أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - الصبي الفلسطيني ودراجة الانتصار














المزيد.....

الصبي الفلسطيني ودراجة الانتصار


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 8104 - 2024 / 9 / 18 - 12:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


متاهة من الجليد تأخذني حين أرى جندياً يجر طفلاً، ينتشله من أرض الطفولة ويرميه في وحل الفزع والخوف والدموع والتوسل، الكاميرات ليست فقط شاهدة عيان على تصرف وسلوك ووحشية، انها الميدان الصادق للتوثيق وحضورها سيضاف الى صفحات المؤرخين .
قالت لي وهي تفرك أصابعها فرحاً : أنظري الى المجرم والسفاح والارهابي الصغير .. !! أنظري الى جنودنا كيف يضحون بأنفسهم من أجل أمننا ؟؟
نظرت الى شاشة التلفزيون المعلقة على الجدار، جميع من في الغرفة تسللوا الى خلايا الشاشة الزجاجية وتحولوا الى أيدي تحضن الجندي المصفح والمدجج والبندقية - التي لا أعرف من أي نوع - يضرب بها رأس الصبي، نعم عمره لا يتجاوز الثانية عشرة .
حالة الفرح والضحك وشد الشفاه ومطها حتى تندفع القهقهة من الحلق الى الخارج معلنة الانتصار الكاسح .. يا للهول ..!! قلتها في داخلي على طريقة الفنان يوسف وهبي ، كيف لم أجد من بين الوجوه وجهاً يتساءل بصراحة عن هذا الصبي وكيف وصل به الأمر الى الصراخ والبكاء تحت عقب البندقية .. وكيف لم يحرك بكاء الصبي مشاعر الأمهات الجالسات، خاصة تلك المرأة التي تحضن ابنتها التي تدل ملامحها على عمرها القريب من عمر الصبي الذي يجره الجندي .
عادت المرأة موجهة الحديث لي .. انظري الى الصبي كيف يتوسل الجندي ..!! عندها وحتى اتخلص من ثرثرتها المسيجة بالاستعلاء والعنصرية ، فلا أريد مناقشتها لأن النقاش حول الوضع السياسي الآن أمام هذه الوجوه سيتحول الى ساحة صراخ ودفاع عن الحق والتاريخ ..الخ والانتظار لدى الطبيب لا يتحمل شراسة الكلام وجنون اللغة حين تشعر أن الزيف والباطل والخداع قد مهدوا الطريق للنقاش .
تكلمت مع أبنتي باللغة العربية .. وإذ بهم ينظرون الي بعيون اتسعت حدقاتها ، ثم طأطأت المرأة الثرثارة رأسها وصمتت ، اختفت لغة المباهاة، الشفاه التي فتحت أبواب الضحكات، تقلصت وسكنت فوق ضحكاتها أقفاصاً من الحديد لطيور بلا أجنحة تصر على الطيران .
عدت للشاشة المعلقة ، القناة الثانية الاسرائيلية تمسك التحليلات السياسية ، أنها أشبه بالنقش على الماء أو حسب ما كانت تقول أمي- دق المي وهي مي- كلام وتحليل وتفسير وتصريح ، كل محلل يحاول الصيد في الوضع السياسي ، يصنع سكة حديد لوحده ، يطلق صفارة قطاره الخاص ، يعتقد أن قطاره سيصل أسرع على سكة العنصرية ، لكن هناك من صنع طائرة نفاثة للعنصرية والحقد ، وهناك من صنع صاروخاً عابراً للنفوس ، جميعهم حول طاولة الحوار لم يتكلموا عن الاحتلال والمستوطنين والمستوطنات والقمع والكبت والسجون والبطالة والمفاوضات ، السلطة الفلسطينية بالنسبة لهم منطاد هش سيدمر تحليقه ثقب صغير من ظفر أحد الرؤساء والزعماء العرب ، أو من ظفرهم الاحتلالي . لم يتكلموا عن هجمات المستوطنين البربرية الوحشية، جميعهم خاضوا معركة المسكنة ، أن الفلسطينيين يتعرضون لنا ، يقتلوننا ، يشهرون السكاكين في وجوهنا ، يشوهون حياتنا ، يجبروننا على العيش بفزع وخوف ورعب .
الكاميرا تعود مرة أخرى الى الصبي الذي يبكي بين يدي الجندي، والجندي يجره الى السيارة، وبين دموع الصبي وكرنفالات القوة المهيمنة الطالعة من الجندي، كانت السكرتيرة تنادي على أسمي، فتخلصت من تنهيدة كانت قد استقرت على نوافذ صبري ولطخت بريقه، تريد الخروج خوفاً من الاختناق.
عندما خرجت من غرفة الطبيب ، كانت المرأة الثرثارة تنتظر أمام الباب ، وباقي المنتظرين يتابعون نشرة الأخبار ، أحداً لم يحتج ؟ أحداً لم يشفق على الصبي ؟ أحداً لم يوجه سهام النقد للجندي الذي قوته لا تعادل قوة الصبي الأعزل الضعيف ؟ .
وانا خارجة من باب العيادة الزجاجي الى الشارع، كان الحارس يشاهد نشرة الاخبار، استرقت النظر إلى الشاشة ، وإذ بصبي فلسطيني راكباً دراجة هوائية في احد أزقة مدينة القدس ، يوقفه الجندي ويجبره على الانتظار ، لأن هناك بعض المستوطنين سيمرون من هنا ، وعلى الصبي الانتظار حتى يمروا ، الصبي الفلسطيني رفض الوقوف والانتظار، بل أستهز بالجندي .
ركب دراجته وسار بعظمة وكبرياء ..! وكان خلفه عدة صبيان يركبون الدراجات.
فرحت بشجاعة الصبي، وتدلت من عتمة الشارع حكمة تاريخية ( الم يعلم الجندي أن الاحتلال طقساً عابراً مهما مر الزمن ) هؤلاء الصبيان وحدهم من يحملون حقائب الفجر .
أ



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المطر الأحمر والأطفال
- خيمة وزغرودة وساق رجل
- حياة الماعز وحياة العامل الفلسطيني العاجز
- زمن الأوزان تحت الأنقاض في غزة
- الطفولة والحصان في غزة
- في غزة : يخرج ن القهر الرقص والطناجر
- مدرستي ما أحلاها
- في غزة أصبح اللون الأبيض رمزاً للوداع
- ما معنى أن تكوني امرأة في غزة
- الجاحظ بدر ... وسيبقى المفتاح في جيبي
- رجيم على الطريقة الغزاوية
- خيمة عن خيمة تفرق
- القوي عايب
- الدمى مربوطة خلف الدبابات
- الطيران في سماء غزة
- الغزيات الماجدات
- في بيتنا راديو
- لكوابيس الغزاوية
- غزة من زمن آخر
- تنهدات على تراب غزة


المزيد.....




- ?? مباشر: حزب الله يؤكد مقتل القائد العسكري محمد سرور في غار ...
- تايلاند: استعدادات طارئة بعد ارتفاع منسوب نهر بينغ نتيجة إعص ...
- -لن نرحل-.. شعار RT يضيء واجهة السفارة الأمريكية بموسكو (فيد ...
- لافروف: الثقة بين قادة روسيا وكوريا الشمالية تقوم على التواف ...
- مسيرة للتحالف الدولي تناور بشكل خطير أمام مقاتلة روسية في سم ...
- مراسلنا: مقتل 9 مدنيين من عائلة واحدة بغارة إسرائيلية استهدف ...
- تقرير إسرائيلي: نتانياهو دعم فكرة -الممر الآمن- للسنوار
- مراسلنا: مقتل 9 مدنيين من عائلة واحدة بغارة إسرائيلية استهدف ...
- الطريق الذي كلّف الملايين بين الصين وميانمار، وتحوّل إلى ساح ...
- معالجه متطور وكاميراته ممتازة.. مواصفات هاتف iQOO الجديد


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - الصبي الفلسطيني ودراجة الانتصار