أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الخريفية في قصيدة صفراء سامي البتجالي -صفراء















المزيد.....

الخريفية في قصيدة صفراء سامي البتجالي -صفراء


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8107 - 2024 / 9 / 21 - 14:52
المحور: الادب والفن
    


الخريفية في قصيدة صفراء
سامي البتجالي
"صفراء
أيلولُ عادَ و فيه ميعادٌ
بلونٍ لن يفارقنا
إذا مر ّالخريف
القلب تشحبُ فيه خشْخشةٌ
و يذبلُ ثمّ يهجره الحفيف
الحزن طيرٌ
لا يهاجر ُ في الفصولِ
و لا يكُفٌ عن الرفيف
و يبيض في قُرَنِ الفؤاد
و فوق مائدة الطعامِ
و في شبابيكٍ تُطلُّ إلى المدى
و على الرصيف
الحزن ذاكرةٌ مُعلقةٌ
(مُعلّقتان ِ
عشر مُعلّقاتٍ)
للغياب و للضيوف
الحزن ظل ٌّ لا تُغيّبه الغيوم ُ
و لا أفول الشمس ِ،
لا يمضي اذا عاد المساءُ
و ليس يتعبه الوقوف
لونٌ لأيلولَ القديمِ
و لا جديدَ و ها أنا
زرقاءُ أغنيتي
و قُبّعتي
و معطفي الثقيلُ
و ما ذرفتُ من الحروف!"
السوري/الفلسطيني قديما تعامل مع الطبيعة وما فيها من تعاقب الفصول كحالة (طبيعية/عادية)، حتى أنه أوجد آلهة متعلقة بالموت "يم/أريشكيجال" فرغم أن الموت/الخريف فيه ألم وقسوة، إلا أن تلك القسوة/الألم سيعقبها فرح وخصب ونماء، وهذا يقودنا إلى ريفية الطبيعة السورية/الفلسطينية، فهناك ألفاظ، شخصيات، فصول/ أشياء متعلقة بالحياة الريفية.
بعد مرور أكثر من أربعة ألاف عام على وجود تلك الأفكار والمعتقدات يأتي "سامي البيتجالي" ليتحدث عن الموت والخريف، فرغم أنه يعيش في زمن معاصر وحديث، وفيه العديد من الأشياء الحديثة، إلا أنه ما زال يتعامل مع الطبيعة كما تعامل معها أجداده منذ أن اعتنقوا فكرة الموت والحياة "تموزي/البعل، يم/الموت"
إذا ما توقفنا عند القصيدة سنجد حضور الريف والطبيعة في أكثر من لفظ: "طير، الغيوم، الشمس" نلاحظ أن هذه الألفاظ متعلقة بالسماء، بالفضاء، وهذا يعكس تعلق الشاعر بالحرية، بالخصب، بالحياة، بمعنى رغم أنه يتحدث عن الموت/الجذب، إلا أن عقله الباطن متشبث بالحياة والحياة المتألقة.
ونلاحظ حضور ألفاظ متعلقة بالزمن في أكثر من لفظ: "أيلول (مكرر)، الخريف، الفصول، للغياب، المساء" وهذا له علاقة بالطبيعة الحياة، فالزمن أحد العناصر التي تؤثر على الطبيعة/الحياة.
وإذا ما توقفنا عند هذه الألفاظ سنجدها سوداء وقاسة إذا ما استثنينا "فصول" الذي يعطي معنى (عام) بمعنى أن الشاعر عندما يتحدث عن الخاص ويحدد الزمن تكون القسوة حاضرة، بينا عندما يتحدث عن العام يكون عاديا/طبيعيا.
وهناك ألفاظ تشير إلى حالة الشاعر النفسية: "صفراء، تشحب، تذبل، الحزن (مكرر ثلاث مرات) أغنيتي، قبعتي، معطفي، ذرفت" يستوقفنا تكرار "حزن" الذي يشير إلى استمراره وديمومته، وكأن الشاعر من خلال ال"حزن" الذي تكرر يقول إنه يعتنق فكرة الموت التي اعتنقها أجداده قديما.
وإذا ما توقفنا عند الألوان "صفراء، زرقاء" سنجد حالة الصراع بين الخريف/صفراء، وبين الربيع/زرقاء، بمعنى أن الألوان تخدم فكرة الصراع بين الطبيعة الخريف وبين الربيع.
هذه المعاني/الأفكار نجدها في الألفاظ المجردة، لكن بنية للقصيدة تتجاوز ما تحمله الألفاظ، وعلينا التوقف عندها لمعرفة الجمالية التي جاءت بها، فلا تقتصر أهمية الشعر على المضمون/الأفكار فحسب، بل على الصور الشعرية التي جاء بها، واللغة التي قدمت بها القصيدة.
نجد في المقطع الأول صورة عامة (خارجية) لا تتعلق بالشاعر مباشرة:
"أيلولُ عادَ و فيه ميعادٌ
بلونٍ لن يفارقنا
إذا مر ّالخريف"
ومن ثم يدخلنا إلى أثر "أيلول، الخريف" عليه، وهذا يؤكد تأثر الشاعر بالطبيعة:
"القلب تشحبُ فيه خشْخشةٌ
و يذبلُ ثمّ يهجره الحفيف"
نجده يتحدث عن القلب وما فيه من حنين وما يحمله من عاطفة للفرح/للحياة، ونلاحظ هذا الحنين، العاطفة تكمن في: "خشخشة، الحفيف" فتكرار حرفي "الخاء والشين والفاء" يقودنا إلى عاطفة الشاعر وما فيه من حنين، لهذا جاءا "خشخشة والحفيف" كإشارة إلى ما يحمله العقل الباطن، فالحب/العاطفة جعلته يستخدم ألفاظا تتكرر فيها الحروف، فبدأ وكأنه (أسيرا) لتلك الحروف/الألفاظ، وأسيرا للحالة التي يمر بها.
في المقطع الثالث يمزج بين الطبيعة وحالته النفسية:
"الحزن طيرٌ
لا يهاجر ُ في الفصولِ
و لا يكُفٌ عن الرفيف
و يبيض في قُرَنِ الفؤاد
و فوق مائدة الطعامِ
و في شبابيكٍ تُطلُّ إلى المدى
و على الرصيف"
يستوقفنا هذا المزج لأنه جاء بصورة شعرية، فقد جعل الشاعر الحزن "طير" بمعنى أعطاه صفة كائن حي، لكن هذا الكائن (ثابت) في عدم تكره/هجره للمكان ولا للزمان، "لا يهاجر في الفصول" ومتحرك في مكانه "لا يكف عن الرفيف" وهذا ما يجعل (ثباته) مكرها، فهو لا يهجر لأنه مجبر على ذلك.
ونجد انحياز الشاعر للطائر من خلال "الرفيف" فهما "الطير والشاعر" كائن/شيء واحد، من هنا استخدم "الرفيف" التي يتكرر فيه حرفي الفاء كأشرة من العقل الباطن لحالة الحنين/الحب للحركة والتحليق في الفضاء، ألم يستخدم ألفاظا متعلقة بالسماء: "الغيوم، الشمس، زرقاء"؟
نلاحظ وجود ألفاظ وحروف تخدم الحركة وتساع المكان: "فوق، المدى، وفي (مكرر)، عن، إلى، وعلى" وهذا يقودنا إلى حالة الحزن التي يمر بها الشاعر، مما جعله المكان والاتجاهات فوق، تحت، الأمام، الخلف كلها تحاصره، وتجعله في مرتبكا/مضطربا، فهل فقد إيمانه بقدوم الخصب/الربيع الذي سيتبع أيلول/الخريف؟
ونلاحظ في هذا المقطع المكان/الأشياء تتراوح بين ما هو عام: "المدى، الرصيف" وبين ما هو خاص: "مائدة الطعام، الشبابيك" وهذا له علاقة بما قلنا عن علاقة الطبيعة بالإنسان وأثرها عليه، بمعنى أن الشاعر ما زال (محافظا) على حالة (التوزان) بينه وبين الطبيعة.
أهم أداة عند الشاعر هي الكتابة، فبها يستطع أن يُعبر عما فيه من مشاعر، وأيضا بها يستطع أن يقدم أفكاره/طروحاته للمتلقين، يقدم الشاعر هذه الأداة بصورة فريدة:
"الحزن ذاكرة معلقة
معلقتان
عشر معلقات"
تبدو للوهلة الأولى (عادية) الصورة، فليس فيها ما هو مثير أو ما هو تميز، لكن إذا ما توقفنا عندها سنجدها صورة مشبعة الحزن/الألم، فقد بدأ الشاعر بصبغة المفرد، ثم بصيغة المثنى، وختماها بصيغة الجمع، وهذا يعطي القارئ صورة عن الحزن الواقع على كاهل الشاعر، خاصة إذا علمنا أنه ربطه بالشعر وبفحوله (المعلقات العشر).
وبما أن هناك تكرار ثلاثي ل"معلقة/معلقتان/ معلقات" وهذا يخدم فكرة الحزن الذي تكرر أيضا ثلاث مرات، وإذا ما ربطنا الحزن بالمعلق/ة نصل إلى وبؤس الواقع العام وبؤس حال الشاعر، بمعنى أنه فعلا بدأ يفقد الإيمان بالخصب والخير القادم.
يختم الشاعر القصيدة بنفي وجود الخير/البعل، الخصب:
"الحزن ظل ٌّ لا تُغيّبه الغيوم ُ
و لا أفول الشمس ِ،
لا يمضي اذا عاد المساءُ
و ليس يتعبه الوقوف
لونٌ لأيلولَ القديمِ
و لا جديدَ و ها أنا
زرقاءُ أغنيتي
و قُبّعتي
و معطفي الثقيلُ
و ما ذرفتُ من الحروف"
