أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - -تاتامي- فيلم رياضي إيراني - إسرائيلي ملغوم سياسيا















المزيد.....

-تاتامي- فيلم رياضي إيراني - إسرائيلي ملغوم سياسيا


علي المسعود
(Ali Al- Masoud)


الحوار المتمدن-العدد: 8117 - 2024 / 10 / 1 - 14:12
المحور: الادب والفن
    


التداخل بين السينما والسياسة ليس بالأمر الجديد، فكثيرة هي الأفلام التي تحمل في أعماقها رسائل سياسية، والفرق بينها هو أن بعضها ينخرط في خطاب دعائي سلطوي أحادي، والبعض الآخر يتخذ موقفا ناقدا ويناصر الحقيقة والمظلومين. ويعتبر فيلم “تاتامي” الإيراني – الإسرائيلي من الأفلام التي تقحم السياسة في الرياضة، لكننا نتساءل: إلى أيّ نوع من الأفلام ينتمي؟ . في بطولة طوكيو العالمية للجودو عام 2019، أجبرت السلطات الإيرانية الرياضي سعيد مولاي على خسارة الدور نصف النهائي عمدا. وكان هدفهم منعه من التنافس في نهاية المطاف ضد إسرائيل، وهي الدولة التي لا يعترف بها النظام الإيراني رسميا. بعد المنافسة، يهرب مولاي إلى أوروبا لتجنب القمع في إيران. وحصل على اللجوء هناك وأصبح عضوا في فريق اللاجئين التابع للاتحاد الدولي للجودو، ومنعت إيران إلى أجل غير مسمى من المشاركة في البطولات الرياضية الدولية . في فيلم “تاتامي” استبدل الرياضي الإيراني سعيد مولاي في القصة الحقيقية بالرياضية الإيرانية ليلى حسيني (أرين ماندي)، فيلم تاريخي ليس فقط لأنه مبني على قصة حقيقية، ولكن أيضا لأنها المرة الأولى في تاريخ السينما التي يعمل فيها مخرجان إيرانية وإسرائيلي معا، وهما الممثلة والمخرجة الفرنسية – الإيرانية زار أمير إبراهيمي، التي تعيش في المنفى في باريس منذ عام 2008 والحائزة على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان لعام 2021 عن فيلم “العنكبوت المقدس”، والمخرج الإسرائيلي جاي ناتيف الذي أخرج فيلم (كولدا) عن رئيسة الوزراء الاسرائيلي وأحداث حرب حزيران عام1967.
دراما سياسية تمزج عالمي الرياضة والسياسة وتترك الأسئلة معلقة
“تاتامي” عنوان الفيلم يشير إلى السجادة أو الحلبة التي تمارس عليها رياضة الجودو، إنها تلك المساحة التي قطعتها كابتن المنتخب الوطني الإيراني للسيدات في هذه الرياضة (ليلى حسيني) عدة مرات والتي تزرع فيها أحلامها وطموحاتها. إنها تعبر عن نفسها من أجل البلد والأسرة، وتتعايش مع تلك المنطقة المحدودة مع خصم تحترمه وتشاركه المنافسة . بطولة العالم للجودو في تبليسي هي فرصة البطلة ليلى لإظهار موهبتها من أجل الحصول على الميدالية الذهبية. منظر جوي للعاصمة الجورجية تبليسي، بمبانيها السوفييتية المتميزة، ثم تأخذنا الكاميرا إلى داخل الملعب المزدحم. وهناك تقوم ليلى وفريقها بالإحماء تحت إشراف المدربة مريم قنبري (زار أمير إبراهيمي). ليلى حسيني شابة تمثل إيران، وهي رياضية مصممة على الفوز بالميدالية الذهبية في بطولة العالم للجودو. لا شيء يمكن أن يصرفها عن هدفها النهائي، ولا حتى بضعة كيلوغرامات اكتسبتها، مما قد يدفعها إلى فئة الوزن الأعلى. تستمع ليلى إلى موسيقى الراب من خلال سماعات الرأس أثناء القفز والجري وركوب الدراجات .
