أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - مدام بغداد ...والسيدة باريس . . ودمعة صديقة الملاية














المزيد.....

مدام بغداد ...والسيدة باريس . . ودمعة صديقة الملاية


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1774 - 2006 / 12 / 24 - 10:20
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


أخبرني صديق أسكنه الهجر الباريسي إغترابا طويلا ً ، وبات لايفرق بين إبتسامة سيمون دي بوفار ، وظلال وجه جدته التي لم يبق من خيالها سوى طيف حكايات عن جنيات حقل الرز وفراشات البستان وسمك الفرات وهو يقفز فوق سوابيط ليالي الأهوار ويداعب شفاه النجوم بالقبلات ..
إنه يكاد ينسى طيف الصورة العراقية لولا أسطوانة الأغاني التي كانت الرابط الوحيد لذاكرته ليستجمعَ البلاد التي هجرها منذ ثلاثين عاماً . ويقول : إنه لكي يتذكر شيئا من ليل بغداد ، وكليات باب المعظم ومقاهي الميدان وأرصفة أبي نؤاس فأنه يذهب لصديقة الملاية ليجمع مع صوتها نثار ذلك النأي المتباعد بسبب ظروف الوطن الذي عمق َجروحهُ بالحروب والمنافي وصنع الدموع المدافة بالخبز وبطاقاتِ التموين وبشظايا المدافع .
ويقول صديقي : إن أصدقاءه الفرنسيون عندما يسألونه عن هذه البحة الجميلة لصوت صديقة الملاية ، يقول لهم : تلك مدام بغداد وقد جلبتها هنا لتستمع بها السيدة باريس .
أتذكرُ رغبة صديقي . واتساءل عن بغداد ( المدام ) .وكيف تغادرها بهجة الأصوات الى مهاجر الدول المجاورة . مسرحيون ، مغنون ، تشكيليون ....فنانون من شتى رؤى الأشتغال ، يسافرون بعيدا عن مدامهم ويتركون صديقة الملاية وحدها تأن في نهار الصالحية الكئيب حيث لازالت الإذاعة مدمرة ، ومبنى التلفزيون تطبخ فيه العوائل المهجرة حزن اليوم العراقي ، فيما مبنى وزارة الاعلام ، أغلقت نوافذه بالطابوق والاسمنت ..وأسدل الستار على أزمنة ، كانت رغم عذاباتها ومحنتها وشموليتها تعطي شيئا من نغم القيثار والصوت الصباحي لبلبل الإذاعة وبرنامج أصوات لاتنسى ، وأخرى من ذاكرة مقامات أحلامنا .
يزعل صديقي من رد كهذا ..ويهتف بتساؤل منزعج . يا أخي تريد أن تعيدنا الى الوراء . الى زمن الصحاف ، واللحاف ، والجفاف ...
أرد : أنا لاأريد عودة لزمن أعرف إنه لن يعود ، ولكني أريد العودة الى زمن فيه بعض ممكنات الحب والفن متوفرة في ظل حلم طبيعي لصباح تشرق فيه حنجرة صديقة الملاية في صباح مدام بغداد .
يسألني : وكيف ؟
أقول : إسال الحكومة .
يرد : الحكومة همها أكبر ، هاجس الامن وتحديات الواقع ، واشكاليات ماتركه بريمر وتبعات المحاصصة ، وإختلاف المنهج الجديد على شخصية تعودت 35 عام على نمط معين من الثقافة والتفكير والولاء .
قلت : أنا معك في كل هذا . ولكننا كنا نسمع فيروز كل صباح من الإذاعة العراقية .
قال : وبعدها تسمعون أنشودة ياشبل زين القوس ..سلم على القسطل .
قلت : عندها لست مجبرٌ على سماع الأنشودة وأغلق المذياع . لأن احدٌ لم يرغمني على السماع .
قال : عليك أن تصبر .
قلت : على الحكومة أن تنتبه .
قال : ممن .
قلت : إن بقي الإهمال هكذا ، سيضيع الصوت العراقي والفن العراقي . ومدام بغداد ستخاف حتى أن تطلق صوت صديقة في مذياع مقهى من مقاهيها .
قال : أنا أثق بالحكومة .
قلت : وأنا ايضا أثق بها ، ولكني أحمل قلقي المشروع .
قال : لماذا ؟
قلت : لأني رأيت مقهى الروضة في دمشق ، يعج بالنوارس المهاجرة وأولئك كانوا يمنحون صباحات منطقة الصالحية بهجة جميلة رغم أنهم في بعض ظروف العيش يغنون للقسطل وللشبل ولرغيف الخبز المحاصر .
قال : وماذا تتمنى لهم .؟
قلت : وطن صغير بحجمهم ، فهم أقرب رؤى المجتمع لفهم المتغير ، وإنهم في أي زمن لاشيء في عروقهم سوى دم العراق .
صمت . صديقي ..لاأدري إن كان راضيا عن رؤاي وأرائي . قال : لنعود الى صديقة الملاية لتهتف لنا شئياً من تذكر طفولتنا .
غنت صديقة الملاية .قال ستبتهج باريس كلها .وعسى مدام بغداد تبتهج ايضا .
كانت صديقة تغني ، يتساقط من أحداقها دمع .يختلط بدمع آتٍ من عيون مدام بغداد ...



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق ... مستقبل طفولته ..ومأسأة رجولته ..وعنوسة أنوثته
- العراق ..بين عقل المؤمن وشيطان القتل
- العراق ... جمرة في القلب . ودعاء الى الرب
- زهرة الحب . وسط عيون أطفالي وزوجتي
- بنجوين ...وشمال الله
- العراق .. مسيح ٌ ، أجفانه ُ دمعة مؤذن . وضحكته ُ مريم العراق ...
- خواطر من لقاء لباولو كويلهو..صاحب رواية الخيميائي
- كيف تكتب خاطرة . بمزاج ستيني
- السيد غابريل ماركيز يطرق الباب
- العراق الذي نصفه رغيف . والنصف الآخر دمعة
- الحوار المتمدن / ذاكرة إبداعية متحضرة
- العراق بين تقرير بيكر وسيف عنتر
- شهوة اللسان . كلام أجفانك
- العراق ..بين الشهداء ، ودموع الأئمة ..والأنبياء
- العراق بين الطيف والسيف والسفارة الأمريكية
- مجلات أدبية . تطلق الرصاص على القاعدة وفرق الموت
- ( إسم الوردة ..وإسم الطين (
- العراق.. (من الذي يموت ...من الذي يزرع الوردة) ؟
- إيروتيكا ...الشفاهُ المبللةُ
- أنثى ..متصوفة في جسدها ..وبس


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - مدام بغداد ...والسيدة باريس . . ودمعة صديقة الملاية