نجد نفي الخير من خلال حروف: "لا (المكررة ثلاث مرات) وليس" فالشاعر ينفي قدوم الخير وبصورة مطلقة، فتكرار "لا" الذي يحمل فكرة الاستمرار والبقاء يجعل حزنه دائم لا ينتهي.
إذن يأس الشاعر وصل إلى القاع، ولم يعد يؤمن بقدوم البعل/الخصب، وهذا اليأس/القنوط مؤلم للشاعر، ومزعج للمتلقي.
وهنا يقع (واجب) أدبي على الشاعر، فعله تقديم (يأسه) بصورة (مهذبة) تخفف شيئا من القسوة (والكفر) الذي أباده وأعلن عنه (جهارا) فكيف فعل ذلك، وكيف قام بواجبه كشاعر تجاه القراء والمتلقين؟
نجد هذا (الاعتذار) من خلال صورة الجمود وعدم التحرك: "الحزن ظلا لا تغيبه الغيوم، ولا أفول الشمس، لا يمضي إذا عاد" أهمية هذه الصورة تكمن في (تثبيتها/جمودها) لما هو متحرك، "الغيوم/الشمس/ يمضي" وتحريكها لما هو جامد/ثابت: "وليس يتبعه الوقوف" فقد انعكست الحياة الأشياء ولم يعد هناك ما هو منطقي/عقلي، ومن حق الشاعر أن (يكفر) بهكذا واقع، فبدأ وكأنه يبرر موقفه البائس من الحياة وحالة القنوط التي وصل إليها.
وبها يكون الشاعر قد (كفر) عن كفره وأحسن تقديم (اعتذاره)
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.
‏‎Sami Awadallah‎‏.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النكسة في رواية -آه يا وطني- محمد حافظ
- الأسرى في رواية -الزنزانة رقم 7- فاضل يونس
- الواقعية وإيجابية الفلسطيني في رواية -دائرة الفرح غير المكتم ...
- حقيقة الاستعمار في كتاب -الثقافة الاستعمارية والألم البشري-[ ...
- نسيم خطاطبة ديوان سديم الحياة
- تألق اللغة وأهمية المضمون في -ذكريات الزمن الآتي- كميل أبو ح ...
- قسوة المرأة في قصيدة -كيف أنسى- لقمان شطناوي
- الواقع الثقافي في كتاب -فتنة الحاسّة السادسة- تأمّلات حول ال ...
- المكان والمجتمع في المجموعة القصصية -ديكور شخصي
- أثر الحرب في مجموعة -قمر 14- أصيل عبد السلام سلامة
- المرأة والمجتمع الذكوري في رواية -غربة- فوزي نجاجرة
- الأم في كتاب -مدللة، أنا فقير وبدي أصير- أبو علاء منصور
- الشاعر والقصة في -أم ثكلى- علي البتيري
- السيرة في -للقضبان رواية أيضا- حسين حلمي شاكر
- الشعرية والمباشرة في قصيدة -الأفول- مأمون حسن
- لفلسطيني والمكان في رواية -اليركون- للكاتبة صفاء أبو خضرة:
- أثر المرأة في -أريد أن أقتل الحزن- جواد العقاد
- على هامش ملتقى فلسطين السابع للرواية العربية
- قسوة الشخصيات والأحداث، وفنية التقديم في رواية -ثنائي القطب- ...
- البعد الملحمة في كتاب -أشباح ديرتنا- هاشم غرايبة


المزيد.....




- الإمارات تستحوذ على 30% من إيرادات السينما بالشرق الأوسط
- رواية -الليالي البيضاء- للكاتب ضياء سعد
- كيف ألهم عالم الموضة والأزياء الأفلام السينمائية؟
- عــرض مسلسل حكاية ليلة الحلقة 5 مترجمة قصة عشق وقناة الفجر
- مغامرات القط والفار 24 ساعة.. تردد قناة توم وجيري TOM and JE ...
- عمّان.. الشاعر الكتالوني جوان مارغريت مترجما إلى العربية
- -الرياض تقرأ-.. هيئة الأدب تطلق المعرض الدولي للكتاب وقطر ضي ...
- -الرياض تقرأ-.. انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 202 ...
- الأردن يرشح -حلوة يا أرضي- للمنافسة على أوسكار أفضل فيلم دول ...
- على المسرح.. مغنية شهيرة تتعرض لجلطة دماغية


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الخريفية في قصيدة صفراء سامي البتجالي -صفراء