يرى أنَ هزيمةَ إسرائيل كانت قريبةً جداً، ويرى في هذا الأمرِ طموحاً أساسياً للمستقبلِ
ويكمل سعد الله: أنَ المُستقبلَ الذي واجهني كان في عامِ 1973 في المعركةِ التي خاضتها سوريا ومصر وإسرائيل، هنا صفقنا كثيراً، وكانَ يكفيني أن تُكسَر المعادلةَ أو الأسطورةَ التي تقول أن الإسرائيلي لايُهزَم، مما يُعيد لي الأملَ.
مازالَ سعدُ الله ينتظرُ المستقبل وإذ.. اتفاقيةُ السلامِ عام 1977 وموقف ونوس هنا على لسانهِ:
"حبستُ نفسي في غرفتي وقررت الإعتزال، حتى أني أسدلتُ الستائرَ في وجهِ شُعّاعِ الشمسِ عندما وجدت أن شُعّاعَ الشمسِ وكأنهُ عدوانٌ خارجيٌ يصرُ على اختراقِ منزلي، تناولتُ المنومَ هرباً من حالتي، وعندما استيقظتُ وجدتُ الظلامَ قد حلَّ في أرجاءِ المكان، وهنا حاولتُ الإنتحارَ بشكلٍ جدي، وقُبيّلَ محاولةِ الإنتحار كتبَ سعدٌ نصاً ادبياً (أنا الجنازةُ والمشيعونَ معاً) ولكنهُ تراجعَ أو بالأحرى لم ينجح في هذا القرار بالإنتحار، وبقي صامتاً مكتئباً ممضياً الوقتَ بالتساؤلاتِ التاريخيةِ الموجعة، حتى عام 1989 وتفجرَ هذا الصمتُ بكتابةِ أولِ مسرحيةٍ لهُ (الإغتصاب) تناولَ فيها القضيةَ الفلسطينيةَ، وحللَ بُنيةَ النظامِ الحاكمِ في إسرائيل، بعدَ انكبابهِ على القراءةِ والتأمُلِ، وتزامناً مع الإنتفاضةِ الفلسطينيةِ التي كانت إحدى حوافزهِ لكسّرِ طوقِ الصمت الكئيب الذي كان غارقاً فيه.
علينا أن نتذكرَ ذلكَ لأنَ هذا الرجلُ الذي يسمي جيلهُ جيل المهزومين وفكرَّ بالإنتحارِ قالَ عبارةً: "إننا محكومون بالأمل ومايحدثُ لايعني نهايةَ التاريخِ".
في الفترة الأخيرةِ حدثت أحداثٌ جللٌ بخصوصِ المقاومةِ السنيةِ الشيعيةِ لم تكن متوقعةً،
وطبعاً هذا الكلام لا يتوجهُ للشعبِ الذي يعيشُ تحتَ الظرفِ الفعلي للحرب، وإنما للجيلِ الشاب الذي يحملُ بقايا روحَ التحرُرِ الوطني.
مما يتطلبُ منه توجيهَ الوعي الجمعي وإزالة العوائق بتراكم التجارب والخبرات، وأن نستفيد من جيل حركاتِ التحرُرِ العربي التي انبثق عنها اليسارُ العربي، والإستفادة من تجربته والعوائق التي مر بها والإنحرافات التي أدت إلى أفول نجمهِ.
مع التنبه إلى أن المجتمعات العربيةُ بالبنى المتخلفة، تجعل من شعوبها ومحاولاتهِ بالتفكيرِ كمّاً مُهملاً بدلاً من أن تَسمّحَ له بالإزدهارِ والمبادرةِ، لابُدَ من أن يكون لنا من النزاهةِ مايكفي للنظرِ الى المرآةِ من جانبيها، لانستطيعُ التخفي وراءَ أصابِعنا وإندفاعاتنا العاطفية، أو أن نتعاطى مع قضايانا الحساسة والمصيرية والوجودية بطريقة المتعاطي مع رياضة كرة القدم، الذي يقوم بتشجيعِ فريقِ في المونديال لمُجرّدِ أنهُ يريدُ المشاركةَ في هذا الهرج الجماهيري، تفاعلاً منه مع الحالةِ السائدةِ، أو أن يُشَّجِعَ فريقاً لمُجردِ أن أغلبيةَ البيئةِ الموجودةِ تُشجِعهُ، أو أن يقِفَ مُوقِفَ المُتَفرِج على اللعبةِ لمُجَردِ أنَ الفريقَ الذي يشجعه خرجَ من البطولةِ، إن المشكلة التاريخية والسياسية مع العدو الصهيوني التي نواجهها، والإرتباطَ السلطوي لحركاتِ التحرر العالمي أو حركات المقاومة الشعبية وإنحراف المسار أو أيّاً ما كانت المشاكل التي تواجهنا، يجب أن يبدأ حلّها بتغييرٍ جوهري وجذري في البُنى الإجتماعية، وبما أننا جميعاً على أرضيةٍ واحدةٍ من اليأس فإن التاريخ سيجبرنا على التفكيرِ جدياً تحتَ وطأةِ هذا اليأس بأن نُغيّرَ نمطَ تفكيرنا بما تَفرِضَهُ الضرورة التاريخية بالتَغييرِ.
