أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حاتم الجوهرى - السودان ومصر: إلى أين، سيصل كل منا على حده!














المزيد.....

السودان ومصر: إلى أين، سيصل كل منا على حده!


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 8116 - 2024 / 9 / 30 - 22:49
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


في البعثة العلمية الأخيرة للصين لدراسة "آليات التراث الثقافي غير المادي" والتعرف على التجربة الصينية [في عام 2017م]، وضمن وفد ممثل عن وزارة الثقافة المصرية، التقيت صحبة رائعة من الإخوة السودانيين وهم: د.قذافي، أ. عبدالحي، أ.مجدي، أ. سيف، وقضينا معا وقتا من أجمل الأوقات وأبهجها والذكريات الجميلة..
لكنني بخبرتي الطويلة في العمل العام؛ لاحظت أن هناك الكثير تحت السطح عند د.القذافي، وباستمرار النقاش الذي كان يتحول لجدال طويل لعدة ساعات أحيانا، اكتشفت أن د.القذافي يختلف عن بقية أعضاء الوفد السوداني الشقيق المنتمين بفطرتهم لنسيج العلاقة التاريخية بين البلدين والشعبين، كان د.القذافي أقرب للنخبة الثقافية المتداخلة مع طبقة الحكم والساسة السودانيين حاليا، وهي النخبة التي أصبحت متشبعة ومشحونة بمفاهيم التدافع والصراع والتنافس الحضاري مع مصر..
لم أيأس طوال مدة البعثة من محاولة رأب الصدع مع د.القذافي؛ واستمعت إلى وجهة نظره كاملة، على المستوي التاريخي والسياسي، حيث يرى ضرورة الفصل والتأكيد على التدافع أو التنافس – كما كان يسميه- بين مصر والسودان، وخلاصة وجهة نظره التي يبدو أنها تمثل النخبة الحاكمة في السودان الآن، أنه كان هناك تمايزا تاريخيا بين الحضارة المصرية والحضارة السودانية، بما يحمل الكثير من سمات الاختلاف أكثر من السمات المشتركة! وعلي المستوى السياسي يري د.القذافي أن فترة انسحاب الوجود المصري من أفريقيا في عهد الرئيس الأسبق مبارك، هي التي خلقت روح التنافس والتعالي من الجانب المصري، بما جعل الموقف السوداني طبيعيا في المواجهة..
ورغم أنني في نقاشي معه عن العلاقة بين الحضارة المصرية وحضارة السودان، لم أجد منطقا حقيقيا لخلق التأسيس التاريخي للصراع، إلا أنني وصلت إلى قناعة ان هناك شعورا مستقرا لديه بوجود نوع من التعالي المصري تجاه السودان، يعود لفترة انسحاب مصر من دورها التاريخي في المنطقة وتآكل الشخصية المصرية التاريخية في عهد الرئيس الأسبق، بما جعل المكانة التاريخية تتآكل أيضا.. وما كان يحدث ويتم بروح المحبة وعلاقة المركز القوي بأطرافه المُحبة "العضوية"، لم يعد مقبولا حين تخلت مصر عن التزاماتها التاريخية في عهد سابق..
وحاولت بشتي الطرق مجددا رأب الصدع، وتقديم اعتذار شخصي -بصفتي حاتم الجوهري وفقط- عن أي نوع سابق من التعالي، لكن يبدو أن بنية السياسة السودانية الحديثة في توجهها العام، تؤكد على تلك العلاقة مع مصر.. فعجزت! ويبدو أن الأمر أصبح في حاجة لبذل جهودا مضاعفة لربط وإعادة بناء ما تفكك من قبل..
لكن هناك سؤال عجز د.القذافي عن الرد عليه، رغم كل هذا الشحن المسبق، واتخاذ النزاع الحدودي ستارا، حين سألته إلي أي حد سيذهب السودان في علاقته بالعالم بعيدا عن مصر، وإلى أي حد ستذهب مصر بعيدا عن حاضنتها التاريخية.. هنا سكت د.القذافي وبدأ في مراجعة نفسه كثيرا دون أن يتحدث، وها أنا ذا أكررها هنا، كل منطقة في العالم لها طبيعة خاصة، وكل كتلة حضارية في العالم لها معادلة تفوق ما، الحاضنة التاريخية للمنطقة العربية كانت تقوم علي حضور مصري، يعي خطورة دوره والتزاماته تجاه حاضنته.. فإلى أي حد سيذهب كل منا منفردا يا صديقي العزيز!
وهنا يجب أن تأخذ مصر بالمبادرة؛ لتعيد وصل ما انقطع وتشرح وجهة نظرها مرارا وتكرارا.. وتؤكد على موقفها وتفهمها لما سبق، ويجب أن نقدم رؤية للمستقبل تقوم على استعادة مصر لالتزاماتها التاريخية، وفي الوقت نفسه لابد من الصراحة مع النفس، كل حضارة لها مقياس مهم في معرفة قوة لُحمتها ونسيجها الداخلي، وهو علاقة "النمط المركز" بـ "الأنماط الفرعية"، ومدى تفهم المركز الحضاري لتنوع حاضنته التاريخية واحترام خصوصيتها، وعدم تعالي المركز على الأطراف أبدا..
مكانة مصر لم تهتز سوي عندما انسحبت الدبلوماسية المصرية ومشروها الحضاري والسياسي إلى داخل حدودها وقبلت بالوجود الفردي في العالم، وهنا يحق لكل الأطراف التي تنتمي لحاضنة المركز التاريخية، أن تتمرد.. لأن المركز فقد هويته وسماته المُميِّزة، لذا فالمبادرة تقف الآن في ملعبنا المصري لإعادة شرح وجهة نظرنا وموقفنا من القضايا العالقة مع الجانب السوداني، ووضع خطة عامة للبلاد تعيدها لدورها التاريخي وحاضنتها الطبيعية..
وأكررها إلى أي حد سيذهب المركز منفردا، وإلي أي حد ستذهب الأطراف منفردة؟
وتظل المبادرة المصرية، ضرورة والتزاما ومحبة وشرطا.
وختاما تحية محبة لرفاق البعثة العلمية للصين من السودان.. الأرض والنيل والأشقاء والمصير والأمل..