لكن على الفور يبدأ التوتر في التصاعد بعد التدخل السياسي والترهيب والتهديدات الآخذة في الاتساع من جانب النظام الإيراني، في الواقع، طلب منها (أو بالأحرى أجبرت) من الجولات الأولى بالانسحاب من بطولة العالم، لتجنب النهائي الافتراضي ضد لاعبة إسرائيلية .لسنوات عديدة، يتم منع الرياضيين الإيرانيين من التنافس ضد منافسين من إسرائيل. ويحدث الشيء نفسه مع المتسابقة الإيرانية ليلى الحسيني، يعني هذا التخلي عن حلمها لكسر القواعد والروح الرياضية التي تحكم الجودو. لكن ليلى اختارت معارضتها لأوامر النظام الإيراني واستمرت في القتال (بالمعنى الحرفي والمجازي)، وقررت عدم التخلي عن أحلامها، على الرغم من التهديدات النظام التي أصبحت أكثر عدوانية ومستمرة .قررت ليلى وبدعم من زوجها نادر (آش غولده)، الذي يجب أن يهرب من طهران في منتصف الليل مع ابنهما الصغير من أجل سلامتهما. ليست هذه هي المرة الأولى التي تكون فيها في هذا الموقف، ولكن “الآن القوة في أيدينا”، كما تقول لمدربتها (زارا الإبراهيمي) بحزم .
في فيلم “تاتامي” منذ الدقائق الأولى، تتشابك الموضوعات الرياضية والسياسية وتتداخل معا. تستحضر قصة الفيلم حالات مماثلة مثل حالة سعيد مولاي، لاعب الجودو الإيراني الذي رفض التهديدات التي تلقاها بالانسحاب حتى لا يلتقي بالإسرائيلي ساغي موكي. يصبح النضال الرياضي من أجل الفوز بلقب الجودو العالمي للسيدات عملا سياسيا عندما تفرض السلطات الإيرانية انسحاب البطلة المحتملة التي تتمرد .
في منتصف الطريق بين فيلم رياضي مؤطر سياسيا أو بمعنى آخر ملغوم سياسيا. فإن الفيلم هو قبل كل شيء قصة امرأة تقرر عدم قبول التنازلات وعدم الاستسلام للقمع، والتي تختار العيش في المنفى بدلا من النفاق لا تستسلم للأكاذيب، تاتامي مساحة محددة، منطقة ذات حدود دقيقة تنطبق فيها قواعد واضحة بنفس القدر: إنها المنطقة التي يتصادم فيها رياضيو فنون الدفاع عن النفس، السجادة التي تنطبق عليها قوانين الروح الرياضية . عندما تضع ليلى حسيني بطلة الجودو الإيرانية، قدميها على سجادة التاتامي في أول منافسة لها، في بطولة العالم للسيدات في تبليسي، فإنها تعرف القواعد وقوتها وفرصها في الفوز. الصراع الجسدي هو استعارة لصراع سياسي ووجودي. يضفي التصوير بالأبيض والأسود على هذه الفكرة ويجسد الطبيعة المتطرفة للابتزاز. تم تصويره بشكل لافت للنظر في لون واحد من قبل المصور السينمائي تود مارتن، حتى اختيار جورجيا ليس من قبيل الصدفة، البلد الذي يشارك في إنتاج الفيلم، إنه أيضا رمز للحدود بين أوروبا وآسيا . خلال بطولة العالم للجودو، تتلقى لاعبة الجودو الإيرانية ليلى ومدربتها مريم إنذارا نهائيا من الجمهورية الإسلامية يأمر ليلى بتزييف إصابة وخسارة المباراة، وإلا