أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - ديمقراطية الجوهر وديمقراطية المظهر















المزيد.....

ديمقراطية الجوهر وديمقراطية المظهر


قاسم محمد داود
كاتب

(Qasim Mohamed Dawod)


الحوار المتمدن-العدد: 8109 - 2024 / 9 / 23 - 16:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بداية يجب أن نفهم أن أبسط تعريف للديمقراطية، إلى جانب كونها "حكم الشعب"، هو أنها نظام سياسي يتيح للمواطنين المشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم من خلال انتخابات حرة ونزيهة. في الديمقراطية، يتمتع الناس بالحق في التعبير عن آرائهم، اختيار قادتهم، والمساهمة في صياغة القوانين والسياسات. ثم هل تقتصر الديمقراطية على اقامة الانتخابات ومشاركة المواطنين بالتصويت؟ بالتأكيد سيكون الجواب لا، الديمقراطية لا تقتصر فقط على إقامة الانتخابات ومشاركة المواطنين في التصويت. صحيح أن الانتخابات هي جزء أساسي، لكنها ليست كافية لضمان ديمقراطية حقيقية. هناك عناصر أخرى مهمة مثل:
سيادة القانون والذي يتمثل بوجوب أن تُطبق القوانين بشكل عادل على الجميع دون استثناء، وأن يكون القضاء مستقلاً.
حرية التعبير وهذا يعني أن تضمن الديمقراطية حرية الإعلام والتعبير عن الرأي، بحيث يمكن للمواطنين مناقشة القضايا العامة بحرية ودون خوف من الملاحقة وفرض العقوبات.
حقوق الإنسان وحسب شرعتها العالمية لذلك من المهم جداً أن تحمي الديمقراطية حقوق الأفراد الأساسية مثل حرية الدين، والتنقل، والتجمع، والتفكير.
المساءلة والشفافية لأن الديمقراطية من أهم تجلياتها أن تكون الحكومة مسؤولة أمام الشعب، وهناك آليات لمراقبة الأداء الحكومي وكشف الفساد.
التعددية حيث أن الديمقراطية تتيح وجود آراء وتوجهات سياسية متعددة، وتشجع على التنوع في الآراء والأفكار.
إذن، الديمقراطية تشمل مجموعة من القيم والممارسات التي تضمن المشاركة الشعبية في الحكم، الشفافية، واحترام حقوق الإنسان.


