أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد أبو ختلة - الحرب على غزة تهجير وخيام وأرواح














المزيد.....

الحرب على غزة تهجير وخيام وأرواح


سعاد أبو ختلة

الحوار المتمدن-العدد: 8121 - 2024 / 10 / 5 - 16:13
المحور: الادب والفن
    


الخيمة، مفردة دخلت قاموسنا اللغوي اليومي عنوة، لا نعرف ان كانت فعل أم فاعل أو مفعول به، خيمتنا لم تكن كالخيام، صنعت بأيدينا، خطناها بتوجس وخيفة أن تلتهم عمرنا وتصبح شرنقتنا، تغلف روحنا وتكبلها، كانت عبارة عن شادر أزرق، يلتحم بسلك يلف حول أعمدة خشبية، في اليوم الأول للنزوح نمنا في العراء، تكدسنا ننظر للسماء، لم نتوقع بعد كل هذا السجال أن يهجروننا من رفح، صوت الموج في الليل، وحشرات تتطاير وقلوب وجلة، صمت صاخب يلوكنا، كيف سيكون الغد، ندعو الله ألا يحتاج أحدنا الذهاب للحمام، ألا يصرخ جوفنا بعض الماء أكاد أحترق"
في اليوم التالي عملت كل عائلة مهجعها الخاص بما توفر لديها، ملاءات، بطاطين وحتى أغطية الفراش، وصنعت خيام واجتمعت كل عائلة بأفرادها في الخيمة، خيمتنا الصغيرة صنعناها بكل ما لدينا، شوادر اعطانا اياها صديق وأعمدة ابتعناها بأسعار مهولة، لكن خبرتنا وربما رفضنا أو رغبتنا أن ينتهي هذا سريعاً، كانت خيمتنا صغيرة، بالكاد تتسع فراشنا وطاولة صغيرة لأشيائنا، وبعد مضي الوقت عرفنا أنها يجب أن تكون أوسع قليلاً لأن من يقوم لا يجب أن يدوس على قدمي أخيه أو يرفس وجهه، وأن الخيمة يجب أن يكون لها ملحقات، مطبخ لإعداد الطعام لاسيما وغاز الطهي مقطوع وعليك استعمال النار في اعداد الخبز والطعام، وأن من ملحقات الخيمة مكان بمفهومنا الحضري يعني صالون وغرفة سفرة ثم لا ننسى الحمام الذي هو قصة مختلفة، اذ أن علينا كمجموعة عائلات أن نصنع حمام مشترك والتفاصيل كثيرة، دارت جلسات نقاش وبحث وتقصي وتوابع أخذت عدة ايام ونحن بالكاد نأكل أو نشرب كي لا نضطر للذهاب لحمام ألأرض الزراعية الموجود في طرف المكان، الليلة الأولى في الخيمة رأيت كل شيء أزرق، وأصابني الهلع حين رأيت شفتي ابنتي باللون الأزرق، قفزت مرعوبة" شفتيها زرقاوان نقص اكسجين وأريد أن أبعدها عن المكان، لكنهم ضحكوا وقالوا لي انعكاس لون الشادر- كلنا زرق – في الخيمة لم أعد أميز الألوان أذكر أنني احدى المرات وضعت عبوتين من الصلصة على طاجن خضار يتكون من حبة بصل وقرن فلفل ودرس ثوم مع حبة بطاطا وحبة باذنجان لأنني لم أميز اللون، وكان تناولنا طعامنا على مضض، لنعاني من الحموضة بقية النهار.
بعد أن استقرينا في المكان وأنهينا التجهيزات وقعنا فريسة للمرض، ابني الذي كان يقوم بمهام التوريد للخيمة ماء وكل مستلزمات الخيمة أصيب بالتهاب الكبد الوبائي a وأصيبت ابنتي بجرثومة المعدة بسبب الطعام الغير معروف مدى صحيته بينما أصبت بضربة الشمس، وقضينا وقتاً ونحن لا نعرف ما نعاني منه الأعراض تتشابه لكنها غير متطابقة، مدة اسبوعين ونحن نعاني ونقوم بكل الأعباء الملقاة على عاتقنا فالراحة رفاهية ليست لنا...
أن تقتلع أناساً من حياتهم وتلقي بهم في الفراغ ليتشبثوا بالحياة التي يشعرون أنها تلفظهم، أحياناً كان يصيبني الشطط، وأشعر أننا في الأعراف، سيغربل الناس من هنا ليذهبون للجنة أو النار، من يصبر ويتحمل ينجو.. وفي ذات الوقت أهرب من كل أفكاري باللعب مع الصغار، الجلوس تحت شجرة الحرش التي تطل على المخيم والبحر في الأفق لا يتوقف عن الحركة، ونحن على هامش الحياة، أصابتنا البلادة، خبر استشهاد، قصف مربعات سكنية، عائلات كاملة تقضي مع بيوتها ونحن ننظر بالفراغ نفرح لمن مات سريعاً ونقلق على المصابين والجرحى الذين سيعيشون الألم وقد يفقدون بعض أعضائهم ويعيشون حياتهم بمعاناة الله أعلم كم تستمر...
الحياة بجوار البحر شيء لم نعهده، كان الصغار فرحون بالبحر وكنا نسخر ها قد أجبرونا أن نقضي الصيف كعائلات على شاطىء البحر، صوت البحر في الليل قد يكون لغيرنا قمة الرومانسية، يتهادل على الشاطئ، لكن هذا الشاطئ حزين يلتقط هموم المهجرين عنوة من حياتهم وحلمهم ليدفعوا لحياة لم يسعوا لها، ولا يريدونها، كلن صوت الموج في الليل يخيفني، والخيمة تعلو وتهبط مع الريح اخاف أن تتمرد علينا وتقلع بالعامود وتسقط على رؤوسنا ونحن نيام، صوت الشادر وهو يهتز بشدة، أكره الليل وأخافه، وفي ذات الوقت أشتاق اليه لأن الذباب لن يشاركنا والقيظ سيذهب وسينام صغار المخيم ويعم الهدوء وطبعاً لا ننسى الزنانة الطائرة التي تتجسس على سكناتنا وهمساتنا وتصدر أزيزاً على مدار الساعة وقد يعلو ضجيجها عندما ترانا نتعايش مع قهرنا...
الجمعة الرابع من أكتوبر 2024



