آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 8119 - 2024 / 10 / 3 - 17:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الطفل هو الكائن الذي يتطابق عنده الصدق بالكذب أو الوهم بالحقيقة، الزيف بالخداع.
إنه يرى العالم جميلًا بالمطلق، أنه لعب وأكل ونوم.
وذاكرته السابقة فارغة.
إيران ستبقى إلى أن تتغير المعطيات الاستراتيجية للولايات المتحدة الامريكية، فهي ضرورة وحاجة من أجل استمرار الصراع السني الشيعي.
اليوم هذا الصراع على أشده، وناجح من المنظور الامريكي، عبر أدوات ضرورية، إيران وجماعتها وإسرائيل وجماعتها، والسنة وجماعتهم.
لقد قتل الطرفان السنة والشيعة مفهوم الوطن والديمقراطية، واستبدلوه بمفهوم فضافض ولا واقعي، الأمة الإسلامية العابرة للحدود والحواجز، مفهوم لا مشتركات بينهم سوى لتمرير سياسات تجنح نحو الخواء.
ولا أحد يعرف ما المقصود بالأمة الإسلامية هل هو سياسي، اقتصادي، عاطفي؟
هذا الصراع دفع ثمنه انصار إيران مجانًا، لمصلحة كذبة زائفة، ولحماية المأموث خامئني الخبيث والكذاب، دفعه العرب سواء سنة أو شيعة من دماءهم وخراب بلدانهم، دفعوا ثمن أيديولوجية مريضة وخرافية.
صراع الحضارات الذي أسسته الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2001 ساري المفعول على مستوى العالم.
اعتقد أن هذا المفهوم سيبلع صاحبه، وسينقلب السحر على الساحر، لقد تم تأسيس المرض، صراع الهويات الميتة الحية، سيكون مثل النار في الهشيم المشتعلة التي تأكل الأخضر واليابس، وربما تأكل دولة الهويات المأزومة، اقصد أمريكا.
هناك واحد مهبول يتكلم بالكيان السني؟
هذا الجاهل في اي زمن يعيش؟
وهناك مهبول أخر يحكي أن الصراع اليوم بين يزيد والحسين؟
الحسين ويزيد، مجرد أموات، سواء في حياتهما أو في موتهما.
اليسار أراد حرق المراحل، أنه دون كيخوته القرن العشرين، والواحد والعشرين. كيف سيسحق اليسار الراسمالية، بأي أدوات؟
لينين كذاب وغشاش، وكان مدركًا أنه كذاب وغشاش وغش الجميع في روسيا والاتحاد السوفييتي والعالم.
هل كان يعتقد أنه يستطيع سحق الرأسمالية بالايولوجية، بالعمال المهمشين، بالفلاحين المتخلفين الجاهلين؟
هل تهزم الارستقراطية بمجموعة من الهمج، المكسورين؟
لا بدائل في الأفق.
الصين لم تعد شيوعية سوى بالشعارات الفارغة التي تطلقها، بمجرد أنك ترى صورة الصنم ماو تسي تونغ تعلم أنهم يعيشون في العصر الحجري. هل ستنتصر بالتكنولوجية المتطورة، هل تجاوزت الرأسمالية أم أنها تعمل ضمن آلياتها؟
لكن أين المجتمع المتنور، المتحرر، أين المجتمع المدني، أين هذا التناغم بين الدولة والمجتمع؟
لا زالت الصين تعيش الاستبداد على أصوله، وتزدان بالرق القديم والعبودية.
لقد تم خداعنا، أن الرأسمالية مثل بيت العنكبوت، هذا كذب، هذا وهم، علينا أن ننظر إلى التاريخ بحيادية المفكر والفيلسوف والباحث، أن نقراه دون تحيز؟
أين هي البدائل مفهوميًا للتغيير الجذري للواقع؟
الرأسمالية أصيلة ملتزمة بشروط الواقع الموضوعي، لتغييرها نحتاج إلى أصيل أخر يستطيع أن يكون موضوعيًا يلبي شروط الواقع الموضوعي.
هذا لم يوجد إلى اليوم، لهذا سنعمل ضمن آليات الرأسمالية، وكل يعمل خارجها سيأتي الوقع ويدق عنقه دون رحمة أو شفقة.
الكتاب الذين كان لهم عقل وعين عميقة لرؤية الواقع هم برأي، كاوتسكي بليخانوف، سمير أمين. طبعًا هناك كثر لكني أوردت هؤلاء الأفاضل
كتبت قبل سنتين هذا النص:
أين أصبح نورد ستريم اليوم، لماذا تم التعتيم عليه، بعد المؤتمر الصحفي لوزير خارجية الولايات المتحدة أنطوني بلينكن؟
لماذا صمت الأوروبيين عليه، أليسوا الخاسرين الأوائل من تفجير هذه الأنابيب؟
أليسوا المتضررين؟
لمصلحة من يعمل الاتحاد الاوروبي تحديدًا، من أين يتقاضى موظفي الاتحاد الأوروبي رواتبهم الشهرية؟
ما هي مصلحة أوروبا في هذه الحرب، والعالم كله يراهم، ويرى أن أوروبا في طريقها إلى الأنهيار؟
سنعيد القول أن الاتحاد الاوروبي، والحكومات الأوروبية منفصلين عن شعوبهم، أنهم موظفين عند من يكلفهم بالعمل لصالحه.
