|
إلى ʺالحداثيينʺ المحتارين في تونس:هذا كلامي بعد الانتخابات!!
كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 8114 - 2024 / 9 / 28 - 00:44
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
و نحن على أبواب انتخابات ستة اكتوبر2024 لاختيار رئيس لتونس، أتذكّر كلاما قلته غداة انتخابات اكتوبر 2019، و أجد أن الحال يُعيد نفسه اليوم مع تغيّر الوقت و بعض الأسماء،و كأنني،إن كتب الله لي أن أشهد هذه الانتخابات القريبة، سأقول لأهل ʺالحداثةʺ المحتارين إلى اليوم ما قلته لهم قبل 5 سنين!! و لكن هل يسمع أهل العناد عندنا؟ و هل يتعظوا حقا من خساراتهم الكاوية! هل سينتبهوا اليوم و ينقطعوا عن المراهنة بتونس مع أمثال أولئك الفَشَلَة من أشباه السياسيين المتاجرين منذ الثورة باسم الحداثة و باسم الديمقراطية. من يدري لعل الله ينير بصائر الغافلين... إليهم أقول، على بركة الله، كلامي الذي قلته بعد تلك الانتخابات لعلّ... و عسى : تونس نوفمبر2019 ʺمنذ الثورة و شعبي مقسوم نصفان: نصف يمقت نصفه، حرب ضروس بين هذا و ذاك. نصف يسبّ و نصف يُهان، و الكلّ مريض و الكلّ حيران. و ما يحيّرني أنا فيهم هو النّصف الذي يكره الإخوان: يحتارون في اختيار ممثليهم من الحكّام فيضعون ثقتهم الكاملة في من لا ثقة فيهم و لا أمان. يبحثون، بلا هوادة، عن قائد يشبه الزّعيم ليأتيهم بالاستقلال و هذه المرّة عن دولة الاخوان. من هو هذا القائد/ة؟ ما صفاته، ما تاريخه، ما أهدافه... هل يملك التكوين أو الخلفية الفكرية أو النظرة الاستشرافيّة التي ملكها بورقيبة. يقولون لك: لا يهم، لا يهم الآن... المهم انه من أوفياء بورقيبة و من كفاءات دولة الاستقلال! علينا فقط واجب دعمه و إيصاله للحكم لنتخلص أوّلا من النهضة! و من بعد نتناقش في الموضوع بتأني و بكلّ راحة بال! و هكذا تتالت عليهم الكَبَوَات و لم تسقط النهضة... و لم ينهض الوطن... و لم يصلوا أبدا إلى راحة البال!! من الزبيدي إلى نبيل إلى عبير: بعد علقم الخيبة التي تجرّعها الشقّ الحداثي الذي راهن على أنّ الباجي قايد السبسي هو وحده المُخَلِّص لتونس من حزب الإخوان ليتفاجأ بعد الانتخابات، باختياره - رحمه الله و غفر له- للنهضة شريكا في الحكم لضرورة الوحدة الوطنية و بتفتيت حزب النداء لمصلحة النهضة و الرابطة الأُسرية! واصل هذا الشق في المراهنة على كل من يقول: أنا ضد النهضة... ليُقدّموا له كل ما يمكن من الدعم و الإسناد فكان أن رشحوا للرئاسة، في مرحلة أولى وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي الذي خرج علينا عشيّة رحيل ʺالباجيʺ ليقول لنا بأنّ الرئيس بخير و بصحّة جيّدة! و نحن نراه في الصورة الأخيرة- و كانت مؤلمة في غاية الإيلام- يجلس إلى... شبح ʺالباجي قايد السبسيʺ الذي سحبوه يومها من فراش الموت و أجلسوه على الكرسي و هو في نَزْعِهِ الأخير ليُقنعونا بأن الرئيس يواصل مهامه العادية و يجتمع بوزير دفاعه للاطمئنان عل الوضع في البلاد. و يبدو أن الدكتور الزبيدي قد طمأن الرّئيس وقتها على وضعنا، بالضبط كما طمأننا نحن أيضا على وضع الرئيس بأن طلب منّا - باستبلاه بلا نظير- أن نُصدّقه هو - أليس طبيب-! و نُكذّب أعيننا و قلوبنا التي ظلّت تقطر ألما على صورة الأب المحبوب. و ما صدّقناه يومها و لكن صدّقوه بل و رأوا فيه خير خليفة للباجي الكبير! و كان أن رشحوه -دفعة واحدة- للوظيفة الأعلى!! هو الذي في كلّ مرّة يخرج فيها علينا، تخونه الكلمات و يخونه الصّدق و تخونه الإرادة...فما يزيدنا إلاّ حزنا و خوفا و إحباطا! فهل هانت السياسة و هان مجدها ليدخل في ملعبها من شاء؟ لا قطعا... و لذلك كانوا على موعد مع الهزيمة المُذلّة و الخيبة الكاوية المُرّة... و كان أن لفظت السياسة من لا يليق بها و خرج الزبيدي من سباق الرئاسة و من أرض السياسة و كأنه لم يدخلها يوما و كأنّه فيها لم يكن! يوم خروجه المخزي، تصارع الحداثيون بسبب تشتت الأصوات و لكنهم لملموا خيباتهم و أجّلوا اختلافاتهم و اجتمعوا - على قلب رجل واحد- على التصويت لصاحب حزب القناة التلفزية و الجمعية الخيرية. اجتمع الفقراء و الأنصار و جمعوا التزكيات و المبرّارات و كلّ واحد تكلّم بمعيار: *سينجح ʺسي نبيلʺ نصير الفقراء و المساكين... *نبيل القروي أكد في التلفزة أنّه لن يتحالف أبدا مع النّهضة... * لقد سجنوه لأنه المنافس الأول ليوسف الشّاهد