سيتم وصفها بالخائنة للدولة. مع وضع حريتها وحرية عائلتها على المحك. تواجه لاعبة فريق الجودو الوطني الإيراني ‏‏التي تدربها ‏‏مريم قنبري‏‏ خيارا صعبا وهي تستعد للمنافسة في بطولة العالم. تبدأ المباريات، ولكن بعد النزال الثاني، الذي تفوز به ليلى بشكل حاسم، تتلقى أمرا من كبار المسؤولين السياسيين – الرئيس والمرشد الأعلى – ومن خلال اتحاد الجودو الإيراني في الحيلولة من الاحتمال الحقيقي لمواجهة نظيرتها من "دولة الاحتلال الإسرائيلي” والتظاهر بالإصابة والانسحاب من البطولة لكي لا تتم معاقبة اتحاد اللعبة من الاتحاد الدولي . بعد إصرار اللاعبة على الاستمرار في البطولة تتعرض إلى التهديدات المتكررة لها ولعائلتها (يجب على زوجها الفرار مع ابنهما نحو الحدود وكذلك يتم اعتقال والديها)، ورغم ذلك، تقرر عدم الخضوع للابتزاز، ويشجعها طبيب الاتحاد الدولي للجودو، وهو نفسه لاجئ سياسي (من رومانيا إلى كندا في عام 1978)، وكذلك رئيس الاتحاد، لأن مثل هذه الضغوط تشكل انتهاكا واضحا للوائح الرياضية بالإضافة إلى كونها تدخلا سياسيا، على الرغم من أنه يجب أن تكون الرياضية نفسها هي التي تطلب المساعدة من خلال الإبلاغ عن الوضع .
رحلة المدربة مريم (زارا أمير إبراهيمي) أكثر عذابا، تحاول في البداية مقاومة التهديدات (التي تشمل والدتها أيضا)، ثم تفعل كل شيء لإقناع ليلى بالاستسلام، لكنها ترى إصرار ليلى في المباراة الحاسمة، التي تخسرها في النهاية بسبب قلة التركيز. ترفض ليلى العودة إلى إيران وتطلب اللجوء السياسي بنفسها، عندما تدرك أنهم يحاولون اختطافها . علاوة على ذلك، كانت لديها تجربة مماثلة في بطولة العالم السابقة، حين قامت بتغليف قدمها بالجبس متظاهرة بالإصابة. لكنها تستند إلى أمثلة حقيقية مثل قصة صدف خادم، الملاكمة الإيرانية التي رفضت في عام 2019 ارتداء الحجاب في إحدى المسابقات، أو كيميا علي زاده، بطلة التايكوندو التي وجدت اللجوء في ألمانيا في عام 2020، أو عاطفة أحمدي، المتزلجة التي طلبت أيضا اللجوء في ألمانيا في عام 2023 كامرأة، ونفس الشيء بالنسبة إلى الرياضيين الرجال. والقائمة يمكن أن تطول .
‏ يزداد الاهتمام بشكل بارز في السياق الجيوسياسي الحالي بالفيلم الذي عرض في مهرجان البندقية، بالنظر إلى هوية المخرجين ‏‏زار أمير إبراهيمي‏‏ (ممثلة إيرانية فرت إلى فرنسا بعد أن حكم عليها بالسجن ومئة جلدة وأدانت وزارة الثقافة الإيرانية أيضا مهرجان كان لمنحها جائزة ‏‏العنكبوت المقدس‏‏) في أول تجربة إخراجية لها، والمخرج الإسرائيلي ‏‏غاي ناتيف‏‏ الحائز على جائزة الأوسكار في عام 2019 عن فيلمه القصير “الجلد” والذي يعيش في الولايات المتحدة. وهذه هي المرة الأولى التي يعمل فيها كاتب إسرائيلي مع مخرجة إيرانية .