اليمين الأوروبي قادم، نتيجة خنوع هذه الحكومات، سيكون يمين متطرف، ولن يقف في طريقه أحد.
ميلوني لن تكون النسخة الوحيدة عن هذا اليمين، سيتبعها ميلوني أخر وأخر، وسيتفكك الاتحاد الأوروبي سواء برغبة امريكا أو روسيا أو بالعامل الذاتي لهم.
يكفي وجود شخصية أوروبية اسمها أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، التابعة للولايات المتحدة كأنها موظفة لهم في أوروبا لتعرف إلى أين تتجه أوروبا المسكينة.
رأيت سلامة كيلة أول مرة عندما دخل الجناح السياسي في سجن عدرا:
شابًا وسيمًا، رشيق الجسم، شعره أسود فاحم، حنطي اللون أقرب للسمرة، يعج بالحيوية والنشاط.
وبالرغم من مكوثه في الزنزانة الأنفرادية مدة سنة وشهرين، وبالرغم من التعذيب والبرد الشديدان الذي تعرض له، والضغط النفسي الذي عاناه إلا أنه كان متفائلًا.
لقد أذته الزنزانة والسجن كثيرًا، وتواطأ جسده الضعيف ضده عندما أوقعه مريضًا معذبًا بقية حياته.
لم يكن سلامة مقتنعًا بسجنه، قالها مرات كثيرة، أنه لا ينتمي إلى أي تنظيم سياسي، ولكن تم الابلاغ عنه ظلمًا.
عشنا معًا في المهجع الثاني في سجن عدرا حوالي الثلاث سنوات، كنّا، أنا وهو، نأكل معًا في الفترة الأخيرة، هو يطبخ مرات وأنا مرات على سخانة مخصصة للطعام والشاي.
وبعد سنتين ونصف السنة من مكوثنا في سجن تدمر، الحقوه بنا إلى حين خروجه في 22 آذار العام 2000.
سلامة إنسان نقي القلب والضمير، خالي من العقد والأمراض النفسية في فترة السجن، كريمًا، لطيفًا شهمًا، لا يعرف الخبث والاعيب السياسيين، ولا دسائسهم.
إنه نموذج مختلف عن السياسيين، ولأنه لا يعرف الخبث، كان يتعرض للأذى النفسي منهم.
السجن عالم الزنادقة، إن لم تكن قويًا حذرًا، يقظًا سيأكلك من حولك.
العلم الحديث، والاكتشاف الهائلة جرد الثقافة من قوتها، من نفسها، بل عراها بالكامل.
إنه يسيطر على كل شيء، ويشق طريقه باقتدار دون منافس.
الأدب بكل أنواعه، في حالة عراء، لا ثياب يحميه اليوم، أغلب الفنون، أنه طوفان يجرف كل القيم والقواعد القديمة، ولا يبقي على أي شيء.
العلم جرد الماضي من كل أسلحته، وحول المجتمعات وقيمها وتماسكها إلى مجرد خواء وفراغ، وما تبقى منه في طريقه إلى الإنحسار والتذري.
لا أحد يصدق أننا في مرحلة انتقالية حقيقية وقاسية جدًا، ستدمر كل الجسور والسدود التي كانت منذ عشرات الآلاف من السنين في وجه الزمن واليوم في الطريق إلى النهاية.
أغلب أفكارنا وتطلعاتنا وأمزجتنا وقناعاتنا أصبحت من الماضي، نحن نتفكك إلى أجزاء فأجزاء.
لا اعرف إلى أين نسير، لكن بالتأكيد نحن ذاهبون إلى المجهول، لكن بسرعة هائلة.
هل يدرك الساسة الفاعلين في حياتنا ماذا سيحدث بعد أو سنتين، وأغلب برامجهم السياسية والاجتماعية مختلف في العمق والسطح عما يحدث في الواقع؟
كل يوم اكتشاف جديد يحطم أو يدمر الاكتشاف السابق عليه بيوم أو شهر أو سنة، ولا حدود للاكتشافات، والابتكارات البشرية أضحت فائض عن قدرة البشر على استيعاب ما يحدث في حياتنا.
ولا يوجد من يوقف هذا التطور العلمي، وأضحت الدولة متخلفة، عاجزة عن مجاراة الزمن.
إن عجز الدولة عن مجاراة العلم هو في خدمة البشر، لكن بشكل مؤقت، لأنها تعطل أو لأنها بطيئة الاستجابة للتطورات، لبنيتها الضعيفة، ولآلياتها المتكلسة، وللعقلية الإدارية المترهلة، سيبقي عالمنا يحبو نحو المستقبل إلى حين مجيء شكل أخر للدولة يستجيب لآليات العلم الحديث وسرعته.
في ظل الحداثة، مات الكثير من المفاهيم المهمة والفاعلة في التاريخ سريرًا، وفي طريقها إلى الموت الحقيقي.
