إكرام فكري
الحوار المتمدن-العدد: 8114 - 2024 / 9 / 28 - 12:57
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ما الذي يكمن بين الحياة والموت؟ هل اللحظات التي نعيشها هي نهاية أم بداية؟ أم مجرد استراحة في وسط طريق طويل بين الوجود و اللاوجود؟ نحن بين خيارين متناقضين: الحياة أو الموت. وبينهما، هناك ذلك المجهول الذي ندرك جزءًا من صورته، لكن يبقى الكثير منه غير مكشوف، يجذبنا بروعته وغموضه، ولا يزال بطريقة ما مجهولًا لا يمكن إدراكه بشكل كامل ...
يبدو أن الطبيعة البشرية تنجذب إلى ما لا تفهمه، وكأننا مدفوعون بقوة غير مرئية لنتساءل ونبحث دون أن نجد إجابة كاملة. نحن نعيش بين قدرين، الموت والحياة، ولا سبيل لدينا للهرب منهما. وبينما نسير في طريق الحياة، نكتشف أن كل مكان نذهب إليه يحمل في طياته إغراءً للبقاء في هذا المجهول، وكأنه يهمس لنا بأننا لن نجد الراحة إلا في الاستمرار في هذا الغموض، في استكشاف ما لا يمكن فهمه. قد نختار عدم البحث ايضا وهذا ليس دائمًا عن ضعف، بل قد يكون قبولًا حكيمًا بما لا يمكن تغييره، خضوعًا للقدر وللغموض الذي يحيط بوجودنا. في هذا الخضوع جانب من الراحة ايضا ..
لدينا الاختيار، و هو اختيار العقل يمكن للإنسان أن يصل إلى السلام والراحة من خلال اختياره الواعي، فالعقل قادر على تحقيق الكثير مما يتصوره، لكن ضمن حدود معينة. ربما يكمن السر في الاعتراف بهذه الحدود، وفي فهم أن هناك عالماً وراء الإدراك لا يمكن للعقل أن يتحكم فيه بشكل كامل. هناك سلام في هذا التسليم؛ فالعقل نفسه يمكن أن يكون وسيلة للراحة إذا عرفنا كيف نستخدمه دون أن نصطدم بقيوده.
إن الرحلة بين الحياة والموت هي أكثر من مجرد انتقال من حالة إلى أخرى؛ هي حالة انتقالية، حيث نجد أنفسنا عالقين بين السؤال والجواب، بين الإدراك والخوف. لسنا أحياء بشكل كامل ولا موتى بشكل كامل، بل في حركة مستمرة، نسعى لفهم تلك النقطة التي لا يمكن لمسها.
ربما يكمن الجمال في هذا المجهول، في تلك التساؤلات التي لا يمكن أن تجد إجابة نهائية. وربما، بدلاً من محاولة الهروب من هذا المجهول، علينا أن نتقبل أن الحياة ذاتها تستمد معناها من الغموض الذي يحيط بها. المجهول ليس عدواً، بل هو ما يدفعنا نحو التقدم، نحو البحث والاكتشاف، وربما حتى نحو الأمل.
#إكرام_فكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