مهدي عقبائي
مهدي عقبائي كاتب إيراني - عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
(Mehdioghbai)
الحوار المتمدن-العدد: 8109 - 2024 / 9 / 23 - 02:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شهدت إيران في الآونة الأخيرة سلسلة من الأحداث المروعة التي تعكس حجم التوتر الاجتماعي والاقتصادي الذي يعاني منه الشعب الإيراني في ظل نظام لا يهتم بحماية مواطنيه ولا تلبية مطالبهم. حادثة انفجار منجم "معدنجوي" في منطقة طبس، التي أودت بحياة أكثر من 50 عاملاً، هي تجسيد صارخ لهذا الإهمال المستمر من قبل السلطات الإيرانية تجاه عمال المناجم، الذين يعملون في ظروف خطيرة بدون أدنى مستويات الحماية والسلامة المهنية.
إن الحوادث المتكررة في المناجم الإيرانية ليست جديدة؛ إذ سبق وأن شهدت البلاد عدة كوارث مشابهة، منها انفجار منجم "يورت" في عام 2017، الذي أسفر عن وفاة 43 عاملاً. ويبدو أن الوضع لم يتغير منذ ذلك الحين، حيث تستمر المآسي، مما يعكس فشل النظام في إصلاح أي من هياكل الحماية أو الأمان، رغم وعوده المتكررة.
لكن هذه الحوادث لا تقتصر على المناجم فحسب، بل تشكل جزءاً من سلسلة أوسع من الاحتجاجات التي تعم المدن الإيرانية. ففي الأيام الأخيرة، اندلعت تظاهرات في مختلف أنحاء إيران، شملت طهران، الأهواز، كرمان، قم وزاهدان. هذه الاحتجاجات تنوعت بين عمال المناجم، المتقاعدين، وذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تجمع المحتجون في محاولة يائسة لإيصال أصواتهم، مطالبين بتحسين الظروف المعيشية وتنفيذ الوعود الحكومية التي طال انتظارها. من الواضح أن هذه الاحتجاجات ما هي إلا تعبير عن الغضب المتزايد داخل المجتمع الإيراني نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والتجاهل المستمر من قبل الحكومة.
أما على الصعيد الدولي، فقد تزامنت هذه الاحتجاجات مع تصعيد آخر خارج حدود إيران. في نيويورك، نظم أعضاء من الجالية الإيرانية مظاهرات واسعة احتجاجاً على حضور مسعود پزشکیان في الجمعية العامة للأمم المتحدة كممثل للنظام الإيراني. المتظاهرون أكدوا بشكل واضح أن پزشکیان لا يمثل الشعب الإيراني، بل هو جزء من النظام الذي قمع الحريات وانتهك حقوق الإنسان. رفعوا شعارات تندد بسياسات النظام وتطالب بتغييره، مشيرين إلى أن وجود پزشکیان على المسرح الدولي لا يعبر إلا عن استمرارية ظلم النظام لشعبه وسياسته العدائية.
التناقض الواضح بين ما يقدمه النظام الإيراني من شعارات دينية وثورية وما يعيشه الشعب من فقر وقمع، أصبح جلياً على الساحة الدولية. النظام الذي ينفق ثروات البلاد في مغامرات إقليمية ودعم الميليشيات في دول المنطقة، يتجاهل الاحتياجات الأساسية لشعبه. هذه الحوادث، سواء في المناجم أو في شوارع المدن الإيرانية، تكشف حجم الإحباط والغضب المتزايدين داخل إيران.
المظاهرات في نيويورك، والتي من المتوقع أن تتصاعد في الأيام المقبلة، تؤكد أن الشعب الإيراني في الداخل والخارج لن يقف مكتوف الأيدي بعد الآن. العالم يشهد الآن تزايد الضغط على النظام الإيراني من كافة الاتجاهات، سواء من العمال المحاصرين بالمناجم أو من الشباب المحتجين في شوارع إيران أو من الجالية الإيرانية في الخارج.
في النهاية، لا يمكن النظر إلى ما يحدث في إيران على أنه مجرد أزمات محلية أو حوادث فردية، بل هي جزء من صورة أكبر لأمة تصارع من أجل حريتها وحقوقها في مواجهة نظام يرفض الإصلاح ويعتمد على القمع والفساد.
#مهدي_عقبائي (هاشتاغ)
Mehdioghbai#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