أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - المطر الأحمر والأطفال














المزيد.....

المطر الأحمر والأطفال


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 8097 - 2024 / 9 / 11 - 22:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحدث في غزة فقط
لوحة فنية ، كيف يلتقيان ، مطر السماء النظيف الذي يحمل الخير ويمسك أيدي البشر ويرفعها إلى فوق شاكراً الله ، يصلي صلاة العطاء ويمزج الفرح مع دموع الرجاء ويمسح اليباس وينعش الأرض، وبين قصف المدافع والطائرات التي تحمل الدمار والقتل ، فقط في سماء وفضاء غزة يتحول استجواب الغيوم إلى اعتراف من الغيوم أن أهالي غزة يستحقون الحياة ، وأطفالها يستحقون الركض والرقص واللعب والفرح بهطول المطر .
بين الخيام حيث تحولت الأرض إلى وحل والغوص في الوحل من أجمل الألعاب التي يشتهيها الصغار ، و حين نحصي ضحكات الأطفال الذين أخذوا يتراكضون ويغنون تحت قطرات المطر ، خاصة حين تحولت الأرض تحت أقدامهم إلى مساحة ترتدي ثياب التنكر لحالات الخوف والاختباء والرعب ، وكان اصرارهم الإمساك بحبال المطر وصنع حكايات سيقصونها عندما يتوقف المطر ، في المقابل تصر الطائرات الحربية أن تجعل من حبال المطر مشانق لقتل الضحكات .
حين كان الأطفال يمسكون المناشير التي تنثرها الطائرات الإسرائيلية في سماء غزة ، كان هؤلاء الأطفال ينظرون إليها دون اهتمام ، فقط يحرصون أن يجمعوها لعلهم يستخدمونها للطهي أو لأمور أخرى . لكن مطر السماء الهابط والنازل من سماء غزة يجعلهم يفتشون عن لغة الفرح فيركضون ويغطسون بحفر الوحل التي امتلأت بالمياه والأمهات ينظرن من بين شقوق الخيام دون أن يصرخن كالعادة خوفاً عليهم من البرد أو من اتساخ الملابس ، فهذه اللحظات لا تتكرر بل تحمل الفرح العابر .
وكأن قلوب الأمهات كانت تقرأ أطراف أصابع الخوف وتحفظ أبجدية القلق ، فجأة بدأ القصف وبدأت الخيام ترتجف من الأزيز و الفزع والضجيج والهروب .. واختفت الضحكات وتعثرت الأقدام الراكضة بين الحفر وضيق الممرات بين الخيام .
بعد انتهاء القصف كانت الأمطار ما زالت ترسل رسائل الحنان، كان يوقفها صرخات الأمهات التي أخذت تشق الفضاء وهمهمة الرجال التي تحولت إلى غضب يتجرع الاحزان والتنهدات، وعزيمة الأيدي التي كانت تفتش بين الوحل وآثار الخطوات عن ضحكات غابت وتحولت إلى أرقام يلفظها الاعلام بأسلوب روتيني يقفز بين السطور وسرعان ما ينام بين الصفحات .
لوحة إنسانية عنوانها " المطر الأحمر والأطفال " لن تجد الجدار أو المتحف لتعلق عليه قد تحملها رائحة الحكايات كقصة مرت خلال الحرب، ولكن ذلك الطفل الذي نجا من الرصاص وهو يرقص مع المطر سيحكي القصة لأحفاده ، هذا هو تاريخ الشعوب الذي لا ينام ولا يدفن رأسه في الرماد بل يبقى مستيقظاً مع الأجيال .
عظام " أحمد "
عشرات الأدباء كتبوا عن الأمهات، وحين قرأت رواية " الأم " للكاتب الروسي " مكسيم غوركي " في المرحلة الثانوية شعرت أنها خلاصة مشاعر وأحاسيس الأمومة ، لكن مع الأيام اكتشفت أن الأم الفلسطينية مختلفة كلياً، وهناك مئات القصص التي تنحني أمام عظمتها و المها ووجعها وانتظارها وخوفها وقلقها . وأم " أحمد " من غزة كباقي الأمهات اللواتي فرقت الحرب بينهم وبين الأبناء ، لكن في قرارة نفسها كانت متأكدة أن ابنها قد قتل ولكن لم تعرف أين جثمانه؟
وبعد مرور عدة أشهر أخبرتها إحدى صديقاتها أن " أحمد" جاء إليها في الحلم وأخبرها أنه تحت ركام البيت المكون من ثلاث طوابق وفي المكان الفلاني.
وهرعت والدة " أحمد" إلى المكان و أخذت تفتش وتحفر بمساعدة بعض الرجال بين الركام، حتى وصلت إلى الجثة فوجدتها قد أصبحت كومة من العظام، فقامت الأم بصبرها وألمها بتجميع العظام التي تناثرت نتيجة ثقل الحجارة والتراب ، وحملتها ودفنتها إلى جانب والده الشهيد .
الموقف قاس وجنوني وخارج من الزمن الغزي ، ينتزع الآهات وينسف الصبر في أعماق الأمهات . عذراً " مكسيم غوركي روايتك " الأم" قصيرة القامة أمام جبروت الأم الفلسطينية.



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيمة وزغرودة وساق رجل
- حياة الماعز وحياة العامل الفلسطيني العاجز
- زمن الأوزان تحت الأنقاض في غزة
- الطفولة والحصان في غزة
- في غزة : يخرج ن القهر الرقص والطناجر
- مدرستي ما أحلاها
- في غزة أصبح اللون الأبيض رمزاً للوداع
- ما معنى أن تكوني امرأة في غزة
- الجاحظ بدر ... وسيبقى المفتاح في جيبي
- رجيم على الطريقة الغزاوية
- خيمة عن خيمة تفرق
- القوي عايب
- الدمى مربوطة خلف الدبابات
- الطيران في سماء غزة
- الغزيات الماجدات
- في بيتنا راديو
- لكوابيس الغزاوية
- غزة من زمن آخر
- تنهدات على تراب غزة
- خواطر من الزمن الغزي


المزيد.....




- كوريا الشمالية تطلق صواريخ باليستية قصيرة المدى قبالة بحر ال ...
- تسجيل مسرب لحوار حاد بين نتنياهو وعائلة رهينة إسرائيلي.. است ...
- الجنسية العربية الأكثر حصولا على الإقامة الدائمة بأمريكا.. إ ...
- احتجاجات في مطار نيروبي ضد صفقة أجنبية تؤدي إلى أزمة في حركة ...
- مصر – أي تأثيرات لاتفاقية -رأس الحكمة- على أسعار السلع الأسا ...
- ناج من الغرق بالمانش: عندما أنقذوني رأيت أختي في الماء ميتة ...
- بايدن وهاريس يدعوان لـ-محاسبة كاملة- بعد مقتل أمريكية بالضفة ...
- رئيس وزراء قطر ورئيس المخابرات المصرية يجتمعان مع حماس في ال ...
- مصر.. النقض تحسم قضية مضيفة الطيران التونسية المتهمة بقتل اب ...
- -يبدو مروعا-.. تمثال للملكة إليزابيث يثير السخرية


المزيد.....

- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - المطر الأحمر والأطفال