|
تحليل بوتين
لبيب سلطان
أستاذ جامعي متقاعد ، باحث ليبرالي مستقل
(Labib Sultan)
الحوار المتمدن-العدد: 8094 - 2024 / 9 / 8 - 14:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
1. لماذا تحليل بوتين* يشكل بوتين ربما اهم شخصية سياسية ظهرت لحد الان في القرن الواحد والعشرين وذلك يعود لامكانية ربط معظم مايجري من حوادث هامة في العالم به، سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة، أكان ذلك بشكل واضح او خفي، حقيقي او متخيل، ملموس مكشوف او وفق تحليلات منها نسج نظري ، او واقعية تقوم على منطق تتبع حركة المصالح وراء الاحداث، وهذا هو المنهج الذي سيتم استخدامه في هذا التحليل. لنأخذ مثالا قضية صعود اليمين المتطرف في اوربا، فربطها ببوتين ليس نظرية خيالية وتجنيا على الحقائق والواقع (وسنوضح ذلك تحت ) ، كما ويوجد من يعتبر انه تعظيم لشأن بوتين وتأثيره في العالم، فاوربا ليست روسيا، ولكن التيار القومي المتطرف فيهما يلتقي ويتخالف، وهو امرا لايمكن نكرانه، وفي كلتا الحالتين يحتاج الامر لتحليل بوتين. من الواضح هناك ألتأثير المباشر لبوتين في بعض الاحداث الهامة في العالم ( مثلا انقاذه لنظام الاسد في سوريا ، او غزوه لاوكرانيا) ، ولكن لابد من وعي ان كلا منها تأتي بظواهر ونتائج اخرى تؤثر في كل العالم ( مثلا موجة نزوح خمسة ملايين سوري للخارج منهم مليونان لاوربا ، ومنه ادى لصعود اليمين القومي المتطرف فيها،وهو الحليف لبوتين، كما ان الحرب الاوكرانية شكلت نقلة نوعية باعلانه انتهاء تحديه لهيمنة القطب الواحد بعد الحرب الباردة والتحول للعمل الفعلي على الجبهات) . هناك احداثا لايمكن اثبات دور بوتين فيها مباشرا باعتبار الامر يفتقد الاسناد الموثق، وحتى لو تم ايجاده يكون الامر متأخرا ولاشيئ يمكن عمله غير التعامل مع الواقع الجديد. كمثال على ذلك عندما تم كشف عمليات تدخل اجهزة بوتين بشكل واسع في الانتخابات الاميركية عام 2016 دعما لفوز ترامب على هيلاري كلينتون. فاجأ هذا الامر اميركا بكاملها ،فهو لم يحدث مسبقا، حتى في الحرب الباردة ، وخضع لتحقيق مطول ولاشهر طويلة استمرت حتى بعد تبؤ ترامب لمنصبه ، ولكون ترامب هو المتهم والمستفيد وهو الرئيس بان واحد، فقام بابعاد رئيس الامن الفيدرالي الذي كان يشرف على الملف بنفسه وقبل نشره رسميا، ومنه توقف التحقيق واغلق الملف كونه يمس بسمعة اميركا ومن ثم رئيسها المنتخب وكلاهما نصرا لبوتين ،فالافضل اخفاؤه وانهاؤه. ان ذلك يعطي تصورا جيدا عن قدرات بوتين واجهزته المخابراتية والدعائية واعتماده على هذه القدرات في اخراج الاحداث وقتما يشاء واينما يشاء. انه يحصد النتائج ويترك للاخرين القيام بالتحقيق للاثبات ، وبينما يكون بوتين قد انتقل لتفجير حدث اخر فهم لازالوا يحققون بما قبله او قبل ماقبله، فبراعة بوتين هو انه دوما دوما في المقدمة. ان من يستطيع اختراق اميركا وينصب رئيسا حليفا له لايصعب عليه اختراق اي دولة واي جهاز واية منظمة في العالم ، ذلك هو بوتين. ان لبوتين هدفا واضحا هو اعادة انتاج الاتحاد السوفياتي ولكن على شكل امبراطورية قومية روسية عظمى كما كانت قبل عام 1917 ، وتتويجه قيصرا عليها. كما ويمكن قراءة استراتيجيته لتحقيق هذا الهدف في توظيف العقيدة القومية داخليا ودوليا، بدل الماركسية ، وبنفس بنفس الوسائل والادوات والاجهزة السوفياتية ، خصوصا وانه وجد في اليمين القومي الاوربي والاميركي المتطرف حليفا بديلا عن الاحزاب الشيوعية التي فقدت جاذبيتها، فالعقيدة القومية تجد لها اليوم تعاطفا اكثر من شعارات الاشتراكية التي اقام الاتحاد السوفياتي نظامه وتحالفاته عليها . لنتناول كلا هذين الموضوعين ، العقيدة والادوات ، في تحليل بوتين. 