أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم - وجوه تائهة في رمال المعاناة














المزيد.....

وجوه تائهة في رمال المعاناة


زكية خيرهم

الحوار المتمدن-العدد: 8101 - 2024 / 9 / 15 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


في قلب الصحراء القاحلة، خلف الأسلاك الشائكة والرمال التي لا تنتهي، تقبع أرواح مرهقة تكافح من أجل البقاء وسط قيود العبودية والظلم. بين تندوف وأطياف الحرية الموءودة، تتعثر الحياة في مسارها، حيث تسلب الطفولة وتنطفئ الأحلام قبل أن تزهر. هنا، لا يُسمح للأطفال بأن يكونوا أطفالًا؛ يُجبرون على حمل البنادق بدلاً من الأقلام، وتصنع الجنود من أيدي صغيرة لم تعرف بعد معنى البراءة. قصص هؤلاء لا تُروى بألسنتهم، بل تُحكى بصمتٍ ثقيل، إذ تغلفها قسوة الواقع الذي يدفن أصوات المعاناة في عمق الزمن. في هذه المخيمات القاسية، تتحطم الآمال تحت أشعة شمسٍ حارقة، بينما يلتهم القهر سنوات العمر. الأجساد منهكة، والأرواح أسيرة، تبحث عن مهرب من قيود العبودية الحديثة التي لا تزال تفتك بالقلوب رغم أن العالم يظن أنه تجاوزها. تحت هذا الظلام، نسمع صدى أوجاع أجيال، أطفال ونساء عالقون في دائرة من القهر والحرمان. قصصهم ليست حكايات من صنع الخيال، بل هي واقع مرير لم يُسمع بما يكفي، غطته رمال النسيان وغض الطرف. ومع كل سطر من هذه الحكايات، نغوص في عمق تلك المعاناة، حيث يختلط الخوف باليأس، والأمل بالكاد يضيء أفقًا غارقًا في العذاب الذي لا ينتهي. هنا، نروي قصصهم للعالم، نعيد بث الشعلة في قلوبٍ كادت تفقد بريقها، حتى لا تغرق الحقيقة في ظلال النسيان، وحتى يعود النور ليضيء تلك الأرواح التي لا تزال تبحث عن الخلاص. في عمق صحراء تندوف الشاسعة، حيث لا تترك الشمس مجالًا للظل، ترتفع أصواتٌ لا تُسمع، محاصرة بين الرمال المتحركة والأسلاك الشائكة. هنا، في هذه الأرض التي تبتلع أحلام أبنائها، تجري فصولٌ جديدة من العبودية في عصرٍ يُفترض فيه أن الحرية حقٌ مكتسب. خلف هذه المخيمات المتهالكة، يعيش آلاف الأشخاص حياةً قاسية، محرومين من أبسط حقوق الإنسان، حيث الحلم بالحياة الكريمة يتلاشى يومًا بعد يوم، ويُدفن في رمال النسيان. العبودية هنا ليست قصصًا من الماضي، بل واقع مستمر يجبر هؤلاء السكان على حياة من الانكسار والاستغلال. يُولد الأطفال في هذه المخيمات، ولا يعرفون سوى حياة القيود. يُحرمون من التعليم، ومن حقهم في الحلم بمستقبل أفضل. يتم استغلالهم في أعمال شاقة بلا أجر، يتوارثون الألم والقيد كما يتوارثون الأسماء. كل يومٍ يُعاد فيه مشهد العبودية، وكأن الزمن هنا لا يتحرك إلى الأمام، بل يعيد نفسه في دورة لا تنتهي. ولا تقتصر المعاناة على الكبار، فالأطفال في تندوف يعيشون كضحايا في معركة لا تخصهم. تُسلب منهم طفولتهم قبل أن تتفتح أزهارها، إذ يتم تجنيدهم في معسكرات التدريب بدلًا من المدارس، ويُلقنون لغة السلاح بدلًا من العلم. يرثون الحرب بدلًا من اللعب، وتتحول قلوبهم الصغيرة إلى ساحة معارك داخلية، تتصارع فيها البراءة مع العنف المفروض. ومع ذلك، فإن العالم الخارجي غالبًا ما يغض الطرف عن هذه المعاناة الصامتة. تظل صرخات سكان تندوف مكبوتة، مخفية خلف ستار من الرمال التي تخفي أكثر مما تُظهر. هؤلاء الناس يعيشون في ظل قهرٍ لا يعرف نهاية، محرومين من الأمل في العدالة، عالقين بين حاضرٍ مؤلم ومستقبل غامض لا يحمل أي بشائر للتحرر. تلك الصرخة في ظلام تندوف ليست مجرد صرخة ألم، بل هي نداء من أجل الكرامة المفقودة. إنها استغاثة تتوجه إلى ضمير العالم، لكي يعترف بهذه المعاناة المستمرة، ويدرك أن العبودية الحديثة ليست مجرد أسطورة، بل حقيقة تُعاش يوميًا في رمال الصحراء. وفي النهاية، يبقى سكان تندوف في انتظار مستمر، بين اليأس والأمل، بينما يحلمون بأن يأتي اليوم الذي يُكسر فيه قيد العبودية، وتنطلق فيه أرواحهم إلى سماء الحرية الموعودة، حتى وإن بدت تلك الحرية بعيدة المنال.