الرسالة السياسية : ما يحدث في الظاهر مختلف عما يحدث في الخفاء
الرسالة السياسية والإنسانية ترن بصوت عال وواضح وحقيقي، اللاعبة ليلى (ماندي) تدخل بطولة العالم للجودو في تبليسي، جورجيا كمنافسة في فئة وزنها. وعرابتها ومدربتها مريم (زارا أمير إبراهيمي) تراقبها عن كثب وهي تختلط مع لاعبي جودو آخرين بما في ذلك اللاعبة الإسرائيلية. بعد تحقيق الفوز في الجولة الافتتاحية بسهولة، تبدو ليلى متجهة إلى النهائي. وذلك عندما تأتي المكالمة الهاتفية من رئيس اتحاد الجودو الإيراني يأمر من خلالها المدربة مريم بسحب لاعبتها من البطولة بعد تزييف إصابتها، مفترضا أنها قد تواجه لاعبة الجودو الإسرائيلية في وقت لاحق من البطولة . تضطر ليلى فجأة إلى اتخاذ قرار يمكن أن يؤثر بشكل جذري ليس فقط على حياتها، ولكن أيضا على حياة زوجها وابنها الصغير في طهران. في هذه الأثناء، على حافة حصيرة التاتامي، تستعيد مدربتها ماضيها وهي تحاول ألا تستسلم تحت الضغط الذي يمارسه عليها عملاء الحكومة، بينما يبدأ ممثلوا الاتحاد الدولي للجودو في التشكيك في سلوكها غير المنتظم تجاه رياضيتها.‏
القصة مستوحاة من عدد من الرياضيين الإيرانيين الذين انشقوا ورفضوا الأنصياع الى أوامر الحكومة الايرانية وتحملوا العواقب لهذا التمرد . “تاتامي” هو دراما سياسية تتضمن عناصر الإثارة للحفاظ على مستويات الاهتمام مرتفعة، ليلى ‏‏كابتن فريق الجودو الإيراني‏‏ – مركزة ومصممة وحريصة على الفوز بالميدالية الذهبية. إلى جانبها المدربة الرئيسية مريم التي تراقب عن كثب وقبضتها محكمة على فريقها الذي يوازن بين الالتزام ‏‏بالقواعد الصارمة للحكومة الإيرانية‏‏ وتزويد فريقها بفرصة لتحقيق أحلامه .لا يستغرق الأمر وقتا طويلا حتى يصل هذان الاثنان إلى ذروتهما. مع تعرض حريتها وحرية عائلتها للخطر، تواجه ليلى خيارا مستحيلا في الامتثال للنظام الإيراني بينما تناشدها مدربتها مريم أن تفعل أو تقاتل من أجل الذهب. ‏يوصف “‏‏تاتامي‏‏” بأنه أول فيلم روائي طويل يشارك في إخراجه مخرجان إيرانية وإسرائيلي، هو جزء منه فيلم رياضي وجزء من فيلم إثارة سياسي مع تحقيق كلا الجزأين بدقة متساوية .يمثل نجاح ليلى مشكلة للحكومة الإيرانية لأنه يعني أنها قد تستمر في مواجهة اللاعبة الإسرائيلية في النهائي. يرى النظام أنه من المهين لإيران أن تخسر أمام إسرائيل، لذلك يحاول الحيلولة دون المواجهة، لذلك تؤمر ليلى بالانسحاب من البطولة، يأتي هذا التوجيه في البداية على شكل مكالمة هاتفية مقتضبة مع المدربة مريم، ولكن مع تجاهل ليلى لهذا الضغط وتقدمها أكثر في البطولة، تنحدر إلى تهديدات شخصية ضد أفراد الأسرة في إيران

تشابك الموضوعات الرياضية والسياسية وأسئلة تبحث عن أجوبة ؟
