حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)
الحوار المتمدن-العدد: 8112 - 2024 / 9 / 26 - 08:47
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
بالرغم من أن بعض المجتمعات لا توفر الفرص الكافية لنمو الأفكار وتبادلها، فإن المجتمعات المتطورة والمزدهرة تقدم نمطًا مغايرًا، حيث تتيح بيئة خصبة لتلاقح الأفكار وتفاعلها، مما يعزز من فعاليتها ويمنحها القدرة على التأثير. لذا، يمكن القول إن الأفكار تحتاج إلى حماية ورعاية لتتمكن من النمو والتطور.
تُعتبر الأفكار في علم الاجتماع بمثابة إجابات تسهم في فك رموز مجموعة من التساؤلات والغموض المحيط بالقضايا والمشكلات المجتمعية. ترتبط هذه الأفكار بكيفية استثمار الخيال وقدرته على إحداث التغيير، مما يدل على أنها تحمل في طياتها رؤى وإمكانات هائلة للتغيير، وهذا ما يجعلها عنصرًا أساسيًا في أي سياق اجتماعي.
في هذا الصدد، تتجلى مقولة أينشتاين: "لا يمكن حل مشاكلنا بنفس طريقة التفكير التي استخدمناها عندما أنشأناها". إن الأفكار، بما تحمله من عناصر فعالة، تشكل الأساس الذي يُبنى عليه الحضارة في أي مجتمع، كما يوضح المفكر مالك بن نبي.
الهدف من طرح الأفكار في المجتمع هو إيقاظ الوعي لدى الأفراد حول المخاطر المحتملة التي قد تواجههم. يسعى المفكر من خلال تقديم أفكاره إلى أن يكون بمثابة عين المجتمع اليقظة التي تدرك الحقائق كما هي، دون طلاء. وهو أيضًا العين التي تتأمل في الجوانب السلبية والإيجابية للمجتمع ضمن إطاراته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية...إلخ. علاوة على ذلك، يمثل المفكر تلك العين التي ترى بوضوح المسارات والأسس المستقبلية للمجتمع، مما يسهم في توجيه المجتمع نحو التغيير الفعال.
من المعلوم أن الأفكار العظيمة غالبًا ما تواجه مقاومة قوية، خصوصًا من أولئك الذين قد تتعرض مصالحهم للخطر نتيجة لهذه الأفكار. لذلك، يتعين على الباحث في علم الاجتماع أن يتحلى بروح المغامرة وأن يستكشف كل ما يبدو غريبًا أو شاذًا بفضول وعمق. وهذا يعني ببساطة بأن الأفكار تشكل نقطة انطلاق نحو التغيير المجتمعي، حيث تبدأ بعدها عملية حشد التأييد لها. ومع مرور الوقت، قد تزداد مستويات المقاومة ضد هذه الأفكار، مما يستدعي ضرورة تفسيرها وتبسيطها، وتوضيح معانيها وسياقاتها بصورة أكثر تفصيلًا. في هذه الأثناء، يمكن أن تؤدي المقاومة الشديدة إلى إجهاض تلك الأفكار، أو قد تتيح لها الفرصة لتحقيق تغيير مجتمعي فعّال.
من المهم أن ندرك أن إجهاض الأفكار لا يعني نهايتها، بل إنه عندما تتوفر الشروط المناسبة، يمكن أن تعود هذه الأفكار إلى الظهور مرة أخرى. وهذا يقودنا إلى التأكيد على أن طرح الأفكار يأتي في سياق التدبر والتشخيص والتفسير للجوانب السلبية والإيجابية في المجتمع. هذه العلاقة تعكس وجود ترابط بين طرح الأفكار واستمرار المشكلات في الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية. ومن شأن هذه العلاقة أن تدعم وتعزز عمليات التطور وبناء المجتمع بشكل أفضل.
#حسين_سالم_مرجين (هاشتاغ)
Hussein_Salem__Mrgin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