أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - اسماعيل موسى حميدي - الراقم 994















المزيد.....



الراقم 994


اسماعيل موسى حميدي

الحوار المتمدن-العدد: 8100 - 2024 / 9 / 14 - 18:43
المحور: الغاء عقوبة الاعدام
    


الراقم 994.........قصة قصيرة
................................
ملاحظة:الاحداث مستوحاة من وقائع حقيقية المكان: الحدود العراقية الايرانية (كيلان غرب) ،الراقم 994
الزمان: 1983 ،الحرب العراقية الايرانية
-الشخصيات: نائب ضابط ،جاسم :رئيس عرفاء الوحدة(من أهالي محافظة ذي قار) -العميد برهان خليل ،امر لواء 38 في الفرقة الثانية(والذي تدور حوله محاور القصة.
الحلقة الاولى

.............................
الدوي المنبعث من بين فروج جبال منطقة الراقم 994 التابعة لكيلان غرب يكاد لاينتهي بوقت، فهو خليط مرعب من اصوات متناثرة توصل الليل بالنهار من سرف الدبابات المتنقلة في المكان وحركة آليات العسكر العراقيين والايرانيين على السواء لاغراض التدريب وتحصين المواضع ،يتخلله مروق الصواريخ المنفلقة جوا في فضاء الخصمين مع ضجيج مراوح السمتيات الذي يكسر صمت السماء وهي تحوم بين الجبهتين الشرقية والغربية للرصد والاستطلاع ،كل هذا يجعل المكان وكأنه منطقة اشباح مخيفة توارت وراء رؤوس التلال الصخرية السمراء. الجزء المتقاتل عليه من هذا الراقم بدأ يشكل منغصة حقيقية للجيش العراقي بعد ان استقرت عليه القوات الايرانية مايزيد الستة اشهر ،ورغم المحاولات الكثيرة للقوات العراقية لاستعادته الا انها اخفقت بسبب طبيعة المكان حيث الجغرافية المعقدة التي تعسر حركة القطعات العسكرية ، واستماتة الجانب الايراني في التمسك بالارض لما تمثله هذا الرقعة الجغرافية عندهم من موقع رصد استراتيجي مهم مسلط على القطعات العراقية في جبهة كيلان غرب. في عصر يوم الثلاثاء الموافق 18من حزيران 1983وزير الدفاع عدنان خير الله يحلق بطائرة سمتية يقودها بنفسه فوق القطعات العراقية في الجانب الغربي من منطقة الراقم 994 ويجلس الى جانبه القائد العام للقوات المسلحة صدام حسين الذي يحمل بيده مؤشرا معدنيا يوجهه أثناء حديثه نحو رؤوس التلال التي تلوح في افق نهايات المنطقة البعيدة باتجاه الحدود الفاصلة بين الجيشين ، مستعلما من وزير دفاعه عن طبيعة تضاريس المكان وكيفية وضع انجع الخطط المناسبة لتلك الارض لاختراق العدو واستعادة العارضة المحتلة ،وامكانية الاستفادة من الاخطاء السابقة للمحاولات التي أخفقت في استعادتها،مستغرقا بحديثه عن إعادة نمط التدريب الذي يتلقاه الجنود بما يناسب المعركة المقبلة ضمن طبيعة الارض المتاخمة للخصم . عدنان خير الله: سيدي ،المشكلة الاساسية التي نواجهها هي طبيعة المنطقة الجغرافية المعقدة التي تعيق حركة القطعات العسكرية هناك خصوصا الدرع
. صدام حسين:لابد من الاحتكام الى خطة عسكرية تسهل الوصول الى عمق العدو وتخفف عن قواتنا عملية التوغل والاستمكان من الارض.
عدنان خير الله: المحاولات الاربع التي شنتها الفرقة 12 لاستعادة الراقم اخفقت جميعها ،لان الخطة التي وضعناها حافظنا فيها أكثر على حياة جنودنا ، لذلك يحدث التراجع في كل مرة قبل حدوث الاستنزاف، لان القوات الايرانية مسيطرة على المكان بتمركزها على اعالي المرتفعات
. صدام حسين:المبالغة في الحفاظ على حياة الجنود أمر غير مجد في هذه الظروف،وهذه المرة الوضع مختلف وعلينا وضع خطة محكمة لاستعادة المنطقة لان قضية هذا الراقم بدأت تؤرقني ،واصبحت مسألة الانتصار في هذه المعركة وكأنها انتصار في كل الجبهات على العدو، لذا رفيق عدنان ،ليس هناك بديل غير الانتصار في هذه العركة ، ثلاثة اشياء مفتوحة امامكم ولا تبالي لها ،عددالجنود ،المعدات ،المال، انا بانتظار دراسة محكمة للمكان جغرافيا وعسكريا والتداول مع قيادات الاركان في الفرقة 12لوضع خطة المعركة واعلامي سريعا كي نحدد ساعة الصفر، وقبل كل شيء اريد اختيار قائد باسل له تاريخ من الشجاعة يتولى المهمة ،واعلامي خلال يومين.
عدنان خير الله : تم التبليغ سيدي
.......................................................................................
الحلقة الثانية
.............
في اليوم التالي وزير الدفاع يشكل خلية تتكون من قائد الفرقة 12 اللواء الركن مطر المعيني ومدير الاستخبارات العسكرية اللواء الركن ماهر عبد الرشيد وضباط الاركان وبعض القيادات،والتداول بوضع خطة الهجوم بعد دراسة جغرافية المكان ،وتحديد العدة والعدد التي ستشارك في المعركة ،وبعد التداول والرسم الموضعي للمكان في ما يعرف بمخطط المنضدة الرملية المصغرة تم الانتهاء من رسم الخطة العسكرية ،بعد أخذ كل نوع التضاريس وطبيعة الدعم اللوجستية بنظر الاعتبار ،وبعد التداول مع ضباط الاركان وقع اختيار القيادة على المقدم (برهان خليل) آمر لوا 38 في الفرقة الثانية لتوليه قيادة المعركة.