بمعنى، لم يبق منهم شيئًا يستحق الوقوف عليه أو عنده.
الميت لا يعيش أزمة، أنما كيف يتم دفنه باحترام وتقدير أو باحتقار، أو كشيء نافل، كلاهما ليس مهمًا.
يقولون أن إكرام الميت دفنه، والدفن يجب أن يكون في جو مهيب يناسب حمولاته المنتهية الصلاحية.
نقول، عندما تنتهي صلاحية أي مفهوم، ليس مهمًا كيف يدفن، المهم يتسير، يمشي، يشق طريقه إلى التحلل ويرتاح.
تشبه قصة حب معلن لماركيز غارسيا، سانتياغو سيقتل، والجميع ينتظر قتله ولا أحد يحرك ساكنًا.
في الصراع الدائر على كراباخ هناك ثلاث دولة كبيرة تقاتل الدولة الأرمنية الصغيرة في المساحة وعدد السكان.
أولهم الدولة الإسرائيلية والدولة التركية والدولة الأذربيجانية، بالإضافة إلى الدعم المعنوي اللأمحدود من قبل الأخوة في الدين والعقيدة، علمانيين وطرش، وورائهم وقوف الولايات المتحدة الأمريكية.
يكفي لناكورني كراباخ وللأرمن في هذا البلد الصغير أنهم استطاعوا أن يقاتلوا سبعة أيام بلياليها وصمدوا في الدفاع عن بيوتهم وأرضهم وتاريخهم.
الأرمن شعب عنيد، بقي على أرضه آلاف السنين، رغم مرور مئات الشعوب الهمجية على أرضه وصمد، وبقي.
ولو أن الاتراك لم يبيدوهم غدرًا في العام 1915 لكان الكلام اليوم مختلفًا.
قتلوهم بالغدر، عبر تنظيم دقيق من قبل الدولة التركية.
لقد انتصر الهمج.
ساضطر للشرح، للقول أن الثورات لا تبن أنماط إنتاج جديدة، هذا محال.
أنماط الإنتاج صيرورة طويلة في بنية النمط القديم، انتقال نوعي أو تحول عميق في بنية النمط القديم.
الثورة عملية استبدالية، استبدال تراتبية اجتماعية قديمة مهترئة، بمعنى، لم تعد تستطيع إعادة إنتاج نفسها خلال صيرورتها الطويلة في السلطة، بتراتبية اجتماعية جديدة تتناغم مع واقع اجتماعي سياسي جديد.
نمط الإنتاج بنية موضوعية، بمعنى هذا النمط الموضوعي يرتقي إلى الأعلى ولا يعود إلى الوراء.
الثورة ممكن تكون عملية استبدالية، سلطة بسلطة أخرى وممكن العكس.
تعمل الثورة على تحسين الشروط الاجتماعية والسياسية بأخرى، ربما تأخذ بيد هذا المجتمع وترتقي به وتطوره وتحسن من الظورف الاجتماعية والاقتصادية وربما تعيده إلى الوراء، لدينا في هذا المجال الثورة الإيرانية فهي وباء حل بالشعب الإيراني.
هناك ثورات أعادت إنتاج أنظمة لكن بحلة جديدة كما هو الحال في أوروبا الشرقية التي التحقت بأوروبا الغربية، وتفاعلت مع التطورات في العالم وبنت نظم حكم وفق المعايير الأوروبية وقيم حقوق الإنسان كما أقرتها الأمم المتحدة، ربما تتعثر بعض الوقت، بيد أنها أخذت المسار الصحيح إلى هذه الدقيقة.
في بلداننا العربية شقت الثورات طريقها، بيد أن العوائق كانت خارجية وداخلية، واجهضتها.
صحيح أنها كسرت كل الحدود وانكسرت، لكنها كانت ضرورية، على اسسها ربما نرتقي ونبني نظم سياسية جديدة في المستقبل، تؤمن بتداول السلطة وتتمثل قيم حقوق الإنسان والمعايير الإنسانية في إدارة الحكم.
"الحرية خارج الدولة ضرب من الوهم" كلام هيجل كقراءة من بعيد منطقي، بيد أن السؤال:
أين نوع من الدولة يقصد؟
الدولة الحديثة أخذت مسارات كثيرة، إخفاقات وعثرات إلى أن وصلت إلى ما وصليت اليه اليوم.
السويد دولة وفي سوريا دولة، هل تتشابهان كنظرة حيادية أولى؟
لو لدينا دول في العالم تشبه الدولة السويدية لكان البشر بخير إلى حد كبير بغض النظر عن تحليل بنية الدولة القائم على الاستلاب.
حتى لو قارنا بين الدولة في تركيا والدولة في السويد هناك فارق نوعي بينهما من الأرض إلى السماء.
في ظل الحداثة مات الدين، لم يبق منه شيء يستحق الوقوف عليه.
الميت لا يعيش أزمة أنما كيفية دفنه باحترام وتقدير.
إكرام الميت دفنه، بيد أن الدفن يجب أن يكون في جو مهيب يناسب حمولاته المنتهية الصلاحية
اعتبر الدول الأوروبية، هي دول تحت سياسة، أي تنتمي إلى المجتمع المدني أو أقرب إليه.