و لأنه الوحيد القادر على دحر الإخوان...! و حانت اللحظة و آن الأوان... و دخل ʺسي نبيلʺ للمناظرة الرئاسية النهائية... و كانت المهزلة، و كانت الفضيحة،، و كانت الهزيمة قبل الإعلان!! خرج سي نبيل من حلم الرئاسة مكسورا مُهان و لكن دخل حزبه بمرتبة ثانية للبرلمان فردّ الجميل فورا لناخبيه و كان أوّل ما أَمَرَ به نوابه: أنْ صَوِّتوا للغنوشي رئيسا أوّلا للبرلمان!! اليوم يلملم أنصار الدولة الحديثة في تونس جروحهم و يضعون آمالهم كلها في سلّة عبير موسي عدوّة النهضة البارزة التي يقولون أنها - على عكس غيرها- لم تُغير خطابها منذ أن حُلّ حزب التجمع- حزبها السابق- بعد سقوط الرئيس بن علي. هل ينسى هؤلاء ممارسات التّجمع أم يتناسون؟ ألم تخرج عضوة من حزبها الحالي منذ أشهر في الإعلام لتفضح ممارساتها التسلّطية و لتقول بأنّها تهددهم باستمرار بملفات لا يعرفون محتواها و لا تعرفها إلاّ رئيسة الحزب! ألم تقم هي بطرد نائبة في البرلمان من حزبها بطريقة تعسفية في حركة دعائية و ترهيبية على طريقة الانضباط الحزبي التجمعي الشبه-ستاليني و الذي له اليوم في نفوس الخائفين منّا حنين لا يضاهيه أيّ حنين! و لكن... هل سأل أنصار عبير و المتعاطفين معها، عن برنامجها الحقيقي لقيادة البلاد، بعيدا عن معارضتها المعروفة للإخوان؟ ألا يشُكّون لحظة أنها في صورة حُكمها للبلاد سنعود لزمن ʺبن عليʺ بجناحيه الأسودين: التجمّع و الحاشية...؟! ثمّ ما أدراهم أنه إذا ما وصلت عبير موسي للحكم، أنها لن تقول لأنصارها ما قاله سي الباجي - رحمه الله و غفر له- : نحن و النهضة خطّان متوازيان لا يلتقيان، فإذا التقيا فلا حول و لا قوّة إلاّ بالله! و أنها ستضطر للحكم مع النهضة لأن الشعب لم يُمكّنها من أغلبية مريحة لتحكم لوحدها... هل شعار معارضة النهضة يمكن أن يعمي الناخبين عن حقيقة رافعيه و أطماعهم الخفية المؤجلة. ألم ينتبهوا إلى أنّ هؤلاء المتشدّقين بمعارضة النهضة لا يحلمون، إذا ما خلوا بالنّهضة، إلّا برضاها و بالسّاعة التي تأذن لهم فيها ليدخلوا غرفها السرية لينالوا نصيبا ممّا في يدها من مفاتيح المناصب السحرية. هؤلاء - يا سادة- هم أتعس من النّهضة و أشرّ لأنهم يُواعدونها في السرّ و يعارضونها في العلن. فانتظروا قليلا... انتظروا قليلا فقط... يا كلّ عشّاق الوطن: فالنهضة ستسقط بنفسها و دون مساعدة من أحد... لأنها حركة دخيلة على الدّين... و على الحكم... و على الوطنʺ. و ما أشبه ذلك الحال بالأمس بحالهم اليوم و نحن على أبواب هذه الانتخابات!!
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
و مازال الشّق المحتار يبحث في ʺالحداثيينʺ عن زعيم!
...
-
تونس مُهندسة العالم و مُداوية جراحه...
-
لهذا الرّجل، الذي سمع وعدُ قلمي في عام الدّم، أُعْطِي صوتي.
-
كيف حال الشِّعر بعدي؟
-
ليبيا الحائرة بنفطها ما بين شرقها و غربها!
-
و ما بعد حرب الشك إلاّ راحة اليقين!
-
إلى شعبي المُحْتَارْ: هذا كلامي بعد الانتخابات!
-
إنّه عمرك حين يغدر و لا يعتذر و لا يرجع!!!
-
مَالُكَ يَا وَلَدِي: أَفِي الحَلَالِ أَنْفَقْتَهُ أَمْ فِي غ
...
-
جامع قرطاج و التصالح المنتظر مع التاريخ
-
حكمة الأوّلين و الآخِرِين!
-
إلى رئيسنا القادم: لِيُطِيعَكَ المساكين، لا تنسى حَقِيبَتَيْ
...
-
يا ويلنا، يا قرطاج، من فتنة القمصان!!
-
قرطاج: هذا أوانك...لتداوي جراحهم و جراحك!
-
قميصه الأسود و قيامة قرطاج!
-
العروسة المسحولة و ما حالها إلّا كحال العرب الخانعة لاسرائيل
...
-
الطوفان العظيم... و ما عَلاَ السّفينة إلاّ عَلَمُ فلسطينb
...
-
لا غالبة إلاّ هي...‼
-
و لا نحمل في القلب إلاّ... الآهَاتْ!!
-
قلوب غريبة...
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
علاقة السيد - التابع مع الغرب
/ مازن كم الماز
-
روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي
/ فاروق الصيّاحي
-
بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح
/ محمد علي مقلد
-
حرب التحرير في البانيا
/ محمد شيخو
-
التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء
/ خالد الكزولي
-
عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر
/ أحمد القصير
-
الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي
/ معز الراجحي
-
البلشفية وقضايا الثورة الصينية
/ ستالين
المزيد.....
|