أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد سالم - هل من انقاذ لهذه الأمة التي تندفع نحو الهاوية















المزيد.....

هل من انقاذ لهذه الأمة التي تندفع نحو الهاوية


خالد سالم
أستاذ جامعي

(Khaled Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 8095 - 2024 / 9 / 9 - 20:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"لكنها تدور..."
هل من انقاذ لهذه الأمة التي تندفع نحو الهاوية
د.خالد سالم
بدأت العولمة مع سقوط غرناطة واكتشاف كولمبس أميركا، أي أفول الحضارة العربية لتنكمش في رقعة تقضمها قوى الحداثة، ووصول الإستعمار إلى العالم العربي بدءًا بالحملة الفرنسية على مصر و مشروع هدم العرب بالسعي للقضاء على ما يجمعهم، اللغة والدين مع زرع جسم سرطاني يفصل المشرق عن المغرب. وفي نهاية سبعينات القرن التاسع عشر شرع الفرنسيون في النيل من اللغة العربية والاهتمام بالعامية المصرية، وفي المغرب العربي كانت الحرب أكثر ضراوة طول مدة احتلالهم لبلدانه الثلاثة. كان مشروع فرنسا هذا حجر الأساس في دك حجز زاوية الهوية العربية، لغتها.
لم يتوقف مشروعهم قط، بل حققوا جزءًا عظيمًا من خططهم بانهاك العرب في اغتصاب فلسطين واشعال حروبها والقضاء على أي مسؤول عربي يسعى للندية في التعامل معهم، وصولاً إلى مصطلح الفوضى الخلاقة الذي أطلقه المستشرق الصهيوني برنارد لويس في ثمانينات القرن العشرين ليظل متداولاً في الخفاء حتى احتلال العراق وتدميره في حرب أهلية وهنا التقطت الفكرة وزيرة الخارجية السابقة كوندليزا رايس، وبعدها بدأ تطبيق المصطلح مع اندلاع ثورات الربيع العربي المبتسرة.
تصدر طوفان الأقصى المشهد السياسي، عربيًا وعالميًا، وسجلت المقاومة في فلطسين بطولات أنزلت هزائم كبيرة بجيش الاحتلال. وظن حسنو النية أن نهاية إسرائيل قريبة، لكنهم تناسوا وقائع الحروب مع الصهاينة منذ الخمسينات التي تؤكد أن حروبنا ليست مع مغتصبي إسرائيل وحدهم بل تخوضها إسرائيل بدعم من دول فضاء المنظومة الغربية جلها. ولهذا لن يتركوا ربيبتهم تسقط عندما نشاء نحن العرب.
إنها حرب بقاء، والبقاء للأقوى، لكن الحرب سجال كما قالها عبد الناصر. بيد أن ساحة القتال لا تقتصر على جبهات التماس مع الصهاينة، فديدانهم تحفر الأرض لتميدها تحت أقدام الامة من المحيط إلى الخليج. وفي خضم صراعنا الطويل مع عدونا الأول تكاتفوا لزرع سوس ينخر في ثوابتنا، هويتنا الوطنية والقومية.
يدرك متأمل المشهد أن التشكيك في هويتنا هذه أتى أُكله نسبيًا، متمثلةً في صفحات ومواقع تنفث روح الفرقة سكانها ذباب أزرق يقف خلفه ويسلحه الأعداء التاريخيون. فتجد من ينادون بأمازيغية المغرب العربي وطرد العرب من دوله، وآخرون يطالبون باستراد مصر الفرعونية بدءًا بخرافة مفادها أن اللهجة المصرية ليست عربية وأننا لسنا عربًا!. العروبة ليست مورثات ولا أعراق، بل ثقافة.
لم يكن هناك من يتسلح بهذه الروح القبلية وينفث سمومه على الملأ قبل ثورات الربيع العربي الموءودة. ولا شك أن نجاحًا ملموسًا حصده من يقف وراء هذه النعرات التي زادت حدتها وتكاثرت مع وقائع طوفان الأقصى، فأينما وليت وجهك تجد جدالاً حول فرعونية مصر، أمازيغية الأندلس، ضرورة طرد العرب من شمال إفريقيا! الوقائع كثيرة، لكن أصحاب هذه الحروب يخوضونها بلغة العرب.
يتساءل المرء عما إذ كان الأشقاء الأمازيغ كان يرفلون بالحرية والديمقراطية ورغد العيش في عهد الرومان عندما وصل العرب إلى شمال إفريقيا. والشيء نفسه ينسحب على مصر التي تعرض قساوستها ورهبانها للتنكيل والمطاردة والاختفاء أقبية الكنائس وصحراء وادي النطرون على يد الرومان عندما وصل عمرو بن العاص. أطرح هذا وأنا مزيج من الأندلسيين والأمازيغ و المصريين. إنها قصة عائلتي الموريسكية التي اضطرت إلى النزوح إلى المغرب ثم الجزائر حيث عاشت ردحًا من الزمن ثم هاجرت إلى مصر.إنه مزيج نعتز به في العائلة، وهي طبيعة بلداننا العربية، مثل بلدان كثيرة في العالم تربط بين حضارات وثقافات مختلفة نظرًا لموقعها الجغرافي وخيراتها التي تناوب على نهبها غزاة من المناطق المتاخمة لعالمنا العربي طوال تاريخه. وينفرد بهذه الخاصية الدول المعبرية بين قارات وحضارات مختلفة كالعراق وسورية ومصر والمغرب وإسبانيا. لهذا فالحديث عن نقاء نقاء عرقي أو ثقافي أمر منافٍ للمنطق، ما يحول دون ادعاء أي من طرفي هذه المسألة حقًا في جغرافية تشكلها أجناس بشرية متعددة.
إذا كان في الإسلام نقطة ضعف فإنها تتمثل في التسامح الذي جاء به. ولولاه لنفذ العرب ما فعله الأوربيون في أميركا بعد اكتشاف كولمبس لهذه القارة على إثر سقوط غرناطة سنة 1492م. فمعروف أنهم نكلوا بالسكان الأصليين في القارة الجديدة، ولم يبق منهم سوى قلة، ونصروهم عنوة ما ضمن تبعية للقارة الأم. ورغم كل هذا لا تجد من يطالب بعودة المستعمرين البيض إلى أوروبا أو يريد محو اللغة الانجليزية أو الفرنسية أو الإسبانية من العالم الجديد.
هذا التسامح سمح للأراضي التي وصل إليها العرب، غزاة أو فاتحين، حاملين رسالة الإسلام سمح للسكان الأصليين الحفاظ على هوياتهم اللغوية والدينية، ما أدى لاحقًا إلى اسقاط الحضور العربي في الأندلس في مطلع 1492 ومحوه تمامًا مع اصدار فرمان طرد الموريسكيين في مطلع القرن السابع عشر. كانت مأساة إنسانية بلا مثيل في تاريخ البشرية. واليوم هناك من ينادي برحيل "العرب" من شمال إفريقيا إلى الجزيرة العربية وبلاد الشام، وكذلك في مصر وإن كان الأمر يُنادى به على إستحياء في مصر.
وإلى جانب الذباب الإلكتروني الذي يغذي هذه النزعات القومية والمحلية، يُلاحظ أن بعض المواقع الغير العربية تحرر موادها باللهجة المصرية. أعني هناك موسوعة ويكيبديا، وهي الموسوعة التي تتجاهل لغات في العالم أكثر انتشارًا من العامية المصرية. الهدف واضح: عزل مصر عن محيطها العربي، وبهذا تكتمل القطيعة بين المشرق والمغرب.
المدهش أن المنادين بشق الصف العربي يحلمون بالعيش في أوروبا الموحدة، ويتناسون أن من عناصر نجاحها حرية التنقل لمواطنيها عبر دول الإتحاد الأوروبي ويرفضون الانضواء تحت لواء يشمل شعوب المنطقة رغم أن ما يجمعنا أكثر مما يفرق بيننا، بل أكثر مما يجمع بين الشعوب الأوروبية نفسها. ويستبسل بعضهم في الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر قوارب متهالكة يبتلعها البحر المتوسط بمن عليها في أحيان كثيرة.
هذه التخاريف تزيد العالم العربي وهنًا وتعبد الطريق أمام الأعداء في تحقيق أهداف عراب فكرة اعادة تفسيم المنطقة المستعرب الصهيوني برنارد لويس الذي يرى أن "العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون لا يمكن تحضيرهم .... ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة إحتلالهم وإستعمارهم وتدمير ثقافتهم الدينية. وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة". ومعروف أن هذا اليهودي الصهيوني كان أول من دعى للفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط والعالم العربي كله.
ويرى برنارد لويس أن هناك ضرورة لاعادة تفسيم الدول العربية والإسلامية إلى مناطق عشائرية وطائفية و إن تطلب هذا اعادة احتلالها بحجة نشر الديمقراطية والقضاء على الأنظمة الإستبدادية التي تحكم المنطقة وتنهب مواردها. ويؤكد أن تحقيق هذه الأهداف يقوم على أساس استثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية في الدول العربية.
ولعل خريطة العالم العربي، ومع العالم الإسلامي، الحالية تكشف بجلاء الطريق التي نسير عليها ليحقق الأعداء مآربهم. كان غزو العراق اللبنة الأولى تلتها ثورات الربيع العربي، واليوم تؤجج جانبًا مهمًا النعرات القومية والإقليمية الكثير من بقاع العالم العربي.



#خالد_سالم (هاشتاغ)       Khaled_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غارثيا لوركا الشاعر الذي خُيل لهم أنهم قتلوه
- التجربة الإسبانية لدى الشاعر عبد الوهاب البياتي
- خصائص الشخصية العراقية والشخصية المصرية
- خمسون عامًا على ثورة القرنفل في البرتغال
- الشاعر أُكتابيو باث في ذكراه:على العالم العربي أن يبحث له عن ...
- قصيدة إسبانية في رثاء المفكر الفلسطيني وائل زعيتر
- العربية محفوظة لكونها لغة القرِآن؟!
- كارمن رويث برابو المستعربة العربية
- اليوم العالمي للغة العربية والعرب اللاتينيون المنسيون
- الروائي لويس ماتيو ديث يفوز بجائزة ثربانتس نوبل آداب الإسبان ...
- حقوق الملكية الفكرية وتأثيرها على التنمية المستدامة: إسبانيً ...
- الأوهام الدينية بين هيكل سليمان وقصر الحمراء
- المقاومة بين نومانثيا الإسبانية وغزة الفلسطينية
- اليهود بين المتحف العراقي وطوفان الأقصى
- زُرت بلاد الرافدين
- ذكريات عن علاقة الروائي جمال الغيطاني بإسبانيا
- إسهامات العربية في الشبكة المعلوماتية بين -الرُّبع- العربية ...
- في وداع أنطونيو غالا آخر مبدعي إسبانيا العظام
- أدب الحدود بين القصة الموريسكية والمسرح الإسباني المعاصر
- رؤية المستعرب بدرو مارتينث مونتابث العالم العربي من خلال مصر ...


المزيد.....




- آبل تكشف: السماعات الجديدة AirPods Pro تساعد على السمع وحماي ...
- سيلينا غوميز تكشف أنها لا تستطيع الحمل لكنها تسعى للأمومة
- البيت الأبيض: حماس عدلت -بعض شروط صفقة تبادل- الرهائن والسجن ...
- مقتل 16 شخصا على الأقل في المغرب والجزائر جراء فيضانات قوية ...
- زر جديد و-ذكاء اصطناعي-.. آبل تطلق -آيفون 16-
- هل هناك اهتمام بمناظرة ترامب وهاريس من قبل الناخب الأمريكي؟ ...
- مخاوف من ضياع جيل كامل - مدارس غزة مغلقة مع بدء العام الدراس ...
- محكمة هولندية تدين باكستانيين اثنين بتهمة التهديد بقتل نائب ...
- الباحثون بنجحون في عزل الخلايا العصبية المسؤولة عن إثارة الع ...
- لافروف: إسرائيل تعرقل مبادرات الوسطاء


المزيد.....

- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد سالم - هل من انقاذ لهذه الأمة التي تندفع نحو الهاوية