وأغلب برلماناتها هي برلمانات مطلبية، أي لا سياسية، وهذه الدول لا تقرر سياسات عليا تمس مصالحها الرئيسية ومستقبلها ووجودها.
أي لا ترقى لتسميتها بدولة. هي دول تسيير أعمال ليس إلا.
فهي لم تحافظ على مجالها السياسي ولم تتحكم به ولم تسيطر على سياساتها الخارجية منذ العام 1945.
تكون الدولة دولة عندما يكون لديها القدرة على التحكم بالقرار السياسي السيادي او ما نسميه القرار السياسي الرئيسي أي المتحكم بالسياسة العامة في الشؤون الداخلية والخارجية.
وكل دولة لا تملك قرارها ليست بدولة وأنما شيء أخر، نسميه المجتمع المدني جزافًا أو حقيقة.
وهذا يدركه أردوغان، ويعرف حجم وقوة هذا الاتحاد الكبيرة، الجسم جسم فيل، والرأس رأس فأر.
الرأس الأوروبي، رأس سياسي ميت.
لقد أذلهم هذا الفلتان في أكثر من مكان، في الشؤون الخاصة بهم، وفي الشؤون السياسية الدولية.
عجزهم وهشاشتهم وضعفهم في مواجهة قراراتهم السياسية جعل من هب ودب يلعب بهم.
في العام 1914 قامت الحرب العالمية الأولى، أو ما سميت بحرب الأمبرياليات، حرب السيطرة والنفوذ والامتداد الجغرافي السياسي في البلدان الهشة والضعيفة على مختلف المستويات.
هذه الحرب كانت متوقعة وكتب عنها المفكر الماركسي كاوتسكي، حرب ظالمة جوهرها المصالح للوصول إلى الأسواق والموارد والثروات الوطنية للبلدان الضعيفة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللأتينية.
الحرب كانت أوروبية اوروبية، الحلفاء والمحور، فرنسا وبريطانيا وروسيا من جهة، والأمبرطورية الألمانية والأمبرطورية النمسا ـ المجر والأمبرطورية العثمانية.
دخول الأمبرطورية العثمانية الحرب كان بسبب الحلم الطوراني القديم الجديد، أن يربطوا هذه الدولة بالمناطق الناطقة باللغة التركية، مع وعد من ألمانيا أنها ستلبي مطالب هذا الحلم في حال انتصروا في الحرب.
من سوء الأقدار ان روسيا انسحبت من الحرب بسبب الثورة المشبوهة المسماة ظلمًا الثورة الأشتراكية، التي قام بها لينين وجماعته في الاتحاد الروسي فتنازل هذا الكذاب عن 280 كيلومتر مربع من الأراضي الأرمنية وتنازل عن أوكرانيا وبولونيا وليتوانيا واستونيا وفلندا، وقدم المال بالمليارات لألمانيا للانسحاب من الحرب لمصلحة بقاءه في السلطة.
دول المحور هزموا في الحرب ومنهم تركيا، عاد لينين ودعم هذه الدولة مرة ثانية بالمال والسلاح والأرض وسماها حركة تحرر وطني. القاب فائضة أغدقها لينين على الأخرين دون وجه حق، فتركيا لم تكن حركة تحرر.
لم يأت للأرمن أي فائدة من هذه الدولة المسماة روسيا لا سابقًا ولا لاحقًا، بل بالعكس تمامًا.
البرابرة الروس والأتراك أقرب إلى بعضهما البعض أكثر من أي دولة أخرى.
اليوم عاد الحلم الطوراني يدغدغ عقول القوميين الأتراك من أردوغان إلى علييف إلى غيرهما، الحلم الوهم الذي يمتد من استانبول إلى قبيلة الإيغور في الصين.
هل سينجح، هذا في علم الغيب؟
النظام الدولي أصبح مثل تلك الغانية الباحثة عن من ينام في فراشها ويدفع لها ثمن ذلك بعد أداء العمل المبتذل.
في السابق، كان أغلب المهرجين السياسيين في العالم يعود منبتهم إلى العالم الثالث كعيدي أمين وبوكاسا والقذافي وموبوتوما سيسيسيكو.
أما اليوم، فإن العالم المتقدم يتحفنا بمهرجين محترفين مكملين للعالم الثالث، كترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وجونسون رئيس وزراء بريطانيا العظمى.
أما اردوغان فهو مهرج في الوسط
لم يكتفي النظام الدولي بالإبقاء على النظام العائلي في بلدنا سوريا وحمايته من السقوط وأنما حمى وأبقى على معارضته المتخاذلة أيضًا من السقوط.
ليخرجوا علينا في القريب من الأيام نظامًا هجينًا مرتهنًا لا قيمة سياسية ولا معنوية ولا أخلاقية له.
إن الأنظمة القادمة في السنوات القادمة لهذا العالم ستكون على مقاس مرحلة العولمة، أي، ليست ديمقراطية ولا وطنية ولا دولة.