المجتمع الذي يسعى لقيام نظام ديمقراطي حقيقي يجب عليه تكوين آليات حقيقية لمحاسبة الفاسدين لضمان نزاهة وشفافية النظام. من دون هذه الآليات، تصبح الديمقراطية شكلية فقط ولا تحقق أهدافها الأساسية في تحقيق العدالة والمساواة. لذلك فإن آليات محاسبة الفاسدين تتضمن:
استقلال القضاء والذي يجب أن يكون مستقلًا تمامًا عن السلطة التنفيذية والتشريعية لضمان محاكمة الفاسدين دون تأثير سياسي أو تدخل. وجود هيئات مستقلة مختصة بمراقبة الفساد والتحقيق فيه، مثل هيئات مكافحة الفساد والمحاسبة العامة. ضرورة وجود قوانين تضمن الشفافية في الإجراءات الحكومية والمالية، مثل قوانين حق الوصول إلى المعلومات. البرلمان يجب أن يكون لديه القدرة على مساءلة الحكومة والوزراء، واستجوابهم بشأن أي شبهة فساد أو إساءة استخدام للسلطة. دور المجتمع المدني والإعلام الحر مهم في كشف الفساد وتسليط الضوء عليه، مما يسهم في خلق ضغط شعبي على المؤسسات لمحاسبة المسؤولين. تطبيق عقوبات صارمة على المتورطين في قضايا الفساد، سواء كانوا من المسؤولين الحكوميين أو الشخصيات العامة. هذه الآليات تعزز من ثقة المواطنين في النظام الديمقراطي وتضمن عدم استغلال السلطة لتحقيق مصالح شخصية.
الديمقراطية لا يمكن أن تزدهر في ظل نظام لا يحاسب الفاسدين. المحاسبة والشفافية هما ركيزتان أساسيتان لأي ديمقراطية ناجحة، وإذا غابتا، تتعرض الديمقراطية للتآكل والتحول إلى شكل من الحكم الفاسد أو السلطوي. هناك عدة أسباب لذلك:
غياب محاسبة الفاسدين يؤدي إلى تآكل ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية، مما يقلل من مشاركتهم في العمليات الديمقراطية مثل الانتخابات والاستفتاءات.
إذا لم يكن هناك عقاب للفاسدين، ينتشر الفساد بشكل أكبر، حيث يشعر المسؤولون بأنهم في مأمن من المحاسبة. وهذا يعزز ثقافة الفساد ويصبح النظام غير عادل.
عندما يتم تجاهل محاسبة الفاسدين، يُضعف احترام القوانين ويؤدي إلى انحراف النظام عن المبادئ الديمقراطية الأساسية، مثل المساواة أمام القانون.
الفساد يمكن أن يشوه الانتخابات من خلال شراء الأصوات، التلاعب بالنتائج، أو التأثير غير الشرعي على الناخبين، مما يجعل الديمقراطية شكلية فقط وليست فعالة في تحقيق إرادة الشعب.
الفساد يؤدي إلى إهدار الموارد، تقويض الاستثمارات، وزيادة الفقر، مما يعيق التنمية الاقتصادية التي تعتبر جزءًا من استقرار الديمقراطيات.
باختصار، الديمقراطية بحاجة إلى آليات قوية لمحاسبة الفاسدين لضمان تحقيق العدالة، الشفافية، والنزاهة في الحكم، وإلا فإنها ستتعرض للتراجع وربما الزوال.
أضافة إلى ما سبق فإن الديمقراطية تحتاج إلى ديمقراطيين وتوعية وفهم لمعناها الحقيقي لأن "عدم الفهم الكافي لمبادئ الديمقراطية يفرغ الديمقراطية من محتواها" وهذا يعني أن الديمقراطية ليست مجرد إجراءات سطحية مثل الانتخابات أو التصويت، بل تعتمد على فهم عميق لمجموعة من المبادئ الأساسية. إذا لم يفهم المواطنون أو المسؤولون هذه المبادئ جيدًا، يمكن أن تتحول الديمقراطية إلى قشرة فارغة لا تحقق الأهداف الحقيقية التي صُممت من أجلها. لتوضيح هذا المعنى، يمكن تفسيره في عدة جوانب:
إذا لم يكن لدى المواطنين وعي وفهم كافٍ بحقوقهم ومسؤولياتهم في الديمقراطية، قد يصبح التصويت مجرد إجراء شكلي، حيث يتم انتخاب قادة لا يلتزمون بالمبادئ الديمقراطية أو يلجؤون إلى وسائل غير ديمقراطية، مثل التلاعب بالناخبين أو شراء الأصوات أو الاختيار على أساس الانتماء الديني أو القبلي.
الديمقراطية تعتمد على سيادة القانون والمساواة أمامه. إذا لم يفهم المواطنون والمسؤولون هذا المبدأ بشكل كافٍ، يمكن أن يؤدي ذلك إلى التجاوزات، الفساد، واستغلال السلطة، مما يجعل الديمقراطية عاجزة عن تحقيق العدالة.
الديمقراطية تعتمد على احترام التعددية وحقوق الأقليات، إذا لم يفهم الناس أهمية هذا المبدأ، قد يتحول النظام إلى حكم الأغلبية بطريقة تستبعد الآراء والأصوات المخالفة، مما يُفقد الديمقراطية روحها في تمثيل الجميع.

