الخوف من وحدة المسلمين أو تطورهم في العلوم والتكنولوجيا

ديار الهرمزي

الحوار المتمدن-العدد: 8109 - 2024 / 9 / 23 - 21:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الغرب، ككيان سياسي وثقافي معقد، قد يكون لديه تاريخ طويل من العلاقة المتوترة مع العالم الإسلامي، ولكن من المهم التمييز بين السياسات الحكومية لبعض الدول الغربية وبين الشعوب أو الثقافات الغربية ككل.

صحيح أن هناك تصورات بين بعض المسلمين بأن الغرب يخشى وحدة المسلمين أو تطورهم في مجالات العلوم والتكنولوجيا، ولكن هذا التفسير قد يكون مبالغًا فيه ويحتاج إلى توضيح أعمق.

التاريخ يظهر أن الوحدة الإسلامية كانت دائمًا قوة يُحسب لها حساب.

الإمبراطوريات الإسلامية مثل الدولة الأموية والعباسية والعثمانية أثبتت أنها قادرة على تحقيق نفوذ واسع وانتشار سريع.

ولعل بعض القوى الغربية في مراحل معينة من التاريخ قد رأت في الوحدة الإسلامية تهديدًا لمصالحها.

بعد انهيار الدولة العثمانية العلية في أوائل القرن العشرين تم تقسيم العالم الإسلامي إلى دول قومية متعددة، مما أدى إلى تراجع فكرة الوحدة الإسلامية السياسية.

ولقد استغلت بعض القوى الغربية هذا التشتت لتعزيز نفوذها في المنطقة من خلال دعم الأنظمة الحليفة وتأجيج الصراعات الداخلية بين الدول الإسلامية.

الخوف من إعادة الوحدة الإسلامية قد ينبع من تصورات بأن مثل هذه الوحدة قد تقوي المسلمين وتجعلهم أقل اعتمادًا على الغرب.

لكن الوحدة الإسلامية الحقيقية لن تأتي فقط من خلال التماسك السياسي بل أيضًا من خلال التقدم العلمي والاقتصادي والاجتماعي.

العلوم والتكنولوجيا كانت دائمًا عاملًا أساسيًا في نهضة الشعوب.

العصر الذهبي الإسلامي الذي شهد تقدمًا كبيرًا في الفلسفة والعلوم والطب كان مصدر إلهام حتى للغرب في العصور الوسطى.

بعض المسلمين يعتقدون أن الغرب يخاف من أن تعود الأمة الإسلامية إلى عصرها الذهبي وتصبح قادرة على منافسة القوى الغربية في مجالات العلوم والتكنولوجيا.

لكن الحقيقة هي أن التحديات التي تواجه العالم الإسلامي في هذا المجال ليست ناتجة فقط عن مؤامرة غربية بل أيضًا عن التخلف في التعليم والبحث العلمي وعدم الاستقرار السياسي وغياب دعم الدولة للمبادرات التكنولوجية.

الدول الإسلامية التي ركزت على التعليم والبحث العلمي مثل تركيا وماليزيا ودول الخليج بدأت في تحقيق بعض التقدم في مجالات التكنولوجيا وهذه الخطوات تواجه معارضة غربية وخاصة توركيا.

رغم وجود توترات سياسية بين بعض الدول الإسلامية والغربية هناك أيضًا تعاون واسع في بعص المجالات العلوم والتكنولوجيا.

العديد من الطلاب والباحثين من العالم الإسلامي يتلقون تعليمهم في الجامعات الغربية والدول الغربية تقدم بعض المساعدات التقنية والعلمية لبعض الدول الإسلامية.

التحدي ليس في أن الغرب يخشى تطور المسلمين علميًا، بل في أن الدول الإسلامية تحتاج إلى استثمارات أكبر في التعليم والبحث العلمي بالإضافة إلى تبني سياسات تدعم الابتكار والتنمية المستدامة.

العلاقات بين الغرب والدول الإسلامية ليست دائمًا محكومة بالخوف من الوحدة أو التقدم التكنولوجي،ك بل هي محكومة بـ المصالح الاقتصادية والجيوسياسية هناك صراعات ومنافسات حول الموارد الطبيعية والنفوذ السياسي وهذه هي القضايا الأساسية التي تحكم تلك العلاقات.

الخوف من وحدة المسلمين أو تطورهم في العلوم والتكنولوجيا هو تبسيط للصورة الكاملة.

التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية في الوقت الحالي تتعلق أكثر بـ التخلف في بعض المجالات الأساسية مثل التعليم، البحث العلمي والاستقرار السياسي.

في المقابل يمكن للدول الإسلامية أن تحرز تقدمًا كبيرًا إذا ما ركزت على التعليم والتنمية، دون أن تواجه معارضة كبيرة من الغرب في هذا السياق.

#ديار_الهرمزي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات