أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - الخلفيات التاريخية ودورها في المسارات الاجتماعية














المزيد.....

الخلفيات التاريخية ودورها في المسارات الاجتماعية


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8121 - 2024 / 10 / 5 - 14:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الخلفيات التاريخية ودورها في تحديد المسارات الاجتماعية


ضمن جدليات السيرورة التاريخية يتموضع الزمن (الحاضر) بين مرحلتين أساسيتين ؛ الأولى مدبرة – مغادرة وهي (الماضي) حيث تستوطن الذاكرة الجمعية ، والثانية مقبلة – آتية وهي (المستقبل) حيث تمتحن المقدرة الحضارية . ومن هذا المنطلق ، يتوجب علينا - لكي نفهم معطيات الحاضر التي من طبيعتها أن تكون في حالة من السيولة والانزلاق - أن نقرأ بإمعان خلفيات الماضي ومرجعياته ، مثلما نحسن تقدير توقعات المستقبل ومآلاته . وإلاّ فان كل ما نفعله أو نسعى إليه ، لا يعدو أن يكون ضربا"من التأملات الخيالية ، والاستنتاجات الطوبائية ، والممارسات العبثية ، التي لا رجاء فيها ولا طائل منها ولا اعتماد عليها .
ولما كان متعذرا"على الفاعل الثقافي تحديد ماهية الظاهرة الاجتماعية التي ينوي دراستها ، فضلا"عن إمكانية تحليل مضامينها وفك شيفراتها ، دون الرجوع الى الأصول التاريخية والخلفيات الحضارية والمرجعيات القيمية التي ساهمت في تكوين بنيتها وتحديد طبيعتها ، في إطار سياقات سوسيولوجية وانثروبولوجية نوعية حتمت ظهورها بهذا الشكل دون ذاك ، وبلورة خصائصها بهذه الصيغة دون تلك . نقول لما كان الأمر على هذه الشاكلة ، أضحى من الضرورة بمكان إعادة النظر بكل ما ورثناه من سبل وأساليب تقليدية في الرؤى والتصورات والمنهجيات ، والتي كانت معتمدة في تحليل الظواهر والمعطيات والإشكاليات التي يطرحها الواقع الاجتماعي باستمرار ، ومن ثم تأويل ما قد يستعصي على التفكير المبتسر من أنماط مختلفة ومستويات متعددة من السيرورات والديناميات والتناقضات ، التي أحيانا"ما تفضي الى احتجاب القوى الفاعلة والتيارات العميقة المسؤولة عن تلك الصيرورات والانبثاقات .
والجدير بالملاحظة ، انه ليس كل ما تموضع في (الماضي) يتوجب علينا احتسابه ضمن فرشة الخلفيات التاريخية المؤثرة في معطيات (الحاضر) ، والمعنية في تحديد خيارات (المستقبل) ، كما لو أنها متشابهة في الواقعية ومتماثلة في الدور ومتساوية في التأثير . ولعل هذا الأمر قلل من مستوى القيمة المعرفية والمنهجية لبعض البحوث والدراسات التي كان أصحابها يتوخون الموضوعية في تناولهم للمواضيع الاجتماعية والثقافية والنفسية الملحة ، مثلما أضعف الكثير من تحليلاتهم ودلل على فشل الكثير من استنتاجاتهم . ذلك لأن الكثير من تلك الخلفيات (المعيارية) المعتمدة كانت إما (مختلقة) من هذا المكون / الكيان أو ذاك ، إما (ملفقة) من هذه الجماعة / العصبة أو تلك ، في إطار إضفاء شيء من الأهمية التاريخية والمشروعية الحضارية على وجودها الاجتماعي وحضورها السياسي . هذا بالإضافة الى دور الحكومات / السلطات في المساهمة بهذه استغلال هذه العملية ، لأغراض تتعلق بالمصالح الاقتصادية والأهداف السياسية والهيمنة الإيديولوجية .
وفي هذا الإطار ، ينبغي التركيز على واقعة أن الجدليات الاجتماعية الناشطة ، لا ينحصر دورها فقط على تأطير ما هو قائم في الواقع الاجتماعي المعاش من علاقات وتفاعلات وصدامات ، فضلا"عما يمكن أن يتمخض عنها من توقعات وتنبؤات واحتمالات لاستشراف آفاق المستقبل ، بحيث نعتقد واهمين ان المسارات التي تسلكها تلك الجدليات تقتصر على سلوك الاتجاهات التي لا تقبل الارتداد الى ما وقع في الماضي أو ما حصل في التاريخ . إذ ان من خصائص الديناميات الجدلية أنها قابلة للارتكاس والنكوص نحو الأزمنة الآفلة ، مثلما هي قابلة للتطلع والاتجاه صوب الأزمنة المقبلة عبر اللحظة الراهنة .