عدنان خير الله يهاتف صدام حسين ،سيدي تم احكام الخطة وقد وقع الاتفاق على اختيار المقدم (برهان خليل) لقيادة اللواء وهو ضابط وطني شجاع وحريص وله تاريخ من الشجاعة في حرب تشرين
. صدام حسين:على بركة الله ،رفيق عدنان أريد منك تكريم هذا الضابط مسبقا ،إذهب انت بنفسك وكرمه برتبتين اضافيتين ليصبح عميدا وبلغه سلامي الخاص واشدد من أزره.
عدنان خير الله :تم سيدي والعميد برهان ضابط معروف في الاوساط العسكرية بشجاعته ووطنيته وتدينه هو مضرب مثل لكل مراتب الفرقة الثانية فهو ضابط حريص عنيد لا ينكسر امام الظالم،وكان غالبا مايقف بوجه القيادات المترهلة ويتهجم عليهم خصوصا عند اتخاذهم القرارات غير الحكيمة ، لذلك هو على علاقة غير جيدة مع كثير من القادة لاسيما قائد الفرقة 12 اللواء "مطر المعيني".
عدنان خير الله يتجه بطائرته السمتية بمعية اللواء نزار الخزرجي الى مقر الفرقة الثانية رغم سوء الحالة الجوية يومها حيث العواصب الترابية التي تعج بالمكان ،ما جعل طائرتهم تترنح في السماء بسبب الغبار وانعدام الرؤية،الا انها وصلت بصعوبة الى مقر الفرقة ثم الالتقاء بالضباط هناك. ، وزير الدفاع شخصيا يستبدل بنفسه الرتبة العسكرية من على كتف المقدم برهان خليل برتبة عميد لرفع همته والشد من أزره في تولي مهمته المرتقبة.
نزار الخزرجي للعميد برهان :مبارك انت دخلت في توصيف الشجعان والبواسل في صباح اليوم التالي الوحدة العسكرية تحتفل بتكريم آمرها وتنحر الخرفان وتعمل وليمة كبيرة لكل المراتب. في المساء العميد برهان يستدعي رئيس عرفاء الوحدة ،(ن .ض جاسم ) وهو اقرب شخص للعميد برهان وغالبا ما يتداول معه في كل شاردة وواردة في الوحدة ويؤمنه سره، وكان يقول له باستمرار انت اخي وخليفتي اذا غبت ،فرغم وجود الكم الهائل من الضباط والمراتب في الوحدة الا انك ثقتي التي تجعلني أؤمنك كل شيء وانا مطمئن ،لانك وطني شريف وحريص ولك خبرة طويلة في الجيش. وكانا يلتقيان بشكل يومي في الوحدة العسكرية للثقة العالية التي يوليها عميد برهان برئيس عرفاء وحدته ،وكانا كثيرا ما يتحدثان عن طبيعة الحرب التي يصفها عميد برهان بالظالمة وغير المبررة
جاسم:مبارك لك التكريم سيدي والله تستحق التكريم
عميد برهان: هذا اعلان موتي يا جاسم جاسم:كيف سيدي العميد برهان:هذا تكريم يراد به موت ،حدسي العسكري هكذا يحدثني ،لان التكريم برتبتين تعني الوقوع في فخ الموت واسكون انا ماشة النار هذه المرة
. جاسم:هل تم اخبارك بتولي منصب جديد او مهمة جديدة.؟
العميد برهان:نعم اتوقع وسيتم اعلامي في الايام المقبلة .
جاسم:وانت أهل لذلك سيدي العميد برهان:اخي جاسم نحن في حرب غير عادلة وظالمة وهي غير مبررة سوى اشباع سادية زعماء السلطة في الدولتين العراق وايران والشعبان هما ضحية رعونة الحرب ومن اشعلها ،ونحن القيادات في حرج امام المهمة الوطنية ولكن شرف العسكرية هو الذي يستدعينا للقتال والوقوف بجانب الوطن ،وهذا ما أدينا عليه القسم ،انا كل يوم اسأل نفسي عن ماهية هذه الحرب الغبية واهدافها ،لماذا نقاتل ونقتل بعضنا ونحن شعبان مسلمان، يا جاسم ليس هناك اصعب من ان تطلق النار على اخيك في الاسلام وهو مقبل عليك ومشهر سلاحه على صدرك ويصرخ لا اله الا الله ، هل الله لنا ام الله لهم ،نعم الله مع الحق ونحن اضعنا الحق.
جاسم :سيدي تسمح لي بسؤال
العميد برهان: تفضل يا جاسم قل ما تريد جاسم :اذا هذه الحرب ظالمة من يتحمل مسؤوليتها باعتقادك الجانب العراقي ام الجانب الايراني
العميد برهان:اجيبك بكل امانة
جاسم :نعم سيدي
العميد برهان:صدام يتحمل مسؤولية اشعال الحرب وخميني يتحمل مسؤولية استمرارها ،وسيقف الاثنان يوم القيامة خصمان أمام الله . يا جاسم هذه الحرب ليست بالسهلة و سقط الاف الضحايا جرائها، ليس هناك أسوأ من حرب يقتل المسلمون بعضهم فيها ،نحن في حرب غير عادلة هل تفهم ،غير عادلة .ولذا لابد من ان تتوقف.
........................................................................................
الحلقة الثالثة
.................
في عصر نفس اليوم ،اللواء نزار الخزرجي يستدعي العميد برهان خليل الى مقر قيادة الفرقة الثانية،وبعد الترحيب والثناء عليه ومباركته التكريم يهنئه على حسن سمعته العسكرية وشجاعته التي جعلت اختيار القيادة يقع عليه لتولي قيادة المعركة ضمن الفرقة 12 لتحرير المنطقة المحتلة من الراقم 994 وانتزاعها من يد العدو وان القائد العام للقوات المسلحة صدام حسين يبلغه تحياته الشخصية ويقول له انت أهل لهذا يا عميد برهان وسننتظر كيف تزف لنا بشرى النصر
. العميد برهان:ان شاء سنكون بمستوى طموح القيادة سيدي
نزار الخزرجي ،انا بدوري اقول لك ،ان المهمة الملقاة على عاتقك صعبة للغاية يابرهان وامامك خياران فقط .
