أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد الحريزي - المؤلف الاول والمؤلف الثاني في الرواية القصيرة جدا














المزيد.....

المؤلف الاول والمؤلف الثاني في الرواية القصيرة جدا


حميد الحريزي
اديب

(Hameed Alhorazy)


الحوار المتمدن-العدد: 8109 - 2024 / 9 / 23 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


المؤلف الأول والمؤلف الثاني
تقاسم الأدوار وتبادل الحوار في الرواية القصيرة جداً

كما يعلم الجميع أن أهم مميزات الرواية القصيرة جداً هو الاختزال والتكثيف والترميز، وكما ذكرنا في أكثر من مقالة أن الرواية القصيرة جداً هي رواية وامضة وليست قابضة ولا فارضة، وقد يتساءل بعض الذين لديهم اشتغالات سردية أو نقدية معترضاً أن من مستلزمات السرد الروائي هو التوصيف والتعريف وذكر أدق العلامات والميزات والتوصيفات للأشخاص والأماكن والشوارع والمدن ...الخ. أفلا يخل هذا الاختزال والتكثيف في بنية الرواية ولا يستجيب لأهم مميزاتها؟ وذلك بترك الروائي المؤلف الأول فراغات كثيرة في نسيج السرد فيبدو بذلك النسيج السردي والحكائي مهلهلاً للوهلة الأولى! فبماذا تجيب الرواية القصيرة جداً على هذا السؤال؟.
نقول أنّ الرواية القصيرة جداً هي وليدة رحم عصر العولمة، عصر التكنولوجيا المتطورة بما يفوق الخيال، عصر بحر المعلومات الهائل الذي تتهادى أمواجه المعرفية أمام أنظار المتلقي من خلال القنوات الفضائية الناطقة بالصورة والصوت وبكل لغات العالم وفي كل بقعة من بقاع العالم، وكذلك من خلال أجهزة النقال والتي تحولت بفضل تطور مهامها إلى بنك معرفي صوري وصوتي هائل وسهل المنال وتحت يد أغلب سكان الأرض حتى الأطفال، ناهيك بنزعة إنسان العصر الحالي للسفر لتيسر تكاليفه وسرعة وسائل المواصلات بشكل مذهل، مما وفر لأغلب سكان الأرض كم هائل من المعرفة بطبيعة الثقافات لمختلف البلدان والشعوب ناهيك عن المعرفة الدقيقة للشخصيات العامة من رؤساء بلدان أو سياسيين بارزين وكتاب وممثلين، وحتى طبيعة وشكل وزي الإنسان العادي في الصين أو أمريكا أو اليابان أو الروس أو الهند، وامتلاك الإنسان لصور وتصورات غاية في الدقة عن أهم ملامح وشواهد العمارة والحضارة والثقافة والآثار في العالم، مثل برج إيفل في باريس والساحة الحمراء في موسكو وتمثال الحرية في نيويورك ومسرح البولشوي في موسكو والأهرامات في القاهرة ونصب الحرية في بغداد وبرج خليفة في دبي وتاج محل في الهند ... ألخ. وأن احتاج معلومة ما أو توصيف ما، حضر محرك البحث (الكوكل) و الـ(يو تيوب) بين يديه قائلاً: (شبيك لبيك أنا عبدك بين يديك، سأحضر لك كل ما تطلب وما تشاء ليكون أمام عينيك).
وبذلك وكي لا يسبب المؤلف الأول الملل لدى المتلقي (المؤلف الثاني) حينما يعرف له المعرف ويوصف له الموصوف لديه والذي ما أن يومض به المؤلف الأول حتى ترتسم له صورة واضحة المعالم والصفات في مخيلة المؤلف الثاني، وإنْ تختلف هذه الصورة من متلقي إلى آخر حسب درجة ثقافته وسعة اطلاعه وفطنته وتجربته الحياتية، وهنا تسجل الرواية القصيرة جداً أكثر من علامة ايجابية لصالحها، ألا وهي اختزال حجم الرواية والتخفيف عن كاهل المتلقي المزيد من الوقت لقراءة رواية طويلة فكما وفرت له الوجبات الغذائية السريعة (أنت وماشي) غذاءً جسدياً سريعاً، ستوفر وتسد له الرواية القصيرة جداً حيزاً مهماً من حاجته إلى وجبة غذاء روحي تخفف له من ضنك الحياة العملية الضاجة بالرتابة والروتين، كما أنها كسبت ود ورضا المتلقي بإعطائه حرية التخيل والتصور حسب تجربته في إكمال صيغة السرد مساهماً بخيوطه في سد فراغات النسج واكمال معناه ومبناه بطريقته الخاصة وبألوانه المفضلة المتوافقة مع ذائقته الجمالية وثقافته ، وبذلك تشارك الرواية القصيرة جداً قصيدة النثر في أشراك المتلقي في تصور وتأويل وتحليل صورها مما يضفي على القارئ المتلقي المؤلف الثاني البهجة والشعور بالأهمية والمتعة وتنشيط ذاكرته وبعث الخيال وتحفيز المخيال لديه.
نرى بحق أن الرواية القصيرة جداً تمكنت بميزتها هذه التخلص من أسلوب التلقين والتدجين والاستقبال السلبي للمتلقي الشبه محايد في تلقي سيل الصور والتوصيفات وحسب ذائقة ومزاج وثقافة المؤلف الأول الروائي، إلى متلقي وقارئ يلعب دور المؤلف الثاني من خلال ما تركه له المؤلف الأول من فراغات تتطلب إكمال نسجها بطريقته وبخيوطه الخاصة وبحسب ثقافته ومعرفته، طبعاً مع الحفاظ على السياق العام لأحداث الرواية وشخصياتها الرئيسة والثانوية وتحولاتها الزمنية ومضامينها الفكرية عبر علاقة جدلية تكاملية جمالية بين المؤلف الأول والمؤلف الثاني.
كذلك فإن إدخال الرمز والترميز في السرد الروائي من قبل المؤلف الأول ونظراً لما يفيض به الرمز من أشعاع معرفي ودلالي مختزن في داخله، سيوفر للمتلقي المؤلف الثاني فرصة تنشيط ذاكرته في تصور وتخيل خزين الرمز وسعة إشعاعه من معنى ومبنى تزيد من رصانة وعمق مضمون الرواية وسعة تأويل أحداثها، تضفي المزيد من المعنى والعمق والربط الجدلي بين الحاضر والماضي بكل ما يستبطنه المؤلف الثاني من سعة معرفة وثقافة شخصية للرمز وتحليل شفراته وارتباطه بما أورده المؤلف الأول.
من خلال كل ما سبق فالرواية القصيرة جداً توفر للمتلقي القارئ حرية تأليف وتخيل نص ثان مواز للنص المسطور على الورق ولكنه هذه المرة مسطور ومرسوم ومجسد في خيال المتلقي المؤلف الثاني المستمتع بخياله ومضمون وشكل نصه الثاني كمشارك في الخلق وليس متلق سلبي فقط ، وقد يدخل في منافسة ومقارنة مع متلقي وقارئ آخر أو أكثر وكل يفاخر في نصه الخاص ضمن رواية واحدة.



#حميد_الحريزي (هاشتاغ)       Hameed_Alhorazy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية القصيرة جدا - الولادة - التحولات وضرورات التجنيس
- مذكرات كلب - رواية قصيرة جدا
- قراءة في كتاب (قضايا المرأة في التدين الأجتماعي ) للدكتور ...
- تحولات الانسان بين ((نسّاي)) يوسف المحسن و ...
- التحولات في رواية (زينب) للدكتور عارف الساعدي
- رواية 63 للروائي احمد الجنديل
- رواية ((هي في الذاكرة )) للروائية زينب صالح الركابي - بقلم ا ...
- دراسة نقدية حول رواية ((للمفتاح وجوه عدة)) للروائي مهدي علي ...
- دراسة نقدية حول رواية ملعون انترياس للروائية مريم محمد
- الموروثُ الشعبيّ العِراقيّ* في ثُلاثيّة (محطات) للروائي حميد ...
- نص شعري
- رواية (( امبراطورية الثعابين )) للروائي احمد الجنديل
- عرض موجز لثلاثية محطات الروائية -للاديب حميد الحريزي
- صدور كتاب جديد للاديب حميد الحريزي (صفحات من تاريخ الفن الرو ...
- الواقع القائم وخيارات المستقبل
- دراسة لرواية ((مرحبا ايها الاسفل)) للروائي محسن ضيهود الزبيد ...
- دراسة لرواية ((شارع الكتروني)) للروائي صالح مهدي
- من بلاد الثلج الى بلاد النار هاتف بشبوش صوت الجمال والثقا ...
- من بلاد الثلج الى بلاد النا هاتف بشبوش صوت الجمال والثقافة و ...
- دراسة ((بائع القلق)) للقاص انمار رحمة الله


المزيد.....




- قيامة عثمان.. استقبل الآن تردد قناة الفجر الجزائرية أقوى الم ...
- ايران تنتج فيلما سينمائيا عن حياة الشهيد يحيى السنوار
- كاتبة -بنت أبويا- ستصبح عروس قريبا.. الشاعرة منة القيعي تعلن ...
- محمد طرزي: أحوال لبنان سبب فوزي بجائزة كتارا للرواية العربية ...
- طبيب إسرائيلي شرّح جثمان السنوار يكشف تفاصيل -وحشية- عن طريق ...
- الفن في مواجهة التطرف.. صناع المسرح يتعرضون لهجوم من اليمين ...
- عائشة القذافي تخص روسيا بفعالية فنية -تجعل القلوب تنبض بشكل ...
- بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
- افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد الحريزي - المؤلف الاول والمؤلف الثاني في الرواية القصيرة جدا