وعلى هذا الأساس ، ينبغي ، حين نعتزم دراسة ظاهرة من الظواهر ، أو تفسير حالة من الحالات ، أو تحليل واقعة من الوقائع ، تجنب حشرها في أطر تصورية جزئية وتحاشي التعاطي معها كما لو أنها أرخبيلات معزولة ؛ تارة ننسبها الى الجغرافيا (طبيعة قاسية وبيئة عدوانية) ، وتارة ثانية نحيلها الى التاريخ (سرديات ملفقة وروايات مختلفة) ، وتارة ثالثة نعزوها الى السياسة (استقطابات إقليمية وصراعات دولية) ، وتارة رابعة نسندها الى الاقتصاد (مقاطعات تجارية وحصارات غذائية) ، وتارة خامسة نوكلها الى الدين (انقسامات مذهبية وصراعات طائفية) . هذا في حين ان كل هذه الميادين والمجالات تسهم – كل بحسب دوره وأهميته ضمن المنظومة والمرحلة المعنيتان - في صيرورة هذه الظاهرة أو تلك ، وتشكيل هذه الحالة أو تلك ، وتكوين هذه الواقعة أو تلك . فلو أخذنا – على سبيل المثال لا الحصر – ما حل بالمجتمع العراقي من كوارث بعيد أحداث الغزو والاحتلال الأمريكي في التاسع من نيسان عام 2003 ، سنلاحظ ان معظم الباحثين والكتاب الذين بحثوا في الأسباب والدوافع التي أقحمت هذا البلد في أتون هذا السيل الجارف من الدوامات والمتاهات ، تفرقوا شيعا"إزاء تشخيصهم للعوامل التي اعتقدوا أنها كانت السبب وراء حدوث هذا الكم الهائل من التصدعات البنيوية ، والانقسامات الاجتماعية ، والانهيارات القيمية ، والصراعات السياسية ، على هذا النحو الدراماتيكي الفاجع .
والحال ، فإن كل هذه المقاربات - وإن تضمنت جزءا"من الحقيقة - إلاّ أنها فشلت في الإحاطة بكل أوجه الحقيقة التي تؤكد على أن كل ظاهرة أو حدث أو واقعة ، هي مدينة الى مجموع تلك العوامل الداخلية والخارجية ، الطبيعية والإنسانية ، الأسطورية والتاريخية ، الاجتماعية والاقتصادية ، النفسية والرمزية . إذ إن تضافرها البنيوي وتفاعلها الجدلي معا"هو ما يمنحها الكينونة النوعية التي تجعلها كما تبدو عليه في الواقع ، من حيث الموقع والدور والوظيفة والتأثير .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصائر الرأسمال الرمزي في عصر الرقمنة !
- الاصول الماركسية للتاريخ من أسفل
- اتهام موروثنا الأسطوري ومساءلة وعينا التاريخي : العبرة والاع ...
- انثروبولوجيا المكان بين الأصول الريفية والميول الحضرية : روا ...
- التاريخ والمؤرخ والوثيقة التاريخية : تفاعل لا تفاضل
- أخلاق الثقافة وثقافة الأخلاق
- الخطاب الثقافي والأجيال البينية : قراءة في اجتهادات أستاذ ال ...
- حدود البنية (اللوجستية) في صيرورة الهوية الوطنية
- مرض عضال الثقافة العراقية : ظاهرة التكاره بين المثقفين !
- المؤرخ وتبعات انبهاره بالتاريخ
- (المثقف) حين يمتهن التجارة !
- بمناسبة الذكرى (150) لميلاد الصحافة العراقية - نقابة الصحفيي ...
- العشائر والشعائر : الفزعة القبلية والنزعة الاستعلائية !
- الانثروبولوجيا الماركسية وتمرحل أنماط الانتاج
- دعائم الليبرالية وتمائم البطريركية (مقاربة للحالة العراقية)
- عوائق الليبرالية في المجتمعات البطريركية
- الذاكرة التاريخية .. مفهوم واحد ودلالات متعددة
- مفهوم الجدارة السياسية بين براغماتية الحاكم ودوغمائية المحكو ...
- الاستدعاء النقدي للتاريخ : قراءة في الأصول المنسية
- الاقطاع السياسي : نمط فوضوي لتفكيك الدولة واغتصاب سلطتها


المزيد.....




- الخارجية الأمريكية توافق على بيع صواريخ -ستينغر- بقيمة 825 م ...
- إعلام غربي: أوديسا قد تصبح أرضا روسية وأمريكا لن تمانع
- رئيس مجلس النواب الأردني: العبث بأمن الوطن يعد جريمة وخيانة ...
- هيئة بحرية بريطانية تبلع عن تعرض إحدى السفن لحادث اقتراب مشب ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن إحباط محاولة لتهريب أسلحة من مصر إلى إ ...
- المتحدث باسم الخارجية القطرية يؤكد أهمية العلاقات مع روسيا و ...
- ترامب: لا يعجبنا تأثير الصين على إدارة قناة بنما
- وزير الداخلية السوري يستقبل رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي
- الرئيس السوري يزور الدوحة ويجري مباحثات مع الشيخ تميم بن حمد ...
- إسرائيل تقلص قوات الاحتياط بالجبهات و100 ألف يوقعون عرائض لو ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - الخلفيات التاريخية ودورها في المسارات الاجتماعية