سيكون لدينا شكلًا فضفاضًا للدولة، تتمفصل أو تتحرك كخيوط العنكبوت، وذلك وفق إرادة القوى الما بعد الاحتكارية المتحكمة بالاقتصاد والسياسة وتنفيذ رغباتها على الصعيد العالمي.
أية كتلة اجتماعية مترابطة المصالح تشكل عمليًا طائفة, ليس بالضرورة أن يكون نابعًا من مصدر ديني أو قومي.
بهذه الطريقة كان المماليك والإنكشارية وغيرهم أيضًا طائفة. ويمكن تكون مصالح الفئات المهمشة كالعمال والفلاحين وغيرهم أيضًا طائفة وتتلون بصبغة غير سياسية, بيد أن مضمونها سياسي بالضرورة.
كان أوباما يتلذذ بالألم السوري, بعذابه, بالموت والهجرة, بخراب عمرانه. عمل بشكل سادي على إطالة أمد معاناة شعبنا عبر مدهم بالمنظمات المسلحة ودعم النظام القاتل, ووقف وراء الستار يتابع ويشرف على الصراع العبثي, مجبرًا الأوروبيين الوقوف على الحياد, بعد أن حول مطالبنا في الديمقراطية إلى قضية لاجئين.
اليوم دخل الروس على الخط بقوة, في خلخلة واضحة للتوازنات الدولية القائمة, ورفع منسوب وضع بلدنا إلى مصاف الأزمات الجيوسياسية العالمية.
أفرح يا حافظ الأسد في قبرك, هناك كشتبنجية برتبة رؤوس دول, يحافظون على جثتك من الزوال.
أنت لا تنتمي إلى أية طائفة, لكنهم لن يتركوك دون طائفة, سيرصدون أنفاسك, سيلبسوك حكمهم لتصبح على مقاسهم.
والله لو تخرج من جلدك لن ينفع. السوسة, الجرثومة القذرة في شرايين المخ.
أنت تنتمي إلى طائفة سواء أردت أو لم ترد.
هذا ليس تقييما للبسطاء, إنما للفطاحل الذين يدعون أنهم مثقفين. بالمناسبة, هذه اللوثة كانت موجودة في السجن, بين اليساريين والشيوعيين بوضوح تام.
تموضعت السلطنة العثمانية على مؤسسات تقليدية, صيغت في ظل صيرورة طويلة لهذه الدولة منذ منشأها إلى حين زوالها, فرضتها براغماتية السياسة والفاعلين النشيطين فيها, والحاجة إلى تنظيم أوضاعها الداخلية وترتيب التوازنات داخل هذا البيت السياسي الكبير, للإبقاء على الاستقرار الهش الذي تكفله قبضة السلطة القوية عبر السيطرة الكاملة على كل مجالات الحياة, خاصة أنها أمبراطورية وجدت نفسها في وسط العالم القديم, عبر الممرات التجارية الرئيسية للعالم, وحركة بشرية واسعة, وجيوش. باختصار أن منطقتنا, هي منطقة العمليات السياسية الدولية, والصراعات السياسية الأولى في العالم, وغير مستقرة جيوسياسيًا نتيجة حيوية المنطقة, ونشاط الناس, وخصوبة الأرض واعتدال الطقس, وغناها بكل الموارد مما جعلها محط أنظار وطمع دول كثيرة, شعوب كثيرة, سواء في الشرق أو الغرب يبغون احتلالها ونهب ثرواتها.
في المجتمعات الأبوية, يجب أن تكون الكلمة للكبير. إذا أصبح الجميع كبارا, سيأكلون بعضهم. لهذا قالوا:
من ليس لديه كبيرًا, عليه أن يشتري لنفسه من السوق كبير, حتى لو كان تمثالا, أو مومياء.
التجربة, هي التي جاوبت على اسئلتنا
الكثير ينظر الى التدخل الدولي في مكان ما, من موقع إنساني, لإنقاذ الناس من كارثة ما.
قلنا سابقا, علينا ان نشك في نوايا السياسيين في كل مكان من العالم, وان التكثيف الإعلامي على موقع ما, وراءه مصيبة.
تدخل اية دولة في أراضي دولة أخرى, لا يتم بين ليلة وضحاها, وراء ذلك نتائج كارثية, لن يكون أولها بقاء تركيا فيها إلى ما شاء, كما حدث في قبرص.
هذه دول, لا يلعبون, يخطون سياسات مداها طويل, وراءها مصالح قوى محلية ودولية وإقليمية.
وفهمكم كفاية
النظام الرأسمالي, قلق, متوتر, متحفز. لا يلتفت إلى الوراء ولا يهتم للماضي. ولا يعرف الاستقرار أو الهدوء أو الراحة. ولا يعنيه الإنسان, حياته, وجوده, مستقبله. الحرب والأزمات المستعصية جزء مهم من طبيعته وبقاءه. دوله هياكل, شكل مؤقت لتصريف الأعمال, مقتحم الحدود والحواجز, يدك ويخرب كل من يقف في طريقه. مدمر لكل القيم والقناعات والمبادئ, والأخلاق, الأديان والقوميات والأفكار. يحول البشر إلى مجرد أدوات, سلع لإنتاج سلع, هضم سلع, تصريف سلع.
