أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - الناقد عمار بلخضرة يكتب عن شيء مختلف














المزيد.....

الناقد عمار بلخضرة يكتب عن شيء مختلف


وليد الأسطل

الحوار المتمدن-العدد: 8116 - 2024 / 9 / 30 - 16:21
المحور: الادب والفن
    


الكتابة عذاب كما يعلم كلّ من يكتب فيما أعتقد، الكتابة جهد لا يني، وفكر لا يتوقّف عن إنتاج المعرفة والأفكار على اختلاف تشكلاتها وتباين توجّهاتها ومراميها .. على أنّ اختلاف الأفكار وإن بلغ أقصى مداه فإنّه لا يعبّر إلاّ عن ثراء الإنتاج المعرفي وعن زخمه وقدرته على تطوير المعارف الإنسانية بشكل عام والإنتاجات الأدبيّة بشكل خاصّ. ولسنا في هذا الإطار نبحث في معنى الاختلاف بقدر ما نحن ننزّل عمل المؤلّف وليد الأسطل " شيء مختلف " في سياق كتابة نثريّة قصصيّة تهفو إلى أن تكون متفرّدة في سياق جنس أدبيّ تشبّع منه الغرب والعرب منذ عقود بعيدة. نحن أمام كاتب صاحب أسلوب وصاحب تجربة في اللّغة وليس فنّانا قصصيّا وروائيّا فقط. فمنذ العنوان ( شيء مختلف ) يضعك وليد الأسطل أمام عتبة تستفزّك لغة وتركيبا ودلالة، فأنت أمام عنوان مُربك غاب مبتدؤه وتجلّى خبره، يُثير فيك السّؤال فالسّؤال ويدفعك دفعا إلى رحلة بين نصوص المجموعة بحثا عن مواطن الاختلاف وكأنّك تهفو إلى أن تُتمّ المبتدأ الّذي أخفاه الكاتب ليُثير حيرتك ويُعمّق دهشتك؛ فتخرج من النّحو إلى الدّلالة بحيرة سيبويه يبحث في شأن " حتّى " .. وإذا مات سيبويه وفي نفسه شيء من حتّى فإنّك لا شكّ ستخرج بدلالات كثيرة لهذا الاختلاف الّذي يفجؤك منذ العنوان. فالشيء المختلف أشياء وإن أوهمنا العنوان بالإفراد وكلّما زاد الاختلاف زاد الثّراء أكثر وانفتحت الرؤى على مدًى أبعد وتعالقت الأفكار والتحمت، وما أحوجنا إلى تقارب فكريّ عالميّ يُقرّب المسافات ويُقلّص الاختلافات، ألم تُكْتب المجموعة بلغة عربيّة فصيحة، جميل شكلها وبديع وصفها رغم أنّ أحداثها تدور في عالم غربيّ وشخوصها تعتنق مبادئ علمانيّة إلاّ في أقصوصة واحدة " ثابت العربي " الّتي تنكّر فيها بطلها لعروبته حتى صار " المستقبل لا يهمّه " وأيّ مستقبل نريد ونحن ما نزال " نعيش حالة نوم انتيابي " ننبش في ماض استحال كابوسا بل " صحراء وصراخا وقبيلتين تتقاتلان .. " .. هنا يُلامس وليد الأسطل عُمق الاختلاف القاتل في فكرنا العربيّ المتجمّد الّذي يأبى التطوّر الذّاتيّ ويرتمي بين أحضان الغرب المتطوّر مستسلما منهزما منكفئا على ذاته مندحرا أمام حضارة غلبته فصار مقتديا بها على حدّ عبارة ابن خلدون في مقدّمته .
والاختلاف عند وليد الأسطل موقف ومبدأ تختزنه شخصيّاته وإن أوهمنا أيضا أنّه غريب عنها على الأقلّ انتماءً، وليس الأمر عيبا ولا نقصا ولكنّ الاختلاف كما أشرنا سابقا حاجة ورغبة كامنة لا فيه فحسب بل فينا أيضا، ألسنا جميعا ومعنا كاتب الأقصوصة " نبحث عن شيء غير اعتياديّ " كما أراد "فرانك"، بطل إحدى قصص المجموعة لحياته أن تكون؟ أليس الاختلاف هو الّذي يميّزنا عن غيرنا ويرسم لنا أفقا خاصّا بنا؟ أليست الكتابة عمليّة ذات احتمالات؟ هناك احتمالات كثيرة جدّا تُواجه الإنسان، عليه أن يأخذ احتمالا واحدا منها في لحظة معيّنة، وتلك هي لحظة المُكاشفة الشعريّة على حدّ عبارة الدكتور محمّد لطفي اليوسفي، إذ يُطلعنا وليد الأسطل على ماهية الكتابة عنده وكيف يُخلق بطله في أقصوصاته وحتّى رواياته، يتخمّر في خياله ويُحاوره فإذا هو بطل يسعى "جِدّيّ مثل البابا، ومتشدّد مثل كاتب العدل" مثلما أقرّ أحد أبطاله بذلك (فرانك).
الكتابة عند وليد الأسطل إذن مغامرة سلاحها اللّغة العربيّة في أرقى تشكلاتها وموضوعها، نتف من حياة الغرب وشواغلهم وهمومهم حتى لتحسب وأنت تقرأ الأقصوصات السبع أنّك أمام نصوص مترجمة لا جهد فيها غير النّقل والتّعريب، بيد أنّك وأنت تُمعن النّظر فيها قراءة وتأويلا تجد أنّها قصص غربيّة بروح عربيّة لا أعتقد أنّها بريئة ومُحايدة، فكيف لكاتب أيّ كاتب أن يكتب نصّا لا يرى نفسه فيه ولو شزرا؟ ألسنا نقرأ هذه النّصوص وروح رواية " سقوط " تسكننا وتُحرّكنا وتقرأ معنا لتستنير بها أفكارنا؟ الحقيقة أنّ الكاتب يهفو إلى أن يستكشف رؤيته باستمرار وبالتالي يختبر أدواته في التّعبير عنها ومقدرته أيضا. لذلك أرى أنّ وليد الأسطل ذا الأصول العربيّة يكتب عن حضارة الغرب لا بمنطق الانبهار والانصهار بقدر ما هو يُمرّر وخزات نقده لمُجتمع يتساقط أخلاقيا وحضاريّا يوما بعد يوم رغم أنّه يبدو على درجة كبيرة من الحياد. إنّه يُطلعنا على تفاصيل من حياة النّاس في الجانب الآخر من الكرة الأرضيّة، وكأنّه يعقد مقارنة بيننا وبينهم أو هو "يعرّفنا على حقيقتها باعتبارها حياة باردة تفتقد الكثير من حميميتها" كما ذهب إلى ذلك القاصّ والشاعر الطيّب صالح طهوري. وأنا وإن كنت لا أختلف كثيرا مع شاعرنا المبجّل فإنّي أعتقد أنّ الكاتب يرصد لنا مجتمعا بأكمله بحثا عن عوامل سُقوطه وتردّيه وإن كان لا يُخفي بطريقة أو بأُخرى هزيمة المجتمعات العربيّة الّتي ما زالت ثابتة ومتقوقعة على نفسها ولم تحمل بعد مشاريع تطوّرها وانطلاقها توازيا وما يشهده العالم من قفزات نوعيّة هامّة.
وإجمالا فإنّ هذه المجموعة القصصيّة تشدّك إليها لا بطرافة مضامينها وتنوّعها فحسب، وإنّما أيضا بتجانس كلمها ولغتها مع ما تُثيره من شواغل قد لا تراها قريبة منك لكنّك تُمنّي النّفس أن تنتمي إليها لا أن تكونها ولكن لتُعيد تشكيلها وفق طُقوسك الخاصّة بملامح وشروط أخرى وأنت العربيّ الّذي يرى العالم ينهار تدريجيّا، يتّجه نحو السقوط والانهيار ..
وعلى سبيل الخاتمة رأيت ـ والرّأي يخصّني ـ أنّ وليد الأسطل في هذه التجربة الإبداعيّة قد وضع لبنات التّجديد في الكتابة القصصيّة لغة وموضوعا وتقنية إذ وقف الرّجل بلغة الأجداد في فصاحتها ودقّة تعبيرها وحُسن وصفها وتصويرها على تخوم حضارة الغرب يكتبها ويرصدها بل يغوص في تصوير دقائقها وخصوصياتها ليثبت لنا من جديد أنّ اللّغة وإن تقادمت فإنّها لا تموت وإن تباعدت وأبعدوها فإنّها ما زالت قادرة أن تقول ما يُقال وما لا يُقال.



#وليد_الأسطل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صباح مقاطعة شامبانيا (فرنسا)
- من سجل تجاربي ٣
- مشيناها خطى كتبت علينا
- الناقد الأستاذ عمار بلخضرة يكتب عن رواية -سقوط-
- من سجل تجاربي ٢
- حوار أجرته معي الكاتبة ياقوت شريط
- سقوط؟
- عن روايتي -سقوط- بقلم الكاتب الطيب صالح طهوري
- لا تغرنكم الألقاب
- من سجل تجاربي
- رأي الناقد السينمائي مهند النابلسي في روايتي سقوط
- روايتي سقوط بعيني الشاعر والقاص الطيب صالح طهوري
- رواية الفانوس الأخضر، للكاتب الأمريكي جيروم تشارين
- شيء مختلف.. الطيب صالح طهوري
- صدور مجموعتي القصصية (شيء مختلف)
- شذرتان
- فيلم قضية كوليني
- خاطرة عن الزواج
- من أجل راشيل
- بين يَدَيْ إيروس


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - الناقد عمار بلخضرة يكتب عن شيء مختلف