#سعاد_أبو_ختلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عام من الحرب على غزة
- اليوم العالمي للمرأة قراءة أخرى
- الحب في زمن الكورونا
- أماكن سياحية فاخرة.. مراتع للأمراض!
- عيد العمال يلقي قفازات آلاف العمال المتعطلين عن العمل في وجه ...
- ثقافة الاقتباس
- ثالوث الجهل والفقر والعنف أسباب معاناة النساء
- صندوق الموسيقى
- كلام في حال الصحافة الفلسطينية
- محاكمة مبارك
- العالم الافتراضي .. حيوات أخرى


المزيد.....




- خبيرة صناعة الأرشيف الرقمي كارولين كارويل: أرشيف اليوتيوب و( ...
- -من أمن العقوبة أساء الأدب-.. حمد بن جاسم يتحدث عن مخاطر تجا ...
- إعلان أول مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 مترجمة على قص ...
- رحال عماني في موسكو
- الجزائر: مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يستقبل ضيوفه من ج ...
- أحلام تتفاعل مع تأثر ماجد المهندس بالغناء لعبدالله الرويشد
- شاهد/رسالة الفنان اللبناني معين شريف من فوق أنقاض منزله بعدم ...
- عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ ...
- فنان تشكيلي صيني يبدع في رسم سلسلة من اللوحات الفنية عن روسي ...
- فيلم - كونت مونت كريستو- في صدارة إيرادات شباك التذاكر الروس ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعاد أبو ختلة - الحرب على غزة تهجير وخيام وأرواح