همه الوحيد هو السوق, قوانين السوق, المال.
إننا في عالم عبودي بامتياز.
عقدة الخصاء الحضاري الذي يعيشه الإنسان في هذا العصر جعلت حياته النفسية والعاطفية منفصلة عنه تماما.
التطور العلمي والتكنولوجي في مكان, وحاجاته ككائن في هذا الوجود, في مكان آخر.
هذا الاغتراب العميق, عموديا وأفقيًا, سيمزق الإنسان ويحوله إلى اشلاء, قطع مفككة في بازار السوق.
الكثير عم يستفيد, كل واحد من موقعه عبر التباكي على الثورة في المحافل الادبية والسياسية من اجل لملمة الشهرة والمال. ومن هنا وهناك باسم الحرص على الثورة وحمايتها.
هناك ابداع وبداحة من قبل البعض لجني الأرباح على حساب دماء شعبنا.
يا حيف يا وطن, يا حيف ان يكون جمالك بيد غول
آرام كرابيت
أن تقرأ لوليتا في طهران ـ نص قديم أضعه الان من أجل الأحداث الحالية في إيران
"أنت نفسك قلت لنا مرة بأننا جميعًا في المحصلة النهائية خائنون لأنفسنا، فكل منا يضمر في داخله يهوذا لمسيحه الخاص".
الأدب هو القابض على خيانات الواقع، إنه بالمرصاد، يعري العيوب والحقائق الذي تنمو في بنية المجتمع كالأعشاب الضارة. إنه الحقيقة، الكائن المعبأ بالنبل، الذي يدخل دون استئذان إلى المتاحف والبيوت، والمواخير، وحجرة النوم وحركة الأنفاس والليل والنهار، يرصد ويخزن ويعلن على الملأ أن هناك خلل، ورم، جمال باهت ووردة جميلة تحتاج إلى سقاية.
المكان الذي يدخله الأدب لا يستطيع أي علم أخر دخوله، أنه يمهد أو يعبد الطريق لاكتشاف الحقيقة.
سرفانتس كان أول من تنبأ بموت الاقطاعية، ومجيء مولود جديد إلى الحياة في روايته أو رائعته دون كيشوته، وجيوفانو بوكاشيو أول من أعلن دون أن يعلن، أن هناك جنين ينمو في أحشاء المجتمع الأوروبي في رائعته الدّيكاميرون.
" لأن ما نبحث عنه في الأدب ليس هو الواقع، وإنما هو الاحتفاء بإظهار الحقيقة، مثلما يحتفل النصارى بعيد الظهور"
هذا هو الأدب، وهذا هو دوره النبيل، جاء على لسان كاتبة الرواية وبطلتها، ك" دعوة لضرب العنق ل " نابوكوف.. أو.. أنني ربما أجد أقرب الأعمال حتى الأن هو: لوليتا.
ولوليتا هي الرواية المشهورة للكاتب الروسي الذي كان مقيمًا في الولايات المتحدة، التي صدرت في العام 1955، وتناولت فيه حب فتى صغير لفتاة في الثالثة عشرة من العمر، وغلب حب هذه الفتاة على حياة بطل هذه الرواية العميقة، ويبقى أسير هذا الحب طوال حياته، وارتباطه مع أية فتاة أخرى كانت صدى لذلك الحب الأول، وأخذت الروائية الإيرانية آذر نفيسي، منها سيرة روايتها.
الرواية التي في يدينا، "أن تقرأ لوليتا في طهران"، فعل تعرية، وتشريح" فكرت في انتقاء عمل أدبي يعكس واقعنا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، بكل فئاته.
" التقطنا صورتين فوتوغرافيتين أنهما أمامي الأن، تظهر في الأولى سبع نساء يقفن أمام حائط أبيض، وقد اتشحن بأردية وأغطية رأس سود وفقًا لقانون البلاد. كل شيء فيهن مغطى ما خلا دوائر في الوجوه والأيادي. وفي الصورة الثانية، تبدو المجموعة ذاتها وهي تقف الوقفة ذاتها أمام الحائط ذاته. بيد أن الاختلاف الوحيد هو أن مجموعة النساء تبدو هذه المرة بلا أغطية. فتبرز بقع الألوان لتميز النساء عن بعضهن، تبدو الملامح أوضح والتفاصيل أدق"
لا شك الفارق كبير بين الأسود القاتم في الصورة الأولى، ولون الحياة الحية ووهجها في الصورة الثانية، بين الشبح والقناع والظلمة، والنور المبهج الذي يشع من الخلق الأول للمرأة.
عندما يأتي القانون من فوق، من القوى المسيطرة، وفق تصوراتها وأيديولوجيتها الظلامية، يتحول الناس إلى مسخ، أشجار سوداء قاتمة، فتذبل الحياة، وتغيب الحيوية في نفوس البشر رويدا رويدا إلى تموت من الغيض والقهر.
إن القانون يملك قوة الحقيقة إذا وظف بطريقة انتقائية، في بيئة سياسية مظلمة، فإنه يجرد الإنسان من خصوصيته وأحلامه، ويشل الجمال الكامن في الجمال في تكوينه، لها نرى الجمال في الشرق يرتد إلى الداخل عندما تغلق الحياة أمامه إلى أن ينزاح كله من الصورة ويبقى اللون الأسود.
