أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الرابع والثلاثون)














المزيد.....

جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الرابع والثلاثون)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8114 - 2024 / 9 / 28 - 00:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هكذا لا تكون الحرية المتعالية متناسقة مع الحرية العملية كما هو الحال مع الحرية السلبية، لكنها مقيدة بالحرية العملية كشرط لإمكانها. ولهذا يفتتح القسم الثالث من كتاب هايدجر "أسس ميتافيزيقا الأخلاق" بهذا العنوان: "مفهوم الحرية هو مفتاح تفسير استقلالية الإرادة". تحديد الحرية الإيجابية ك"استقلالية" ينطوي على مشكلة خاصة مرتبطة بصعوبة كانت دائمًا ملازمة له ويجب علينا الآن توضيحها من أجل المضي قدما نحو موضوعنا: ماهية الحرية الإنسانية. يجب علينا، من وجهة نظر توضيح الحرية الإيجابية ومشكلتها كما قدمناه للتو بموازاة التمييز الكانطي، أن نطرح سؤالين. (1) هل يتجلى الامتداد الأساسي للإشكالية في الحرية الإيجابية بشكل عام؟ (2) إلى أين يشير هذا الامتداد؟ بتعبير ٱخر: أي منظور يفتح؟ لنحاول الإجابة على هذين السؤالين. كون امتداد مشكلة، مرتبطا بالحرية الإيجابية، من الممكن إظهاره بإيجاز وسهولة في ارتباط بسؤالنا (2). بالفعل، كما رأينا، الحرية الإيجابية، باعتبارها عملية، تساوي الاستقلال الذاتي. هذا الأخير يتأسس من حيث إمكانه في العفوية المطلقة (الحرية المتعالية). بهذه الحرية، نكون قد انسقنا إلى شيء آخر.
كون الحرية المتعالية تنشأ جنبا إلى جنب مع الضرورة الطبيعية، هذا ما يظهر امتدادا، هذا الامتداد أساسي لأن ما يضاف إليه - العفوية المطلقة - يتم وضعه كأساس للحرية العملية، أي كهذا الذي تتأسس (الحرية العملية) عليه. يعبر كانط عن وجود مثل هذه العلاقة بين الحرية العملية والحرية المتعالية على النحو التالي: “إلغاء الحرية المتعالية من شأنه أن يدمر في الوقت نفسه الحرية العملية كلها". إمكان هذه يتوقف على إمكان تلك. لذا فقد تمت الإجابة على السؤال الأول بالفعل. ولكن أي منظور يفتح مع هذا الامتداد؟ يتم تحديد المنظور بوضوح بواسطة مناط المشكل الذي يظهر كتمكين للحرية العملية (الاستقلال الذاتي)، لما يسميه كانط “العفوية المطلقة”. ماذا يعني هذا؟ أين هي إذن المشكلة الحقيقية؟ لنقلها مرة ثانية: العفوية تعني "من-تلقاء- ذات"، من تلقاء ذات لمبادرة من "سلسلة من الأحداث". لنفهم هذا جيدا؛ العفوية المطلقة تساوي: المبادرة "من تلقاء-ذات تماما" إلى سلسلة من الأحداث، المبادرة إلى حدث ما؛ أي جعله ينتج عن نفسه. وما يسمح لشيء ما أن ينتج عن ذاته يشكل، في نظر كانط، السبب. في مسألة العفوية، المبادرة، السماح-بالنتج، يتعلق الأمر إذن بمسألة السبب. وجود-سبب لسبب هو ما يسميه كانط: السببية. بهذا المعنى يتحدث أحيانا بشكل مباشر عن "سببية السبب". ومع ذلك، لا تعني سببية سبب سبب هذا السبب، بل تعني وجود-سبب: الواقعة والكيفية التي يكون بها سبب سببا. لكن، وفقا لكانط، كل تجربة، أي كل معرفة نظرية بالطبيعة في-متناول-اليد (Vorhandenheit) تخضع لمبدإ قانون السببية.
هذا المبدأ الذي بموجبه يكون موجودا ما معطى في التجربة سببا لآخر، بعبارة أخرى؛ قانون وجود-سبب هذا يعبر عنه وفق عنوان المماثلة الثانية في الطبعة الأولى من "نقد العقل الخالص"؛ ألا وهو: "كل ما يحدث (يبادر إلى الوجود) يفترض شيئا يعقيه وفق قاعدة". ويوضح كانط لاحقا: “…سببية سبب ما يحدث أو يتبادر تبادرت هي أيضا، ووفقا لمبدأ الفهم، فهي تحتاج بدورها إلى سبب. في كل مرة، يكون وجود- سبب لسبب يعقب بدوره سببا سابقا؛ بمعنى آخر (في الطبيعة)، ليس هناك وجود-سبب لسبب لا يبادر من تلقاء نفسه. على العكس من ذلك، تكون حالة مبادرة من تلقاء ذاتها (سلسلة من الأحداث) - لنعن بها: مبادرتها من-تلقاء-ذاتها الجذرية - بالتالي وجود-سبب مختلفا تماما عن سببية الطبيعة: سببية مختلفة تماما. هذه السببية - العفوية المطلقة - يسميها كانط: السببية بواسطة الحرية. ويبدو من هذا، كما يستنتج هايدجر، أن العنصر الإشكالي في العفوية المطلقة هو مشكلة السببية، وجود-سبب. هكذا يتصور كانط الحرية باعتبارها قوة وجود-سبب خاص وبارز. المنظور الذي ينفتح بالتالي مع الامتداد الأساسي لمشكلة الحرية العملية - أي وصع الاستقلال الذاتي كعفوية مطلقة هو إذن منظور مشكلة السببية بشكل عام.
السببية بمعنى العفوية المطلقة، أي وجود-سبب بمعنى المبادرة الجذرية من تلقاء الذات لسلسلة من الأحداث شيء لا نصادفه في التجربة، أي بالنسبة لكانط، في المعرفة النظرية
بالطبيعة التي في-متناول-اليد (Vorhandenheit). ما نتمثله في العفوية المطلقة يقع خارج نطاق الموجود الذي في المتناول عن طريق التجربة، يتجاوز (transcendere) هذا النطاق. هكذا، تكون الحرية باعتبارها عفوية مطلقة الحرية المتعالية. وفق الموقف الهايدجري، الحرية الإيجابية باعتبارها مؤسسة على العفوية المطلقة (الحرية المتعالية) تضم في ذاتها مشكلة السببية بشكل عام، وهذا إلى حد أكبر سبب قوي لتأكيد كانط على أن الحرية العملية ترتكز على الحرية المتعالية وأن هذه الاخيرة تشكل سببية خاصة جدا. إذا حافظنا على المنظور الذي حددناه من خلال التوجه إلى كانط، وهذا يعني ما يلي: إن التساؤل عن ماهية الحرية الإنسانية، وبالتالي التساؤل في كنهها، وإمكانها الداخلي وأساس هذا الأخير - التساؤل أيضا عن ماهية الحرية، دلالته هي: جعل ماهية سببية للوجود-السبب. هكذا، تتلفى كل أسئلتنا التحضيرية جوابها. تساءلنا فعلا: (أ) هل يتضمن مفهوم الحرية الإيجابية امتدادا أساسيا للإشكالية؟ (ب) أي منظور ينفتح؟ لكن الارتباط الداخلي بين هذين السؤالين يكشف كذلك عما يلي: تندرج مشكلة ماهية الحرية الإنسانية في المشكلة الموجهة للفلسفة. هكذا يتم استنفاد الاستعدادات اللازمة لتناول موضوعنا، الذي سيتم توضيحه في السطور التالية.
(يتبع)
نفس المرجع