2. بوتين والعقيدة القومية لاغبار على تصنيف عقيدة بوتين انها تنتمي للتيارالقومي الروسي ، كما ويمكن تصنيفه القومي اليميني المتطرف ، حيث ينقسم اليمين الى صنفين : معتدل ومتطرف. الفرق بين التيار القومي المعتدل والمتطرف يعبر عن نفسه في الموقف من حقوق وحريات مواطنيه ومنحى العلاقة بين الدولة كمؤسسات وبين القائد الذي يعتبر نفسه منقذا للامة .ان بوتين يمثل الدولة ويمكنه لتحقيق اهدافه " في اعادة مجد الامة" تحويل عمل مؤسساتها لخدمة اهدافه وسياساته، ومنها مثلا تقييد الحريات والليبرالية الاجتماعية والفكرية، وصولا الى تغيير قوانين الدولة لجعلها تسير وفق توجهات الرئيس وصولا الى اخضاع البرلمانات لارادته وتصفية الديمقراطية لاجل ابقاءه بالكرسي في السلطة مدى الحياة، انه الميل الديكتاتوري لصبغ الدولة والمؤسسات بالعقيدة القومية ووضعها تحت سيطرة قائد الامة والدولة. التيار القومي المعتدل ، يعمل لتقوية دوله ولكن ضمن احترام الحقوق والحريات الدستورية وحيادية اجهزة الدولة تجاه حريات وعقائد المواطنين.امثلة على قادة وزعماء قوميين يمينيين معتدلين يحملون نفس الاهداف القومية لبوتين، ويعملون على تقوية دولهم ، ولكنهم بخلافه يؤمنون بطرق الحكم والادارة الديمقراطية واحترام الحقوق والحريات الدستورية السياسية لشعوبهم عند تحقيق اهدافهم ببناء دولهم قوية قومية، وهو ماتجده في اغلب قادة اهم الدول الاوربية ولنقل مثل اديناور في المانيا بعد الحرب الثانية، وديغول في فرنسا، وتاتشر في بريطانيا، وريغان في اميركا امثلة، كل هؤلاء هم قادة قوميون ويمينيون ولكنهم "معتدلون" كونهم يؤمنون بديمقراطية الدولة والحريات العامة كاسس للحكم لايجب مسها عند وضع وتنفيذ سياساتهم لتحقيق اهدافهم القومية العليا في تقوية دولهم . بوتين لاينتمي لهذه المدرسة اليمينية اطلاقا، بل "للمتطرفة" كتلك التي اقامها هتلر في المانيا وموسوليني في ايطاليا مثالا ، فهو مثلهما يرى في الليبرالية والديمقراطية والحريات اعداء له للامة معا. اما انها عدو شخصي لبوتين ذلك كونها تطلب اشاعة الحريات لاجراء انتخابات حرة ونزيهة واذا خسرها عليه التخلي عن الكرسي ، وهو امرا يراه ازدراء بالقائد الفذ المنقذ للامة ، وهل يوجد حقا بديلا ليقودها وينقذها غيره كي تقام انتخابات حرة نزيهة تتطلب حريات صحافة واعلام وتشكيل احزاب معارضة شعبية كبيرة يسمح لها بمخاطبة الجمهور وتخوض الانتخابات وتنتقده لتفوز، كيف يمكن السماح به وهو القائد الفذ المنقذ للامة بينما هؤلاء يحطمونها لو سمح لهم بذلك. ومنه قام بوتين بمثل ماقام به هتلر وموسوليني في اوربا ، وناصر وصدام واسد في منطقتنا ، بتصفية كل مظاهر الحياة الديمقراطية والحريات كونها تحمل في طياتها ازدراء بمفهوم القائد الاعظم المبجل المنقذ للامة والتقليل من عظمته . وعدا الجانب الشخصي الديكتاتوري المضاد لليبرالية والحريات، فبوتين يعتبر ان الديمقراطية الليبرالية لاتصلح لروسيا بل وتشكل خطرا عليها (فكل مايشكل خطراعليه هو خطرا على روسيا) ، انه قرر ذلك وكرره في خطب ومناسبات عديدة ، متهما الليبرالية تارة انها مناهضة لتعاليم الدين والكنيسة الارثذوكسية الروسية ومنه خطرا اجتماعيا وعلى على هوية المواطن الروسي ، والخطر الاخر على النصف الاخر فيها وهي عقيدة الاستعداد للتضحية بالنفس والقتال للدفاع عن الوطن التي ربى السوفيات الاجيال عليها ، ومنه "فالليبرالية المائعة " المدعية بالحريات هي اضعاف لروح الامة الروسية ( ولاغرابة انها نفس ماكان يتقول به هتلر عند تصفيته للحريات والاحزاب والديمقراكية في المانيا ) ، ان الليبرالية المائعة كما يدعوها بوتين لاتصلح لروسيا ( وفي العالم العربي ويسميها بعض المتمركسين "بالليبرالية المتوحشة " وهو مصطلح منحدر من اصول والفاظ صدامية مبالغين فيها حتى على بوتين، بل حتى على النبي محمد الذي لم يدعو المسيحية المائعة "انها متوحشة " عندما وجد انها لاتصلح لمجتمع البداوة في الجزيرة بدعواها " من ضربك على خدك الايمن اعطه