أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم - العشق بين الأسطورة والواقع: قراءة في قصيدة خزعل الماجدي















المزيد.....

العشق بين الأسطورة والواقع: قراءة في قصيدة خزعل الماجدي


زكية خيرهم

الحوار المتمدن-العدد: 8105 - 2024 / 9 / 19 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


سيرة الشاعر والمفكر خزعل الماجدي والقصيدة:
خزعل الماجدي هو شاعر ومفكر عراقي وُلد في بغداد عام 1951، وقد تميز بتنوع إبداعاته التي تشمل الأدب، والتاريخ، والدراسات الميثولوجية. يظهر تأثره العميق بالدراسات الميثولوجية والأديان القديمة في قصائده، حيث يمزج بين الواقع والخيال، وبين العشق والجسد، وبين الروحانية والأسطورة. في ديوانه "قصائد الصورة"، الذي يحتوي على قصيدة "ينابيعها الطافحة بالنور"، يبرز تأثره بالثقافات القديمة والأساطير، ويتجلى ذلك في الرموز والتصورات الشعرية التي يستخدمها لتعبر عن تجربته الإنسانية.
القصيدة من منظور تجربته الفكرية:
قصيدة "ينابيعها الطافحة بالنور" هي انعكاس مباشر للعمق الفكري والشعوري الذي يشكل رؤية خزعل الماجدي. الشاعر، الذي نهل من معين الثقافات والأساطير المتعددة، يمزج في هذه القصيدة بين العشق والتأمل الروحي، حيث يغوص في معاني الوجود والزوال والحب. الطبيعة في هذه القصيدة ليست مجرد خلفية، بل كيان حي يتفاعل مع العواطف والمشاعر الإنسانية، مما يعكس اهتمام الماجدي الدائم بفكرة تداخل الروح والجسد والطبيعة. كل عنصر في الطبيعة، سواء كان زهرة أو نجمًا، يحمل معنى رمزيًا يعكس الحالة الداخلية للعاشقين، مما يجعل التجربة العاطفية والروحانية تندمج في وحدة متكاملة. هذه الوحدة تعكس رؤية الماجدي للكون كنسيج متشابك، حيث تتداخل الحواس مع الروح، والزمن مع الحب، في مسار دائم للبحث عن الحقيقة والمعنى.
الحوار بين الحبيبة والطبيعة:
في بداية القصيدة، نجد حوارًا يتجاوز الحدود التقليدية بين الإنسان والطبيعة. الضحك الذي "يجعل زجاج البيت يتشظى" يعبر عن لحظة حميمية مؤثرة بين الحبيبين، لكنه يحمل دلالات أعمق تتعلق بتأثير المشاعر القوية على العالم الخارجي. هذا التشظي للزجاج لا يمثل فقط تفاعلًا حسيًا بين العاشقين، بل يشير أيضًا إلى هشاشة الحواجز بين الداخل والخارج، بين النفس والعالم، مما يعكس رؤى صوفية تتجاوز الوجود المادي. في هذه اللحظة، يصبح الحب قوة قادرة على إعادة تشكيل الواقع، بحيث تتداخل العوالم الداخلية والخارجية. هذا الانسجام بين الإنسان والطبيعة يشير إلى التأثر الواضح للماجدي بالأساطير القديمة التي ترى الإنسان جزءًا لا يتجزأ من الكون، حيث يصبح العشق قوة ميتافيزيقية تربط بين جميع عناصر الوجود.
استعارات الطبيعة والتجربة الإنسانية:
خزعل الماجدي يستفيد من معرفته الواسعة بالتاريخ والآثار لتقديم صور شعرية مثل "الزهرة الوحيدة التي لم تُنبتها الأرض هي فمك"، وهي استعارة تمزج بين المادي والروحاني، وتعكس فكرة الجمال الذي يتجاوز الطبيعة العادية. هذه الصورة تقدم فم الحبيبة كزهرة نادرة، جمالها لا يمكن أن يكون نتاجًا للعالم المادي وحده، بل هو جمال استثنائي يتصل بالعالم الروحي والميتافيزيقي. هذا التلاعب بالمفاهيم بين الطبيعة والماورائيات يعكس رؤية الماجدي للعشق كقوة تتجاوز حدود الفهم التقليدي. فالجسد هنا ليس مجرد كيان مادي، بل هو قناة تفتح إلى عالم الروح، مما يجعل كل جزء منه رمزيًا لجمال أعمق وأبعد من الإدراك الحسي. بالإضافة إلى ذلك، هذه الاستعارة تلمّح إلى حضور الخلق والجمال الإلهي في كل ما هو حسي، مما يجسد العلاقة بين الروح والجسد في إطار صوفي، حيث يتحد الجسد والروح ليكشفا عن جمال متسامٍ لا تنبته الأرض بل ينبع من مصادر إلهامية عليا.
التجربة الصوفية في القصيدة:
يتجلى في هذه القصيدة تأثر الماجدي بالفكر الصوفي الذي يربط بين الحب الجسدي والعشق الروحي. الحب في هذه القصيدة ليس مجرد تجربة جسدية عابرة، بل هو مسار للصفاء الروحي والوصول إلى النور الداخلي، حيث يتداخل الحسي والروحاني في تجربة عشقية متكاملة. في الفكر الصوفي، يتجاوز العشق حدود الجسد ليصبح وسيلة للوصول إلى الحقيقة الإلهية، وهنا يظهر الحب كطريق للمعرفة الروحية والارتقاء. الجسد والحواس في القصيدة لا يُنظر إليهما كأدوات مادية فقط، بل كقنوات للتواصل مع العالم الروحي، مما يعزز فكرة الاتحاد الصوفي بين العاشقين. العبارة "أغنيتي من الفم إلى القلب" تعبر عن أن العشق الحقيقي يتخطى الحواس السطحية (الفم إلى الأذن) إلى مستوى أعمق من الوجود (الفم إلى القلب)، حيث الروح هي التي تتفاعل وتتواصل. كما أن هذه العلاقة بين الحبيبين تصبح رحلة بحث عن الصفاء الداخلي، إذ يتحول الحب إلى وسيلة لتطهير النفس وإعادة اكتشاف الذات من خلال التواصل الروحي العميق. يتسق هذا مع التصوف الذي يرى أن الجمال الحسي هو انعكاس للجمال الإلهي، وأن العشق هو أحد الطرق للوصول إلى الفناء الروحي.
الحب والموت في فكر الماجدي الذي استوعب فلسفات الميثولوجيا الروحانية، يدرك أن الحب لا ينفصل عن مفهوم الفناء والزوال. في قصيدة "ينابيعها الطافحة بالنور"، نجد إحساسًا بالخسارة والمرور، كما في صورة "أعشاش الحمام المهجورة بقايا حبنا الأقل". هذه الصور تعكس رؤية فلسفية للحياة، حيث يشكل الحب جزءًا من دورة الوجود والفناء. الحب عند الماجدي ليس حالة ثابتة أو لحظة أبدية، بل هو تجربة تتغير وتتطور مع مرور الزمن، مما يجعلها محكومة بالزوال كما هي الحياة نفسها. مشاهد الفناء في القصيدة تذكّرنا بأن الحب، على الرغم من جماله وعظمته، محكوم عليه بالتحول إلى ذكرى أو أثر عابر، مثل الحمام الذي كان يومًا مليئًا بالحياة ثم أصبح مهجورًا. هذا البعد التأملي يبرز إدراك الشاعر العميق بأن كل شيء في الوجود مرتبط بدورة الفناء والبعث، فكما يذبل الحب يمكن أن يتجدد بطرق جديدة. بهذه الطريقة، يعكس الماجدي تفهمه العميق لفلسفات الحياة والموت، حيث لا يكون الفناء نهاية مطلقة، بل جزءًا من عملية التحول المستمر في التجربة الإنسانية.
الصوت والضوء كرموز صوفية:
الضوء والصوت في القصيدة يعبران عن التواصل الروحي والحب. النجوم والبرق يمثلان الإضاءة التي يجلبها الحب إلى حياة الإنسان، مشيران إلى لحظات الإلهام والوضوح التي تأتي مع الحب العميق، حيث يصبح الحبيب مثل نجم يهدي العاشق في ظلمات الحياة. على النقيض، الصمت والظلام يحملان إيحاءات بالعزلة والفناء، حيث يشير الظلام إلى الفراغ الداخلي الذي يحدث عندما يغيب الحب أو يتلاشى. هذا التباين بين الضوء والصوت من جهة، والصمت والظلام من جهة أخرى، يعكس التوتر المستمر في تجربة الحب، حيث يتناوب الفرح مع الحزن، والنور مع الفقد. في هذا السياق، البرق ليس مجرد وميض عابر في السماء، بل هو رمز للكشف المفاجئ للحقيقة، تمامًا كما يكشف الحب عن أعماق جديدة في الذات والآخر. من ناحية أخرى، الصمت يمثل لحظات من التأمل العميق أو العجز عن التعبير، حيث يصل العشق إلى مرحلة لا يمكن فيها للكلمات أن تعبر عن مشاعر العاشق. هذه المفارقات تكشف عن رؤية الشاعر للعلاقة بين الحياة والموت في سياق الحب: فالحب لا يكون دائمًا مصدرًا للنور، بل يحتوي على جوانب من الفناء والخسارة التي تجعل النور أكثر تألقًا عندما يظهر. بهذا، يصبح الحب في القصيدة تجربة متكاملة من الضوء والظلام، الفرح والحزن، الحضور والغياب، مما يعزز العمق الروحي للعلاقة العاطفية التي يرسمها الماجدي.الختام والتفاؤل الروحي:
رغم التأمل في الفناء والزوال، تختتم القصيدة بلمسة من التفاؤل والانفتاح على احتمالات جديدة. الماجدي، الذي يسعى إلى التحرر من قيود الحواس المادية، يعبر في النهاية عن النور الداخلي، "الينابيع الطافحة بالنور"، كرمز للصفاء الروحي الذي يصل إليه العاشق بعد رحلة من التأمل والحب. تمثل قصيدة "ينابيعها الطافحة بالنور" جزءًا مهمًا من التجربة الفكرية لخزعل الماجدي. تعكس القصيدة استيعابه للفكر الصوفي والميثولوجي، وتمزج بين الحب الجسدي والعشق الروحي. الرموز الطبيعية والروحانية التي تظهر في النص تمنح القصيدة بعدًا فلسفيًا يتجاوز التجربة الشخصية، مما يجعلها نصًا تأمليًا عميقًا عن الحب والوجود.



#زكية_خيرهم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجوه تائهة في رمال المعاناة
- الحان بلا وعي
- قراءة في ظالميا: رواية الصراع بين الأمل والخيبة في مجتمعات ا ...
- الإصرار والشجاعة: حكاية جعفر التميمي من بغداد إلى الجائزة ال ...
- الصراع بين الهوية والجماعة: قراءة لرواية -الطلح لا يخطئ القب ...
- مسرح الدولة التي لم تكن: البوليساريو يسجل آخر فصول السخرية
- الهروب إلى اللامكان
- مفاتيح القائد
- تماوج الأرواح
- الزمرد الأخضر
- السياسات الجزائرية بين دعم الانفصال وتعطيل الوحدة المغاربية
- الجزائر: العقبة الكبرى أمام حلم الوحدة المغاربية
- نداء للعالم: إنهاء معاناة سكان مخيمات تندوف
- لألقٍ لا بدّ أن يأتي: قصيدة تعكس وجدان الإنسان في ظل الأزمات ...
- الصراع والهجرة في أدب سيمون سترانجر: نظرة على ثلاثية الشباب
- تكريم البروفسور جعفر عبد المهدي صاحب: رائد الفلسفة السياسية ...
- قراءة في ... مسودن العراق للاديب زهير شليبة
- تأثير المشاركة المغربية في منتدى أوسلو للحرية: دور الدكتور ل ...
- ديناميكيات العوامل النحوية في اللغة العربية: استكشاف البنية ...
- فلسفة العلاقات في شعر الحسين العبويدي: تأملات في الصداقة وال ...


المزيد.....




- قيامة عثمان.. استقبل الآن تردد قناة الفجر الجزائرية أقوى الم ...
- ايران تنتج فيلما سينمائيا عن حياة الشهيد يحيى السنوار
- كاتبة -بنت أبويا- ستصبح عروس قريبا.. الشاعرة منة القيعي تعلن ...
- محمد طرزي: أحوال لبنان سبب فوزي بجائزة كتارا للرواية العربية ...
- طبيب إسرائيلي شرّح جثمان السنوار يكشف تفاصيل -وحشية- عن طريق ...
- الفن في مواجهة التطرف.. صناع المسرح يتعرضون لهجوم من اليمين ...
- عائشة القذافي تخص روسيا بفعالية فنية -تجعل القلوب تنبض بشكل ...
- بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
- افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم - العشق بين الأسطورة والواقع: قراءة في قصيدة خزعل الماجدي