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برشيد: مستشفى الرازي للطب النفسي يعاني من خصاص في الأطر ونقص ...
- النقابة الوطنية للصحافة المغربية تناضل من أجل تجويد البيئة ا ...
- النقابة الوطنية للإعلام/كدش تدعو الحكومة إلى حل ما يسمى -الل ...
- الطيران الإسرائيلي يقصف لبنان مجددا وحزب الله يستهدف قلب إسر ...
- المنظمة الديمقراطية للشغل تطالب الشركة الوطنية للإذاعة والتل ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الفقيه بن صالح: كونفدراليو قطاع الفوسفاط يؤكدون استعدادهم لل ...
- قطاع الفواكه الحمراء بالمغرب: زيادة في الصادرات ومقاومة للتح ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الخروج الإعلامي لفاطمة الزهراء المنصوري بصدد -الهروب الكبير- ...
- هل ربحت النقابات معركة مشروع القانون رقم 54.23 ضد الحكومة؟
- اللجنة الوطنية للقطاع الحقوقي للاشتراكي الموحد تعتبر الهروب ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- فاس: النقابة الديمقراطية للعدل تدعو منخرطيها إلى المشاركة غد ...
- ترامب يعاتب بايدن وهاريس بعد استهدافه بمحاولة اغتيال جديدة
- جمعية عزبز غالي تدخل على خط الهروب الكبير لٱلاف الشباب ...
- قراءة متبصرة للأحداث التي وقعت في هذا الأسبوع
- شذرات متفرقات وومضات مختلفات
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الحزب الاشتراكي الموحد يحدد موقفه من عدة قضايا وطنية وإقليمي ...


المزيد.....




- رئيسة الاتحاد الأوروبي تحذر ترامب من فرض رسوم جمركية على أور ...
- وسط توترات سياسية... الدانمارك تشتري مئات الصواريخ الفرنسية ...
- لافروف: سلمنا واشنطن قائمة بخروق كييف
- الجيش الإسرائيلي يواصل انتهاك اتفاق الهدنة مع لبنان
- ترامب يبحث مع السيسي -الحلول الممكنة- في غزة ويشيد بـ-التقدم ...
- بعد قرارها بحق لوبان... القاضية الفرنسية تحت حراسة مشددة إثر ...
- زلزال ميانمار المدمر: تضاؤل الآمال في العثور على مزيد من الن ...
- ماذا وراء التهدئة الدبلوماسية بين باريس والجزائر؟
- -حماس- تدين مقتل أحد عناصر الشرطة في دير البلح وتشدد على أهم ...
- زيلينسكي يؤكد استلام أوكرانيا 6 أنظمة دفاع جوي من ليتوانيا


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الرابع والثلاثون)