لا ليلى ولا مريم في أي مرحلة من الفيلم تفكران في الرمزية الأيديولوجية للمصافحة ، ناهيك عن اللعب ضد الرياضيين الإسرائيليين بل في تحقيق فوز لبلدها أولا ولها ولعائلتها أيضا. بالنسبة إلى الصورة التي من المفترض أن تكون سياسية، فإن الشخصيات المطروحة غير مسيسة، مصالحها هي مصالح ذاتية بحتة منفصلة عن علاقة المنطقة الساخنة مع الرياضة الإسرائيلية . المدربة تجسد بدقة إحباط وقمع الرياضيين الإيرانيين الذين يتعرضون دائما للترهيب من قبل نظام يملي عليهم سلوكهم وعلاقاتهم، بما في ذلك إجبار اللاعبات على ارتداء الحجاب ضد إرادتهن، المشهد الذي تخلع فيه ليلى حجابها أخيرا هو الأكثر تحررا في الفيلم .ما تقدمه المخرجة زارا إبراهيمي بشكل أساسي هو لمحة عن تكتيكات الترويج للخوف التي أخضعت الجمهورية الإسلامية رياضييها ‏‏لها لعقود‏‏ من الزمن، بينما يلمح أيضا إلى لامبالاة ورفض الجمهور الإيراني سياسات بلادهم ضد إسرائيل. وإبراهيمي من المعارضات للحكومة الإيرانية منذ فترة طويلة وتعيش حاليا في المنفى.‏ ما الذي غذى هذه اللامبالاة؟ ، هل يشترك الإيرانيون في نفس عدم الاهتمام بتاريخ إسرائيل الطويل من إراقة الدماء في المنطقة؟ ، لو لم يكن قمع الدولة موجودا، هل كان جميع الرياضيين الإيرانيين على استعداد للعب ضد الإسرائيليين؟ وإذا تم التوصل إلى معاهدة سلام مع إسرائيل، فهل سيتصرف الرياضيون الإيرانيون بشكل مختلف عن المصريين أو التونسيين أو السودانيين أو الجزائريين أو بقية المنطقة؟ ، ‏هل من الصواب مقاطعة الرياضيين الإسرائيليين؟ هل من الصواب التعامل مع جميع الرياضيين الإسرائيليين على أنهم كتلة متراصة راكدة؟ هل المشاركة والتعامل مع الدولة الصهيونية يخدمان القضية الفلسطينية بشكل أفضل؟ متى يكون من الصواب تنفيذ المقاطعة ومتى لا يكون ذلك؟ .
تتجاهل المخرجة زارا إبراهيمي هذه الأسئلة الأخلاقية والفلسفية الأساسية التي لا تعد ولا تحصى، ويكشف في هذه العملية عن خجل الخطاب المحدود للفيلم وأحادي البعد . إن العلاقة المعقدة للرياضيين الإيرانيين تجاه كل من بلدهم واللغز الإسرائيلي، المتمثل في دفعهم إلى مأزق سياسي لم يختاروا أن يكونوا جزءا منه، ‏بالنظر إلى حقيقة أن الأموال الإسرائيلية التي صرفت لتمويل الفيلم؛ والدعم الإسرائيلي لمشروعها وزيارتها للكيان الصهيوني يشكل نقطة سوداء في تاريخ الممثلة والمخرجة زارا أمير إبراهيمي التي ناضلت ضد قمع النظام الإيراني للحريات وتناست معاناة الشعب الفلسطيني البطل والقمع الإسرائيلي لحريته ومحاولة إبادته . إمرأة تقرر عدم قبول التنازلات وعدم الاستسلام للقمع وتختار العيش في المنفى بدلا من النفاق والاستسلام للأكاذيب !!، ولزيادة الطين بلة، قال ناتيف لصحيفة ‏هوليوود ريبورتر إن إبراهيمي أبلغته بأنها “كانت تحلم بهذه اللحظة (زيارة إسرائيل)، لأنها كانت تنظر إلى إسرائيل على أنها شيء عدائي للغاية في وطنها عندما كانت طفلة، وهي الآن هناك تشرب القهوة مع صديقتها الإسرائيلية ". بالنسبة إلى المراقب العادي، من الصعب ألا نتساءل عن الملايين من الفلسطينيين المحاصرين في وطنهم المحاصر لأكثر من نصف قرن، لم يمنحوا أبدا رفاهية الاستمتاع بشيء بسيط مثل القهوة في بلد لم يتوقف أبدا عن إذلالهم وتعريضهم لنفس النوع من الظلم الذي عانى منه الإيرانيون على أيدي الجمهورية الإسلامية . بالإضافة إلى عدم وجود سياق سياسي وتاريخي ملموس للتنافس الرياضي الإقليمي، يجعلها في نهاية المطاف دعاية صارخة للتطبيع. إنها نفس الأجندة التي تدفعها إسرائيل منذ أكثر من نصف قرن في المنطقة. أجندة تنشرها الآن الممثلة والمخرجة زارا إبراهيمي وهي نفسها ضحية لسياسات إيران السادية .