العميد برهان:وما هما ياسيدي نزار الخزرجي :أما الانتصار او الاستشهاد العميد برهان:من الله التوفيق
بدء المعركة
..........
بعد وضع يد القيادة على خطة الهجوم المحكمة وتحديد الاهداف المراد مهاجمتها ومسك مواضع منيعة لصد الهجمات وتهيئة الوية الفرقة الثانية بالمبادأة مع دعم القوات الساندة لها ،راحت المدفعية الثقيلة تدك اهدافها في أعلى المرتفعات التي تتمركز عليها القوات الايرانية بتلك العارضة ،مع تحصين المواضع واحكامها لمقابلة الضربات الايرانية التي هي الاخرى باشرت بالرد العنيف من الجانب الاخر . و بعد ليلة ملتهبة جراء القصف المدفعي والاسلحة الثقيلة باشرت القوات العراقية بالتقدم صوب الجهة الغربية لمنطقة الراقم 994 التي هي عبارة عن منطقة صخرية من اودية وجبال متعرجة متداخلة مع بعضا ما يصعب التنقل فيها ، وكانت القوات الايرانية اكثر ثباتا بحسب تمركزها في أعالي الجبال التي تعمل في كل معركة على تطويق القطعات العراقية وتحجم حركتها ما يؤدي الى استنزافها وتقهقرها . بعد احتدام المعركة وتوغل القوات العراقية في عمق المنطقة الجبلية لاستعادتها تقاربت القوتين المتقاتلتين مع بعضهما لدرجة التماس المباشر في بعض المواقع، وراح الاحتدام يضطرالجنود استعمال كل انواع الاسلحة ما جعل القوات الايرانية تتراجع الى أسفل الجبل بسبب الخسائر الكبيرة التي قدمتها من الجنود،وبعد أكثر من ساعة عنيفة من القتال الدامي إنزلقت بعض القوات العراقية مضطرة جراء القصف العنيف الى الوادي والاخرى ضلت طريقها واتجهت نحو الغرب ،واغلب القطعات انقطع اتصالها بمقر القيادة،لان القصف الايراني كان يقع عليها من ثلاث جهات محورية. الامر الذي ادى الى تحجم حركة القطعات العراقية بسبب عدم إلمامها بمسالك الطرق ضمن الجغرافية المعقدة للمكان رغم الخرائط التي في متناول يدها ، الا ان المنطقة متشابهة المسالك ويصعب تحديد المسارت ضمن الجهات الاربع. وفي بعض المواقع راحت القوات العراقية تضرب بعضها خطأ واختلطت ممرات الانسحاب مع مسالك الهجوم ، ،استمرت المعركة عشر ساعات بقتال شرس دون انقطاع ،حتى اسمرار النهار ونزول قرص الشمس بين رؤوس الجبال البعيد التي تبدو وهي تحتضن النهار وكأنها رؤوس شياطين ماردة نالت من ضحيتها وغدت، فانزاح نهار ذلك اليوم عن مجزرة رهيبة أوهنت الطرفين بعد ان ادميا بعضهم في قتال مميت حصد المئات. فتوقفت الضربات بعيد توديع الوادي خيوط الشمس المتعانقة مع دخان القنابر المنفلقة جوا للتحول السماء الى مصطحات سوداء تجول المرتفعات وتحتها مئات الجثث مرمية في سفوح الجبال واخرى بنصف ارواح مقطعة الاطراف يسمع أنينها عن بعد في قعر الوادي وهي تستغيث للنجدة. ،وهكذا مع بدء تلاشى نهاية ذلك نهار، والهدوء المخيف الذي حل بالوديان التي ابتلعت نصف الجنود المتقاتلين ،راحت التشكيلات العسكرية للخصمين تلبي أوامر قياداتها بالتراجع ثم الانسحاب التدريجي الى خلفياتها بعد ان استنزفت طاقات جنودها ونفدت ذخيرتهم. وبينما القوات المتقاتلة منشغلة بالتراجع ،صوت الله أكبر، الله اكبر، يخترق الفضاء لمنادي ايراني يلعن بدء موعد وقت صلاة المغرب بصوت شجي يرج صداه منطقة الراقم 994 بطولها وعرضها ،يقابله من الجهة المقابلة نفس الاذان ولكن بصوت عراقي لتلبية نداء الصلاة ايضا فراحت عبارات التشهد تتكسر في قلوب السامعين من الجيشين وهم يرفعون أكفهم المبعثرة وسط التضاريس المتعرجة الى السماء مناجية بارئها للخلاص الاخير ،عبارات نداء الصلاة المقبلة من الجانبين المتقاتلين أثرت كثيرا في نفوس سامعيها وهي تتقاطع في الفضاء ،فلا يعلم السامع محمد رسول الله جاء من جهة الشرق أم الغر ب ليتقاطع مع علي ولي الله الذي يتوزع صداه اجزاء الراقم الرهيب في نفس الجهات ...................................... ...................
الحلقة الرابعة
بعد ساعتين من الهدوء الحذر ،خرجت رؤوس المقاتلين التي ما زالت على قيد حياتها من مخافرها المحاطة باكياس الرمل والحجارة ، وعاد دبيب الجنود ينعش ربايا العسكر ،وهم يستفقدون بعضهم، وآخرون يلتفون حول العميد برهان الذي راح يطمئن عليهم ويشدد من أزرهم ويرفع من هممهم ،ثم باشر الاتصال بامراء الافواج ولكنه لم يتمكن بسبب تلف اجهزة المخابرة في المعركة ، ولم يعرف مصير كثير من الضباط والمراتب حتى اللحظة .ثم اتجه بمعية رئيس عرفاء الوحدة وعدد من الجنود صوب الوادي ليتتبع اخبار امراء الافواج والسرايا المفقودين ومصير جنودهم الذين اغلبهم لم يردوا على المخابرين.