في نظام ديمقراطي، يجب أن يكون المواطنون مشاركين بفعالية في مراقبة الحكومة ومحاسبتها. عدم الفهم الكافي لأهمية المساءلة قد يؤدي إلى تراجع المشاركة الشعبية وترك الحكومات تعمل دون رقابة، مما يعزز الاستبداد والفساد.
الديمقراطية تضمن الحريات الفردية، لكن هذه الحريات تتطلب أيضًا إدراك حدود المسؤولية الشخصية والجماعية. إذا لم يتم فهم العلاقة بين الحرية والمسؤولية، قد تتحول الحريات إلى فوضى أو استغلال.
بالتالي، الفهم السطحي أو الخاطئ للديمقراطية يفرغها من محتواها الحقيقي ويجعلها غير قادرة على تحقيق أهدافها في الحرية، العدالة، والكرامة الإنسانية. الديمقراطية لا تزدهر إلا بوجود وعي كافٍ بمبادئها وتطبيقها بشكل صحيح.
لو وضعنا بالحسبان كل المبادئ التي تقوم عليها الديمقراطية من سيادة القانون وحرية التعبير وحقوق الأنسان والمساءلة والشفافية والتعددية...هل يمكن وصف ما يطبق في العراق حالياً ديمقراطية حقيقية؟
أن وصف الوضع الحالي في العراق بأنه ديمقراطية حقيقية يعتبر موضوعًا معقدًا ويعتمد على عدة عوامل. العراق لديه نظام ديمقراطي دستوري نظريًا، حيث يُجرى انتخابات، ويُفترض أن تكون هناك مؤسسات قائمة على سيادة القانون، حرية التعبير، والمساءلة. ومع ذلك، عند تقييم مدى تطبيق المبادئ الديمقراطية الأساسية مثل سيادة القانون، المساءلة، الشفافية، التعددية، وحقوق الإنسان، يمكن أن نستخلص عدة نقاط:
النظام القانوني في العراق لا يزال يعاني من تحديات كبيرة، منها الفساد والتدخلات السياسية في القضاء. ضعف إنفاذ القانون في بعض المناطق والانقسامات الطائفية والعرقية يعيق تطبيق العدالة بشكل عادل وشامل.
في العراق، هناك مستوى من حرية التعبير، لكن الإعلام والناشطين يواجهون ضغوطًا كبيرة، بما في ذلك التهديدات والترهيب، خاصة عند انتقاد الحكومة أو الميليشيات المتنفذة. هناك حوادث قمع لحرية الصحافة والتعبير، مما يجعل حرية التعبير مقيدة.
العراق يعاني من انتهاكات لحقوق الإنسان، سواء من قبل الجماعات المسلحة أو القوات الحكومية. حقوق الأقليات، مثل الإيزيديين والمسيحيين، تأثرت بشكل كبير بالنزاعات والهجمات الإرهابية، مما يدل على وجود تحديات كبيرة في ضمان حقوق الإنسان.
الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية يعتبر من أكبر التحديات التي تواجه الديمقراطية في العراق. آليات المساءلة غالبًا ما تكون ضعيفة أو غير فعالة، مما يساهم في فقدان الثقة بين المواطنين والمؤسسات.
العراق يعتبر دولة متعددة الأعراق والطوائف، لكن هذه التعددية استغلت لتقسيم السلطة على أسس طائفية أو عرقية، مما خلق حالة من المحاصصة السياسية التي أدت إلى انقسامات عميقة وتمنع تحقيق ديمقراطية متماسكة.
الانتخابات تُجرى بانتظام، ولكن هناك تقارير عن التلاعب، التزوير، والتأثير الخارجي على نتائجها. كما أن المشاركة الشعبية في الانتخابات تتأثر بالإحباط واليأس من القدرة على إحداث تغيير حقيقي عبر الصناديق الانتخابية.
وخلاصة القول، بينما العراق يمتلك إطارًا ديمقراطيًا دستوريًا، فإن تطبيق المبادئ الديمقراطية على أرض الواقع يواجه تحديات كبيرة. الفساد، ضعف سيادة القانون، التوترات الطائفية، والتدخلات الخارجية تساهم في تقويض هذا النظام الديمقراطي. وبالتالي، من الصعب وصف الوضع في العراق حاليًا بأنه ديمقراطية حقيقية بمعنى متكامل، إذ أن العديد من العناصر الأساسية للديمقراطية لا تُطبق بشكل فعال.



#قاسم_محمد_داود (هاشتاغ)       Qasim_Mohamed_Dawod#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن السياسة والسياسيين
- العرب السنة وأزمة الزعامة
- الإقليم العربي السني بين الممنوع والمسموح
- فشل مشروع الديمقراطية الليبرالية الأميركي في العراق
- القبلية الحكومية في العراق
- تفكك الهوية الوطنية وتعدد الولاءات في العراق بعد الغزو الأمي ...
- فشل الديمقراطية في العراق والوطن العربي
- استدعاء التاريخ ووهم البطولة
- هل أن العالم لم يعد بحاجة إلى الاشتراكية؟


المزيد.....




- ?? مباشر: حزب الله يؤكد مقتل القائد العسكري محمد سرور في غار ...
- تايلاند: استعدادات طارئة بعد ارتفاع منسوب نهر بينغ نتيجة إعص ...
- -لن نرحل-.. شعار RT يضيء واجهة السفارة الأمريكية بموسكو (فيد ...
- لافروف: الثقة بين قادة روسيا وكوريا الشمالية تقوم على التواف ...
- مسيرة للتحالف الدولي تناور بشكل خطير أمام مقاتلة روسية في سم ...
- مراسلنا: مقتل 9 مدنيين من عائلة واحدة بغارة إسرائيلية استهدف ...
- تقرير إسرائيلي: نتانياهو دعم فكرة -الممر الآمن- للسنوار
- مراسلنا: مقتل 9 مدنيين من عائلة واحدة بغارة إسرائيلية استهدف ...
- الطريق الذي كلّف الملايين بين الصين وميانمار، وتحوّل إلى ساح ...
- معالجه متطور وكاميراته ممتازة.. مواصفات هاتف iQOO الجديد


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - ديمقراطية الجوهر وديمقراطية المظهر