الايسر" واكتفى بسرد سيرة المسيح وانه روح الله ورجع لربه وانتهى موضوعه، وقرر ان مبادئه لاتصلح لبدو الجزيرة ، ولم يسميها المتوحشة كعربان اليوم الصدامية اللفظ والاصل والماركسية الادعاء ) . يتداخل كلا السببان اعلاه في عداء بوتين لليبرالية والحياة الديمقراطية في روسيا ، ومنه لاغبار بصحة تسميته "المتطرف" فهي تناضر وتكرر نفس ادعاءات هتلر وموسوليني قبل قرن. ومنه قام بتعديل الدستور الروسي مرتين ليضمن الكرسي له حتى عام 2036، وقام بتصفية كافة اشكال ممارسة حريات الاعلام والرأي والصحافة ، وجعلها خاضعة له ولاهم لها سوى التمجيد به وانجازاته وقوته. وفي مجال اعادة بناء الدولة فهووضع كافة سلطات الدولة بيده وجعلها ادارة مركزية مخابراتية بامتياز، الجميع ترتجف امامه كأي ديكتاتور عرفه التاريخ الاوربي المعاصر بل وضاهى امثالهم في العالم الثالث والعربي. ان روسيا هي بوتين، وبوتين هو روسيا ، القائد الاعظم المنقذ لها . وهناك صفات اخرى يشترك بها اليمين القومي المتطرف هي ان اولى خطواته سواء قبل او بعد الوصول للسلطة واقامة الديكتاتورية تقوم ببث الرعب والخوف الاجتماعي الجمعي العام من خلال استهدافه داخليا لفئات غير محمية ، او متنفذة اقتصاديا يضربها بقوة ويصادر اموالها ليضعفها كي تخضع له او يقضي عليها ( كما عمل بوتين مع الاوليغارشية وعبد الناصر بالتأميمات وصدام مع التجار، وهذه جميعها شكلت بداية حكمهم لترسيخ سيطرتهم على الاقتصاد) ، ومثلها بتوجيه الارهاب لفئات اجتماعية غير محمية كارهاب هتلر لليهود في المانيا مثلا، وبه ارهب واخضع جموع الشعب الالماني، ومثلها وارهاب وتهجير الكرد الفيلية على يد صدام مثلا، كونهم فئة غير محمية ، واستهداف اللاجئين والمهاجرين في بلدان اوربا اليوم من اليمين القومي المتطرف، مثلا اخر ، يقوم من خلالها اليمين الشعبوي بابراز عضلاته على الضعفاء لزرع الخوف والرعب المجتمعي العام ، ولعل حملات بوتين في التصفية الجسدية للصحفيين والمثقفين والمعارضين لحكمه على يد المخابرات او بالسجن الطويل الامد للكثيرين منهم لاسباب واهية قد اوصلت الرسالة واضحة لزرع الخوف في قلب من يتجرأ ويفتح الفم او يكتب بقلم ، عليهم عدم التدخل بالسياسة كما على عموم الشعب الروسي ، وهم خبروا ذلك منذ زمن السوفيت ويعرفون جيدا ان اعقل الناس موقفا هو من نجا بجلده وتجنب فتح الفم ( وامعانا بتذكيرهم بذلك فقد اعاد بوتين اقامة نصب جديدة لستالين في 395 مدينة وبلدة في روسيا كانما يقول لهم هاهو امامكم نصبا وانا مكانه حيا ،فاياكم بعدم الخضوع والتجرؤ على السيد القائد. نزح من روسيا خلال السنوات العشر الاخيرة فقط قرابة ثلاثة ملايين شاب وناشط ومثقف روسي هربا من سياسة بوتين القمعية والمصادرة للحريات والحياة الديمقراطية في روسيا، اكثر من مليونين منهم لدرء قوانين بالحبس 15 عاما لمن يروج ضد الغزو والحرب في اوكرانيا) . على ان لليمين القومي المتطرف عدا الارهاب الداخلي الذي يبدأ بالضعفاء والنشطاء المعارضين، صنف اخر متميزة وينتمي له بوتين ويدعى اليمين القومي التوسعي الامبراطوري، يضع هدفه التوسع الجغرافي والاستيلاء على بلدان ضعيفة مجاورة . انها تهدف لاظهار عظمة وقدرة القائد الاعظم باعادة مجد الامة باقامة امبراطورية بضم اراضي ومقاطعات وتعيين حكاما موالين تابعين له في الدول المجاورة الضعيفة التي يسهل عليه غزوها ومنه فرض الامر الواقع عليها، تماما كما فرضه على المعارضين في الداخل. هذا ماحدث مع هتلر بغزوه لجيكوسلوفاكيا وبولندا ، وموسوليني للحبشة ، وغزو صدام للكويت، واوضحه جليا غزو بوتين لجورجيا واوكرانيا. هذه صفة مشتركة لليمين القومي التوسعي وبه يتميز عن اليمين القومي المتطرف الذي نراه في بلدان اوربا الذي يركز على الداخل باثارة مسألة الهجرة واللاجئين " الفئة الاضعف" للتسلق للسلطة في هولندا والدانيمارك والسويد وايطاليا واسبانيا وفرنسا. انهم انما لانقاذ الامة من هؤلاء وسيلة لشحذ الامة لانقاذ نفسها . كل هذه القرائن والصفات العامة لسلوكيات الانظمة القومية المتطرفة وقادتها تسند تصنيف بوتين العقائدي كيميني قومي متطرف ومن النوع التوسعي الأمبراطوري، فهو ليس باقل من هتلر وموسوليني ،وبنفس الطروحات والممارسات تقريبا، وربما بوتين طورها اكثر بحكم استفادته من الخبرة الواسعة المتراكمة من التجربة السوفياتية التي ترعرع فيها وشغل مناصب حساسة في اجهزتها وكرسها لخدمته بعد توليه الرئاسة منذ عام 2000 . 