أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح حزمي الزهيري - مقامة حُوْبة العراق .














المزيد.....


مقامة حُوْبة العراق .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8104 - 2024 / 9 / 18 - 02:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقامة حُوْبة العراق :

الحوبة : تستخدم في العامية العراقية والخليجية , وتعني لعنة الحق الضائع, أو العاقبة الأخلاقية, أوعقاب بسبب إثم أرتكبه الفرد .

بعض الناس لديهم قوة (الحوبة ) , أو حوبتهم مؤثرة مثل المظلومين , والأيتام , والفقراء , والمرضى والأرامل والضحايا إلخ , فالمفروض تجنب حوبتهم وحل النزاع معهم بطريقة سليمة , وعدم التأجيج معهم , وألا تواجه حوبتهم في حياتك الشخصية يومًا ما , مهما كانت مستويات تحوطاتك , فالحوبة أقوى منها , ولو قرأت كتاب خوارق اللاشعور لعلي الوردي لوجدت ان لهذه القوة أساسا في علم الباراسايكولوجي .

عندما يحدث لك أي أمر سيئ لا تحبه فلا تبحث عن مسببات بعيدة عنك وتحاول لصقها في الأخرين , ولكن عليك أن تفتش عن السبب في داخلك فربما كنت أنت السبب في حدوث تلك المصيبة أو المشكلة وربما يكون السبب دعوة ناس كدت لهم الشر وهذا ما نطلق عليه شعبيا ( الحوبة ) , وهكذا نسمع أهلنا يقولون : (( الحوبه تسحك وتلحك وتاخذ ثلثين من الحك )) , وهكذا إذا ظلم شخص شخصاً آخر ولم ينصفه فإنه إذا ما أصيب بقدر معيّن أو انتكاسة ما نقول عنه (حوبة فلان) , وفي معتقد العامة أن الحوبة قدر لا مفر منه ويقول المثل الشعبي : ((الحوبة لو تبطي ما تخطي )) .

رغم قدم مفهوم الحوبة لكنه تطور عبر الزمن , فقد كان قديماً يعني الإثم , والسبيل الوحيد للتخلص من الحوبة يكون عن طريق التوبة والاستغفار, قال الإمام علي ع : (( حُسْنُ التَّوْبَةِ يَمْحُو الْحَوْبَةِ )) , واشتق من ذلك المثل الشعبي المشهور (( التوبة تغسل الحوبة)) , ويمكننا تتبع مفهوم (الحوبة) عند العرب من خلال معجم ( تاج العروس) , وفي الكتاب الكريم جاء قوله تعالى في سورة النساء (( بسم الله الرحمن الرحيم وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا)) , والحوب هنا تعني الإثم , وعن عبد الله بن عباس قال : كان النبي يدعو: ((رب أعني ولا تعن علي , وانصرني ولا تنصر علي , وامكر لي ولا تمكر علي , واهدني ويسر لي الهدى , وانصرني على من بغى علي , اللهم اجعلني لك شاكرا , لك ذاكرا , لك راهبا , مطواعا إليك مخبتا أو منيبا , رب تقبل توبتي , واغسل حوبتي , وأجب دعوتي , وثبت حجتي, واهد قلبي , وسدد لساني , واسلل سخيمة قلبي)) , وهناك معان كثيرة في المعاجم العربية ومنها لسان العرب حيث جاء فيه (( الحَوْبُ والحَوْبَةُ الأَبَوانِ والأُخْتُ وفيهم حَوْبَةٌ وحُوبَةٌ وحِيبَةٌ أَي قرابة من قِبَلِ الأُمِّ وكذلك كلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ وإِن لِي حَوْبَةً أَعُولُها أَي ضَعَفَة وعِيالا )) .

و لعدم الابتعاد كثيرا عن فحوى مانحن بصدده , وهو معاناة العراقيين والظلم الهائل الذي وقع عليهم من أعدائهم الغرباء وأخوة يوسف , وبسبب ماصاروا عليه من ضغف وتشتت , فقد كثر أستخدامهم للحوبة و ( أريد الله يطلع حوبتي بيكم ) , التي غالبا مايتفوه بها كبار السن .

لم تكمل الفنانة الراحلة عفيفة اسكندر مع العراقيين مشوار الضيم والعذاب , لكن أغنيتها المشهورة والمعروفة ( أريد الله ) التي غنتها عام 1973, وكأنها تخاطب الحكام والسياسيين اليوم حيث تقول : (( اريد الله يبين حوبتي بيهم اريد الله على الفركة يجازيهم كل ماعذبوا حالي ساكت ماأحاجيهم لاتنوحين ياروحي مظلومة ياروحي عليهم ..من يومي وايامي حزينة ..كلبي يون كل ونة بونينه .. يوم الفرح ماعاود علينه .. هذا الصبر ماله من نهاية ..صبري اللي صبرته موكفاية .. خلا تشتفي بي عداية .. لاتنوحين ياروحي مظلومة ياروحي عليهم )) , فما أشبه اليوم بالبارحة , ونحن هنا بالطبع لانعاتب الحبيب , بل الكلام موجه من الفقراء والمحرومين والمجتثين والمقصيين والمهجرين والمغتربين والنازحين والعاطلين والمرضى والأرامل والثكالى لكل من كان السبب في وصفهم الحالي وعلى ماهم عليه في الوقت الحاضر.

يعم الأنين والحنين والحزن على العراق , ويتظلم أهله من أولي الأمر, فليس افتتاح مول كبير في وسط بغداد وانارة شوارع العاصمة أو تعبيد بعض شوارعها يعني ان بلادنا استعادت مجدها وعزها وتألقها , بل المطلوب اعادة وحدة الكلمة والمواطنة الحقة وتحقيق الرفاهية و العدالة الاجتماعية وارساء دعائم السيادة الوطنية الحقيقية ولم شمل أبناء الشعب العراقي وخصوصا ممن تشردوا في أصقاع العالم , ونبذ العادات الدخيلة التي تسيء للدين الاسلامي الحنيف وترسخ الجهل والتجهيل بسبب سعي من يقف خلفها لتحقيق منافع سياسية وسلطوية واقتصادية , والتاكيد على سلامة القضاء والتعليم من كل الشوائب التي حاقت بهما وان ندعو جميعا للتسامح ونبذ الضغائن وفتح صفحة جديدة تنشد السلام , وبخلاف ذلك فان السنة العراقيين صغارا وكبارا ستظل تلهج بالدعاء الى رب العزة الجبار المنتقم ذي القوة المكين بأن ( يطلع حوبتهم بيكم ) .
قال المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ : (( فَلاَ تَدْخُلَنَّ الدَّهْرَ قَبْرَكَ حَوْبَةٌ ... يَقُومُ بِهَا يَوْماً عَلَيْكَ حَسِيبُ )) , والحِيبَةُ: مَا يُتَأَثَّمُ منه , قال : ((وصُبَّ لَهُ شَوْلٌ مِنَ المَاءِ غَائِرٌ ..بهِ كَفَّ عَنْهُ الحِيبَةَ المُتَحَوِّبُ)) , وقال النابغةُ : صَبْراً بَغِيضُ بنُ رَيْثٍ إنَّهَا رَحِمٌ ..حُبْتُمْ بِهَا فَأَناخَتْكُمْ بِجَعْجَاعِ.



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة اين نحن من الأعراب .
- مقامة هم الطلاسم .
- مقامة ما أغلى مالايتحقق .
- مقامة الرفقة .
- مقامة زينب .
- مقامة أغاني التسامي .
- مقامة القراءة الثانية .
- مقامة دندنة مع بعقوبة السبعينات .
- مقامة المجانين ( المقامة المطولة ) .
- مقامة قربانك نجلاء .
- مقامة حلم بمدن فاضلة .
- مقامة السعادة .
- مقامة أبا بيدر .
- مقامة التناقضات .
- مقامة العراق , تتبغدد .
- مقامة الهمسة .
- مقامة المبدعون .
- مقامة الشعر الزهيري
- مقامة واقعية القرن العشرين .
- مقامة فتوحات مولوية .


المزيد.....




- إسرائيل توسع عملياتها في الضفة الغربية والسلطة الفلسطينية تت ...
- -هجوم- أوروبي مضاد في وجه أطماع ترامب التوسعية
- السجن 14 عامًا لجندي بريطاني سابق مُدان بالتجسس لصالح إيران ...
- كيف وقع حادث اصطدام الطائرة والمروحية في واشنطن؟ - بي بي سي ...
- حرب -لا رابح- فيها... أوروبا تتوحد سياسة ترامب الجمركية
- الاستخبارات الروسية: -الناتو- يستعد لحملة تشويه بزيلينسكي
- -حماس- تعلق على إمكانية عودة إسرائيل إلى الحرب في قطاع غزة
- رسميا.. جورجيا تسحب وفدها من الجمعية البرلمانية الأوروبية
- ملتقى سلطنة عمان للسياحة يدعو لتفعيل التأشيرة السياحية الخلي ...
- مبادرة المشري وتكالة.. هل تضع حدا لانقسام مجلس الدولة في ليب ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح حزمي الزهيري - مقامة حُوْبة العراق .