#زكية_خيرهم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحان بلا وعي
- قراءة في ظالميا: رواية الصراع بين الأمل والخيبة في مجتمعات ا ...
- الإصرار والشجاعة: حكاية جعفر التميمي من بغداد إلى الجائزة ال ...
- الصراع بين الهوية والجماعة: قراءة لرواية -الطلح لا يخطئ القب ...
- مسرح الدولة التي لم تكن: البوليساريو يسجل آخر فصول السخرية
- الهروب إلى اللامكان
- مفاتيح القائد
- تماوج الأرواح
- الزمرد الأخضر
- السياسات الجزائرية بين دعم الانفصال وتعطيل الوحدة المغاربية
- الجزائر: العقبة الكبرى أمام حلم الوحدة المغاربية
- نداء للعالم: إنهاء معاناة سكان مخيمات تندوف
- لألقٍ لا بدّ أن يأتي: قصيدة تعكس وجدان الإنسان في ظل الأزمات ...
- الصراع والهجرة في أدب سيمون سترانجر: نظرة على ثلاثية الشباب
- تكريم البروفسور جعفر عبد المهدي صاحب: رائد الفلسفة السياسية ...
- قراءة في ... مسودن العراق للاديب زهير شليبة
- تأثير المشاركة المغربية في منتدى أوسلو للحرية: دور الدكتور ل ...
- ديناميكيات العوامل النحوية في اللغة العربية: استكشاف البنية ...
- فلسفة العلاقات في شعر الحسين العبويدي: تأملات في الصداقة وال ...
- الجمال الفني والثقافي المغربي يلتقي بالأدب الإنجليزي في -حكم ...


المزيد.....




- -وداعا سنية عبد الغفور البرعي-...كيف نعى مغردون الفنانة المص ...
- كيف يؤثر استخدام الأهل للهواتف الذكية على مهارات أطفالهم الل ...
- “اضبط الآن” تردد كرتون نتورك بالعربية لعام 2024 للاستمتاع بب ...
- الناقدة الفنية والبطل الاولمبي.. تحالف ناجح يجمع بين الرياضة ...
- سراييفو.. -أيام الجزيرة الوثائقية- تطلق النسخة الثالثة لصناع ...
- في يوم مولدها.. وفاة الممثلة المصرية ناهد رشدي بعد صراع مع ا ...
- كافح الفرنسيين فتحالفوا مع الوثنيين.. ماذا تعرف عن -أمير الم ...
- المترجم محمد الفولي: المترجمون السابقون عملوا في ظروف أصعب
- سمكة التونة العنيدة.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي 20 ...
- بعد 30 سنة.. شكران مرتجى تصبح رسميا -فنانة سورية- (فيديو)


المزيد.....

- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
- آليات التجريب في رواية "لو لم أعشقها" عند السيد حافظ / الربيع سعدون - حسان بن الصيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم - وجوه تائهة في رمال المعاناة