عميد برهان مخاطبا ن، ض جاسم ، يبدو ان اغلب الضباط الذين لم يعودوا الى مقر اللواء استشهدوا او اسروا ،مالنا غير الثبات يا جاسم ، عليكم التركيز في الجثث لعزل جنودنا عن الجنود الايرانيين التي اختلطت مع بعضها،يجب اسعاف الجنود الذين مازالوا على قيد الحياة بالسرعة الممكنة .
جاسم : سيدي توجد جثث مقطعة كيف نتعامل معها عميد برهان : بامكانكم تمييز جنودنا من ملابسهم ، عميد برهان :اجعلوا عملكم بثلاث مراحل الاولى انتشال المصابين والثانية نقل الجثث السليمة والثالثة نقل الاشلاء وتمييز اصحابها من طريق الاقراص التعريفية التي في رقابهم او ما يحملونه من وثائق. في هذه الاثناء وبينما هما يسيران في الوادي استفز سمعهما صوت أنين لاحد الجنود اسفل الوادي، وكان صوتا لجندي ايراني تدحرج من اعلى المرتفعات وهو مقطوع الاطراف السفلى وبحالة نزيف شديدة،وما ان شاهد الجنود العراقيين حتى لوح بيده لهم، فاقترب منه ن ض جاسم،ووقف على رأسه وكان هو بمنظر يؤلم العين وينشج النفس،فأثرت حالته كثيرا في جاسم ، الذي طلب من العميد برهان اسعافه ،سيدي اسمح لي باسعافه،وما ان سمع الجندي الايراني ذلك حتى أشار باطراف اصابع يده المرتعشة الى جاسم أن تقدم نحوي . جاسم: لا تقلق سوف نسعفك على الفور -الجندي الايراني بلغة نصف عربية:أرجوك ،اريد ان احملك امانة قبل ان أموت جاسم: قل ما تريد فأنا أسمعك الجندي الايراني يمدد يده الواهنة الى جيب قميصه الممزق،ويخرج قطعة قماش صغيره بيضاء اللون ،مخاطبا جاسم :أحملك امانة ان تعقد هذا القماش في شباك "ابي الفضل" عند عودتك في إجازه، وكانت هذه آخر كلماته قبل ان يلفظ أنفاسه الأخيرة
. أثر الموقف كثيرا على جاسم فجلس في الارض ووضع يديه على رأسه وراح يذرف الدموع وهو ممسك بقطعة القماش التي سلمها له الجندي الفارسي. -عميد برهان: ،هل تبكي على قاتلك ياجاسم؟
جاسم :،سيدي يبدو ان الاسباب التي أتت بي الى هنا للقتال هي نفسها التي جعلته ينظر لي بانني عدوه –
عميد برهان:نعم نحن شعبان مغلوب على أمرهما بعد خروجهم من الوادي ،وفي طريقهما الى مقر اللواء تناول عميد برهان قطعة القماش من جاسم وراح يقلبها براحة أصابعه،:لماذا ابا الفضل بالذات ياجاسم : جاسم:العباس ع السلام مكانته خاصة في قلوب المسلمين سيدي
عميد برهان :كيف وما فرقه عن أخيه الحسين
جاسم: الامام العباس ع كان حامل راية الحسين يوم عاشورا وهو عنوان معسكره فهو فارس عربي شجاع نافذ البصيرة صلب الايمان ،وكان شهما وسيما يلقب بقمر بني هاشم لجماله كذلك يلقب بملك المشرعة .
عميد برهان :وماذا يعني ملك المشرعة
جاسم : سيدي لانه حاول سقى صبية الحسين العطاشى في غمرة المعركة ،وقد امتنع عن شرب الماء واخوه الحسين عطشان فاغترف بيده غرفة ماء ليشرب من شدة العطش فتذكر عطش الحسين فرمى بالماء الى النهر وقال قولته المشهورة: يانفس من بعد الحسين هوني ....وبعده كنت او لاتكوني ،وعندما قطعت يمينه في المعركة قال مقولته المشهورة والله ان قطعتم يميني ..انا حامي ابدا عن ديني .ثم قطعت كفه الثانية حتى استشهد.
عميد برهان :انت تتكلم كلاما مؤثرا ياجاسم، لم اسمع به من قبل
جاسم:يلتزم الصمت بعد ان فاضت عيناه
............................................................ ...............
الحلقة الخامسة
......................
وعند وصولهما مقر اللواء راحت الافواج تعيد تشكيلاتها من جديد وتتجمع عند مقر القيادة وتجري جردا للمعدات وعدد الشهداء وهي تستعد لصد هجوم وشيك متوقع من القوات الايرانية في الساعات المقبلة،وبعد اطلاع العميد برهان على الموقف تم التأكيد على استشهاد احد امراء الافواج وان 400 جندي مازالوا في عداد المفقودين مع انتشال 90 شهيدا. . اجتماع طارئ لرئيس الاستخبارات العسكرية اللواء الركن ماهر عبد الرشيد مع قائد الفرقة 12اللواء الركن مطر المعيني وأمين سر القيادة العامة للقوات المسلحة اللواء الركن طالع الدوري، بتوفير الدعم اللوجستي للمعركة بكل اشكاله ،والخروج بمجموعة توجيهات تصل سريعا الى العميد برهان وهي كالاتي: -قوات الاستطلاع العراقية رصدت استعداد القوات الايرانية الى شن هجوم خاطف خلال الساعات القادمة. لذا الاستعداد لذلك - اتباع اسلوب الدفاع المتحرك بدل الدفاع الساكن مع مسك مواضع دفاعية منيعة لصد الهجمات المرتقبة. - العمل بالسرعة الممكنة بسيطرتكم على المناطق المحيطة بالاهداف واستطلاع الاراضي الايرانية وفتح ممرات الالغام والاسلاك الشائكة عن طريق الهندسة العسكرية قبل بدء المعركة. - تطويق القوات الايرانية قبل البدء بالهجوم وتجنب الالتفاف على قواتنا من الخلف - اعدام كل الاسرى الايرانيين الذين يقعون في قبضة القوات العراقية ورميهم في الوادي دون اقتيادهم الى مقر الفرقة. العميد برهان يجري اجتماعا سريعا مع امراء الافواج والسرايا والمراتب مؤكدا بان الهجوم متوقع بالساعات او بالدقائق ،حاثا الجميع على الصبر وتحمل مسؤولية الرجال وان هذه الليلة هي ليلة الحسم العميد برهان يأمر بتحصين المواضع قدر الممكن حتى يصل الاسناد والدعم اللوجستي من قيادة الفرقة مع توجيه ضابط الاعاشة بتوزيع وجبات مضاعفة على الجنود وحث الطبابة العسكرية بتأدية واجبها بأتم وجه وارسال الجرحى الى خلفيات الفرقة. بعد انتهاء الاجتماع السريع وانصراف القطعات كل الى موقعه ،لم يتبق في مقر اللواء سوى عميد برهان ورئيس عرفاء الوحدة ن ض جاسم
عميد برهان :طول هذه المدة وانت تمسك قطعة القماش هذه بيدك يا جاسم
ن ض جاسم: الموقف أثر بي كثيرا سيدي،وانا مجرد سماعي بابي الفضل عليه السلام تنهمر دموعي .