*
نشر للمرة الأولى
بتاريخ 2017-10-28



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النمط العسكري للاحتلال: التصعيد ثم التوزان واحتمال اشتعال ال ...
- حروب اليوم وعالم الغد: بين الجيوحضاري والجيوسياسي والجيوثقاف ...
- دور الإسناد الجيوثقافي في الحضور المصري بالصومال
- استراتيجية الأمل: أي تجديد من أجل التجديد الثقافي العربي!
- الوعي الجيوثقافي و دور الدبلوماسية الثقافية في رفد الدبلوماس ...
- الثقافة بوصفها مشتركا مجتمعيا عند التحولات التاريخية
- فوق صفيح ساخن: بيانان ثلاثيان ومذبحة ورد منتظر
- استجابات استراتيجية نتانياهو البديلة: مصر وتركيا وإيران
- استرتيجية للنأي عن الاستقطاب.. أم ديبلوماسية جيوثقافية مصرية ...
- سيكولوجية الإنكار: معركة رفح العسكرية ونهاية مرحلة كامب دافي ...
- مصر والمستقبل: بين الوظيفية الإقليمية والقطبية الجيوثقافية
- مصر ما بعد معركة رفح: فيلادلفيا وعنتيبي والصومال والدولتين و ...
- التراشق بين مصر وإسرائيل: دروس المآلات والممكنات
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ...
- المقاربة الجيوحضارية للعالم: مصر والعراق والذات الحضارية الم ...
- مصر ومقاربة ما بعد الشرق أوسطية: حقيقة الحرب في رفح
- سيرة ذاتية- حاتم الجوهري
- مصر ومعاهدة السلام: بين الالتزام الدولي والرؤية الاستراتيجية ...
- محددات التراشق الخشن والناعم بين مصر وإسرائيل.. مقاربة صعود ...
- زيدان ومؤسسة تكوين: خطاب الاستلاب في مرحلة حرب غزة


المزيد.....




- قائد فرقة.. الجيش الإسرائيلي يؤكد مقتل أول عناصره في لبنان
- نظرة على ترسانة صواريخ إيران الباليستية ومداها
- -التزاما بأمن إسرائيل- ـ فرنسا تحشد لمواجهة التهديد الإيراني ...
- كاتس: إيران تجاوزت كل الخطوط الحمراء وإسرائيل لن تقف مكتوفة ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط على الحدود مع لبنان (صورة)
- أغذية تسبب ظهور الطعم المر في الفم 
- -حزب الله-: الأبنية التي استهدفها الجيش الإسرائيلي في الضاحي ...
- الجيش المصري: حطمنا أسطورة الجيش الذي لا يقهر تحت أقدام المق ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف نقاط رصد لـ-حزب الله-
- مصر.. فيديو لأستاذ جامعي يتلفظ بعبارات خارجة يثير الغضب


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حاتم الجوهرى - السودان ومصر: إلى أين، سيصل كل منا على حده!