فاطمة شاوتي
الحوار المتمدن-العدد: 8109 - 2024 / 9 / 23 - 12:23
المحور:
الادب والفن
تأملات في نص الشاعر الفلسطيني فريد غانم "بَيْنَ مَدِينَتَيْنِ"
إنطباعات قرائية تناصّية لفاطمة شاوتي في نص الشاعر الفلسطيني فريد غانم
"بَيْنَ مَدِينَتَيْنِ"
أضعت أناي بين مدينتيْك وأنا ألفّ حَوَاري التاريخ قبل الاحتلال الصهيوني وبعده
كيف اكتسبت مدينة الحليب والقهوة والصبار إسمنتها القُلاعي وأبْخرتها الرمادية قتلت فتنة العروس، وموّهت على العريس رموش الجمال ببلاستيكية مقيتة، جعلتها تفقد هوية أنوثة أصيلة بأنوثة خُنْثوية...؟
وأنا أتابع الطريق في تعرّجاتها في سيارتك ربما أو على قدميك، كنت أُشنف سمعي من خلال كلماتك بمزامير داوود، وعلى جسد حوريات البحر نسجت حكاية الأمير الأصغر
يخيط جلباب عشق، مزقته عاصفة قادمة من شعاب المرجان الجورية، تُموّه خطاها عن قناديل البحر وقنافذ الشاطئ الحجريِّ،
حملت لسعاتها وتحاملت على ملوحة الموج،
امتصت صرخة "يونس" في بطن الحوت يقطع المحار تصل قبل أرق النهار، لتمسك القمر نائما بين ذراعيها يحلم بوسادة حب لوطن، هجرها في قبلات الماء...
سكبت قبلات شمس اختزنتها لخريفها المؤجل في شجرة الحياة،
رسمت أهزوجة الرحيل،
طوت سجادة حرير أهدتها لها ملائكة الفراشات، احتلّت قدميها من دقة المشي
سلخت هضبة الإنتظار وأومأت للمطر أن يحملها على سبّابة الفيضان...
النص :
"في الطريق الكرتوني بين المدينة المكتظة بالشهوات الأرضية المغلفة بالورق السماوي، وبين مدينة الله التي انسحبت منها الأشجار والتلال وتناسل فيها الزجاج ، صحوت عشرين مرة .
ذكريات جميلة تبتعد عن بعضها ، في مساحة تنكمش ودروب تطول فوق طاقتها .
قوافل عربية تحطّ في الهامش المحفور وتوتّر مطّاط الوقت حتى نقطة الانقطاع . أسباط يهودية تأتي من الصحراء ، تكسر رمل الطريق وتقيم خياما من الإسمنت ، ملائكة يتعاركون فوق رمشي .
كاتب أسمر يأتي من آخر الدنيا ، من مدينة محاصرة بالرغوة المالحة ، بتصريح ربّانيّ .
يعتذر ابن غزة للعيون المصابة بالحيرة ، يقول :
توقف قلمي عن البكاء وفرّت أصابعي من يدي منذ صار الضوء شحيحا عندنا .
ثمّ في المساء المتسلل إلى مدينة الله عبر الطرق المتوارية تتشقق شفتاه تحت غابة الفلوريسنت المعلقة في سقف الله .
يقول لنا طبيب عابرٌ :
لا تقلقوا ،تشققت شفتاه من شدة الكهرباء هنا ، عليه أن يصوم عن الابتسام .
ثمّ يخرج صباح كئيب من آخر كرْمٍ ،
فينهمر الكلام المتعب على حمرة الخجل المهاجر ."
#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