3. تحول منهج بوتين العقائدي لم يغير الاجهزة السوفياتية هناك سؤال يطرح نفسه، ان شخصية بوتين هي نتاج سوفياتي صرف ، ودون شك انه نشأ متشبعا بالعقيدة الماركسية اللينينية ، ولم يكن ليشغل منصبا هاما في اهم الاجهزة السوفياتية ال كي جي بي والتي كانت تشرف عمليا على ادارة حياة الناس والدولة بكل مرافقها لولا ايمانه المطلق بطروحاتها وولاءه للحزب الشيوعي السوفياتي ولمبادئ الاممية التي كانت تنتقد وتحارب الفكر القومي باعتباره فكرا رأسماليا او برجوازيا هدفه خداع الشغيلة والكادحين عن الصراع الطبقي، والسؤال هنا ، الم يجد بوتين حرجا بهذا الانتقال الحاد الى الفكر القومي الصرف القائم على تمجيد الامة الروسية والكنيسة الارثذوكسية ؟ على الاقل من ناحية نقاده وكذلك امام الشعب الروسي نفسه الذي رأى كيف هدمت كنائسه وكيف تم تصفية الجنرالات البيض وكتابا ومثقفين وسياسيين بحجة انهم قوميون روس ارادوا ابقاء عظمة روسيا الامبراطورية وجاء البلاشفة لتحرير الشعوب من الاضطهاد القومي والقيصري. ها هو بوتين يدعو نفس دعوتهم بارجاع روسيا الامبراطورية كما كانت عام 1917، وادان البلاشفة انهم تخلوا عن فنلندا وبولندا مثلا، كما قال في مناسبات عديدة. العقائد ليست قبعات تغير كما يحلو لصاحبها ، وفق الاهواء والمزاج ، بل هي تعبير عن كينونة الشخص بذاته وفهمه لنفسه وللعالم من خلالها ، هذا ماهو معروف عن تأثير العقيدة على الشخصية، ولكن ليس على بوتين ، فهو لبس القبعة الحمراء حينما كانت هي عقيدة السلطة ، وحولها الى بيضاء حينما تحولت روسيا الى دولة قومية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. المشكلة هنا ان هذه العقائد متتناقضة بطروحاتها ، فكيف تم تغييرها بهذه السلاسة . هناك من يعتبرها ظاهرة شائعة التحول العقائدي لمدعي الماركسية الى القومية او حتى الدينية او حتى الطائفية حينما لا تجدي الماركسية نفعا ،يتم الامر بسهولة كتغيير القبعة. يتم دعم هذه الفرضية بالتحول السهل لمؤدلجي وسكان بلدان اوربا الشرقية الى القومي والديني بعد انهيار النظام الماركسي. دعنا نتجنب الجانب الاحراجي لبوتين لو تمت مواجهته به ،فهو انتهازي واضح، حتى لو حلف بكل الاناجيل انه كان يؤمن بالقومية زمن السوفيت ( وهذا ما قاله لبوش الابن واضاف انه كان يخفي ايقونة للعذراء تحت وسادته في الزمن السوفياتي ومنه صرح بوش ان بوتين رجل مؤمن حقيقي وصالح وتقي، وفاته ان يسأله هل كان سيمتنع عن ارسال مبشر ديني في روسيا الى دار العلاج النفسي لغسل دماغه وهو المؤمن الصادق التقي، كلاهما دجالان احدهما مخابراتي والاخر صورة لكاوبوي مؤمن يريد لبوتين ان يكون مسيحيا مثله). يبدو ان بوتين لايجد حرجا في تغيير القبعات بسهولة سواء كانت قومية او ماركسية او مسيحية ، فهو يختار مايناسب المهمة ، وهذا ربما جزء من تدريبه في سلك المخابرات، فالحرج لا يشكل له اي قضية ، المهم انجاز المهمة ، واليوم هي بقاءه في السلطة ، فتارة رجل الكنيسة، واخرى بطل النهوض القومي، والاخرى بطل الاتحاد السوفياتي ومواجهة الغرب والامبريالية وهي مااختصرت اليه الماركسية في الزمن السوفياتي وبقيت لليوم عقيدة الماركسيين، وهو جزء منها. ولكن الابرز الواضح هو قبعته القومية ومشروعه القومي في اعادة مجد روسيا لعظمتها الامبراطورية .
والموضوع المثير هنا هو كيف تمكن بوتين بتوظيف نفس الشعارات والادوات والاجهزة للدولة السوفياتية لتحقيق طروحاته ومشروعه في بناء "الدولة الروسية القومية". كيف قام بذلك ؟ بسهولة بتبديل الشعارات ليس الا. انه يعرف ان قوة الاتحاد السوفياتي كانت في الاساس عقائدية وتقوم على ثلاثة اركان، وهي تعبئة الشعب داخليا " دوما مستعد للتضحية " لاجل الوطن وبناء الاشتراكية، والكتلة الثانية حركة الطبقة العاملة الاحزاب الشيوعية في اوربا الشرقية والغربية، والثالثة على حركات التحرر الوطني المناوئة للامبريالية . شكلت هذه الثلاثية واحدة من اهم دعائم قوة وعظمة ونفوذ الاتحاد السوفياتي وتأثيره على الاحداث في العالم .ربما المسألة عند بوتين بعد التحول بالعقيدة كانت مجرد تغيير الشعارات واستبدالها بملهمة "قومية" وسيكسب نفس الكتل داخل وخارج روسيا ، وهل العقيدة القومية اقل تأثيرا وشأنا من الاشتراكية في اعادة اخراج وتشكيل التحالفات جديدة، وهي واضحة امامه. فبدل "الاشتراكية" طرح " الامة " الهاما للجمهور في الداخل للتضحية وبذل النفس والالتفاف حولها ، اليست هي واقعا اكثلا الهاما للتجييش والسيطرة داخليا ( خصوصا وان السوفيت لم يذوقوا من احلام ووعود الاشتراكية غير وعودا لم تتحقق ) ، وبدل الطبقة العاملة والاحزاب الشيوعية في اوربا الغربية وجدوحليفا بديلا قويا " الاحزاب القومية اليمينية المتطرفة" الاوربية ، فهي تشاركه العقيدة القومية لمجابهة الليبرالية ، وهو ساهم بصعودها من احزاب مهمشة بداية القرن الى احزاب تنافس على السلطة من خلال دعم اجهزته وتمويله واعلامه المتمرس من الحقبة السوفياتية، انها مجرد تغيير الشعارات من الاشتراكية الى القومية ، ولكل منهم كان حلفاء له، ولكن الاخيرين حلوا محل الاولين. اما في العالم الثالث والعربي فلاحاجة لتغيير حتى في الشعارات ، فمجابهة الاستعمار والغرب والامبريالية هي ماتحسنه اجهزة بوتين ومستمرة فيه، سوى انها تفننت اكثر في تدبير انقلابات واختلاق ميليشيات ودعم ديكتاتوريات لتؤدي لهجرات لجوء واسعة الى اوربا من الشرق الاوسط وافريقيا لاوربا ، ومثلها في اميركا اللاتينية الى اميركا. مالذي يجعل مادورو الاشتراكي حليفا لبوتين القومي ؟ انه ليس الا لضخ ثمانية ملايين لاجئ فنزويلي خمسة منهم على الاقل باتجاه اميركا ليمهد لصعود الشعبوي ترامب الحليف القومي العقائدي لبوتين. لم يجد بوتين حرجا على الاطلاق في التحول العقائدي من الماركسية اللينينية الى اليمينية القومية المتطرفة كما لم يجد صعوبة في تدجين الداخل واخضاعه لاجهزته تحت شعار اعادة مجد الامة ، فمن يعارضه اصبح خائنا للامة ، وبالامس كان يتهم انه خائنا للاشتراكية ومصالح الطبقة العاملة . وصورته في العالم الثالث اسهل ، انه مناهض للغرب وللامبريالية ،رغم انه حليف لاقصى اليمين في هذه الرأسماليات الامبريالية ، ولا احد يعرف كيف يناهض بوتين المبريالية وهو يحالف اقصى يمينها بنفس الوقت ، هذا سؤال للماركسيين العرب المغرمين ببوتين ، فهو عندهم قائدا مبجلا كونه يواجه الغرب، عدا تحالفه مع اية الله والميليشيات ونظام اسد القمعي، هنا بوتين لايحتاج لتغيير قبعته السوفياتية فهي فاعلة دوما وابدا . 4. اجهزة وادوات متمرسة لتنفيذ استراتيجية بوتين تمكنت الدولة السوفياتية وخلال 70 عاما من انشاء اكبر جهاز قمعي داخلي ، واكبر جهاز دعائي متمرس في الدعاية ضد الغرب الرأسمالي ( استبدل المصطلح اليوم ليصبح الغرب الليبرالي) ، واكبر جهاز مخابراتي خارجي يكمل الداخلي، متواجدا في اي مكان يمكنه الاختراق والتأثير في العالم وحيثما وجدت حاجة يستطيع القيام بحدث او يؤثر في الاحداث لخدمة مصالح الدولة السوفياتية. جميع هذه الاجهزة تعد من اكثر اجهزة العالم احترافا ومهنية وتخصيصات مالية ضخمة كونها الركائز التي تستند عليها الدولة لدعم نفوذها ومصالحها وامنها. ورث بوتين هذه الاجهزة التي شكلت عماد وعظمة الدولة السوفياتية وقوتها كقطب ثاني في العالم، خصوصا وانه كان موظفا متمرسا فيها وتسنم مناصب هامة فيها ويعرف كيف تعمل وكيفية ادارتها ، ولم يجد صعوبة في اعادة احيائها ، وجعلها تقوم بنفس الواجبات في الزمن السوفياتي بمجرد تغيير الشعارات والتحالفات ، فبدل العداء اللرأسمالية حل العداء لليبرالية في مجال الدعاية ، اما مسألة اقامة التحالفات فوجد بوتين الاحزاب القومية المتطرفة لتحل محل الاحزاب الشيوعية، فهي تشاركه فكر اعادة امجاد الامة ، مثلا. ان المعضلة التي واجهها بوتين بداية حكمه هو ضعف اليمين المتطرف الاوربي، ولايتمتع بشعبية ، ومنه راهن على الاستثمار فيه وتهيئة ظروف صعوده ، ووجد ضالته في استخدام قضية المهاجرين واللاجئين لدعم صعود اليمين. ورتب امور عمل اجهزته على جبهتين، احداها تؤدي لضخ ملايين اللاجئين ( مثل دعمه لنظام الاسد وانقلابات القرن الافريقي ونظام مادورا وكلا منها جهز خمسة ملايين لاجئ) ، والاخرى افتعال حوادث اجرام من لاحئين تؤلب الرأي العام الاوربي ومنه التصويت لليمين الاوربي، ومنه الصعود للسلطة. وخير مثال على ذلك هو صعود حزب لوبان من 6% عام 2006 الى 31% عام 2024 ومثلها الصعود المفاحئ وحتى الفوز للاحزاب الاوربية اليمينية في جميع بلدان اوربا تقريبا ، وصعود ترامب في اميركا، جميعها باستغلال قضية اللجوء والهجرة واثارة الخوف والرعب من اللاجئين والمهاجرين . ان ضخ ملايين اللاجئين والمهاجرين ( من الشرق الاوسط وسوريا وافريقيا الى اوربا ومن فنزويلا الى اميركا) ، وابتكار عمليات قتل لمدنيين باسم اللاجئين المسلمين ، لهي بحد ذاتها كافية لقلب الرأي العام ولنظم اوربا باجمعها والمجيئ بحكومات اليمين المتطرف المتحالف مع بوتين. ان استخدام سلاح اللاجئين وخطرهم على الثقافة القومية وثقلهم على الاقتصاد اضافة لاتهامهم بالاجرام اثبت جدواه في الصعود الهائل لليمين المتطرف الاوربي خلال الخمسة عشر سنة الاخيرة ولم يكن بوتين بمنأى عنه ابدا، انه احد اسلحته لتفتيت الاتحاد الاوربي اساسا والقضاء على النظم الليبرالية التي تتحكم فيه التي تساند اوكرانيا وتفف ضد مشروعه الامبراطوري . هناك اسئلة محيرة كثيرة تدور حول احداث غير متوقعة ولكنها اثرت بشكل هام وكبير في المشهد الدولي ودوما أتت في توقيت مناسب ، وحصد منها المعلم حصادا منها ،بينما فاعلوها خاسرون. انها ليست احداث مصادفة دون شك ، بل تبدو اكثر مخططة ومبرمجة لتنفذ بتوقيت مناسب وتأتي بنتائج تخدم اهداف بوتين وتحقيق استراتيجيته واثبات قوته وقدراته ليثبت ان القطب الدولي الثاني قد ولد. هناك العشرات من الاحداث غالبا ما تأتي مفاجئة ، والتحليل يشير انها ليست صدفة بل على الاكثر مبرمجة كونها اتت بالتوقيت المناسب وكأنها ضربة "معلم" او" زعيم مافيا" متفنن، يحصد النتائج دون تورط مباشر. لنأخذ بعض الامثلة لاحداث لايجرؤ احد على نسبها للمعلم حتى من باب الخيال ، ولكن الدلائل المصلحية تشير الى المعلم بوتين كونه المستفيد الاول منها. طبعا لا يمكن اثبات بسهولة تورط بوتين في عملية ولاية ثورنغتن في شرق المانيا مؤخرا حيث قام لاجئ سوري بعمر 23 عاما بطعن وقتل ثلاثة وجرح ثمانية المان قبل ثلاثة ايام فقط من انتخابات لمقاطعتين ادتا لفوز ساحق لليمين المتطرف الالماني "حزب البديل لالمانيا AFD"،الحليف الرئيسي لبوتين في المانيا والداعي لوقف دعم المانيا لاوكرانيا. نسب الحادث لداعش ولا احد يعرف مالذي استفادت منه داعش، بينما حصاد بوتين كان كبيرا، الفوز الساحق لحليف له، ومعها تأليب اكبر للرأي العام الالماني والاوربي على اللاجئين والمهاجرين العرب والسوريين ومنه صعودا كبيرا متوقعا لنفوذ احزاب اليمين المتطرف المحالف لبوتين. انها ضربة معلم دون شك، فالامر يبدو وكانه شاب يائس لافرق عنده بين الموت والحياة دجنته داعش وقرر الانتقام والموت، ومثله عشرات بل ومئات ، تجندهم داعش فعلا، ولكن لا احد يعرف من يبرمج التوقيت والحدث داخل داعش ، هل يوجد احتمال انه مدسوسا من اجهزة المعلم بوتين، وهل ان هذه العملية اتت صدفة بهذا التوقيت. ان رمي