عميد برهان يأخذ قطعة القماش من يد جاسم ،مخاطبا جاسم ساستعير منك هذه الوصلة اليوم فقط وبامكانك اخذها يوم غد، ثم قام وربطها في أعلى باب اللواء قائلا :ابو الفضل سوف يكون حارسا لوحدتنا هذه الليلة.ههههههه
عميد برهان يوجه ن ض جاسم اقتراح كلمة سر للجنود في هذه الليلة ن ض جاسم:سيدي انا ارى كلمة السر ليس بذي جدوى لاننا فقدنا اغلب اجهزة المخابرة في المعركة ،وربما سنقع في فوضى اذا لم يصلنا الاسناد في الساعات القليلة المقبلة
. عميد برهان : لابد من آلية تأمن الاتصال بالتشكيلات مع الجنود ،فقط هذه الليلة وستنتهي الازمة يا جاسم بعون الله.
ن ض جاسم: سيدي لدي اقتراح وهو ان نتفق على كلمة سر مع امراء الافواج والسرايا ،وتكون ترتابية شفاهية. عميد برهان:وكيف ستكون.؟
ن ض جاسم:نتفق على كلمة نطلقها بالوادي عن طريق احد الجنود بصوت عال وعند سماعها من قبل الفوج الاول نتفق مع جندي اخر هناك يطلقها ايضا بنفس العملية وهكذا القريب يخبر البعيد حتى تصل الى آخر سرية قتالية.ليس لدينا بديل غير هذه الطريقة يا سيدي.
عميد برهان :توكل على الله ،واقترح علي كلمة سر بالسرعة الممكنة كي نعممها على الافواج قبل انسحاب امرائهم، ليس لدينا وقت يا جاسم بسرعة .
وراح جاسم يفرك بيديه وهو يتصفح ذهنه باحثا عن كلمة سر مناسبة بعد ان استنفذت كل الكلمات الوطنية في الايام الماضية
عميد برهان:هااا جاسم ،ماذا توصلت جاسم :لا اعرف في هذه الاثناء وقع نظر عميد برهان صوب قطعة القماش المعلقة في اعلى الباب وقال ، ابا الفضل ، هي ليس غيرها التي ستكون كلمة السر لهذه الليلة . -بسرعة يا جاسم اتفق مع امراء الافواج، بان كلمة السر ، ابا الفضل ،ومجرد سماعهم هذا النداء عليهم التراجع والتمركز في الوادي:
ن ض جاسم :تم سيدي

.............................................................................
..
الحلقة السادسة
.........................
القوات الايرانية تتسلل نحو الوادي وتشن هجوما خاطفا تستغل إحاطتها بمعالم جغرافية المكان وانشغال القوات العراقية باعادة تنظيمها . بالمقابل القوات العراقية ترد بهجوم معاكس بالمدفعية الثقيلة والراجمات لتحتدم المعركة من جديد بين الجبل والوادي ليتحول المكان خلال دقائق الى اتون من النار ، بعد ثلاث ساعات من القتال الشرس ،وفشل القوات العراقية تسلق الجبل والاستحواذ على الجانب الشرقي له ،العميد برهان يأمر قياداته بالتراجع والاستقرار غرب العارضة للمحافظة على حياة الجنود مخاطبا جاسم يبدو ان جنودنا اصبحوا في كماشة العدو وكثرة النيران غيرت جغرافية الارض عندهم
إطلاق كلمة السر
.....................