في العام 1995 قدمت الروائية استقالتها من أخر منصب لها في الجامعة، قررت إطلاق العنان لنفسها، وإشباع رغبة مبيتة في داخلها لتحقيق أحد أحلامها، أن تدعو سبعة من طالباتها في بيتها للخوض في الأدب.
الرواية تدخل المجتمع من خلال الرموز الصغيرة والمؤشرات الدالة على المجتمع الذي أغلقته الثورة الإسلامية، على الوجع الاجتماعي، السياسي والتحت السياسي.
من خلال الإشارت الصغيرة البسيطة، ترسم لنا، الشغل الشاغل للمسؤوليين في الكلية، القضايا الجانبية البسيطة لإرضاء الفاعل السياسي أو النزعة الذاتية من قبل القائمين عليها ك" حذف كلمة نبيذ، من قصة ل همنغواي؟ أو حينما تكون أولوياتهم إصدار قرار بمنع تدريس "برونتي" لأنها، كما اتضح لبعض المسؤولين، " تتغاضى " عن فعل الزنى".
هنا يكمن جمال الأدب، أن يدخل في أدق التفاصيل البسيطة، كتصفيف الشعر والكحل والأقراض، أو تناول لحية رئيس الدولة، وتكوينه النفسي والعقلي، وعيوبه الجانبية، ومنح القارئ الرؤية من كل الزوايا والجوانب الخفية للنفس الإنسانية والاجتماعية.
في هذه الرواية نسبح في فضاء الثقافة، استاذة جامعة، أزي، تقدم استقالتها من التدريس لأن الفضاء السياسي لأيران مغلق، تجعل المرء على مختلف المستويات أن يتمسك بالقشور، ويخضع لما تريده السلطة.
وجود إحدى الفنانات، رسامة، تعكس الثقافة الملتصقة بعمق الواقع، بعيدًا عن ابتذال المثاقفين. الشرق الذي كان ينحو نحو الجمال الكامن في دهاليزه، تغيبه الحداثة المعوجة، في الجزء المتخلف من العالم، للإسلام المأزوم فيه، التجريد العالي يفضح ويعلن عبر اللوحات التي تقوم بتجسيد مشاهد من الحياة اليومية، وبخاصة:
" غرف مهجورة أو بيوت مقفرة، أو صور فوتوغرافية قديمة لنساء وحيدات".
وهنا ينكشف الواقع، عندما تعيش النساء وحيدات وينحون نحو الخواء والضعف:
" وشيئًا فشيئًا أصبحت أعمالها تميل نحو التجريد. في معرضها الأخير، كانت اللوحات عبارة عن بقع متناثرة من الألوان الصاخبة، مثل تلك الموجوة في غرفة الطعام في بيتي" وتضيف:
" بقع سود تشوبها قطيرات صغار من الأزرق"
وحينما سألتها عن سبب تحولها من الواقعية الحديثة إلى التجريد، أجابتني:
" لقد أصبحنا نعيش واقعًا لا يطاق، واقعًا أسود قاتمًا إلى حد أنني لن أستطيع بعد الأن إلا أن أجسد لون أحلامي"
لون أحلامي، اللون الأسود، لون الحلم في الدولة التي تنحو نحو انسداد الثقافة والفكر والحرية والجمال، وتتجه نحو تأزيم الدولة والمجتمع ويصبح الحلم مجرد وهم ووجع أو لا حلم:
" إلى أين ستفرين من هذا المكان"
يا له من سؤال عميق وضارب في عمق الأزمة، أزمة مجتمع ينهار أمام أعين الجميع بفعل فئة اجتماعية سياسية قبضت على كل شيء دون أن تترك حجرًا على حجر على حاله.
إلى أين ينسحب المرء، والفضاء الاجتماعي والسياسي ملوث ويزداد تلوثًا مع الأيام.
الانسحاب إلى الداخل فعل مدمر، والخروج منه يحتاج إلى روافع مختلفة غير مهيئة، ولا يمكن للمرء أن يفرغ الطاقة الإيجابية في أي مجال إذا كان مغلقًا، لهذا ارتداده سيتوجه إلى الداخل، وبدلًا من أن تكون الطاقة إيجابية تعمل في مسار البناء يتجه نحو الوحشة والانكماش على الذات.
يستنتج المرء أن اللغة السهلة، خارج، البسيطة للرواية، لا يعكس حقيقتها وعمقها، وأنها متفردة، لديها قدرة هائلة في الكشف عن الخبايا والتراكمات القابعة تحت السطح.
تبدو الشخصيات إيجابية، جميلة من الخارج، نساء في مقتبل العمر يحببن الحياة، وجمالها، يحلمن بالحلم الجميل، أن يقدمن أجمل ما لديهن من أجل مواصلة الحياة بالرغم من عوالمهن الانعزالية الذي سببتها الدولة البوليسية الإيرانية.