الامر على داعش هو خيرا لالمانيا من اظهار عجز اجهزتها. وعدا الفوز لحليف في التخابات ، هنام اسقاط لتحالف الاحزاب الحاكمة التي نالت اكبرها الحزب الاشتراكي 6% من الاصوات فقط ،بينما خرج الخضر المناصرين لحقوق اللاجئين من التمثيل البرلماني. لم تسمع احدا في المانيا يتكلم بعد الحادث غير عن طرد اللاجئين والغاء سياسة اللجوء وهو برنامج اليمين المتحالف مع بوتين ،الذي يراهن عليه لاخراج المانيا عن دعم اوكرانيا. الحدث الثاني هو غزوة حماس في اكتوبر العام الماضي وقتل اكثر من الف مدني خلال ساعات. هل يعقل احد ان حماس لم تعرف ان ناتنياهو سيرد وسيكون نازيا مدمرا لغزة واهلها. وهل فعلا هو عمل مقاومة ان تقتل مدنيين بدم بارد ، وهل كسبت القضية الفلسطينية او حتى حماس منه اليوم امرا غير تدمير غزة، وهل يعقل تعيرض حياة مليوني مدني فلسطيني في القطاع للقتل والتشريد والابادة لقتل الف مدني اسرائيلي ، امرا لايستوعبه عقل حقا ولكنه حدث ولايعرف احد لليوم من خطط وامر به ،سوى الشكوك حول ثلاثة ، ربما السنوار من حماس، وناتنياهو ثم اجهزة المعلم ، وكلا الاخيرين هما من حصد نتائجه ، واتت في توقيت مناسب لهما، انقذت ناتنياهو من تمرد وصل حتى كبار جنرالاته ورفض جنود احتياطه علنا الالتحاق بالخدمة ومئات الالوف من تظاهرات كانت مستمرة لاسقاطه باسقاط مشروعه بتغيير الدستور لابقاءه في السلطة كما قام به المعلم وصديقه المقرب الحميم في الشرق الاوسط من يشاطره القومية المتطرفة عقيدة ، ومنه تم انقاذ ناتنياهو وبدل التمرد توجه الجنرالات والاحتياط للانتقام ومنه توحدت الامة المضطربة المتفتتة التي كانت ثائرة بوجه ناتنياهو واليمين الديني والصهيوني المتطرف، وبعد عملية حماس اختفت الاحتجاجات والتحق الضباط والاحتياط لغزو غزة. هل توجد اكثر خدمة من انقاذ ناتنياهو ودحر اكبر احتجاجات حتى من داخل المؤسسة الحاكمة وجمهورا بمئات الالاف احتشد لاشهر طوال لاسقاطه. اما هدف بوتين فكان اكبر، توريط اميركا حليفة اسرائيل في حرب في المنطقة لو تحركت ايران او حزب الله مثلا لضربها ،فتتورط، ومنه يخلو له الجو لافتراس اوكرانيا، ولكنه حصد اقل مما اراد ، ونجح في صرف الانظار عن حربه وعدوانه على اوكرانيا ، ونجح من خلال اليمين الترامبي الاميركي بوقف الكونغرس على المصادقة لتسليح جديد لاوكرانيا لثمانية اشهر،وجعله يقضم جزء اخر من اوكرانيا ، وحصد بتحريض العرب والمسلمين عليها وعلى الغرب عموما ليكون يبدو هو المناصر للعرب والمسلمين في محنة غزة. لا احد سيعلم الا ربما بعد عشرات السنين حول خفايا من برمج وامر بهذه الغزوة المناوئة لابسط مقومات ومفهوم المقاومة ، ينفي أية الله علمه بها ، وحزب الله لاخبر عنده ولاعلم بها كما قال حسن نصر الله. فمن يعلم ؟ وهل هو الغباء السلفي فعلا ، كما يرجعه الكثيرون لحماس؟ ولو كان ذلك فعلا لاخبرتهما. المنطق يشير ان اخفائها كان احد اركانها ، وتنفذ بيد خفية من احد اركان السنوار في كتائب القسام مثلا ،يكون من امر بالهجوم وجعله امرا واقعا . هل كان هذا الركن بعيدا عن التنسيق مع اجهزة المعلم بوتين ، لو فرضنا ان ناتنياهو ومخابراته كانت لاتعلم وغير متورطة حقا. هذا امرا سيكشفه المستقبل وعلمه اما عند الله او عند المعلم. نفس الامر في الانقلابات في وسط القرن الافريقي مالي وبوركينوفاسو وافريقيا الوسطى اتت متزامنة وبعد اسبوعين من تصريح ماكرون انه سيرسل قوات لاوكرانيا ، أتته الضربة سريعة من المعلم . و عملية بث دعاية كاذبة في بريطانيا ان شابا مسلما لاجئا قتل ثلاثة فتيات لتنقلب شوارع بريطانيا ومدنها ضد سياسة الحكومة العمالية تجاه المهاجرين،بعد اسابيع من فوز ستارمر زعيم حزب العمال المناصر القوي لاوكرانيا بمنصب رئيس الوزراء ، وهي كانما يقول له بوتين : اهتم ببيتك اولا واترك اوكرانيا خيرا لك . ان هذه وغيرها تذكر بمجريات الاحداث في الحرب الباردة واساليبها وكلا المعلم واجهزته متمرسة فيها ، وهو مايشكل جزء هاما من تحقيق استراتيجية بوتين .
