فاطمة شاوتي
الحوار المتمدن-العدد: 8098 - 2024 / 9 / 12 - 13:49
المحور:
الادب والفن
تناص فاطمة شاوتي مع نص الشاعرة التونسية مفيدة الصالحي حول "الطِّفْلٍ الْكُرْدِيِّ إِيلَانْ"
النص
"حرّة ....
لم أزيّن جداري بصورته
و لم أكتب عنه شعرا
و لا عن البحر الذّي يتوسّده
يكفي أنّ أصابعه الصّغيرة
تمحو ألوان جثّتها كل ليلة
و تقطع نفسها من يدها المتعفنة بالرّمل
ثمّ تتسلّل الى وجهي مشمّرة أكمام جلدها المسلوخ
و تظلّ تتخبط كمعاول حول جزيرة قبر
و تظلّ تفقأ عَيْنيَّ حتّى تتأكّد أنّي صرت أرى جيّدا
يكفي أنّه كلّ ليلة
يعرّي جمجمتي
ليتقيّأ فيها الجثث و البحر و النّفط و الدّم
قبل أن يعود ثانية ليأخذ وضع الجثة الباردة
في انتظار الكاميرا"
Moufida Salhi/تونس
قراءة تناصِّية مع نص الشاعرة التونسية صديقتي المتألقة "مفيدة الصالحي" عن مأساة الطفل السوري ، أحب أن
تشركوني فيه :
يُقالُ على لسانِ فيلسوفٍ :
"إذا أردتَ أن تحيا بعد موتك فافعل واحدا من اثنين :
ّ- اُكتبْ شيئا يستحق أن يقرأ..!
- أو افعلْ شيئا يستحق الكتابة ..!"
" إيلان" الْكرْدي طفْلُ الْبحْرِ والْبرِّ، تنكّرَ لنَا فصدّنا بِقدميْهِ الصّغيرتينِ، وكأنّهُ يسدّدُ لنَا ركْلةَ جزاءٍ فِي مرْمىَ بِلَا حارسٍ، لأنّهُ كانَ يلْهُو بِأصابعِ الرّمْلِ؛ ونسيَ أصابعَ الْموْجِ فأغْرقنَاجميعاً في بحيرة ندم، وما تبنا عن أخطائنا ولا قدمنا كفارة أكبر كبائرنا...
ليت أصابعه تشير إلينا...!
في عينيه يمحو النهار مساءات البحر
الزرقاء وبتؤدة يتقدم نحونا واطئا أجسادنا بقدميه الصغيرتين يركل آبارهم ، ويجفف عرق عارهم ؛ وهم يتأملونه جسداً كبيرا تجلى فيه الله باكيا بأعيننا عمق جرحنا من جديد ...
جرحنا الذي يبحث كل لحظة عن وطن لم يعد لنا منه إلا الإسم نردده كقرص مدمج مشروخ وكحظنا المتعثر...
مدّ البحرُ ذراعيه فلفظنا جميعاوجفّف دمعه بدمعناولم نبْكِ، لأن الصورة كانت أقوى من دمع البحر الذي لم يعانقه أيضا...
أسند رأسه الأرض ونفر من الرضاعة ؛ لأنها لم تكن أما حقيقية ...
"بِالرّمْلِ كفّنّاهُ/
وبِالْموْجِ الْأحْمرِ لوّنّاهُ/
وبِعوْرةِ الْبتْرولِ سكنَنَاالْحزْنُ
ومَا تألّمْنَا
لِأنّنَا عرفْنَا أنَّ الْعنْوانَ الْقادمَ
أنْ نموتَ جميعاً منْ جديدٍ ..."
فقدْنَا صورتَنَا/
فقدْنَا صوْتَنَا/
فقدْنَا هوّيَتَنَا/
فقدْنَنَا/
ولمْ نعدْ كمَا كنَّاومَا كنَّا...
هيَ عوْرةٌ و انْكشفَتْ
هيَ هوّيةٌ وتفسّخَتْ
هيَ هزيمتُنَاوانْفضحَتْ
هيَ لوْثةُ عقْلِنَا الْجمْعِيِّ ، جمعَنَا فِي جثّةِ شهيدٍ ينْتظرُنَا موْتاً واحداً متعدّداً لِنقولَ:
لكَ الْفضاءُ كلُّهُ /
ولنَا عارُكَ لبسْنَاهُ /
كلّمَا تأمّلْنَا الْبحْرَ
نتذكّرُ أنّهُ اسْتنْسخَ وتناسخَ جثتَتَا لِأطْفالٍ غادرونَا، لِأنّنَا خذلْناهُمْ منْذُ خذلْنَا حنْظلةَ بِأرْضِ الضّبابِ مُلْقًى علَى شفاهِ "ناجِي الْعليِّ" ينْتظرُهُ
علَى جبلِ الْكرْملِ يَا أمّهاتِهِ ...!
رسمْتَ لِي لوْحةَ الْألمِ الْعربِيِّ
ولَا اهْتزَّتِ الْحلَماتُ فِي حليبِ الْأمّهاتِ، ولاتحرّكَتْ شواربُنَا حنقاً علَى زُناةِ الْوطنِ ، وباعَتِهِ الْمتجوّلينَ فِي الشّرفِ الْعربِيِّ
لَكُمْ لا وطنُ يَا أطْفالَنَا وطفْلاتِنَا الْأيْتامَ منَّا...!
لَكُمْ موْتُنَا كلُّنَا...
#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