فبدلاً من الإنشغالِ في تفسيرِ من باعَ المقاومةَ ومن اشتراها وتراشقِ الإتهامات والإعتقاد أن مقاومةَ الشعوبِ ستفشل أو يتم نعيها بإنتهاءِ مشروعٍ سياسي أو سلطوي وانتهاء القائمين عليه، أو الحكم على مشروعٍ تحرري بالأحكامِ المُعلبةِ الجاهزة لمجرد أنهُ صاحبُ إيديوليوجيةٍ دينيةٍ على أساس أننا نمارسُ نوعاً من الوعي لرفضِ الإيديولوجيات الدينية أو حتى "اللادينية" في حركات التحرر، علينا التوجه نحو تهيئةُ التُربةِ الإجتماعيةِ والسياسيةِ والثقافيةِ لنفهمَ أن العلمانيةَ والمدنيةَ، الثوريةَ والديمقراطيةَ والحريةَ، لن تكون خياراً وإنما واقعاً تاريخياً، كثمرةٍ لنضوجِ الوعي السياسي والثقافي والإجتماعي في شعوبِ المنطقة، بما لا يؤدي إلى إنحرافِ إيديولوجيةِ التَحرُرِ أمامَ السلطويةِ و البرجوازيةِ و الرجعيةِ أو أيةِ عوائقٍ، والقدرةُ على تصحيحِ هذا الإنحراف، والبحثِ عن حلولٍ لتجاوزِ العوائقِ لكي لا يكون هناك حتميةٌ في الانحرافِ، لأنه ما من فكرةٍ أو حركةٍ أو حزبٍ إلا وقامت على إيديولوجيا، اياً كانت دينيةً ،سياسيةً، ثوريةً أو...
ولكِّنَ المُشكلةَ في إنحرافِ هذه الإيديولوجيا وإنحراف ارتباطاتها وليسَ في وجودها.
أشعرُ اليومَ أنَ عالمنا العربي يقع بينَ مطرقةِ أفكارٍ وسندانِ دول
المطرقةُ التي تحاولُ خلقَ خرقٍ من قِبلِ من ينتهز الفرصةَ للقولِ: أننا محكومونَ بالفشلِ في مواجهةِ عدونا، وعلينا التصالح مع وجودهِ على الرغم من بنيته القوميةِ والإجتماعيةِ والسياسيةِ التي تبنيه على أنه "بوليس" في المنطقةِ مهمته إرهابَ وإضعافِ وتفشيلِ الشعوبِ، مُستَغِلاً إختناقِ شعوبِ المنطقةِ، موهِماً أن التقاط الشعوب لأنفاسِها "ورفاهيتها" في عيش حياةٍ طبيعية، سيكونُ في إحلالِ السلامِ مع الكيان تحت ذريعة "حقوقِ الشعوبِ بالسلام"، وإنها لمقولَةِ حقٍ أُريدَ بِها باطل، فكما يقولُ المُفَكِّرون: إن مناقشةَ فكرةٍ أو موضوع دونَ الإنطلاقِ من المبادئ الأساسيةِ والثوابتِ فيها لن يُوصِلَ إلى أي نتيجةٍ.
ومن أهم المبادئ والثوابت في هذه القضية، أن الكيانَ "محتلٌ غاصبٌ" رغم المزاعم على أنهُ دولةٌ.
وسِندانُ دولٍ انتهازيةٍ أحلامها توسعيةٌ لإستعادةِ السلطنة المزعومةِ إبتداءاً من الشمال، ودولٍ في الشرقِ تُحاولُ أن تؤسسَ إمبراطوريتها القوميةَ، وإشعالِ نارِها بعدَ أن خمدت منذ سنواتٍ طويلةٍ، ودولٍ أخرى غاصبةٍ في الغرب، تُشكل جزءاً من الرأسماليةِ التوسعية التي تتعاطى مع المنطقةِ وشعوبها على أنهم سِلعٌ
وبما أننا نعيش في منطقة تكثر حروبها، إستوقفني قول ل صن تزو: "يشير فيه عن وسائل الإنتصار في الحرب عبر مقولته المشهورة " الحرب تعتمد على الخدعة "
حيث " أن تكسب مئة معركة ليسَ ذروة المهارة ، بل أن تُخضِع العدو دون قتالٍ هو ذروة المهارة "
وهنا يجب أن نوضح بأن حق الشعوب في المقاومة مقدّس، لكن لانستطيع كشعوبِ منطقةٍ قَدَرُها أن تَذرُفَ الدّماءَ فوق الدّماءِ، إلا أن نَحلُّمَ بالتغيير والإنتصار.



#أحمد_عمر_كيالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوعي في المزاج الجنائزي العربي


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - أحمد عمر كيالي - الوعي في المزاج الجنائزي العربي