هذا يستدعي سؤالا يطرح على الجميع:
هل يستطيع الواقع حمل الأحلام في مكان مسدود، لا حلم فيه؟ في من ستحلم المرأة إذا كان الرجل محجوبًا عن النظر والقلب؟
هل تحلم المرأة دون حضور أنفاس الرجل في حياتها؟ لمن تتجمل، وحولها كله عراء وصحراء طويلة حيث لا ماء ولا شجر ولا خضرة ولا هواء نظيف يزين الجمال؟
قالت وهي تناولني باقة من النرجس البري الأبيض والأصفر: ظننت بأنك خارج البيت؟ فبادرتها وهي تهم بخلع جبتها السوداء: لا رجال في البيت.. بإمكانك خلع هذا عنك أيضًا، فترددت قليلًا، ثم أخذت تفك عنها إيشارب رأسها الأسود الطويل.
لا تنفك الرواية ترسل إشاراتها كمجسات نابضة واضحة عن السواد الذي يرفد إيران في ظل حكم الخميني وصبيانه، الجبة السوداء الإيشارب الأسود، الفكر الأسود القاتم الذي يلف الدولة والمجتمع.
عن علاقة المقدس بالدولة عبر التاريخ
هناك علاقة ما بين المقدس وقيام الدولة عبر التاريخ، لأن الخطوات الأولى لقيام الدولة انطلقت من المقدس، المعبد والكهنوت.
وإن التراتبية الدينية أدت إلى التراتبية السياسية.
كما هومعروف، كان الدين تاريخيًا يقوم على توزيع الوظائف الاجتماعية وضبط العلاقات الاجتماعية، وتنظيمها، وفق أسس تنحو نحو التماسك الاجتماعي وشد أزرها.
بل يمكنني القول أن الأسس العملية لتنظيم التراتبية الاجتماعية والسياسية القائم على التقسيم الاجتماعي بكل أبعاده قام قبل قيام الدولة، بله وضع الاسس والتشريعات اللأزمة لتنظيم العلاقة، بين المعبد والمقدس لتوزيع الناتج الاجتماعي في مراحله الأولى على الفئات التي تملك النفوذ داخل المعبد والقريب من المقدس.
فالعلاقة مع المقدس في صيغتها الغيبية، وضع الخلية الأولى أو المدماك الأول أو الرافعة الحقيقية لانقسام المجتمع، وأسس لقيام الدولة ككيان قائم على خدمة التقسيم الاجتماعي.
وفي تقديري المتواضع أن الدولة في بنيتها، في الوحدة قائم إلى الأن على تنفيذ مهام المقدس وفق تراتبية المال والسلطة والجاه والنفوذ وتقسيم المجتمع تقسيماً أفقياً وعمودياً عبر توزيع الوظائف.
فهو، أي المقدس ما زال كامناً داخل بنية الدولة في العمق لأن تراتبية المال والسلطة والنفوذ، الهرم أي الكهنوت ما زال ساري المفعول.
ما تبدل هو شكل الدولة من الخارج وليس في مضمونها.
المقدس هو المؤسس الحقيقي للعنف، لأن النزوع نحو الوحدة والتوحد قائم على سطوة المال وشهوة السيطرة.
من خلال الصيرورة التاريخية لكلا المفهومين، المقدس والدولة، تبادل الطرفين المواقع، جرى انزياح أحدهما لصالح الآخر لقدرته على تمثيله باقتدار. إن التطور التاريخي والصيرورة الطويلة للدولة، واحتكارها للعنف أدى إلى تقدم السياسي خطوات عملية إلى الأمام مفسحاً المجال عميقاً للانقسام الاجتماعي وترسيخه في عمق الثقافة الإنسانية.
وبدلاً من أن يصبح الديني مجرد طقوس ورموز للعبادات، والعلاقة مع الله فقد عمل على تثبيت دعائم الدولة التاريخية، وتوثيق وجودها وترسيخ مكانتها.
فالدين له مكانته في قلوب الناس لا يجاريه أي عنصر آخر في نجاح الحاكم وتثبيت مكانته السياسية.
لقد دخلت الطقوس الدينية في السياسة من الحقل الغيبي إلى العقلي، من الروئ والرموز إلى الخضوع، من المقدس وهيبته إلى تكريس مكانة السياسي كظل الله على الأرض.
لهذا تناسل التاريخ تباعاً من تآليه المقدس إلى تآليه الدولة التاريخية وشخصنة حاكمها. وتحول الحاكم من إنسان عادي إلى ظل الله على الأرض فجمع ما بين القداسة والدولة الجديدة المفترضة. التآليه والسلطة توحدا. مضت الدولة تكتسب القداسة، تآله الحاكم، أصبح يأمر فيطاع، يسن القوانين والتشريعات والأحكام الجائرة بما تتناسب مع مقاس شخصه والفئات الاجتماعية النافذة التي يمثلها.
أصبحت الدولة رمزاً للانقسام الاجتماعي والإنساني، في العمق والسطح وجرى اخضاع البشر بالقوة، عبر إنشاء الجيوش والحروب والقتل والغزوات والنهب لإرضاء مصالح الفئات الاجتماعية النافذة في قمة الهرم الاجتماعي عبر التاريخ.
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