أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - سعد محمد عبدالله - قراءة صفحات تاريخية من دفتر كفاح المناضل الثوري والسياسي المستنير الأستاذ الراحل عبدالماجد إبراهيم:














المزيد.....

قراءة صفحات تاريخية من دفتر كفاح المناضل الثوري والسياسي المستنير الأستاذ الراحل عبدالماجد إبراهيم:


سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي


الحوار المتمدن-العدد: 8112 - 2024 / 9 / 26 - 19:58
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


غادر الأستاذ عبدالماجد ابراهيم بهدوء تام إلي عالمه الجديد تاركًا لرفاقه وتلاميذه ومعارفه ذكريات وبصمات خالدة علي صفحات التاريخ المعاصر؛ فمن دفتر رحلة حياته نقرأ ونذكر بعض المواقف السياسية والثورية التي عاصرناها في حياته، وهنا تُعيدني الذاكرة إلي محلية سنار؛ حيث دار الحركة الشعبية بشارع الدكاترة في الفترة من 2005م إلي 2011م والأعوام التالية، وكنا نعمل في تجمع شباب الحركة، وشهدت تلك الحقبة التاريخية حراكًا سياسيًا وثوريًا هو الأقوى بعد توقيع إتفاقية ”نيفاشا للسلام“ بين حكومة السودان والحركة الشعبية بقيادة الدكتور جون قرنق دي مبيور، وكانت هذه الإتفاقية تحمل في طياتها ملامح مهمة من مشروع ”السودان الجديد“ والذي ظل يمثّل محفزًا للكثير من المناضليين للإنضمام للحركة آنذاك، وكان أستاذنا الراحل مبشرًا حالمًا بميلاد سودان السلام والديمقراطية والمواطنة بلا تمييز من خلال هذه المدرسة الجديدة والجاذبة للعقول المستنيرة؛ فهو من القادة السياسيين القادميين من مؤتمر الطلاب المستقليين بجامعة الخرطوم في ثمانينات القرن الماضي إلي الحركة الشعبية لتحرير السودان، وقد تعلمنا علي يده الكثير من فنون السياسة وفلسفة التغيير والتحرر وتجسير الطريق نحو ”السودان الجديد“ عبر تطبيق رؤية تنموية شاملة تنقل الريف إلي المدينة، معتمدين علي الآليات الحديثة في عملية إحياء الإقتصاد الريفي والمتمدن والتوزيع العادل للخدمات وجلب المصانع إلي مواقع الإنتاج بدلاً عن سياسات خلق مُدن مُرّيفة وإفقار الريف وتجفيف منابع الإنتاج في كافة مجالاته، وكنا بدار الحركة من تلاميذ أستاذنا عبدالماجد الذي يميل إلي فلسفة المشروع وإستخدام أدوات علمية لشرح مقاصده دون غيره ممن يعتمدون علي اسلوب التلغين الجاف أو عبر الهتافات الشكلية التي قد تحلو علي الألسن ولكنها لا ترسخ المعرفة في العقول، والتغيير بنظرة الأستاذ عبدالماجد يكون من خلال العلوم والمعارف والفنون والآداب وفلسفة رؤية ”السودان الجديد“ لتكون مرأة سودانوية تبصر فيها مجتمعات الريف والمدينة آمالها وتطلعاتها للمستقبل.

هنالك بعض الأشياء تحدث للإنسان عفويًا، ويعتقدها البعض مصادفة مثيرة للتعجب، ولا اجد لها تفاسير دقيقة تماثل عمقها حين أضعها في ميزان العقل أو الشعور، وكانت جدتي تقوُّل ”الإنسان الصالح يترك علامات للناس قبل رحيله من الدنيا“ وتذكرت هذا الأمر عندما حظيتُ بأخر كلمات مع أستاذي عبدالماجد ابراهيم البشير قبل وفاته بيومين فقط؛ حيث قال لي وكرر القوّل ثلاث مرات ”ربنا يحفظكم، وحافظوا علي الوطن“، ولأن لي معرفة قديمة بمعدن الأستاذ عبدالماجد لم يكن غريبًا أن يحث تلاميذه ورفاقه بمحبة الوطن والحفاظ عليه، لذلك لم يثير تساؤلاً ذهنيًا عندي أو إستشعارًا غير معتاد إلا بعد رحيله المفجع الذي أعاد إلي عقلي وشعوري تلك العبارة التي رددها علي مسامعي مرات عديدة قبل أن نودع بعضنا البعض، وحتى هذه اللحظة ما زلت أسأل نفسي، وأكرر السؤال عن لماذا كان قوّله مشددًا ومكررًا سيما في ظِل هذه الحرب التحررية التي نخوضها في مواجهة الإستعمار الإستيطاني الذي يستخدم سلاح مليشيا الدعم السريع بغية تقسيم السودان ونهب موارده وتهجير شعبه قسرًا وترويع أطفاله وإستلاب سيادته الوطنية؟.