الفرق بين الفن العظيم والمسيس كبير ويعتمد على عمق وثراء خطابه الفكري والسياسي.‏‏ والأهم من ذلك، الموقف العام الثابت للشعب الإيراني تجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ‏ليس من النادر أن يرفض الرياضيون في الشرق الأوسط اللعب ضد خصوم إسرائيليين، والاحتجاج على العدوان الإسرائيلي ، والإشارة إلى رفضهم تطبيع العلاقات مع الدولة الصهيونية . تم تصوير الفيلم بالأبيض والأسود، مع لقطات مقربة وحركات الكاميرا السريعة التي تتبع حركات الجودو، وكانت وتيرة الفيلم ثابتة. يتطور عالمان تقريبًا بالتوازي: أحدهما على خشبة المسرح والآخر خلف الكواليس. ما يحدث على التاتامي، أثناء المباريات الفعلية، يختلف تمامًا عما يحدث في غرف تغيير الملابس أو في الممرات. إن الإشارة إلى الواقع المزدوج الذي يسيطر على حياة الناس في إيران واضحة ومخيفة. يشعر المشاهد بالتوتر الذي تشعر به ليلى ومريم بسبب السيطرة والتهديد المستمرين، فضلا عن الإرهاق الناتج عن الاضطرار إلى التظاهر مع العالم الخارجي وعدم القدرة على الثقة بأي شخص. المشهد الذي لا تستطيع فيه ليلى التنفس بصعوبة مشوق للغاية إلى درجة أن مشاهدته مزعجة جسديا وفكريا .
‏موقف المخرج غاي ناتيف المؤيد لإسرائيل واضح تماما في أفلامه، وأبرزها في إنتاجه الأخير “‏‏غولدا‏‏” ‏في مقابلة مع هوليوود ريبورتر، اعترف ناتيف بأن بلاده “عنصرية تجاه الإثيوبيين والفلسطينيين وغيرهم من العرب، بالإضافة إلى الأنشطة العنيفة للمستوطنين الإسرائيليين”، لكن موقفه يتماشى إلى حد كبير مع الإسرائيليين المتوسطين الآخرين. ‏وخلافا للعديد من أقرانه اليساريين، فإن إدانة ناتيف لليمين المتطرف في إسرائيل لم تظهر أبدا في أفلامه، ولم يدافع علنا عن إنهاء احتلال بلاده لفلسطين أو حق الفلسطينيين في العودة .
"تاتامي” هو تحريض قوي ضد اضطهاد الحكومة الإيرانية للمرأة، كان من الممكن أن تكون هناك مخاوف أخلاقية أقل لو أن ‏‏الفيلم ‏‏قد صنع مع منتقدين إسرائيليين أو معارضين للسياسة الصهونية مثل عاموس جيتاي أو آفي مغربي. لكن مشاركة ناتيف إلى جانب تمويل الفيلم من مصادر إسرائيلية مختلفة، تغلف المشروع بهالة لا تمحى من عدم الثقة، مما يجعل هذا الفيلم منجزا معيبا . فيلم “تاتامي”تم عرضه لأول مرة في مهرجان البندقية السينمائي الثمانين ، وحسب تصورهم هو “فيلم يسلط الضوء ويعزز قيم العقلانية، واحترام حقوق الإنسان، والديمقراطية، والتعددية، وتعزيز الفردية والتعبير والبحث، ومبدأ تكافؤ الفرص في المؤسسات العامة لجميع المواطنين، دون تمييز متكرر على أساس الجنس أو الهوية أو المواقف الدينية أو الفلسفية”. أكد كل من ناتيف وإبراهيمي على الحاجة الملحة إلى العمل في هذا المشروع في ما يتعلق بسياسات بلديهما الأصليين . عندما يتعلق الأمر بالاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان، فإن كل من إيران وإسرائيل في المقدمة .