أحد الجنود العراقيين يطلق وبصوته المدوي بأمر من آمر الوحدة كلمة السر المتفق عليها والتي هي عبارة(ابا الفضل)باتجاه الافواج العراقية ولعدة مرات ،وهكذا راحت هذه العبارة ترج في الوادي من مكان الى اخر عبر الجنود المتفق معهم لتصل الى آخر سرية بعيدة للجنود العراقيين . على أثر ذلك ،القوات العراقية تتراجع تراجعا تنسيقيا الى الوراء مع الاستمرار بالمشاغلة. ولكن المفجأة ، الغير متوقعة ان الجنود الايرانيين عندما سمعوا عبارات يا ابا الفضل تتكرر في الوادي ظنوا بان قواتهم سيطرت على الوادي وهي من اطلقت هذه العبارة متوهمين ان المعركة حسمت لصالهم لانهم ايضا كانوا في حالة تشتت، ما جعلهم يتركون القتال ويهرعون نحو الوادي حيث مقر القوات العراقية ،فتوجه الاف الجنود الايرانيين الى حيث قبضة القوات العراقية وهم يصدحون ايضا (يا ابا الفضل) بالمقابل القوات العراقية لم تدرك الامر الذي يحدث بسبب عتمة الليلة ودخان الاليات المحترقة ،ففتحت كل المسالك أمام الجيشين دون صوت يذكر لاطلاق نار ،وراح الجنود الايرانيون ينحدرون من أعلى الجبل نحو الوادي، بالمقابل الجنود العراقيون في أسفل الوادي يتجمعون ايضا و لم يدرك الطرفان من الامر شيئا ، حتى اجتمع الاف الجنود العراقيين والايرانيين على السواء في قعر الوادي .وهم يهتفون ،ابا الفضل... ابا الفضل.. ابا الفضل ،الذي راح يتردد صداه متعاقبا على حافات الاودية والجبال ما جعل المكان وكأنه يشهد زلزالا من جهاته المختلفة. واستمرت الجموع في فوضويتها وهي تنزل الى الوادي بعفوية حتى أزاحت حمرة الشمس ظلام تلك الليلة الحمراء ليكشف الصباح تباريحه غير المتوقعة ولتجد العشرات من القيادات الايرانية الرفيعة مع الاف من جنودها في قبضة القوات العراقية ،وضمن جغرافية الخصم. بالمقابل راح يظن بعض الجنود العراقيين أنهم وقعوا في قبضة أسر القوات الايرانية ظنا منهم بان القوات الايرانية سيطرت على المكان وان المعركة حسمت ضدهم، لان الايرانيين يقاسمونهم هم وضباطهم المكان ، وكلما نزلت خيوط الشمس في الوادي كلما اتضحت حقيقة الموقف للقيادة العراقية أكثر حتى أكتمل ضياء النهار فأدرك الايرانيون حقيقة مأساتهم المرة وانهم اصبحوا في قبضة القوات العراقية ،ما زاد تمسكهم بمناداة ابي الفضل وبصوت واحد بالوقت الذي لم يتوقف صوت الجنود العراقيين معهم . إستمر الحال على ما هو عليه وعبارات "ابا الفضل" تدك الوديان بصوت مخيف يرجع صداه على الجبال ,لتبدو تلك الجبال للناظرين وكأنها تتكلم ،وقف العميد برهان على أعلى قمة في الجبل مع بدء انزياح عتمة الافق ليتيقن أمر مايجري، وقف وقفة المذهول للمنظر الرهيب الذي بين الجبلين وراحت عيناه ترمق الاف الرؤوس المكسوة بالخوذ العراقية والايرانية على السواء مصطفة مع بعض بأكف مقبوضة تلوح مجلجلة بـ( ابا الفضل) ،بصخب مخيف يخرج من بين الجبال المهووسة بالموت. وبينما الامر كذلك ،تذكر العميد برهان حديث رئيس عرفاء وحدته "جاسم" عن ابي الفضل ،كيف يحمل قربة الماء لابناء اخيه وكيف رمى الماء من يده الى النهر بمجرد تذكره عطش اخيه الحسين ولم يشرب.وكيف قطعت كفاه وهو لن ينثني عن القتال. بقي واقفا متأملا وهو ينظر الى الجموع المتكردسة في الوادي الرهيب التي وقعت في قبضته بالوقت الذي استلم تعليمات القيادة التي تلزمه باعدام كل الاسرى الذين يقعون في متناوله. المنظر المهيب تخلل الى نفسه بمهابة عظيمة وراح يتخيل الجبال وكأن لها عيون وهي تأمله ، ثم تذكر يوم وقوفه بين يدي الله يوم الحساب، فشعر بقشعريرة تسري في جسمه ،فانكسر منحنيا الى الارض جاثيا على ركبتيه ورأسه يلامس تراب الراقم 994 حتى اختلطت دموعه الارض،ما جعل طاقية رأسه تسقط من هامته وتتدحرج الى اسفل الوادي حتى ابتلعتها الصخور.
..................................................................................
الحلقة السابعة
.................
العميد برهان يأمر بوقف اطلاق النار وانهاء القتال بكل اشكاله العميد برهان يامر بفتح الطريق فورا امام الجنود الايرانيين والسماح لهم الانسحاب السريع الى اراضيهم دون مضايقة. العميد برهان يامر القطعات العراقية بالتراجع الى خلفيات الفرقة وبالسرعة الممكنة مع تجاهل المداولة مع ضابط الاستخبارات العسكرية بشأن مجريات الاحداث . بعد انتهاء المعركة واخفاق الجيش بتحقيق الهدف العسكري،القائد العام للقوات المسلحة يطلب موقفا مستعجلا يبين فيه عدد الخسائر بالعدة والعدد في المعركة وبالسرعة الممكنة، مع تشكيل مجلس تحقيقي برئاسة اللواء الركن ماهر عبد الرشيد مدير الاستخبارات العسكرية لمعرفة المقصرين في المعركة،على ان ترفع النتائج الى القيادة العامة للقوات المسلحة خلال 24 ساعة. في اليوم التالي، اللجنة التحقيقية توصي باعتقال العميد برهان خليل على ان يرسل مخفورا الى مقر الفرقة الثانية . وبعد ان تم اعتقال العميد برهان ووصوله الى مقر الفرقة ،التقى به هناك اللواء نزار الخزرجي والغضب يعرج جبينه
. نزار الخزرجي: المجلس التحقيقي حملك كل المسؤولية واعتبرك المتسبب الاول في خسارة المعركة
. برهان خليل: انا فنيا لم اقصر في شيء،بل قيادة الفرقة هي التي تتحمل ذلك نزار الخزرجي:كيف برهان خليل :هذه مجموعة اشرطة مسجل فيها كل نداءاتي مع بدء القتال وقد وجهتها فورا الى قائد الفرقة 12 مطر المعيني وهو لم يستجب لاي نداء منها وكنت قد طلبت فيها التعزيزات منذ بدء المعركة ولكن لم اجد اذنا صاغية او اي رد
. نزار الخزرجي:ولماذا لم تذكر ذلك في المجلس التحقيقي .
برهان خليل :ذكرت كل ذلك ولكن استغربت بان المجلس التحقيقي تجاهل ذلك وخرج بتوصيات مبيتة اصلا. وبعد ان اطلع اللواء نزار الخزرجي على الاشرطة وسماع مادار فيها تيقن بان العميد برهان ليس لديه اي تقصير في الاستبسال،ثم أرسل الخزرجي الاشرطة بيد احد الضباط الى اللواء الركن طالع الدور أمين سر القيادة العامة للقوات المسلحة مع رسالة والتي نصها: ( نرسل لكم مجموعة الاشرطة المسجلة والتي تعد دليلا كبيرا على تبيان المقصر في المعركة ،ارجو ان تصل الى القائد العام للقوات المسلحة مع الشرح لاهميتها حتى يكون موقف العميد برهان واضحا وفيها من الحقائق الكثير الذي يثبت عدم تخاذله) ولكن وبعد ان وصلت البرقية الى اللواء طالع الدوري هاتف الاخير بدوره اللواء مطر المعيني ،قائد الفرقة 12 وتداول معه بالامر، وكان الاتفاق : بان هذا الضابط متخاذلا وهو ضد فكرة الحرب اساسا ويجب ان يحاسب ،لانه تواطأ مع جنود العدو ،لذا تم الاتفاق بان تهمل هذه الاشرطة وتدفن
. نزار الخزرجي:عميد برهان باستطاعتك ان تذهب الى بيتك اليوم وتحضر يوم غد
. برهان خليل:لا سيدي لا اريد احملك اي مسؤولية سيدي ،انا باق هناك في الوحدة ولكن اذا تتكرم عليّ ان تسمح لسائقي الشخصي باحضار ابنائي الصغار ليقضوا معي هذه الليلة لاني اشعر بضيق في صدري.
نزار الخزرجي: انت ضابط شهم و دورك في حرب تشرين سوف يشفع لك، لذا عليك ان تطمئن. وبالفعل تم رسال سيارة خاصة الى بغداد واحضار ابناء العميد برهان وهما ،ولد بثلاثة اعوام وبنت باربعة اعوام ،وتم احضارهم مساء ذلك اليوم وبقي يلهو معهما في باحة الوحدة العسكرية. في الساعة التاسعة مساء دعا اللواء نزار الخزرجي العميد برهان للحضور مع ولديه للجلوس معه في مكتبه ، وراح الاثنان يمازحان الصغار المرتمين في حضن ابيهم الذي يطيل النظر اليهما والدموع تغرق عينيه ،فتارة يضمهما الى جسده وتارة يقبلهما ،وكأنه الوداع الاخير. الخزرجي:دائما تغلب مشاعرك على حنكتك العسكرية، وقلبك الطيب هو سبب الموقف الذي انت فيه الان
. برهان خليل :الانسانية أسما من كل شيء يا سيدي،انا حافظت على شرف العسكرية،من خلال المحافظة على شرف الانسان الذي هو بالاصل أهم من الارض ،واخطاء القادة لايتحملها الابرياء.اما فنيا فان قيادة الفرقة تتحمل ذلك والاشرطة دليل دامغ ضدهم.
في هذه الاثناء طرق الباب ضابط ركن الفرقة الاول العقيد "محمد جواد" ،حاملا للخزرجي رسالة خطية كتب على غلافها "سري وشخصي وتفتح باليد وعليها توقيع صدام حسين" الخزرجي يفتح الرسالة بلهفة بيدين مرتبكتين، وراح يتتبع سطورها ،وما ان قرأ الرسالة التي لا تتعدى السطرين حتى بان عليه الارتباك والتخبط ووقف من مكانه شبه مذعور والقى نظرة غريبة على العميد برهان خليل ثم تبعها بنظرة ذهول الى العقيد محمد جواد، ثم عاد فجلس مكانه دون ان يتكلم
. برهان خليل:سيدي يبدو ان لديك امرا مستعجلا ،انا اتركك تستكمل متطلبات عملك ، ثم مضى بصحبة صغيريه الى خارج المكتب
. الخزرجي محدثا العقيد محمد جواد:هل تعرف ما الذي مكتوب في هذه الرسالة التي حملتها لي؟ العقيد محمد جواد: ليس لي علم سيدي،وعسى ان لا يكون امر يعاقب به العميد برهان او ينزله رتبه
....................................................................................
الحلقة الثامنة
الخزرجي ،يقرأ الرسالةالتي نصها: (ينفذ حكم الاعدام رميا بالرصاص بالمقدم الركن برهان خليل في الساعة السادسة من فجر هذا اليوم لتخاذله في ساحة المعركة ويحضر مراسم تنفيذ الاعدام ممثلون عن التشكيلات العسكرية وعن الجهاز الحزبي(توقيع المهيب الركن صدام حسين القائد العام للقوات المسلحة)
. العقيد محمد جواد ينهار بمجرد سماعه حديث الخزرجي ،وراح يضرب بيده على المنضدة الخشبية وهو يردد: أهكذا يحاسب الشجعان ، وكان برهان خليل أقرب الضباط اليه وهما نفس دورة التخرج. وبعد مضي نصف ساعة من الذهول والصدمة
. العقيد محمد جواد :هل من مخرج للموقف الذي نحن فيه ياسيدي
الخزرجي :هذه أوامر موجهة لي شخصيا من القيادة العامة ولايمكن تجاهلها او تأخيرها،ومع ذلك سوف أأخر تنفيذ الاعدام ساعة واحدة فقط عله يصلنا رد على الرسالة التي بعثناها الى اللواء طالع الدوري بخصوص الاشرطة الصوتية.بعد ذلك الخزرجي يكلف أحد الضباط بتخصيص عجلة لاعادة ابناء العميد برهان الى منزلهم في بغداد ،ومع توديع العميد برهان لطفليه راح يبكي ويضمهما الى صدره ،ثم انتزع من رأس ابنته (قراصة الشعر) ووضعها في جيبه.
بقي اللواء الخزرجي في مكتبه بصحبة العقيد محمد جواد يتراشقان الحديث ويدخنان السيكار حتى الساعة الخامسة فجرا ،وبعد ان تيقن الخزرجي بان لا رد على رسالته التي بعثها الى امين سر الحزب ،أشعر الاستخبارات العسكرية بتهيئة حضيرة الاعدام ،كما أوعز الى كل التشكيلات العسكرية أحضار مراسيم الاعدام الساعة السادسة صباحا بما فيهم الجهاز الحزبي، مع تكليف احد الضباط باخبار العميد برهان خليل قبل ساعتين فقط من تنفيذ الاعدام حتي لاينهار. وما ان طرقت دقات السادسة صباحا حتى اصطفت كل تشكيلات الوحدة العسكرية في ساحة التدريب بعد ان قضت ليلة حزينة عندما شاع فيها خبر اعدام العميد برهان ولم يغمض جفن لاحد فيها،او يتناول طعاما. بعد تهيئة ساحة الاعدام ودعوة الكل بالثبات ،أخذت حضيرة الاعدام موقعها في الصف الاول ووقفت كل التشكيلات وراءهم كل حسب صنفه يتقدمهم الكادر الحزبي . مجموعة من الحرس تقتاد العميد برهان من محل إقامته الى منصة الاعدام والتي هي عبارة عن عمود معدني خلفه تله ترابية لاستيعاب الرصاص الطائش ، وهو ويقف منتصب الهامة وراح يردد الكل تعرف شجاعتي ومواقفي ،العراق والانسان أبقى من الجبناء والطغاة ،في هذه الاثناء اشار الخزرجي الى الحرس ان يتركوه دون تقييد يديه او وضع كيس على رأسه.
رئيس الحرس يوعز حضيرة الاعدام بالتهيؤ وأخذ موقع الرمي في وضع الجلوس . -حضيرة تهيئ
حضيرة سدد البنادق نحو الهدف.
العميد برهان:يرفع يده ،نحن مع الحق،عاش الجيش عاش الشعب ،عاش العراق، يخسأ الظالمون،نحن خصمكم يوم القيامة ،ثم أشار بيده نحو الخزرجي قائلا :الوداع سيدي.
رئيس الحرس :حضيرة أرمي تفاجأ الكل بامتناع كل افراد حضيرة الاعدام عن اطلاق الرصاص
رئيس الحرس يكرر الامر ثلاث مرات :أرمي ،أرمي ،أرمي ،ولكن لم ينفذ الامر .إذ لم يستجب أحد من حضيرة الإعدام ويطلق الرصاص صمت مرعب يعم المشهد وصلت فيه القلوب الى الحناجر
.........................................
الحلقة الاخيرة
...................

نقيب من الحرس الخاص يتقدم صوب العميد برهان ويطلق عليه شريطا من الرصاص ليرديه قتيلا في الحال ما ادى الى بتر كفه اليسرى ،ثم تقدم عليه ضابط آخر ليطلق عليه الاطلاقة الاخيرة في رأسه، او ما تسمى بطلقة الرحمة
. ومع رصاصة الرحمة وصل ن،ض جاسم الى مكان الاعدام مسرعا يشهق الانفاس ،بعد ان وصل إليه خبر الاعدام متأخرا،وما ان رأى قائده مزجى على الارض صريعا بدمائه حتى تقدم نحوه وألقى عليه التحية العسكرية.وراح يتمتم بكلمات دعاء واستغفار ثم أخرج قطعة القماش البيضاء التي اعطاها اياه الجندي الايراني في الوادي وعقدها على كفه المبتورة ،ثم تراجع الى الوراء خطوتين وألقى عليه التحية الاخيرة ،ومضى. إنتهت
........................................



#اسماعيل_موسى_حميدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبر بالتجاوز
- نكات إباحية
- وليال عشر
- علماء مكة
- أعيدوا إلينا الجوامع
- اعادة انتاج العالم
- الحزن بسلوك جمعي
- استثمار واقعة البصرة
- حملات التشويش والتشويه
- رهابر دوائر الدولة
- المنهج الخفي وخطر التسلل الى النفس
- حوريات الاسلام السياسي
- دكاكين الدراسات العليا
- رسالة الى الخليج
- الجندي الذي قاد انقلابا ضد البعثيين
- الصندوق الابيض
- العالم في محجر
- حاشية الظل
- إقالة الطرف الثالث
- الكتلة الاكبر


المزيد.....




- -القتال في غزة مقابل الإقامة-.. إسرائيل تستغل طالبي اللجوء ا ...
- كنعاني: جرائم الصهاينة وصمة عار على جباه المتشدقين بحقوق الإ ...
- إسرائيل وحزب الله يتبادلان القصف وقوات الأمم المتحدة تحتمي ب ...
- السعودية تنفذ الإعدام بحق مواطن أدين بـ-خيانة الوطن-
- السعودية.. إعدام مواطن أدين بدعم الإرهاب وخيانة الوطن
- -خان- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام مواطن وتكشف تفاصيل تخاب ...
- غزة على أعتاب كارثة إنسانية.. استغاثة لإنقاذ النازحين قبل حل ...
- فنزويلا: اعتقال ثلاثة أمريكيين وإسبانييْن وتشيكي بتهمة التآم ...
- فنزويلا تعلن تفاصيل اعتقال إسبان وأميركيين ومصادرة 400 بندقي ...
- إيران: بعد مرور عامين على وفاة مهسا أميني...بين مضايقات متوا ...


المزيد.....

- نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام / رزكار عقراوي
- حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية ... / محمد الحنفي
- الإعدام جريمة باسم العدالة / عصام سباط
- عقوبة الإعدام في التشريع (التجربة الأردنية) / محمد الطراونة
- عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء وفقاً لأحكام القانون الد ... / أيمن سلامة
- عقوبة الإعدام والحق في الحياة / أيمن عقيل
- عقوبة الإعدام في الجزائر: الواقع وإستراتيجية الإلغاء -دراسة ... / زبير فاضل
- عقوبة الإعدام في تونس (بين الإبقاء والإلغاء) / رابح الخرايفي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - اسماعيل موسى حميدي - الراقم 994