المشهد الذي لا يغيب عن ذاكرتي كان حين إختار شعب جنوب السودان الإنفصال عن السودان بعد الإستفتاء الذي تم تنظيمه في العام 2011م، وبعدها قرر النظام الإنقاذي شن الحرب علي شعوبنا في النيل الأزرق وجنوب كردفان تحت فرية محاربة الحركة الشعبية، وقد نفذ النظام إعتقالات للرفاق من كافة الولايات، وفي المعتقل إلتقينا كل قياداتنا السياسية ومناضليين من تنظيمات سياسية صديقة، وقضينا فترة تعلمنا فيها الصبر والصمود من قيادتنا، وكان الاستاذ عبدالماجد ابراهيم يبث في قلوبنا الحماسة ويشجعنا علي تحمل مرارة الحبس بينما كنا في أشد لحظات الإحباط، ويقوُّل الأستاذ ممازحًا إيانا ”نحن مثّل الطيور التي تكره الأقفاص، ولكن علينا أن ندفع ثمن الحرية“، ويرى أن بؤس السجن وقسوة الجلاد يمثلان منقحات للأفكار ومطهرات للأنفس ودوافع منطقية من أجل خوض معارك الكفاح التحرر المدني والمسلح بقلوب مؤمنة بقضيتها وعقول تستطيع أن تتأمل الحياة وطريق العبور إلي المستقبل، وخرجنا من محبسنا أقوياء، وتحمل أستاذنا مسؤولية توفير لوازم الحماية السياسية لكافة شباب الحركة الشعبية متنازلاً عن الطموحات التي قادت البعض لمغادرة القطار وترك الرفاق علي جادة الطريق المظلم دون مُعين، فعلي الرغم من مشقة طريقنا إلا أننا قد تعلمنا من القائد عبدالماجد أن الحكمة مفتاح صندوق الأمل، والأمل يمثّل مشكاة السائرين نحو الغايات النبيلة المرتبطة بمصائر شعوبهم وبلدانهم قبل أيّ شيئ آخر، ولم يتوقف أبدًا عن الكفاح رغم فقدان البصر بسبب السكري والتقدم في العمر وغيرها من الأسباب، وظل يناضل مع قوى التغيير في الساحات وبين زملائه المعلميين والمعلمات، وكان حافرًا لجداول السلام والتسامح وفلاح في بساتين من الفكر النوراني، ولم يتوقف عن السير بصمود إلي دوح مخضرة في دولة ديمقراطية حرة ومجتمع إنساني تعاوني، وهذه رسالة سامية حملها في عقله وقلبه طوال حياته، وسنحملها بعده حتى الممات.



#سعد_محمد_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار صحفي: رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال لمستقبل ...
- نظرة علي مؤتمر وزراء شرق افريقيا والصين الشعبية
- تهنئة بمناسبة المولد النبوي اليريف
- حوار صحفي: سعد محمد عبدالله - الناطق الرسمي باسم الحركة الشع ...
- نتائج المنتدى الافريقي الصيني
- ماذا يعني إستقرار السودان؟
- ماذ يعني إستقرار السودان؟
- المنتدى الافريقي الصيني
- حول كارثة السيول في شرق السودان وحادثة إنهيار سد أربعات
- بمناسبة تعيين القائد عبدالله يحي أحمد حسين عضوًا بمجلس السيا ...
- الحركة الشعبية - العيد الـ(70) لتأسيس الجيش السوداني مناسبة ...
- بمناسبة تعيين القائد صلاح الدين آدم تور (رصاص) عضوًا بمجلس ا ...
- توضيح حول تحوير تصريحات القائد مالك عقار لقناة العربي عقب زي ...
- قصيدة مرثاة الربيع بين الزهور والشموع علي مرقد السارد والمتر ...
- الحركة الشعبية: إستنكارًا لإنتهاكات مليشيا الدعم السريع بود ...
- نظرة حول تحولات العلاقات الدولية وإنعكاساتها علي المستقبل ال ...
- قيادة الحركة الشعبية تنعي الشهداء من الجيش الشعبي والجيش الس ...
- تعليقًا حول الردود الإعلامية والسياسية حيال خطاب القائد مالك ...
- نافذة ذكريات مع القائد حماد آدم حماد في مسار الكفاح الوطني ا ...
- إستشهاد القائد حماد آدم حماد وزير الصحة الأسبق بولاية النيل ...


المزيد.....




- السعودية.. هيئة تنظيم الإعلام تحيل مسؤولين قناة تلفزيونية لل ...
- منزل نتانياهو في دائرة الاستهداف.. جبهات بين إسرائيل ولبنان ...
- ترامب ينتقد بايدن: لم يقدم الدعم اللازم لنتنياهو في الحرب
- القضاء البريطاني يصدر أحكاما بالسجن على ناشطين بعد صبغ نافور ...
- الاستخبارات الأمريكية تتدخل: -خلايا الدمج- تسهم في ملاحقة قا ...
- حادث مأسوي في سريلانكا: اصطدام قطار بقطيع من الأفيال البرية ...
- نتنياهو يتوعد: حزب الله ارتكب -خطأ فادحا بمحاولة اغتيالي-
- تقرير عبري يوجه اتهامات خطيرة للجيش المصري ويتحدث عن انعدام ...
- مراسلتنا: الجيش الإسرائيلي قصف بلدة كفر حمام جنوبي لبنان بقن ...
- قديروف ينشر فيديو لعربة أمريكية الصنع استولت عليها القوات ال ...


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - سعد محمد عبدالله - قراءة صفحات تاريخية من دفتر كفاح المناضل الثوري والسياسي المستنير الأستاذ الراحل عبدالماجد إبراهيم: