شكري شيخاني
الحوار المتمدن-العدد: 8109 - 2024 / 9 / 23 - 10:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
للأسف الشديد لم يتغير شيء في عادات العرب منذ حرب البسوس عام 534 ميلادي، ولمن لم يسمع بتلك الحرب، فقد تداولت كتب التاريخ أنّ سبب اندلاعها هي ناقةٌ؛ حيث كانت هذه الناقة ترافق ابنة منقذ في زيارةٍ لمضارب بني بكر وكانت قد توجّهت إلى بئرٍ يعود لقبيلة تغلب لتروي ظمأها، وكانت هذه اللحظة بمثابة شرارة للحرب؛ حيث قام كُلَيب بقتل هذه الناقة كونها شربت دون إذنه. عند بلوغ النبأ إلى خالة جسّاس «البسوس بنت المنقذ» غضبت غضباً شديداً لمقتل ناقتها، وأمرت ابن أختها الجسّاس بأخذ ثأرها من قبيلة تَغلُب وذلك بقتل ملك القبيلة كُليب، وبالفعل أقدم الجسّاس على قتل كُليب ليأتي الزّير سالم أبو ليلى المُهلهل ويقود حرباً جديدةً انتقاماً لمقتل أخيه كُليب وتمكّن من الفوز، واشتدّ القتال بين القبيلتين لمدة أربعين عاماً. كل ذلك بسبب ناقة. ولو نظرنا اليوم إلى العقلية العربية بشقيها السياسي والاجتماعي نجد أن العرب لم يبرحوا بعد عقلية «البسوس» في تصرفاتهم السياسية والاجتماعية، إذ يكفي أن يختلف عربيان حول قضية سياسية معينة حتى يتحول الخلاف إلى حرب شعواء بين الطرفين، مع أن العرب أنفسهم يرددون دوماً القول المأثور الجميل: «الخلاف لا يفسد للود قضية» لكن الحقيقة أن أبسط خلاف بين العرب يتحول إلى «بسوس» جديدة.
لا أدري لماذا يقدس العرب الرأي السياسي وكأنه مُنزل، ويدافعون عنه بنواجذهم كما لو أن الباطل لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه. ولو أردت أن ترى «حرب البسوس» بأبشع صورها اليوم، فقط متّع ناظريك بالصراعات الهائجة المائجة بين العرب على مواقع التواصل الاجتماعي. قلما تجد حواراً هادئاً موضوعياً رزيناً بين المعلقين، فهم مستنفرون دائماً لامتشاق سيوفهم الصدئة للرد على تعليق بسيط بوابل من الشتائم والمسبات والكلمات النابية. حاول اليوم أن تكتب تغريدة أو منشوراً في منصة (X) حول قضية ما وستنهال عليك عشرات لا بل مئات الردود أحياناً لمجرد أن رأيك لا يطابق تماماً الرأي المطلوب ترويجه وتعميمه على المواقع. وإذا مثلاً كان لديك ملاحظة بسيطة على هذه القضية أو تلك، فتصبح فوراً في ردود المعلقين صهيونياً عميلاً خائناً جاسوساً مندساً مرتزقاً تقبض بالدولار من (الموساد) و(السي آي أي).((منقول))
#شكري_شيخاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