#علي_المسعود (هاشتاغ)       Ali_Al-_Masoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم - ليس بدون أبنتي - قصة الجحيم الذي عاشته أم احتجزها زوج ...
- نقد حاد لنظام الرعاية الصحية الأميركي في فيلم ( قلوب أرجواني ...
- إستكشاف مروع لحياة امرأة إيرانية معنّفة في فيلم -شايدا-
- فيلم - حرية - يؤرخ سقوط نظام نيكولاي تشاوشيسكو عام 1989
- فيلم - بالتيمور- حكاية روز دوغديل ، البورجوازية ا التي تحولت ...
- - حياة الماعز- فيلم يكشف الوجه الآخر للعبودية المتمثل في نظا ...
- الفيلم الأسباني -كل أسماء الله - استكشافًا مواضيع عميقة مثل ...
- سيرة ذاتية لمبتكرة التجريديةا في الفيلم السويدي -هيلما-
- فيلم - ما وراء الجدار-..يروي كابوس الدولة البوليسية الإيراني ...
- الفيلم الوثائقي السويدي - بليكس ليس قنابل - يستعيد حقيقة ما ...
- الدراما الإنسانية عن الاشخاص المصابين بطيف التوحد في الفيلم ...
- فيلم -المحاكمة- تحفة المخرج أورسون ويلز المنسية
- فيلم -عندما بكى نيتشه - تقييم أدبي لتاريخ الفلسفة وممارسة ال ...
- فيلم - أينشتاين والقنبلة - يتعمق في حياة العالم ألبرت أينشتا ...
- فيلم -الهارب العظيم - يحمل رسالة في مناهضة للحروب
- فيلم -عدّاء الطائرة الورقية- قصة التمييز العرقي ، والغزو الأ ...
- فيلم -عدّاء الطائرة الورقية- قصة التمييز العرقي ، والغزو الأ ...
- الرقابة على حرية التعبير في الأنظمة القمعية يكشفها الفيلم ال ...
- التميز والعنصرية في المجتمع الألماني يكشفها فيلم ( قاعة المع ...
- أبناء الدانمارك- يناقش أزمة تنامي اليمين المتطرف والنازيين ا ...


المزيد.....




- شهادة من وسط الدمار بالضاحية الجنوبية لبيروت.. الفنان معين ش ...
- إعلان جديد ح76.. مسلسل طائر الرفراف الموسم 3 الحلقة 76 كاملة ...
- الآن .. نتيجة معادلة كلية تجارة 2024 sso.scu.eg وشروط القبول ...
- مارتن لورانس في عرضٍ كوميدي مرتقب بموسم الرياض
- 6 شهداء وعدد من المصابين إثر قصف إسرائيلي على مبنى الثقافة ا ...
- مهرجان الإسكندرية السينمائي.. تكريم نيللي وأيمن زيدان يعتذر ...
- -أصيلة 45- برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون
- معرض الرياض الدولي للكتاب يحتفي باليوم العالمي للترجمة
- محمد المكي -شاعر الأكتوبريات-.. أيقونة الأدب السوداني
- مصر.. محاكمة عاجلة لشيخ وفنانة شهيرة


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - -تاتامي- فيلم رياضي إيراني - إسرائيلي ملغوم سياسيا