على ان تحالف بوتين واليمين المتطرف الاوربي والاميركي هو تحالف عقائدي فكري اساسا ، وهو اعمق من مجرد خدمات يقدمها بوتين لهم للصعود للسلطة ، انه تحالف جديد سيعيد رسم صورة جديدة للعالم ،صورة قاتمة وخطيرة بلاشك ، تناضر صورته قبل قرن ، بصعود وسيطرة الايديولوجيات القومية المتطرفة على اوربا وقيام النظم الفاشية فيها بداية القرن الماضي.انه نفس التيار القومي اليميني المتطرف الذي يمثله اليوم بوتين وترامب ولوبان وحزب البديل الالماني، النادي الامبراطوري الذي من خلاله ، كما يعتقد بوتين سيتمكن من اجاع روسيا الامبراطورية وعظمتها،بانهاء اوربا الليبرالية . انه يعي ذلك جيدا ومنه يعمل على تقويض الحياة السياسية الداخلية الاوربية والاميركية باستخدام سلاح الهجرة واللاجئين ، وتصعيد الاجرام المزعوم للاجانب ، وهذه هي احدى اهم اسلحته اليوم، أهم من صواريخه البالستية. مما اعلاه نجد ان تحليل بوتين هو واقعا تحليلا وقراءة لما يجري في العالم اليوم من احداث وتحولات ربما ستؤدي يوما لارجاع سلطات الامبراطوريات الكبيرة كما كانت قبل الحرب العالمية الاولى, او على الاقل لتصبح لروسيا امبراطورية وبمكانة القطب الثاني كالتي مثلها الاتحاد السوفياتي بعد الحرب الثانية ( وهما تقريبا بنفس الاهمية) .
في الجزء القادم سيتم تناول صورة العالم المستقبلية وفق تحالف بوتين واليمين القومي المتطرف في اوربا واميركا الترامبية ، ومناقشتة احتمالات نجاحه في اعادة ارجاع واقامة امبراطوريات ونظم قومية فاشية ، تماما كما تحول العالم قبل مئة عام. ومن هنا تأتي اهمية فهم وتحليل بوتين، كما وتحليل وفهم نظيره ترامب الذي تم طرحه قبل اشهر ( انظر للرابط تحت). ان تحليل بوتين هو تكملة لتحليل ترامب ، كونهما اهم عاملان يؤثران اليوم على صيرورة العالم ورسم صورته المستقبلية، هذا ان نجحا طبعا في تمرير مناهجهم الشعبوية ذات الصبغة القومية اليمينية المتطرفة. من الجهة الاخرى ، فان قوانين التحضر الانساني ،وعلى مدى تاريخه ، لا تشير لصالحهما ، فالرجوع للخلف ليس خيارا ، وان جرى يكون اجبارا ، ولكنها تكون وقفة مؤقتة ، وتكون مآساة انتكاسة من جملة ماعانته البشرية من مآسي وانتكاسات في تاريخها، لتستخلص البشرية منها دروسا هامة لتعود وتستمر في سيرها التطوري اللاحق. هذا ماحدث وسيحدث دوما فالتعلم من الاخطاء هي احدى وسائل العلم للحصول على المعرفة، ومن النكسات تتعلم المجتمعات كيف تشق طريقها للتحضر والتطور، انها عملية اعقد بكثير من التصور بان الحضارة تسير على خط مستقيم متصاعد ،بل هو موجي ، صعودا وهبوطا، ولكنه قطعا متصاعد، فبعد كل هبوط هناك صعودا أعلى من الذي سبقه، وهذا هو قانون الحضارة ، فلا تراجع الا ونهوض جديد. د. لبيب سلطان 6/9/2024 * هذه المقالة تكملة لبحث حول ترامب والترامبوية نشر على الحوار المتمدن قبل اشهر على الرابط التالي https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=825983
#لبيب_سلطان (هاشتاغ)
Labib_Sultan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بحث حول تراجع العلمانية في العالم العربي-2
-
بحث حول تراجع العلمانية في العالم العربي
-
في دحض الشعبويات المتاجرة بالقضية الفلسطينية
-
تحليل للظاهرة الترامبوية
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
-
نافالني رمزا لادانة الاستبداد والدولة البوليسية
-
الاسس الخمسة لبناء الدول القوية والمجتمعات الناجحة
-
مطالعة اضافية في سبل اصلاح اليسارالعربي
-
أليسار الاجتماعي واليسار الماركسي عالميا وعربيا
-
مناقشة لمقترح السيسي في حل الدولتين
-
نقد الخطاب السياسي العربي
-
حول علاقة الفلسفة بالعلم واللاهوت والايديولوجيا
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
-
حماس وحزب الله لايمثلون قضية الشعب الفلسطيني بل قضية اية الل
...
-
العولمة السياسية وتحديات القرن 21
-
قراءة (1) في تحديات القرن الحادي والعشرين
-
في نقد الماركسية العربية
-
حلول العلم والايديولوجيا للتخلف العربي 2
-
المنهج العلمي والايديولوجي لحلول التخلف العربي
-
فهم نظرية تعدد الاقطاب وانعكاسها على العالم العربي
المزيد.....
-
بريتني سبيرز تقول إنها أمضت أفضل عيد ميلاد في حياتها لهذا ال
...
-
الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل عن الأهداف التي قصفها للحوثيين
...
-
لماذا تجند فرنسا جماعات متطرفة بالجزائر؟
-
خطوة إسرائيلية -مفاجئة- بعد توغل عسكري كبير في ريف محافظة در
...
-
علويون يدعون للتهدئة بعد حرق مقام الخصيبي
-
عبد المنعم أبو الفتوح.. التحقيق في قضية جديدة للمرشح الرئاسي
...
-
خليجي 26.. السعودية تفوز على اليمن بثلاثة أهداف مقابل هدفين
...
-
عودة 18 ألف سوري إلى بلادهم عبر الحدود الأردنية، ولبنان يتطل
...
-
أقل من نصف السوريين بألمانيا لديهم عمل: فما فرص بقاء الآخرين
...
-
بيربوك تقترح تعليق عملية انضمام جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|