أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - معركة دون كيشوتية مع التلفزيون














المزيد.....

معركة دون كيشوتية مع التلفزيون


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8101 - 2024 / 9 / 15 - 17:17
المحور: الادب والفن
    


كان عليّ أن أعيد اقتباس دفاعي عن عصر التلفزيون الذهبي، وأنا أجد نفسي وبإرادتي هذه المرة، ضمن شهود الشاشة الحاضرين، وبعد أن اتخذت على مدار سنوات مقعدا خلفيا في الجدل التلفزيوني المتصاعد.
الاقتباس مما كتبته وخصوصا في فصل “عصر التلفزيون الذهبي” من كتابي “السوق المريضة” كاد أن يتحول في لحظة ما إلى معركة دون كيشوتية خاسرة وقُدّر لي أن أكون بطلها!
كنت أقول على مدار سنوات في مقالاتي بصحيفة “العرب” وباندفاع إن الجمهور يشاهد التلفزيون بغريزته، بينما غالبية الفضائيات إما أنها لا تشعر بآلام الناس أو تقدمها بعدسة منحازة، الجمهور صار يصرخ أمام الشاشات كي تكف عن بث التفاهات والخدمات الصحافية السياسية والطائفية مدفوعة الثمن.
وطالما رأيت كيف صار بمقدور الجمهور معرفة قائمة القنوات التي تعرض بيع القيّم والضمير، بل إن أسعار القيم قد انحدرت مع الأزمات الاقتصادية والإفلاس التي تعاني منهما الدول وأصحاب المشاريع التجارية، وأصبح مثل هذا التلفزيون مثالا حيا على تراكم الأفكار التي أصابها الجمود. يعني أن مستقبل صناعة الأفكار في خطر، فمع ضعف إيصال الرؤية بلغة معبرة تضعف الرؤية بذاتها.
كان يمكن أن يتراجع التلفزيون السياسي في زمن المواطن الصحافي كما تراجعت الصحافة المطبوعة، لكن مثل هذا الاحتمال صار غير متداول بقدر كبير، فتأثير الخطاب السياسي لم يخفت في التلفزيون، لذلك مازالت الحكومات تعوّل عليه بشكل أساسي.
فإذا كان الظهور على شاشة التلفزيون بوصفه الأكثر تأثيرا ومشاهدة يقود إلى الإطاحة بالصحافي الذي يرتدي ربطة عنقه احتراما لدفاعه عن جوهر المهنة، فأنه لا يكتفي بأن يجعل من كل هذا الكم من أفكار الدفاع عن التلفزيون المثالي، مقبرة لنفسه، بل يتحول إلى ممثل كوميدي يتحدث عن المُثل في دكان يتاجر بالقيم المهنية.
لكنني في اللحظة المناسبة، اخترت القرار الصحيح، بعد صراع مع نفسي عندما وجدت أن الأفكار التي أريد الدفاع عنها لم يُقدّر لها أن تكون في المكان الصحيح، فانسحبت لحظتها.
كان ينبغي أن أعرض في اللقاء التلفزيوني المفترض كيف يُراد تدمير الذاكرة العراقية بشكل متعمد وبغيض عندما تتم سرقة ألحان عراقية من عقود سابقة وتركيب كلام سطحي عليها لتمجيد لصوص الدولة والميليشيات في العراق، لكن البرنامج نفسه استهل فقراته بعرض واحدة من أكبر السرقات اللحنية الشنيعة. فكيف لي بعدها أن أقول نعم ولا في وقت واحد!
لذلك كسرت وعدا لزملاء أعزاء رحبوا بي بكل ود في قناة فضائية، وأرادوا بمحبة أن أكون ضيفا عليهم، وينبغي أن أعتذر لهم، ولهم الحق الكامل بعدها في النظر باستغراب إلى مثالية إعلامية أزعم بها، ولم تعد قائمة في الفضائيات العراقية.
صحيح، لا توجد أي علامة تجارية يمكنها إلغاء دور التلفزيون أبدا، وفق تريسي فولوز التي تعمل في مجال الاتصالات عن بعد والتكنولوجيا والإعلام، لكننا إذا أصبحنا شركاء فيما كنا على مدار سنوات نقاومه، فأننا بعدها لا نملك الحق الأخلاقي في عرض الأفكار. فكيف بالدفاع عنها؟
فمثلما لا يوجد أحد يوظّف المهندس المعماري الذي ينهار منزله، لا توجد قناة فضائية تستضيف من يضر بطبيعة خطابها، فالذين يظهرون على التلفزيون ويزعجون الناس لا يتحدثون بكلام سطحي ومكرر فقط، بل يطلقون كلاما لا يستطيعون الدفاع عنه أصلا. بيد أنه ينبغي على الصحافي أن يكون كائنا ضارا عندما يتعلق الأمر بالسياسيين ومشاريعهم الفاسدة تحديدا.
لقد استخدم معلمنا في الصحافة سعد البزاز تعبير “التلفزيون من يحكم اليوم” بعد أسبوع من احتلال العراق عام 2003، بينما تتوجب على العراقيين اليوم إعادة إطلاق السؤال التاريخي بطريقة تفاعلية، عما إذا كانوا بحاجة إلى مشاهدة أي شيء غير الدراما التركية وكرة القدم في فضائياتهم؟



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل حقا تريد إيران عراقا قويا؟
- شرطة الذائقة السمعية
- هل بمقدور المالكي التخلص من خوائه الطائفي؟
- كراسي حمودي الحارثي
- عبث أخبار الخنازير والكلاب
- سيلفيا تكتب إلى بايدن بعد نصف قرن من موتها!
- سنبقى نحب حسين نعمة!
- يمين متطرف أم لا إنسانيين؟
- الذكاء الاصطناعي لا يصل إلى نكهة القهوة
- معضلة تعليب وتسليع الأخبار
- ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
- من يُعيد أيامنا العصيبة؟
- أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
- إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
- ماذا لو خسرت إنجلترا؟
- استثمار زائف في ديمقراطية مملة
- درس من مناظرة ترامب وبايدن
- ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
- الحرية تكمن في الموسيقى وحدها!
- عزلة جو بايدن الأوروبية


المزيد.....




- -الجزيرة 360- مكتبة رقمية عربية بلا قيود
- تابع أقوى أفلام الكرتون مع قناة ميكي كيدز المميزة 2024 على ق ...
- أغاثا كريستي الغامضة والمثيرة تستمر في إغواء العقول
- إلياس خوري يغادر الدُنيا تاركا -باب الشمس- مفتوحا
- المولد النبوي الشريف.. احتفاء عابر للقرون وجدل على ضفاف المح ...
- “عيش ليلة كاملة من الإثارة والمتعة” التردد الجديد 2024 لقناة ...
- قامة أدبية لبنانية وعربية وعالمية بارزة.. رحيل إلياس خوري صا ...
- قصة إبادتين.. -الطنطورة- تنكأ جرح النكبة في سراييفو
- شاهد.. -أيام الجزيرة الوثائقية- في سراييفو
- الكتاب الفلسطيني لأول مرة في معرض بغداد الدولي


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - معركة دون كيشوتية مع التلفزيون